كلمة لبنان ألقاها النائب عباس هاشم في المؤتمر الدولي لتمويل التنمية في جنيف


 

أطلق النائب عباس هاشم خلال تمثيله مجلس النواب في المؤتمر الدولي لتمويل التنمية   الجمعية العمومية للاتحاد البرلماني العالمي في جنيف الذي عقد الأربعاء 25/9/2002 جملة مواقف في الكلمة التي ألقاها.

 

وجاء في نص الكلمة الآتي :

 

يثير موضوع تمويل التنمية جملة ملاحظات لا بد من الإشارة إليها :

 

1 يخلق الاهتمام بتمويل التنمية في العالم الثالث للوهلة الأولى شعوراً عند المراقب مفاده تضامن الدول الغنية مع الدول الفقيرة وإعانتها على حل أزماتها الاجتماعية والاقتصادية غير أن التأني في قراءة هذا الاهتمام يكشف عن مصلحة مشتركة في تمويل التنمية :

  •  إن تمويل التنمية في العالم الثالث، من شأنه أن يقوي القدرات الاقتصادية والمالية والاستهلاكية لهذه المجتمعات مما يعود بالفائدة على الجهات الدولية المنتجة والممولة.

  • إن مثل هذا التمويل، من إنعاشه للحركة الاقتصادية في الدول الفقيرة، يؤمن نسبة أكبر من فرص العمل ويحد من الهجرات الكثيفة إلى الدول الغنية، هذه الهجرات التي أصبحت تشكل أعباءً سياسية واقتصادية واجتماعية على هذه الدول.

  • إن عمليات التمويل هذه، غالباً ما تحصل في ظل شروط سياسية واقتصادية ومالية، تفرضها الجهات الممولة على الحكومات والمؤسسات في بلدان العالم الثالث، وغالباً ما تأتي على حساب قيم هي في صلب التنمية الإنسانية، أعتقد أن التنمية المطلوب تمويلها في العالم الثالث، خصوصاً عالمنا العربي، أعتقد أن التنمية الإنسانية، التي تبقى شرطاً ضرورياً لسائر أشكال التنمية الأخرى.

  • التنمية الإنسانية تعبر عن معادلة، أحد طرفيها، القدرات الإنسانية والطرف الآخر يتكون من الفرص الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الممكنة للإنسان من أعمال قدراته الإنسانية، إن الهدف الأساس لهذه التنمية هو إيجاد بيئة تمكن الناس من التمتع بحياة طويلة، صحية وخلاقة.

  • الحرية هي الضامن وهي الهدف للتنمية الإنسانية وحقوق الإنسان، بين الحرية والتنمية الإنسانية ارتباط عضوي، لكن الاستفادة من هذه الحرية في تحقيق أشياء ذات قيمة لدى الناس، لا يمكن أن تحصل إن لم تتوافر الفرص لممارستها، وتكفل هذه الفرص من خلال حقوق الإنسان التي تحميها وتكفلها هيئات ومؤسسات المجتمع الأهلي والدولة، بناء على ما تقدم يمكن الكلام على أنواع من الحرية:

  1. الحريات السياسية: تتصل بالديمقراطية وما تحققه للناس من فرص لتقرير من ينبغي أن يحكم ووفق أي مبادئ، وتشمل أيضاً القدرة على مراقبة السلطات ونقدها والتمتع بحرية التعبير السياسي وحرية الصحافة والإعلام.

  2. التسهيلات الاقتصادية : يراد بها الطرق والأساليب التي تعمل في ضوئها السياسات الاقتصادية لتوليد فرص الدخل وتحسين توزيع الثروة.

  3. الفرص الاجتماعية : يراد بها السياسات والتنظيمات التي يضعها المجتمع تحقيقاً للتعليم والرعاية الصحية، اللذين يؤثران على حرية الفرد الأساسية وعلى نوعية حياته.

  4.  شبكات الأمن الاجتماعي : توفير شبكات الأمن الاجتماعي المناسبة لحماية المجموعات الضعيفة في المجتمع.

  • اكتساب المعرفة : المعرفة هي العنصر الرئيسي في بناء قدرات الإنسان وتعزيز رأس المال البشري، وعليه، فهناك تكامل بين اكتساب المعرفة والقوة الإنتاجية للمجتمع، وقلة المعرفة وركود تطورها يحكمان على البلدان التي تعاني منهما، وتضاؤل فرص التنمية. إن "فجوة المعرفة " وليس " فجوة الدخل " هي الشرط الرئيسي لتعزيز قدرات الدول في عالم اليوم. 

تحقيقاً للتنمية الإنسانية هذه، التي تشهدها دول العالم الثالث وخصوصاً العالم العربي لا بد للدول الغنية والمتمكنة سياسياً واقتصادياً من العمل على :

 

1-  إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، لأن الاحتلال هو أكبر العقبات في وجه التنمية الإنسانية، يهدد، ويعرقل مسيرة الأمن والتقدم في المنطقة، إذ، ما من شيء يقضي على الرؤية النبيلة للتنمية أكثر من إخضاع الشعوب لاحتلال أجنبي.

 

2-  رفع الحصار عن شعوب هذه المنطقة وحقوقها، والتوقف عن أخذ حقوقهم السياسية والتنموية، رهينة لصالح السياسة التي تخدم أعداءهم ومغتصبي ثرواتهم، فيكون جزاؤها ازدياد التطرف والعنف حيال الدول المحاصرة وحيال الأنظمة التي تصغي إليها.

 

3- الكف عن تقديم النصائح لشعوب هذه المنطقة بضرورة التوسل بالديمقراطية وقيمها واحترام الإنسان، في نفس الوقت الذي تدعم فيه هذه القوى الناصحة أغلبية الأنظمة السياسية المهيمنة في المنطقة والمنتهكة للديمقراطية وحقوق الإنسان.

 

4-  تعويض القصور في الحرية الذي يضعف التنمية الإنسانية ويشكل أحد أكثر مظاهر التخلف في بلداننا، من خلال تمويل برامج تحفز الأنظمة القائمة، على التوسل بالديمقراطية طريقاً إلى تطوير وتحديث مؤسسات الدولة .

 

5- تمويل برامج تسهم في تنمية المعرفة وإعداد أهلها إعداداً يسمح لهم بتطوير مجتمعاتهم وتحديث مؤسساتهم.

 

6-  تمويل برامج تسهم في محاربة الفساد والمحاباة، إذ من شأن هذه الآفات ان تشوه مبادرات البشر وتحبطها وتحرم الجدارة والإبداع مما يستحقانه من تثمين وتقدير ومكافأة.

 

7-  تمويل تكاليف بناء المؤسسات التعليمية وتأمين التعليم، لأن هذه التكاليف على ضخامتها، تبقى أدنى كلفة من كلفة الجهل التي لا حدود لها.