يكتسب مبدأ عدالة الأحداث أهمية خاصة يقضي الأخذ بعين الإعتبار، ليس حداثة السن فحسب، بل مختلف الإعتبارات التربوية والمعيشية والبيئية والإجتماعية المهمة في إطار نمو ورعاية الأطفال، ومنع جنوحهم لاسيّما المهمشين منهم والمشردين والفقراء، وانخراطهم في عمليات التسول والسرقة والإحتيال، وتعرضهم بالتالي للإستغلال الجنسي والمعاملة غير الإنسانية والمهينة.

 

I-    الواقع القانوني

 

أولاً: التشريعات الدولية:

صدرت على الصعيد الدولي إتفاقيات وتوصيات ومؤتمرات عدّة ترمي إلى تعزيز حقوق الأحداث وتحسين أوضاعهم على مختلف الأصعدة القانونية والقضائية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والأمنية، درءاً لما يتعرّضون له من سوء في التغذية أو في المعاملة أو من حرمان أو إستغلال أو عنف أو إعتداء على سلامتهم. ومن أهم الإتفاقيات على هذا الصعيد:

-        شرعة حقوق الطفل التي أقرّتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20/11/1959،

-        المبادىء العامة حول قضاء الأحداث المنحرفين، التي اعتُمدت من الأمم المتحدة في المؤتمر الدولي السابع في ميلانو عام 1985،

-        الميثاق العربي لحقوق الطفل عام 1983،

-        القواعد النموذجية الدنيا لإدارة قضاء الأحداث (قواعد بكين) التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب القرار رقم 40/33 تاريخ 29 /11/1985،

-        الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20/11/1989،

-        المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة حول منع جنوح الأحداث (مبادئ الرياض) لعام 1990،

-        قرار لجنة حقوق الإنسان في منظمة الأمم المتحدة رقم 92/2002 تاريخ 26/4/2000،

-        تقرير اللجنة الجامعة المخصصة للدورة الإستثنائية السابعة والعشرين للأمم المتحدة في نيويورك عام 2002،

-        قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 57/190 تاريخ 19/2/2003 المتعلق بحقوق الطفل.

 

ثانياً: التشريعات الداخلية:

تتوزع  الأحكام القانونية التي ترعى الأحدث في لبنان بين قوانين عدة، أهمها:

-        قانون العقوبات في ما يتعلق بالمسؤولية الجزائية للأحداث.

-        قانون الموجبات والعقود في ما يتعلق بالمسؤولية المدنية، وتحديداً المسؤولية الناشئة عن الفعل الشخصي والمسؤولية الناشئة عن فعل الغير.

-        القانون رقم 422 تاريخ 6/6/2002 المتعلق بحماية الأحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر .

-         القانون رقم 185 تاريخ 24/5/2000، المتعلق بالإجازة للحكومة الإنضمام إلى إتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

-        القانون رقم 414 تاريخ 5/6/2000، المتعلق بالإجازة للحكومة الإنضمام إلى البروتوكول الإختياري الملحق بإتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال واستغلال الأطفال في البغاء والمواد الإباحية.

 

 

II- الوضع الراهن في لبنان

 

يعتري قانون العقوبات اللبناني العديد من الشوائب في ما يتعلق بمصلحة الأحداث، فهو لا يزال يعترف بالعقاب الجسدي بحق الأحداث. أما قانون الأحداث فقد حدد سن الملاحقة الجزائية بسبع سنوات ولم يلحظ مبدأ تعدد درجات المحاكمة.

كذلك يعاني المجتمع اللبناني من تدنّي ملحوظ في عدد وكفاءة المؤسسات والإدارات الخاصة برعاية الطفولة فضلاً عن نقص تشريعي لناحية وجوب إعطاء الجمعيات التي تعنى بشؤون الأحداث الحق في تقديم الشكاوى بصفتها هذه أمام القضاء.

أما على الصعيد القانوني فيسعى القضاء اللبناني للأخذ بعين الإعتبار مصلحة الطفل، كما يلعب" المندوب الإجتماعي" دوراً هاماً في قضاء الأحداث باعتباره الشخص المكلف بإعداد ملف الحدث منذ مرحلة التحقيق. مع الإشارة إلى أن عدم دعوته ترتّب مسؤولية مسلكية على عاتق المسؤول عن التحقيق دون أن يكون ذلك مخالفة لصيغة جوهرية تؤدي إلى بطلان الإجراءات الحاصلة. كذلك يلزم القانون بحضور محام يتم تكليفه أو تختاره المحكمة ليمثل الحدث في المحاكمات الجزائية دون أن يكون المحامي ملماً بالقضية، أو مختصاً بقضايا الأحداث بالضرورة، ولم ينص القانون على وجوب حضور المحامي خلال التحقيق مع الحدث.

فضلاً عن ذلك، من الملاحظ قلة معاهد الإصلاح والتأهيل والتدريب الخاصة بالأحداث بالإضافة إلى عدم وجود تصنيف لهذه المعاهد بحسب ظروف الأحداث ودوافع إنحرافهم. يضاف إلى ذلك ندرة السجلات والمعلومات الرسمية حول أعمار الأحداث المحتجزين وخلفياتهم الإجتماعية، أو المخالفات التي حوكموا بسببها أو دواعي إرتكابها. ويتبيّن من التطبيق عدم مراعاة لقواعد الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل لجهة حبس الأحداث في سجون أو أماكن إحتجاز بخلاف تلك المخصصة للراشدين، والتحقيق معهم من العناصر وفي الأماكن عينها التي يتم فيها التحقيق مع الراشدين إذا اشترك معهم في الجريمة والإحتجاز لمدة طويلة نسبياً قبل إنعقاد المحاكمة.

 

III-        التوصيات

 

1.      تعديل القانون رقم 422 تاريخ 6/6/2004 المتعلق بحماية الأحداث المخالفين للقانون أو المعرضين للخطر كالتالي:

‌أ-        تعديل المادة 1 لرفع سن الملاحقة الجزائية من 7 إلى 15 سنة.

‌ب-    تعديل المادة 26 لجهة إعطاء الجمعيات والهيئات التي ترعى الأحداث حق تقديم الشكاوى لدى انتهاك حقوق الأحداث.

‌ج-     تعديل المادة 33 بحيث تتم ملاحقة الحدث أمام قضاء الأحداث دون سواه.

‌د-       إضافة مادة إلى القانون رقم 422 تاريخ 6/6/2004 تنص على وجوب إنشاء جهاز شرطة خاص بالأحداث في مراحل التحقيق.

‌ه-       تعديل المادة 34 بحيث يصبح عدم حضور المندوب الإجتماعي التحقيق الأولي مخالفة للصيغة الجوهرية للتحقيق تؤدي إلى بطلانه.

‌و-      تعديل المادة 42 بحيث توجب حضور محامٍ إلى جانب الحدث في مراحل التحقيق تحت طائلة بطلانه.

2.      إلغاء المادة 186 من قانون العقوبات المتعلقة بضروب التأديب وتشديد العقوبات في الجرائم التي يتم فيها التعرض لقاصر.

3.      استبدال السجن بمراكز إصلاح وإعادة تأهيل ولأقصر فترة تقتضيها الضرورة على أن تتولى رعايتها كل من وزارة العدل ومصلحة حماية الأحداث التابعة لها ووزارة الشؤون الإجتماعية ووزارة الداخلية والبلديات.