أحيت الجامعة اللبنانية واللجنة الوطنية لذكرى مجزرة قانا الذكرى ال23 للمجزرة، برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلاً بالنائب ابراهيم عازار، وحضور النائبة بهية الحريري ممثلة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، رئيس لجنة حقوق الانسان النائب ميشال موسى، رئيسة اللجنة الوطنية لذكرى مجزرة قانا السيدة رندة بري، إضافة إلى ممثلين عن السلك الديبلوماسي والسفارات والقيادات العسكرية والأمنية والقضائية وحشد من أهل الجامعة وعوائل شهداء مجزرة قانا.


رسالة من رئيس الجمهورية:

بعد النشيد الوطني ونشيد الجامعة والوقوف دقيقة صمت حدادا على أرواح الشهداء، تلا مقدم الاحتفال رئيس دائرة العلاقات العامة في الجامعة اللبنانية غازي مراد "نص الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى الجامعة اللبنانية واللجنة الوطنية لإحياء ذكرى مجزرة قانا عبر المدير العام للمراسم والعلاقات العامة في القصر الجمهوري الدكتور نبيل شديد، موجهة إلى القيمين على اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى مجزرة قانا والجامعة اللبنانية"، جاء فيها: "تحية وبعد، تلقى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون دعوتكم للمشاركة في الإحتفال الذي سيقام في الذكرى لمجزرة قانا، وذلك يوم الخميس الواقع فيه ?? نيسان ???? . في هذه المناسبة ، يسرنا أن ننقل إليكم شكر فخامة الرئيس ، وتقديره لمبادرتكم بإحياء ذكرى مواطنين أبرياء تشبثوا بأرضهم وسقطوا شهداء بنيران عدو غادر تعمد إرتكاب الجريمة غير آبه بالقوانين والأعراف الإنسانية ، مع تمنياته لكم بدوام التوفيق والعطاء مع المودة.

مراد
وبعد عرض شريط فيديو عن أحداث المجزرة، قدم مراد الاحتفال فقال: "إن هذه الذكرى مترسخة في أذهان كل مواطن لبناني، وقدر بلدة قانا أن تقدم التضحيات وتدفع الأثمان باهظة، فهي البلدة التي عبر عليها سيدنا عيسى المسيح، وكانت له فيها الأعجوبة الأولى. ولأنها قانا أبى التراب فيها، إلا أن يكون قانيا بدم الشهداء الذي أنبت الزهر فواحا بعبق الأرواح، وستبقى قانا رمزا للتضحية والصمود والثبات".

 

عوائل الشهداء

وألقى كلمة عوائل الشهداء، أحد الناجين من المجزرة محمد برجي، مستعرضا "ما مر على قانا قبل 23 عاما والظروف التي أحاطت بها وما خلفته من دمار وضحايا وآثار أظهرت مدى خبث العدو الصهيوني وشراسته.

موسى
وألقى موسى كلمة قال فيها: "ليبق هذا الحريق المقدس مشتعلا في كل قلب، لتبق الدماء المسفوحة للعزل الأبرياء، تصرخ في أذاننا حتى نهاية العمر". هكذا وصفت الأديية الراحلة اميلي نصر الله ذاك الخميس الاسود في الثامن عشر من نيسان 1995، لتسأل: "من يجرؤ على النسيان، وهل تنسى مجزرة قانا؟".

 

اضاف: "قانا عرس الجليل والأجران المقدسة قانا الأجراس والمآذن، حولتها آلة الحرب الاسرائيلية عرسا للشهادة كما حولت خمر اجرانها المقدس، شلال دم طاهرا ازهر تحريرا وطردا للغزاة المحتلين، مسقطا قناع بعض المجتمع الدولي المتواطىء حتى على القوات الأممية رمز السلام العالمي. إن تهاون المجتمع الدولي وتواطؤ بعضه في تغطية المجازر والممارسات الاسرائيلية، دفعا الكيان الصهيوني الى التمادي في اعتداءاته الهمجية، وارتكاب مزيد من المجازر والمذابح في لبنان وفلسطين وسوريا، ضاربا عرض الحائط كل المواثيق والشرائع الانسانية والقوانين الدولية التي تستلهمها الشعوب والدول المحبة للعدالة والسلام لذلك، لا يزال هذا الكيان الغاصب، يعد 23 عاما على مجزرة العصر في قانا وأخواتها في الجنوب، يوغل في إرهاب الدولة الموازي لإرهاب التنظيمات الهمجية التي اعتمدت أساليبه في قتل الأبرياء والأطفال وتدمير كل ما يمت الى الحضارة بصلة، والتنكيل بالمدنيين وارتكاب الفظائع".


وتابع: "مجزرة قانا لم تحدث بفعل خطأ فني عسكري، بل أتت في سياق سياسة إسرائيلية منهجية مرسومة منذ نشأة الصهيونية، بهدف تدمير الدولة اللبنانية القائمة على صيغة العيش المشترك الفريدة في هذا الشرق، والمناقضة في جوهرها للكيان العنصري المصطنع. وجميعنا نعلم الأطماع التاريخية الصهيونية في أرضنا وثرواتنا الطبيعية من مياه ونفط وغاز. غير ان الصمود اللبناني في وجه هذا الاعدام الجماعي، تجلى في وحدة الشعب ووقوفه جنبا الى جنب مع دولته وجيشه ومقاومته، وصولا الى تحرير معظم التراب الوطني من رجس الاحتلال عام 2000".


أضاف: "الم يحل سلاح "الفيتو" الأميركي في مجلس الأمن، دون إدانة مجزرة العصر، إذ اجتمعت دول العالم في إطار الجمعية العمومية للأمم المتحدة، على قرار يدين إسرائيل ويغرمها التكاليف الناشئة عن عدوانها على مقر القوة الدولية في قانا. فيما أحدث تقرير جريء للامين العام للمنظمة الدولية الراحل الدكتور بطرس بطرس غالي إنعطافة دولية لافتة، بتحميله مباشرة الكيان الإسرائيلي تبعة هذا العدوان السافر المتعمد وغير المسبوق، مما ألب عليه، الدوائر الصهيونية في المحافل الدولية وصولا الى إزاحته".


واردف: "إن دماء الشهداء الـ 106 وبينهم 33 طفلا ومئات الجرحى في مجزرة 18 نيسان 1996، والشهداء الـ 55 وبينهم 27 طفلا في مجزرة قانا الثانية في 30 تموز 2006، تستصرخنا توحيد صفوفنا وتجديد السعي الرسمي الى تحصيل حقوقهم، عبر مطالبة إسرائيل بتعويضات عما ارتكبته من مجازر وقتل وتشريد وتدمير للقرى والمدن والمنشآت العامة والخاصة".


وختم: "وفي هذا الإطار، فإن منظمات حقوق الانسان العربية والدولية، مطالبة أيضا بفضح ممارسات العدو الاسرائيلي الذي لا يقيم وزنا لشرعة حقوق الانسان ولا للمواثيق الدولية، ووضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته من أجل كبح جماح هذه النزعة العدوانية، وإلزام الدولة العبرية التقيد بالقوانين الدولية والانسانية التي ترعى العلاقات بين الدول. كما أن من الضرورة بمكان إعادة القضية الفلسطينية الى صدارة الاهتمامات العربية والدولية، باعتبار أن إيجاد حل عادل لها يشكل مدخلا إلى إحلال السلام الشامل في الشرق الأوسط".


أيوب
وألقى أيوب كلمة قال فيها: "ثلاثة وعشرون عاما ولا تزال تلك الصورة في ذاكرتنا، تعيد إلينا ملاحم البطولة والتضحية والفداء، وتعيد رسم عزيمة الإصرار وإرادة التحدي لدى شعب آمن بالحرية نهجا في حياته وبالكرامة وسما في سلوكه، فانتصر بهما كانتصار الدم على السيف في وجه عدو غاشم لم يترك من وسائل القتل آلة أو سلاحا إلا واستعمله مع أناس عزل أبرياء، ونساء وأطفال وكهول عشقوا الأرض وتشبثوا بترابها.
ولن ننسى رايات الإباء التي زرعت على أجداث الشهداء والمقاومين والتي أنبتت أزاهر النصر والتحرير".


أضاف: "هي قانا عروس الجنوب وقبلة أنظار العالم بما دونته في تاريخها من آيات الإستشهاد والبطولة، وإن بلدة مشى على ترابها السيد المسيح وعانى أبناؤها مرارة القهر والظلم والقتل والتدمير، لهي جديرة بالإحترام والإهتمام، وجديرة بأن تكون محطة رعاية وعناية المسؤولين، وكعهدها كانت تخرج في كل مرة منتصرة بإرادة التماسك رغم الإثمان الباهظة التي كانت تسددها، وها هي اليوم وبفضل قدرة المقاومين ورعاية من دولة الرئيس نبيه بري تعود مشرقة مع سائر قرى الجنوب محافظة على قيم التعايش والمحبة والإخاء على دروب الوحدة الوطنية التي نستلهم معانيها من قول سماحة الإمام المغيب السيد موسى الصدرالذي قال "إن الوحدة الوطنية لها معنى أعمق من توحيد المصالح، فهي وحدة الأهداف، ووحدة كل المواطنين في الأهداف".


وتابع: "لم تغب الجامعة اللبنانية عن قانا، بل كانت منذ اليوم الأول معها ومع الجنوب، بل ومع لبنان كله، وفي كل عام كانت الجامعة تصدر التعاميم والمذكرات لمناسبتي 14 آذار 1978 ذكرى الإجتياح و18 نيسان 1996 ذكرى المجزرة لإقامة الندوات والمحاضرات والاحتفالات، حتى حين كان انعقاد الدورة الثالثة والثلاثين لاتحاد الجامعات العربية، التي كان مقرها في لبنان بتاريخ 17 نيسان من عام 2000 أبت الجامعة إلا أن تكون قانا على رأس أولويات الزيارات التي قام بها رؤساء الجامعات العربية.
وكانت بعدها مكتبة الجامعة اللبنانية في بلدية قانا عام 2011 لتؤكد حضور هذه الجامعة في إصداراتها ومنشوراتها، ولتكون الدليل الذي يؤكد أهمية هذا الترابط بين قانا والجامعة، لأننا ندرك مدى غنى قانا بالمثقفين والمتعلمين".


وأكد "أننا نفخر بانتمائنا إلى هذا الوطن وإلى بقعة من بقاعه رفعت اسم لبنان عاليا في كل ما قدمته وأعطته وحققته. وسيبقى الجنوب وتبقى قانا وكل أخواتها رمزا من رموز الشموخ والصمود والانتصار".


وختم: "أشكر راعي هذا الإحتفال دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري كما أشكر اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى مجزرة قانا وكل الحضور، ولن ننسى".


عازار
وألقى ممثل الرئيس بري كلمة قال فيها: "بشعور غامر من الإعتزاز والسعادة، أتشرف بأن أنوب عن دولة الرئيس الأستاذ نبيه بري، في هذه الذكرى العزيزة والمؤلمة والمشرفة بآن، خصوصا أنها تتزامن مع اقترابنا من زمن القيامة التي تؤذن بالربيع وتفتح في القلوب أروقة المحبة. ومن قانا العرس، عرس الأعجوبة الأولى، إلى قانا 96. ربع قرن من السنين، وزورق قانا الحبيبة يمخر عباب التاريخ، فلا هو ضل السبيل، ولا نحن أسلمنا الشراع إلى هوج الرياح، وستظل قانا وسائر قلاعنا البطلة، طودا شامخا يرتل الخلود آية، وستظل رمزا عصيا على الفناء تشهد على الأرض الطهور، التي منها وفي باطنها إرث الأجداد من البناة، من سقاة المجد، الذين أيديهم شموع إبداع ولا أروع، وستبقى قانا تعيد للتاريخ التليد سيرته، وتعيده قدما راسخة في التربة، وراية خفاقة في الأعالي، وسيفا منصلتا حده الحد، وفولاذه الدروع، وأبطاله حماة أباة للحدود".


أضاف: "نعم، لقد صب علينا العدو الغاضب الغادر كل أنواع الموت والتدمير، فسفكت دماء طاهرة وزهقت أرواح بريئة وأصبحت عنابر وخيم السلام ملعب بطولة وإباء، وساحات عز وفداء وارتقاء، ومن أشلاء ودماء قانا الشهيدة كان الدرس العظيم: علينا أن نعلمهم إن كان للباطل جرأة التعلم والإقتداء، نعلمهم أن مهما تعود الريح مولولة ذات أظفار وأنياب، ومهما تعود صخابة، نهاشة، شرسة، ومهما مضى المتآمرون في كيدهم وغلهم، فليعلموا أنهم كلما نسجوا شبكة قطعناها، وكلما نصبوا فخاخا أبطلناها، وكلما فتحوا سيلهم باتجاهنا كنا كصخرة تتحطم عليها أوهامهم وأحقادهم، وكنا السور الذي دونه، تتساقط نبالهم عاجزة مدحورة".


وتابع: "أيها الجامعيون اللامعون، لقد أعددتم أنفسكم خير إعداد، فكرا وعلما وأدبا وفنا، وليس أفضل من إعداد الأجسام والأرواح كبديل في ساح الحياة، ساح البنيان، ساح الوغى، حين يدعو الداعي إلى الذود عن الحياض، وإلى الكفاح والدفاع عن عدالة قضيتنا واستقامة هدفنا. فالمضمار أمامكم، والسبق يرنو إليكم، وقلوبنا تخفق معكم، فانطلقوا على بركة الله، وليكن النجاح والنصر حليفكم في الجامعة وفي حياة الوطن، هذا الوطن شرعه شكائمكم والمبتغى من أمانيكم، وفي إبداعات ونهضات تطمحون إليها، إذ في تحقيقها تكون الغلبة لنا، والنصرة لقانا وأخواتها والسؤدد والمجد للبنانكم، هذا اللبنان الذي أثبت أنه باق، باق بالوحدة والفرح والسلام، باق بعناق أبدي ركناه المسيحية السمحة والإسلام الرحيم".


وختم: "أيها الجامعيون الظافرون، انطلقوا مع رهو الريح، فهذي مملكتكم، البقعة الخضراء، التي عليها تتبارون، فكونوا أبناءها الأمجاد، ولتغمركم شلالات الضياء، ويوفقكم الباري إلى ما تؤثرون من نجاح، واحفظوا معي:


قاناي حاضرة الوفاء، علمتنا كيف الإباء،

علمتنا هزج السيوف إذااستضيمت كبرياء،

وإذا استطال أحد يوما طمعا بأرض أو بماء،

وترنم الوحش الحديد وصب أنواع الغناء،

وترنحت قمم الجبال وهب إعصار الفناء،

سال الجنوب مقاتلا بطلا، وعادت كربلاء،

صوت الإله مقالة في الرعد وحي الأنبياء،

دعوا الجنوب لأهله - أولا - فأنفسنا الفداء

إن الجهاد فريضة فاقرع بها باب السماء."