إن استرداد الأموال المنهوبة، العبارة الّتي تكرّرت مئات المرات خلال المظاهرات وعبر وسائل الإعلام، هي من أهم العناوين الحاضرة في أروقة مجلس النواب اللبناني، إن كان من خلال الاتفاقيات والقوانين التي سبق وأصدرها المجلس النيابي او من ضمن مجموعة من اقتراحات ومشاريع قوانين ينكّب مجلس النواب على دراستها، لاسيما القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد والجرائم المالية، ومن ضمنها قانون استرداد الاموال المنهوبة، وقد بات إصدارها ضروري.

متابعةً لهذا النشاط التشريعي، نظّمت الأمانة العامة لمجلس النواب، بالاشتراك مع اللجنة النيابة للشؤون الخارجية والمغتربين ومؤسسة وستمنستر للديمقراطية، ورشة عمل صباح يوم الاثنين الواقع فيه 24 شباط 2020، في قاعة المكتبة العامة لمجلس النواب، بعنوان «آليات استرداد الأموال المنهوبة: التجارب الدولية والخيارات المتاحة».

 

 تخلل الورشة نقاشاً حول آليات وتحديات استعادة الأموال المنهوبة وتم استعراض تجارب دولية وعربية في هذا المجال قدّمها خبراء من مكتب «بلاكستون شامبرز» البريطاني المتخصص بالدراسات والاستشارات القانونية. كما تم عرض اقتراح القانون المقدّم من قبل نواب التيار الوطني الحر المتعلق باسترداد الدولة للأموال العامة المنهوبة واقتراح القانون المقترح من النائب سامي الجميل بعنوان «استرداد الأموال المنهوبة» وقدّم الحاضرون ملاحظاتهم وتعليقاتهم على اقتراحيّ القانون.

 

انطلقت ورشة العمل بكلمة معالي النائب ياسين جابر، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين، الّذي رحّب فيها بالحضور وقدّم ورشة العمل شارحاً أسباب انعقادها مشددا على أهمية دور العمل التشريعي في مسألة استعادة الأموال المنهوبة وضرورة الاستفادة من الخبرات الخارجية والمحلية في هذا الخصوص. كما أضاف النائب ياسين جابر أن إصدار القوانين التي تكافح الفساد لن يكون كافيا بل يجب العمل أيضا على اليات تطبيق القوانين وتنظيم عمل مؤسسات الدولة.

كما أطلق النائب جابر دليلا حول دور مجلس النواب في تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، من إعداد الدكتور عزمي الشعيبي وهو خبير في مجال الحكم الصالح ومكافحة الفساد، ويشغل حالياً منصب مستشار مجلس ادارة مؤسسة أمان -الفرع الفلسطيني لمنظمة الشفافية العالمية، وذلك ضمن اطار برنامج التعاون بين مؤسسة وستمنستر للديمقراطية  ومجلس النواب اللبناني وذلك مواكبة لتعهّد مجلس النواب بالتركيز على مكافحة الفساد كأولوية ضمن مسيرة الإصلاح  وتفعيلاً لإتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها لبنان.

وكانت كلمة لسعادة النائب ابراهيم كنعان، رئيس لجنة المال والموازنة ورئيس اللجنة الفرعية المكلفة درس اقتراحات مكافحة الفساد، لفت فيها الى أهمية إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وانشاء المحكمة الخاصة بالجرائم المالية حيث تكون الحلّ لتفادي الحصانات والتدخلات السياسية التي من شأنها أن تعيق عمل القضاء وتؤثر سلباً على استقلاليته.

بعد ذلك، قامت السيدة نتاشا سيمونسين، ممثلة مكتب «بلاكستون شامبرز Blackstone Chambers»، بتقديم لمحة عامة عن الأدوات والاجراءات الخاصة باسترداد الأموال المنهوبة، كما عرضت لأمثلة تطبيقية حول كيفية استرداد الأموال المنهوبة في القانون البريطاني والقانون التونسي.
الجدير بالذكر أن «بلاكستون شامبرز Blackstone Chambers» هو مكتب بريطاني متخصص في الدراسات القانونية الدولية ولديه خبرة واسعة في التعامل مع الجرائم المالية وقضايا الفساد.

في الجزء الثاني من ورشة العمل، قام سعادة النائب جورج عطالله بعرض اقتراح القانون المقدّم من قبل تكتل لبنان القوي المتعلق باسترداد الدولة للأموال العامة المنهوبة شارحا لبنوده الرئيسية وتصوّر التيّار لآلية تنفيذه، كما قدّم سعادة النائب الياس حنكش اقتراح قانون «استرداد الأموال المنهوبة» مشيراً الى أهمّ نقاطه ومميّزاته، كما وقدّم الحاضرون من نوّاب وخبراء وممثلي الوزارات المعنية ملاحظاتهم وتعليقاتهم حول اقتراحي القانون المحالين الى اللجنة الفرعية المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة.

في الختام، تمّ الاتفاق على أهمية متابعة العمل الحثيث على إقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة من ضمن منظومة القوانين التي ستصدر بهدف مكافحة الفساد، مع الاستفادة من التجارب المعروضة خلال الورشة والتوصيات الناتجة عنها.