أجرى الحوار: سهيل عبود ونبيه البرجي،
نص الحوار نقلاً عن جريدة "القبس" الكويتية عدد 11/7/2008
• سافرت في ذروة الأزمة، لكنك عدت فجأة، وقيل جاء الفرج..
- "كنت ذاهباً إلى مؤتمر مهم في كندا بثلاثة فروع: أولاً، الجمعية العمومية
للبرلمانات الفرنكفونية التي تعقد سنوياً، وهناك ذكرى مرور 400 سنة على تأسيس كيبيك
إضافة إلى دعوة على هامش هذا الأمر لرؤساء البرلمانات الفرنكفونية لاجتماع خاص.
وقد عدت بعدما اتصلوا بي هاتفيا وقالوا ان العقدة حلت، وهناك إجراءات وأصول
دستورية، فقبل إعلان الحكومة من المفترض ان يعقد اجتماع بين الرؤساء الثلاثة ومن ثم
تؤخذ صورة تذكارية، لكنني عندما وصلت وجدت ان غيري قد سافر (في إشارة إلى رئيس تيار
المستقبل النائب سعد الحريري).
• نقل تهديد عن دولتك على شكل نصيحة لرئيس الحكومة المكلف فؤاد السنيورة ان "اقبل
بتوزير علي قانصو والا ستضطر للقبول بمن لا يرضيك أكثر منه بكثير".
ــ هذه ليست لغتي، أنا قلت ما هو أهم، فهذا ليس أسلوبي في الكلام، لكنني قلت ان من
يسامح بالعدالة (اي بإسناد حقيبة العدل إلى "القوات اللبنانية") يقبل بكل الحزب
القومي، أي من يقبل ان يفرّط بالعدل لا يعترض على مرشح من الحزب القومي، مع العلم
أنني كنت متيقظاً انه إذا طرح أي اسم من الحزب القومي، علي قانصو او غيره، لن
يقبلوا به. لماذا؟ لسبب بسيط. فهذا هو الحزب العلماني في البلد والمطلوب ان يكون
لكل الناس طائفيون ومذهبيون، لو كان هذا الحزب محمياً من قبل طائفة لا يعترضون
عليه.
اعطني ذريعة لسبب رفضه، لقد تحدثت مع الرئيس السنيورة مرتين او ثلاث مرات، وكنت من
طرح الاسم أولاً، هو انكر ذلك، فذكرته بأنه سجل الاسم على الدفتر الذي يحمله، كما
انني قلت له اي حقيبة سيتولاها، وهي وزارة الشباب والرياضة.
بعد ذلك، وخلال اتصال بيننا، طلبت إلى الرئيس السنيورة ان يراجع الدفتر، فراجعه
وقال لي "معك حق". ولكن ليس هذا الموضوع، بل هو بحسب البيان الصادر عنه وبحسب ما
قال لي بشكل خاص. ان قانصو كان وزيراً معه وهاجمه في المجلس النيابي. وعندما سألته
ما اذا صدرت عن قانصو إساءة أدب او أي أمر آخر، وهو أمر ما كنت لأوافق عليه داخل
المجلس النيابي، فأجابني "لا، بل هاجمني ونكّل بي فقط".
ولكن، الوزير له شخصيته وله حق في التعبير عن رأيه، والوزير ليس مستخدماً عند رئيس
الوزراء، كما ان الأخير ليس مستخدماً عند غيره. فهذه مؤسسة وله حق ان يعبر عن رأيه.
وقل لي من في هذا البلد لم "يبهدل" (اي يهن) الآخر، فمنذ أسبوع كانت هناك إشكالات
وتصريحات بين الرئيس فؤاد السنيورة وبين أشخاص من المعارضة وأيضاً من الموالاة،
فلماذا لم يضع فيتو عليهم؟ اذاً فليقولوا لنا ما هو السبب الحقيقي.
• اذاً ملابسات علي قانصو الآن هي رقم واحد؟
ـ أريد ان أوضح شيئاً حول اتفاق الدوحة النقطة الاهم ان هناك دستوراً، ولكن اذا حدث
اتفاق لا يعارض الدستور فهو يسير من دون التذرع بالدستور. اي ان الدستور فعلاً يقول
ان رئيس الحكومة هو من يشكل حكومته ويعرضها على رئيس الجمهورية ليتوافقا عليها ومن
ثم تتم دعوة رئيس المجلس النيابي ليعطي رأيه ويمشي.
الدستور يقول ان هذه النقطة تتم بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، ولكن إذا حصل
تفاهم ان للمعارضة هذا العدد من الوزراء وللموالاة كذلك، ولرئيس الجمهورية أيضاً،
فهذا ليس ضد الدستور هذا اتفاق إطار.
• وهو اتفاق لمرة واحدة..؟
ـ طبعا اتفاق لمرة واحدة، واليوم غبطة البطريرك (مار نصرالله بطرس صفير) كررها نحو
200 مرة وبات يعطي دروسا في الديموقراطية وهو في استراليا، عادة الأكثرية هي التي
تحكم والأقلية تعارض، علما ان هذا الكلام لم يكن يقال قبل الآن، ولكنه صار يقال.
المهم، ان ما يقوله نص الاتفاق (اتفاق الدوحة) هو تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس
ان يكون للموالاة 16 ، وللمعارضة 11، وللرئيس 3، إذا من سيسمي الـ11 وزيرا
للمعارضة.
إخواننا في "حزب الله" قبل اتفاق الدوحة قالوا أنهم يريدون محاولة خلط الأوراق، أي
أنهم مستعدون لإعطاء شيعي مقابل سني أو شيعي مقابل درزي، وفي إحدى المرات قالوا
انهم لا يريدون ان يتمثلوا على الإطلاق، وعندما قالوا اننا مستعدون لإعطاء شيعي وان
نسمي طلال أرسلان، وافق الأستاذ وليد جنبلاط وبالنسبة إلى موضوع السني، قالوا الأمر
عينه، وأنا من تحدثت مع الشيخ سعد الحريري، وهو قال انه لا يريد. وبالتالي لا
نستطيع ان نجبره، فاختار الحزب حليفا له اسمه علي قانصو، فلماذا نريد ان نفتعل
مشكلة حول هذا الموضوع؟
ما اعرفه ان الشخص المكلف بتشكيل الحكومة يحاول ان يخفف من العراقيل في طريقه، ولا
يوجد عراقيل، فلماذا يريد ان يثير هذا الموضوع في الوقت الذي قبل به (رئيس الهيئة
التنفيذية في القوات اللبنانية سمير) جعجع، قبل به؟ سمير جعجع وافق، غريب ان يرضى
القتيل وليس يرضى القاتل.
• هل من الطبيعي ان ينتظر اللبنانيون في كل مرة 50 إلى 60 يوما لتشكيل الحكومة؟
وأين المشكلة في آلية التشكيل برأيكم؟
ـ توضيحا للسؤال ليس في كل مرة يحصل ذلك، حتى لا نظلم الناس، ففي المرة الماضية
الرئيس السنيورة شكل حكومته خلال 21 يوما، وصادف ان النهار تشكيل كان عيد ميلاده،
إذا كانت المدة 21 يوما، لكنها تضاعفت الآن، مع العلم ان هذه هي الحكومة الأولى في
بداية العهد، وأنا كنت آملا ألا تأخذ أكثر من خمسة أيام، حرام ثم حرام بشتى شرائع
الدنيا، واعتقد بشرائع المذاهب الـ17 أو الـ18 المؤلف منها لبنان ان يتأخر إعلان
الحكومة، الشعب اللبناني يعاني الجوع، والفقر، والاعتداءات الإسرائيلية والخروقات
الإسرائيلية اليومية، حتى ان الهزات الأرضية لا تتوقف، والوضع الأمني الذي يهتز
يوما بعد يوم، ووضع الجيش والقوى الأمنية، أصبحنا كلنا وكأننا "بالعين الموس".
وهذه أمور يجب ان تدفع الناس إلى ان تتحاور وتتكاتف، فلماذا عليها ان تأخذ كل هذا
الوقت؟ أنا بصراحة لا أجد مبررا لذلك. لو كان هناك عمل مكثف، حقيقي، كان يجب ان
تشكل الحكومة خلال خمسة أو ستة أيام.
• الرئيس فؤاد السنيورة واثر زيارته العماد ميشال عون أدلى بتصريح مطول، وقال عبارة
لم يعترض عليها احد، وهي ان حكومة الوحدة الوطنية "حدث عارض"، وكأنه يقول ان مفهوم
حكومة الوحدة ليس مفهوماً مكرساً، بل هو يأتي في مرحلة معينة فقط لا غير؟
ـ هذا الكلام ليس جريمة، بل خطأ، فالرئيس رفيق الحريري، رحمه الله، شكل حكومات عدة
من قبله وكانت حكومات وحدة وطنية، إذاً هذا الأمر ليس بعارض وهو ليس عيباً في
الأصل، ففي كل بلدان العالم حين تقع ازمة كبرى تشكل حكومة وحدة وطنية، ولنبدأ
بعدونا، أليس في إسرائيل الآن حكومة وحدة وطنية، وليس من المعيب ان نتعلم من
أعدائنا، ففي كل مرة تقع أزمة تشكل حكومة وحدة وطنية، المثل يقول "إذا الأفعى
تضايقت تعض بطنها» أي انها تلتف على نفسها، والمفروض في هذا الحال ان نطبق معنى
الآية القرآنية الكريمة فنكون صفا واحداً كالبنيان المرصوص.
إذا كانت الأحوال عادية وبسيطة تحدث خلافات بين الموالاة والمعارضة، بين الأكثرية
والأقلية بلا شك، فأحد المبادئ الديموقراطية ان الأكثرية تحكم والأقلية تعارض، ولكن
أعلى مستويات الديموقراطية هو التوافق والأعلى من ذلك هو الإجماع، والإجماع تقريباً
مستحيل او صعب جداً، فالعالم يسعى للتوافق وإذا لم يحصل التوافق فلا حول ولا قوة
الا بالله، يعني ان آخر الدواء في هذا الموضوع هو الأكثرية والأقلية لمن يحاول ان
يعطينا الآن دروساً في هذا الموضوع من شتى أنحاء العالم.
• الآن هناك إجماع من خارج الإجماع اليوم؟ هناك حكومة إجماع؟
ـ هناك إجماع خارج الحكومة فنحن لم نصل إلى الحكومة.
• أي ان الحكومة المقبلة ستكون حكومة إجماع؟
ـ هذا ما نقوله لهم، وهناك مصلحة للبلد في هذا الأمر.
أنا عبر "القبس" وعبر الأخوان في الكويت، والكويت كانت دائما تهتم بلبنان ولا تزال،
أقول ان هناك فرصة نادرة للتوافق الآن، وفي الأسبوع الأخير حصل نوع من البلسمة،
خرجت تصاريح منسجمة، واتت لحظة زمنية وأنا دائماً أتحدث عن وجوب الاستفادة من لحظات
زمنية كهذه، وأنا متيقن من ان العرب التهوا بأمر آخر، والعالم التهى بأمر آخر، اذاً
لدينا كلبنانيين فرصة لنقطف، فلماذا نضيع هذا الأمر؟ ليس صحيحاً ان ذلك يحصل من اجل
فلان او علان أبداً، انت تريد ان تغطي خلافات قائمة داخل الموالاة، ونحن مستعدون
للمساعدة على حلحلة هذه الأمور داخل الموالاة.
• في رأيك قصة توزير علي قانصو هي تغطية؟
ـ طبعاً، وأنا اعرف ان الرجل المفروض هو حريص على إنجاح نفسه على الأقل، فإذا نجح
نجح هو، وإذا فشل ففشله يعود عليه، لماذا يريد ان يخلق هذه العقبات، صار عنده من
التجربة كوزير وكرئيس وزراء، مما يساعده على الاستفادة من هذا الأمر، وهو رأى الى
أين أوصلتنا النزاعات، ورأى انه عندما يحاول ان يرفض أناساً او يستفرد بأناس آخرين
إلى أين وصل البلد، وأنا متيقن من انه استفاد من هذا الدرس، والأمور واضحة،
والأستاذ وليد جنبلاط عبّر عن ذلك بمنتهى الصراحة على باب القصر الجمهوري.
هناك تباين في الحصص داخل 14 آذار، ولا مشكلة في ذلك، هذا الأمر كان داخل المعارضة،
وليس سرا انه عندما أصر العماد ميشال عون على حقيبة سياديه، طلبت الالتقاء به، وقلت
له ان وزارة الخارجية من حصة حركة "أمل"، وأنا أقدمها لك. بعد ذلك جرى توافق آخر ان
ينال حقيبة الاتصالات ونيابة رئاسة الحكومة، ولكنه قال أريد منك وزارة الزراعة،
فقلت له حاضر وأعطيته إياها.
إذاً، نحن نستطيع ان نساعد، وأنا دوري كرئيس مجلس نيابي ان أساعد، وأستطيع ان أساعد
حتى داخل 14 آذار في محاولة حلحلة الأمور المعقدة. ولكن لا ننتقل من ضفة الى ضفة،
ونفتعل مشكلة في الضفة الأخرى، لأن لدينا مشكلة في هذه الضفة، لتقع المعركة بين
الضفتين.
• ما تقييمك لاتفاق الدوحة.. هل هو هدنة أما اتفاق سياسي؟ وما موقعه من اتفاق
الطائف من الناحيتين السياسية والدستورية؟
ـ أولا، لا تناقض بين الدوحة والطائف، على العكس اتفاق الدوحة كان خروجا من عقدة
مستعصية، وأنا من قلت شكرا لقطر وأول الغيث قطرة. وأكبر دليل على ذلك اننا استطعنا
بعد ذلك ضمن مهرجان وطني وعربي ودولي ان ننتخب رئيس الجمهورية، ولكن لا تستطيع دولة
قطر ان تحل محلك، ولا احد يوافق على ذلك، وليس المطلوب ان تحل محلك، انا نبيه بري
شخصيا لا اقبل ان تحل محلي، اقبل ان تساعدني وقد ساعدتني، والمفروض منا نحن
اللبنانيين اليوم ان نعمل. فإذا سألت اي لبناني لماذا لم تشكل الحكومة حتى الآن
طالما اتفقوا على هذا الشيء؟ فلن يستطيع الإجابة ولو اتى بمنجم مغربي.
كان هناك منجمون مغاربة يجولون على ظهور البغال في لبنان ينجمون ويصنعون العقاقير.
الآن، لا يستطيعون القول ان الدولة الفلانية هي التي تعرقل، الآن لا توجد عرقلات
الا من داخل لبنان. وانا مسؤول عن كلامي. على العكس، هناك"جرصة"، "جرصة" حقيقية.
فعندما زار الرئيس نيكولا ساركوزي بيروت وخلال الاجتماع الخاص بين الرؤساء الثلاثة
وبينه خاطب رئيس الجمهورية بالقول "إذا اتيت إلى فرنسا فستكون أنت ضيف الشرف وأنت
القلب".
هل من المعقول ان نقول لرئيس الجمهورية بعد 50 يوما ان لا حكومة اليوم؟! في رأيي
هذا أكبر استهداف لرئيس الجمهورية انه ومنذ بداية الطريق، نضعفه إلى هذه الدرجة،
وقد قلت لرئيس الجمهورية عندما التقيته الأربعاء: «بأي ثمن فلننه الأمر اليوم أو
غداً»، وسألته عن الحجة وعما إذا كانت علي قانصو أو غيره، وقلت أنتم ستسمون أشخاصاً
فهل نستطيع أن نعترض عليهم؟
هل كانت كل المعارضة تريد الرئيس السنيورة رئيس حكومة؟ وهل هذا مبرر أن قانصو كان
ضده في الحكومة، بينما هو استثنى طائفة طويلة عريضة مخالفاً للميثاق الدستوري
ولأكثر من عام.
مع هذا كله أصررت شخصياً على الكتل التالية: كتلة التنمية والتحرير، كتلة الوفاء
للمقاومة، كتلة الطاشناق الأرمن، كتلة الحزب القومي الاجتماعي ومجموع أعضائها34
نائباً.
هؤلاء النواب قالوا خلال الاستشارات مع رئيس الجمهورية أننا لن نسمي، لأنهم يعرفون
أن الرئيس السنيورة آتٍ، بل قالوا نحن لا نسمي التكليف ولكننا نتعاون بالتأليف.
وأنا أخذت ورقة خطية حسب الدستور موقعة من القصر الجمهوري كتبت عليها الكتل الأربع
ألا تسمية بالتكليف ولكن نعم للتعاون والتأليف.
• أليس ذلك مخالفاً للدستور ولروحية الطائف، أي عدم التسمية؟
ـ كلا على الإطلاق، فلدي الحرية بأن امتنع عن التسمية، إذاً الحزب القومي المعترض
عليه الآن، على الرغم من أن كل شيء قدم للسنيورة، فماذا حدث ليحصل هذا الاستنفار؟
• ربما يعود الأمر إلى ذيول المعركة الأخيرة وتدخل القوميين ومجزرة حلبا؟
ـ إذا كان الأمر كذلك، وهو كذلك، فالجماعة سقط لهم 10 أو 11 شهيداً، وهم من يطالبون
بالتعويض، فضلاً عن أن هذه المعارك حصلت مع الجميع، فلماذا نقبل بفلان ولا نقبل
بالآخر.
• هل نحن أمام أزمة حكومة أم أمام أزمة صيغة؟
ـ هناك أزمة مواطنية، هذا رأيي الخاص، أي أنني الآن اعتبر نفسي عربياً لبنانياً،
لكن هذا الأمر ليس مقبولاً في لبنان، حيث للانتماء وجوه عدة، فإذا كنت من البقاع
هناك أولاً ارتباط عشائري ومن ثم ارتباط بقاعي، ومن ثم ارتباط مذهبي فطائفي، وصولاً
إلى الارتباط بلبنان، وإذا كنت من الجنوب فالأمر كذلك.
هذا هو الواقع، والدليل ان الحزب القومي لديه علمانية نوعاً ما، فلو كانت هناك من
طائفة تدعمه لا أحد يرفضه.
أما بالنسبة إلى الصيغة، فلم يحصل تصويب لها منذ انشائها، وبالعودة إلى ميثاق عام
1943 تسمع رياض الصلح يقول في خطاب له ان المادة 95 في الدستور سننتهي منها في فترة
وجيزة وهي مادة تتعلق بتوزيع الطوائف، لكننا أمضينا 60 سنة و70 يوماً ولم تأت، ومن
ثم اتى الطائف وقال نريد ان تؤلف هيئة لتقدم مقترحات للرؤساء، وللجان الأخرى كي
تُلغى الطائفية، على طريقة أن أحدهم عرف ان «الحلاوة في سوق الحميدية لذيذة» لأنه
رأى أحدهم يتناولها في سوق الحميدية (دمشق) وأنا صدقت ذلك ودعوت لاجتماع وارسلنا
رجال الطوائف ندعوهم لتأليف هيئة، والرئيس إلياس الهراوي كان متعاوناً في هذا
الموضوع، ومن ثم فوجئت بأن المسلمين لا يقلون عن المسيحيين معارضة للسير بالمشروع.
هناك طريقة أخرى علانية اي انك ان لم تستطع ان تكسر الثلج تضعه في جو حار ليذوب،
هناك طريقة لتذويب هذا الموضوع من دون القول انني اريد ان ألغي الطائفية، لأنك لا
تستطيع إلغاءها بنصوص دستورية او كان وما شابه، وهي قانون الانتخاب.
حسناً، بح صوت الإمام موسى الصدر وصوتي وصوت الأحزاب اليسارية، لنتوصل الى قانون
انتخابات على أساس النسبية والدوائر الكبرى، إما لبنان دائرة انتخابية واحدة، وإما
المحافظات الخمس والنسبية، وقلنا ان هذا الأمر يذيب الطائفية، لكنهم قالوا كلا، هذا
الأمر يؤدي إلى طائفية اكبر، لأنه يسمح للمسلمين بالسيطرة على العكس. هذا يتيح
للأقليات ان يكون لها حضورها. الآن بدأوا في اكتشاف ذلك.
• هل يحتمل اتفاق الطائف والدستور الحالي سلاح "حزب الله" وتلك الكتلة المسلحة
الضخمة، ام المطلوب إعادة النظر فيه نحو المثالية ونيابة رئيس الجمهورية؟
- هل الطائف قال بتسليم أوراقنا الى إسرائيل؟
ألم يقل ان لبنان عربي الانتماء والهوية؟
هل كنا من احتل فلسطين او بين هلالين هل كان هناك اعتداء على إسرائيل؟
ـ يقال ما الذي يجعلك تخاف من اللبن، والجواب «الحليب كاويني».
اي ان إسرائيل هي التي أوجدت المقاومة وليست المقاومة من أوجدت إسرائيل. وهل كنا
نسمع بمقاومة وطنية قبل دخول ارييل شارون إلى لبنان؟ "حزب الله"، لم يؤسس المقاومة،
المقاومة أسست الحزب، وهو خرج من رحمنا، وما سبب ذلك؟
الأديان المساوية، كلها، خصوصاً الدين الإسلامي يقول ان الحلال هو القاعدة. الحرام
هو الاستثناء.
• ما هي العلة التي أوجدت المقاومة؟
-الاحتلال الإسرائيلي حتى الآن لا يزال يحتل تلال كفر شوبا ومزارع شبعا، أليستا من
الأراضي اللبنانية؟ الحمد لله اعترفوا بمزارع شبعا بعدما بح صوتي على طاولة الحوار
وغيرها، وهي كالحزورة: مريم بنت عمران ما اسم والدها، هل يعقل ان يكون طوني مثلا؟
مزارع شبعا لبنانية، وافتراض ان سوريا تريد تعليق هذا الموضوع لمصلحتها. وانا حليف
جيد لكل البلدان العربية، ولكن لمصلحة بلدي، والبلد الذي يعمل ضد بلدي أقف ضد سلطته
حتى ولو كان سوريا. وأنا عانيت من سوريا معاناة كبيرة، ولكن هل ذلك يخرجني من
عروبتي؟ لماذا لا أعلمهم أنا؟ نحن اللبنانيين رواد ولا نزال في ذلك، ما حصل تماما
ان المقاومة أتت كنتيجة من هنا دخل كل الناس في المقاومة، ونحن في حرب يوليو
الأخيرة انتصرنا لأننا كنا موحدين وهذه كانت إحدى فضائل الحوار الذي دعيت إليه في
مارس، فعندما هاجمونا كنا متحاورين مع بعضنا آنذاك، لم يكن الشيعي أفضل من السني
ولا السني أفضل من الدرزي ولا الدرزي أفضل من الماروني ولا الماروني أفضل من
الكاثوليكي في احتضان المقاومة، وأهلنا الذين هجروا، مليون نسمة نزحوا استقبلتهم
المساجد والكنائس. هذا الأمر أوجد هذا النصر الحقيقي للمقاومة والنصر لمن؟ لو قدر
العرب ان هذا النصر لكل عربي لكانوا استفادوا منه فقط لأجل احترام الدول لهم.
• بالعودة إلى أحداث بيروت، برأيك هل كان القراران المتعلقان بشبكة الاتصالات
والعميد وفيق شقير يحتملان كل ما حدث في حكومة لا تستطيع تنفيذهما عملياً؟
ـ هناك فصل بين موضوع الضابط شقير وموضوع الاتصالات، وموضوع شبكة الاتصالات طال
شرحه من قبل المقاومة، وهذا الموضوع فتح الأعين ان هناك أمراً كبيراً يهيأ في ما خص
سلاح المقاومة، وكنا بدأنا هذا النقاش في 2 مارس 2006 ولم يكن محظورا الكلام في هذا
الموضوع والأشرطة موجودة ومن يقل العكس فأنا مستعد لنشرها.
لقد تحدث السيد حسن نصر الله والأستاذ وليد جنبلاط والشيخ سعد الحريري والدكتور
سمير جعجع في هذا الموضوع إلى الأستاذ غسان تويني والنائب بطرس حرب، الشخص الوحيد
الذي لم يتحدث هو أنا، أجلت الجلسة إلى 25 يوليو 2006 لأقدم تصوراً للحل وفي 12
يوليو حدث ما حدث.
لقد قلت انني خادم للحوار، وعندما نجلس إلى الطاولة أصبح طرفا، ولم اخدع أحداً، لقد
أدرت الحوار بناء لطلبهم فقط.
• كيف يعالج الشرخ السني ــ الشيعي في الشارع وهو امر لا تجوز المكابرة فيه؟ هل يتم
ذلك عبر تحالفات انتخابية جديدة؟
ـ حصل الكثير من الضغط الإعلامي والكلامي عن وجود هلال شيعي يتكون، وأنا أقول لـ
"القبس" ما قلته للرئيس (المصري) حسني مبارك بحضور (رئيس مجلس الشعب) الدكتور فتحي
سرور، ان من يقول ان هناك هلالا شيعيا يتكون، فالهلال الشيعي موجود لكنه ضمن القمر
السني، وليس هناك من هلال من دون قمر، ولا يوجد لدى الإسلام دين سني ودين شيعي،
هناك ديـن إسلامي و76 مذهبا بقي منها 5 مذاهب معروفة (الحنفي والشافعي والمالكي
والحنبلي والجعفري) وهناك تباين بين الشافعي والحنفي أكثر من التباين الموجود بين
الشافعي والجعفري.
إذا القضية سياسية، وإذا وقع خلاف سياسي من مئات السنين فما الموجب ان يكون هناك
خلاف سياسي الآن؟ الا إذا كان المقصود ان نقول لإسرائيل عداوتك، لم تعد قائمة
وإيراناً دُرْ. والاعتقاد ان الشيعة العرب كأنهم جميعا إيرانيون لماذا لم يكن هذا
الكلام موجودا في السابق الم يكن شاه إيران يشكل خطراً على الخليج وهو رابع قوة في
العالم. ومن بدأ أصلاً بالموضوع النووي، والاتفاقات الإيرانية العراقية متى تمت؟ في
زمن الخميني والثورة الإسلامية؟ كلا.
الفرق هو ان هناك إحدى أكبر السفارات، السفارة الإسرائيلية حلت محلها السفارة
الفلسطينية في طهران، الآن إذا قال الإيرانيون انه ليس لدينا أي مشكلة مع إسرائيل
أعتقد ينتهي كل شيء، علماً بأني لم أسمع أو أقرأ مرة واحدة أي تهديد إيراني لأي
دولة عربية. ولو سمعت ذلك لوقفت إلى جانب الدولة العربية.
• لكن هذا لا ينفي النفوذ الإيراني القوي الممتد من البصرة إلى غزة.
ـ أنا لم أنف النفوذ الإيراني، هو موجود، كما يوجد نفوذ للآخرين. وهناك كلمة
لميخائيل نعيمة: سئل الجبل من أين علوّك؟ أجاب من الوادي، وسئل الجمال عن بيته من
بناه؟ أجاب شقيقتي الشناعة.
ما هو المشروع العربي؟ في الأزمة اللبنانية بح صوتي وخرجت معادلات لا يعرفها حتى
اينشتاين مثل س. س وغيرها، وأنا أترجاهم لوضع مشروع عربي لحل قضية لبنان. ولكن كنت
أجد دعماً من إيران وغيرها مرات كثيرة أكثر ممن أناشدهم.
• هل أنتم راضون عن العلاقة مع «حزب الله» في الشارع الشيعي وهل توجد مشاكل بينكم
وبين الحزب في الشارع؟
ـ لا علم لي بمشكلات، ولكن في بعض الأحيان تحدث مشكلات، تماماً كما هي الحال داخل
الحزب نفسه أو داخل حركة «أمل».
ان اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أوجد هذا الشرخ بين المسلمين ولم يمر يوم إلا
وكان السنة في لبنان في طليعة العروبة إلى جانب الشيعة.
• نسأل عن التوازن الشيعي، فلدى "حزب الله" إمكانيات هائلة بينما بالكاد لديكم
إمكانات وأنتم جزء من الدولة؟
ـ طوال الوقت كان الأمر كذلك، ولكن هل الدولة ملك لوالدي؟
أنا على رأس السطح، أول ما عرض عليّ الرئيس الراحل رشيد كرامي وزارة العدل قلت لا
أريد ذلك، بل وزير المقاومة للجنوب والإعمار، حتى من خلال مجلس الجنوب ومجلس
الإعمار أبني الجنوب ليتمكن الناس من الصمود. وهذا ما فعلته وإذا أرادوا تسمية ذلك
فائدة فليكن.
خلال 14 – 15 عاماً حولت الجنوب إلى مستوى جبل لبنان ليتمكن الناس من العيش، ولم
أترك بلدة بلا مدرسة، وعندما وقع التدمير كنت أهتم بكل لبنان.
وفي رأيي طالما هناك نهر الليطاني فان إسرائيل ستعتدي على لبنان.
• الكويتيون عرضوا مسألة تمويل الليطاني، أين صار الأمر؟
ـ فضل الكويت كبير جداً على لبنان، وهذا السؤال يرتبط بالمرة الأولى التي دخل فيها
الإسرائيلي إلى لبنان عام 1978 بحجة وجود المقاومة الفلسطينية، لكن العملية كانت
تحت عنوان "عملية الليطاني".
خلال الحرب، وتحديدا في عام 1986 قابلت سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح، رحمه
الله، وزبدة الكلام، انني قلت له ان لبنان بحاجة الى مياه الليطاني، ومشروع
الليطاني فسألني عن الكلفة قلت 500 مليون دولار، وكان هو قليل الكلام، سكت قليلا
وقال «يحصل» ومنذ ذلك التاريخ بدأ المشروع، المشروع استنفد كل مراحله ولا يزال
متوقفا في مجلس الإنماء والاعمار بانتظار التوقيع الأخير، ومعلوماتي ان المناقصة
حصلت.
ثانيا، كثيرة هي الدول العربية التي قالت انها ليست على استعداد لمساعدة اللبنانيين
أثناء الحرب الا لكي يتصالحوا بين بعضهم البعض، فكنت أقول لهم، هل تنتظرون خروجنا
من المستشفى لإعطائنا الدواء، دولة الكويت كانت الوحيدة التي ساعدت اثناء الحرب
وبعدها، مثلا مستشفى النبطية بني في عز الحرب وهو أهم مستشفى بإدارة الدولة، بلدة
حانين تم اعمارها بمساعدة من الكويتيين وهلمجرا، ولا يزلوان مستمرين، وخلال الحرب
الأخيرة مد جسر من المساعدات وهناك استمرار.
انا لا اقول ان بقية الدول العربية لم تساعد، ولكن الكويت لم تتوقف عن المساعدة.
• هل أنت راض عن المساعدة العربية للجنوب بعد حرب عام 2006؟
ـ أنا اشكر المساعدة العربية للجنوب، ولكنني لا اشكر آلية العمل فيها، مثلا "قال
الجندي قفز فوق الحائط، فقيل لا، وأجاب هذا هو الجندي وهذا هو الحائط"، والملاحظ ان
المساعدات القطرية تم قسم منها بناء لطلبي، وكانت هناك 4 بلدات: مدينتان وقريتان
وتكفلت بها، وقد ظهر العمل على الأرض، لماذا؟ لأنهم عملوا بأنفسهم.
ناصر الخرافي، احد رجال الأعمال الأساسيين في الكويت تبرع بعشرة ملايين دولار
لاعمار الضاحية وشرفني بزيارة، تمنيت عليه اختيار قرية جنوبية تكون رمزا للمقاومة
واعمارها، وسألني اي بلدة فأجبته مارون الراس، وهي البلدة الأشهر التي وقعت فيها
المعارك، وقد بناها وانتهى، وهو مواطن كويتي وقام بذلك. وقد أتت مساعدات اكبر من
تلك بكثير من الدول، وللمثال، المملكة العربية السعودية التي تبرعت بـ500 مليون
دولار، ولم يظهر العمل على الأرض، وقد أرسلت برقية إلى السعوديين، وقلت ان
مساعداتكم لا تظهر على الأرض.
الإخوان السعوديون مشكورون وقد قدموا من خلال الحكومة البتراء ولم يبرز العمل،
بينما هناك أناس قدموا مساعدات مباشرة وظهرت. وما تم دفعه من خلال الهيئة العليات
للإغاثة ضاعت في الطاسة.
وقد وصلت المبالغ السعودية بالتأكيد وتبنت المملكة اعمار 25 بلدة، وطلبنا إليهم
تولي الأمر مباشرة، ولكنهم لم يرغبوا بذلك.
• يتردد انه في حال فزتم كمعارضة في الانتخابات، فان لبنان مهدد بان يتحول إلى غزة،
لان البعض يعتبر ان حزب الله مثل حركة حماس، هل تأخذون الأمر بالاعتبار؟ اي التخوف
من ان يتم الحصار على لبنان كما الحصار على غزة؟
ـ يذكرني ذلك بما حصل في الجزائر على زمن الرئيس الشاذلي بن جديد، حين نجح
الإسلاميون في الانتخابات المحلية وكان الرجل صديقي وأرسل لي يسألني عن نصيحة،
فأجبته لا تقم بشيء هذه إرادة الشعب، فإذا نجحوا وأنقذوا البلاد كان به وإذا فشلوا
فليرحلوا بأنفسهم. وحدث ما حدث في الجزائر.
كذلك، جرت الانتخابات في فلسطين، حماس لم تنجح بمقدار ما كانت "فتح" منقسمة، وقد
أعلنت من طهران في مؤتمر لفلسطين كانت تحضره كل الفصائل وقلت ان على "حماس" ان
تساعد "فتح" على هزيمتها وعلى "فتح" ان تساعد "حماس" على انتصارها وعلى العرب
والمسلمين ان يساعدوا الطرفين ليكونوا موحدين.
فأما نريد ديموقراطية أولاً نريد ولبنانيا البعبع هو الانقسام اللبناني الحاد، حيث
لا نسامح بعضنا البعض بكلمة ونسامح العدو بأمور كثيرة.
• السنا بحاجة لكتلة ثالثة؟
ـ سأقول نحن بحاجة لماذا، وهو سر سوف أقوله، وإذا لم تؤلف الحكومة قبل سفر رئيس
الجمهورية ميشال سليمان إلى فرنسا لحضور قمة الاتحاد من اجل المتوسط، فسأدعو بعد
عودته، ودون أن أقدم على أي خطوة خلال غيابه عن البلاد، مجلس النواب الى عقد اجتماع
لبحث الوضع الناجم عن التأخر في تأليف الحكومة.
أنا اعرف ان النص الدستوري لا يحدد وقتا لرئيس الحكومة المكلف (لتشكيل هذه
الحكومة)، لكن ذلك لا يعني ان يبقى لبنان إلى الأبد يراوح في هذا الوضع، وان تعود
الأمور للاحتكام إلى الشارع بطريقة أو بأخرى، وأنا قلت لفخامة الرئيس سواء أتلقيت
رسالة منه ام لم أتلق أنني لن أقدم على هذه الخطوة مطلقا قبل عودتك بالسلامة.
• وما الذي يمكن ان تفعله خلال الجلسة؟
ـ سأطلب من المجلس مناقشة عامة للموضوع وهل يريدون ان يتفقوا ام لا، هناك أناس
قالوا ان نبيه بري أغلق المجلس النيابي متخطيا الدستور، وأنا لم أكن في زماني مع
الدستور مثلما كنت في ذلك الوقت والآن يمكن ان يشتمونا لأننا فتحنا المجلس.
تسأل القبس رئيس مجلس النواب اللبناني أين يتقاطع نبيه بري السياسي مع نبيه بري
الشاعر، فيقول: "نسينا الشعر وجف الشعر لدينا مع السياسة، وهي ما دخلت على شيء الا
وأفسدته".