اجتمع الجمعة 21/7/2006 في دار الفتوى كل من الرئيسين نبيه بري وفؤاد السنيورة
ومفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي
الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، وخرجوا بتوافق تام على عدم استجابة اللبنانيين
لنداء الفتنة الذي تطلقه إسرائيل، وعلى تأكيد الدعوة للمجتمع الدولي لوقف العدوان
على المدنيين والبنى التحتية، وعلى حق لبنان في مقاومة الاحتلال والتصدي للعدوان،
والدعوة إلى مقاضاة إسرائيل إمام المحاكم الدولية لارتكابها جرائم حرب مبيتة ومهيأة
مسبقا وانتهاكها للقانون الدولي ولمواثيق جنيف ولشرعة الأمم المتحدة، والى دعوة
العالم لإعلان حالة طوارئ إنقاذية على الصعيدين السياسي والإنساني والإعماري بما
يمكّن لبنان من إعادة بناء دولته واستعادة حقه في الحياة الحرة الكريمة.
البيان:
وتولى الأمين العام للقمة الروحية الإسلامية محمد السماك تلاوة البيان الذي أجمعت
عليه القيادات الإسلامية وجاء في البيان:
خصص الاجتماع للبحث في الحرب العدوانية الإسرائيلية الوحشية المبيتة والمخطط لها
سلفا على لبنان، وما أسفرت عنه حتى الآن من مآسٍ إنسانية ومن تدمير شامل للبنية
التحتية للاقتصاد اللبناني. وتوقف المجتمعون بقلق أمام ظاهرة التكامل بين مضي
إسرائيل في عدوانها الذي يستهدف الشعب اللبناني كله وبين التغطية السياسية التي
توفرها قوى دولية فاعلة ومؤثرة لهذا العدوان وللاستمرار فيه.
كذلك توقف المجتمعون أمام ظاهرة ارتكاب إسرائيل لعدوان مماثل في الأراضي الفلسطينية
المحتلة، حيث تعمل الآلة العسكرية الإسرائيلية على قتل الأبرياء وتدمير البيوت فوق
رؤوس ساكنيها وعلى ترويع المدنيين واعتقال الوزراء والنواب من دون ان تراعي للقانون
الدولي أي حرمة، ومن دون ان تتعرض بسبب كل هذه الانتهاكات إلى المساءلة والمحاسبة
الدوليتين.
وأمام هول الجريمة المتمادية التي ارتكبتها إسرائيل في لبنان وفي ضوء فداحة المأساة
الإنسانية التي نزلت جراء ذلك بالشعب اللبناني عموما وبأهل الجنوب والبقاع خصوصا،
اتفق المجتمعون على الآتي:
أولاً: دعوة منظمة الأمم المتحدة بشخص أمينها العام ومجلس الأمن الدولي، إلى
العمل على وقف فوري لإطلاق النار وفرض الالتزام به واحترامه، وتنظيم عملية تبادل
المعتقلين اللبنانيين والجنديين الإسرائيليين بما يؤدي الى وضع حد لعمليات القتل
الجماعي التي تمارسها إسرائيل، ولعمليات التدمير المبرمج للطرق والجسور والمرافئ
والمطارات والمصانع والمؤسسات الخاصة والعامة التي تتعمد ضربها وتدميرها، والى رفع
الحصار الجوي والبحري الذي فرضته إسرائيل بالقوة العسكرية على لبنان.
ثانياً: التأكيد على سيادة لبنان الكاملة وتمسكه بكل حبة من ترابه الوطني،
وعلى حقه في مقاومة الاحتلال والتصدي للعدوان، وكذلك على حق شعبه في الحياة الحرة
الكريمة، ورفض أي انتهاك لهذه السيادة، وأي انتقاص من هذا الحق وحقه في مقاومة
العدوان الإسرائيلي والتصدي له.
ثالثاً: مناشدة الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات الدولية المتخصصة دعم
الدولة اللبنانية ومساندة حكومتها، والمبادرة إلى تقديم المساعدات الإنسانية
للمنكوبين اللبنانيين الذين هجّرهم العدوان الإسرائيلي والذين يفترشون الأرض
ويلتحفون السماء بعد ان دمرت إسرائيل عن سابق تصور وتصميم بلداتهم وقراهم ومنازلهم.
رابعاً: الإشادة بالموقف الوطني التضامني الذي أبداه اللبنانيون بكل طوائفهم
ومذاهبهم ومناطقهم نحو إخوانهم في الجنوب والبقاع وبيروت الذين تعرضوا ويتعرضون
لجرائم الحرب الإسرائيلية. وما كان لهذا الموقف التضامني ان يأخذ هذه الأبعاد لولا
تمسك اللبنانيين بالوحدة الوطنية التي هي الأساس في مقاومة العدو وفي الدفاع عن
السيادة والحرية والاستقلال.
خامساً: التمني على القيادات الوطنية العمل معا من اجل صيانة وتعزيز الوحدة
الوطنية، وتسفيه المشروع الإسرائيلي المبيت الذي يستهدف إثارة الخلافات الطائفية
والمذهبية والذي يسعى العدو الإسرائيلي من ورائه إلى أن يحقق بالفتنة ما لم يحققه
بالعدوان العسكري.
سادساً: مؤازرة الجيش اللبناني الذي تعرضت مواقع له للعدوان الإسرائيلي
الغاشم مما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء العسكريين من ضباط وأفراد. والإشادة
بالموقف الوطني الحكيم الذي اتخذته قيادة الجيش لدعم صمود اللبنانيين في وجه آلة
الإجرام الإسرائيلية.
سابعاً: تحميل إسرائيل المسؤولية المعنوية والمادية عن الخسائر البشرية
الفادحة من الشهداء والأبرياء وعن الدمار الواسع الذي الحقته باللبنانيين
وبممتلكاتهم العامة والخاصة، ومقاضاتها أمام المحاكم الدولية لارتكابها جرائم حرب
مبيتة ومهيأة مسبقا وانتهاكها للقانون الدولي ولمواثيق جنيف ولشرعة الأمم المتحدة.
ثامناً: دعم الحكومة اللبنانية في مساعيها وجهودها الآيلة إلى تحقيق وقف
فوري وشامل لإطلاق النار، ودعوتها المجتمع الدولي وخصوصاً الأمم المتحدة إلى تحمل
مسؤوليتها تجاه الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في حق اللبنانيين والمدنيين خلافا لكل
المواثيق والمعاهدات والاتفاقات والشرائع الدولية، وكذلك في ما تقوم به للتخفيف من
معاناتهم والوقوف إلى جانبهم في هذه الظروف القاسية التي يمر بها لبنان، وفي ما
نضطلع به من مهام ومسؤوليات جسيمة في هذا الوقت العصيب.
إن الشعب اللبناني الذي نُكب بالعدوان الإسرائيلي الذي تجاوز في وحشيته ودمويته كل
اعتداءاته السابقة، يتطلع اليوم إلى إخوانه وأصدقائه في العالم لإعلان حالة طوارئ
إنقاذية على الصعيدين السياسي والإنساني والإعماري بما يمكّنه من إعادة بناء دولته
واستعادة حقه في الحياة الحرة الكريمة.
وقال الرئيس بري أثناء خروجه:
الاجتماع كان مقرراً الأربعاء الذي حصل فيه الاعتداء الإسرائيلي على لبنان، وكان
هدفه أن نوجه الدعوة من هذه الدار الكريمة، من هذه الدار الموحدة، من هذه الدار
المناعة، ان نوجه الدعوة لأهلنا في العراق قيادات سياسية وقيادات دينية بأننا على
استعداد لاستضافة مؤتمر لهم في لبنان، على غرار ما استضافت المملكة العربية
السعودية ذات يوم اللبنانيين في سبيل استعادة وحدتهم، ولمنع هذا التشظي العراقي
وخصوصا ضمن الصف الإسلامي الواحد. لكن نتيجة الاعتداء الإسرائيلي تغير هدف الاجتماع
وأصبحت الغاية منه فعلا هي أن ننبه كل اللبنانيين وليس فقط المسلمين، أهلنا
المسلمين أهلنا المسيحيين، أهلنا في كل لبنان ان إسرائيل لا تستطيع أن تسجل أي
انتصار لها في لبنان على الإطلاق ما دام في لبنان هناك وحدة وطنية. أن إسرائيل لا
تستطيع ان تتجاوز المقاومة ولا تستطيع أن تتصدى للدرع الجنوبي ولا تستطيع أن
تتجاوزه إلا إذا استطاعت أن تتجاوز النفوس وتدخل إلى ذواتها، ولنتذكر عام 1982 ماذا
حصل في الجبل وكيف ان اثار الجرح اللبناني النازف في ذلك اليوم لا يزال يستعر حتى
الآن برغم وجود قيادات شامخة حاولت أن تستعيد وحدة الجبل.
أضاف: هذا الاجتماع يهدف لنقول نحن مضطرون الآن ان نكون قبضة واحدة، فكيف إذا كان
من واجبنا ومن حقنا الطبيعي ونحن شعب واحد وأهل واحد.
سئل: هل هناك خطوط حمر كي لا يتوسع الاعتداء الإسرائيلي ويطال بيروت؟
أجاب: الخط الأحمر هو في ان تعطوا بعضكم الوحدة الوطنية وخذوا مناعة فلا احد
يستطيع ان يخترقكم.
وبالنسبة إلى تفويضه إجراء المفاوضات قال:
كلنا مفوضون مع بعضنا البعض.
وقال الرئيس فؤاد السنيورة بعد اللقاء:
كانت حتما مواقفنا وآراؤنا متطابقة مئة بالمئة في أهمية تحفيز جميع اللبنانيين على
العمل سويا، وعلى احتضان إخواننا وأشقائنا الآتين من المناطق التي تتعرض للعدوان
الغاشم وأهمية ان نكون سويا مع بعضنا البعض حتى نصمد وننتصر إن شاء الله على هذا
العدوان الإسرائيلي. وأود أن انتهزها مناسبة لأقول بأننا جميعا متضامنون في مواجهة
هذا العدوان الإسرائيلي، وعلينا أن نتعاون وأن لا ننزلق في المنزلقات التي يريدنا
العدو الإسرائيلي أن ننزلق فيها. وأنا على ثقة بأن اللبنانيين أينما كانوا وفي أي
موقع سيكونون عونا لأشقائهم، إنها فترة عصيبة، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:
"إنما النصر صبر ساعة". وأنا أعتقد بأن جميع اللبنانيين سيكونون جنبا إلى جنب في
مواجهة هذا العدوان الإسرائيلي، وإن شاء الله سنتغلب عليه".
وأكد على مسعى الحكومة لإيجاد حل شامل للمشكلة، إلا انه استدرك موضحا: عندما نستعمل
كلمة حل شامل بين لبنان وإسرائيل لا يعني ذلك الانفراد، فلنكن واضحين، حل شامل لهذه
المسألة، فلبنان ملتزم القضايا العربية، وهو جزء من الأمة العربية، ولبنان لا يقوم
بأي حل منفرد مع إسرائيل على الإطلاق، ولبنان لن يكون إلا آخر بلد عربي يمكن أن
يوقع معاهدة سلام مع إسرائيل، فلا يمكن أن يقع لبنان في كل يوم أسير الاعتداءات
الإسرائيلية، فعلينا أن نقيم معالجة لكل المسائل والقضايا ويعود لبنان ملتزما
باتفاق الهدنة.
وقيل للسنيورة: هل ما زال هناك اتفاق هدنة ام انه طار فقال:
إن اتفاق الهدنة "يطير" في حالة الحرب المعلنة، فلبنان لا يزال ملتزما اتفاق الهدنة
ولكن إسرائيل تخرقه، ولا يمكن أن يُلغى اتفاق الهدنة إلا في حالة سلام، ونحن لسنا
في حالة سلام مع إسرائيل، فاتفاق الهدنة لا يزال قائما وإسرائيل تخرقه.
إننا نتطلع إلى حل شامل يعيد لنا الأرض وتاليا يعالج كل هذه المشكلات، والسلة
الواحدة هي الموضوع الذي نريد أن نصل إليه.
وقال الشيخ قبلان: لقاؤنا اليوم مقدمة للقاءٍ أكبر تجتمع في القيادات
الدينية من كل الطوائف، لأن إسرائيل تقوم بهجماتها وبتدميرها للبنية التحتية ولكل
المرافق من أجل تفكيك عرى الوحدة الوطنية.