عقد رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري مؤتمراً صحافيا في عين التينة الأحد
16/7/2006 استهله بالقول:
تلقيت اليوم اتصالاً من رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس النواب الأردني
الذي ابلغني تضامنه مع اللبنانيين ضد العدوان الإسرائيلي على لبنان، كما ابلغني انه
سعى إلى عقد جلسة للاتحاد في سبيل بحث هذا العدوان، ولكن في الحقيقة لم يلق التجاوب
اللازم، وكان جوابي له: ليس مكمن الضعف في الشعوب العربية التي من المفروض ان
نمثلها ولكن الحقيقة أن البرلمانات العربية غير موجودة، ولكن يوجد حكام عرب،
والبرلمانات العربية في معظمها الساحق تمثل الحكام العرب ولا تمثل الشعوب العربية.
أضاف الرئيس بري: كما اتصل بي رئيس البرلمان العربي محمد جاسم الصقر ووعد بأن
الجلسة المقررة للبرلمان في 19 الجاري في القاهرة سيحولها إلى جلسة طارئة لبحث
العدوان على لبنان. بدأت بهذا التمهيد لأقول: إذا كان ممثلو الشعوب العربية،
المفروض كذلك، ونوابها، هكذا هو موقفهم فيكون لديكم إذاً كلبنانيين وكصحافة لبنانية
وكإعلام لبناني الخبر اليقين في ما حصل بالأمس (الأول) في الجامعة العربية وهذا
الموقف الذي صدر، لأننا لم نعد نميز على الإطلاق نتيجة سقوط الحاجز النفسي بين
العدو وبين بلد شقيق وصديق.
تابع: من هذا الباب ابدأ من الضاحية، الضاحية الشموس، الضاحية التي أسقطت العصر
الإسرائيلي عام 1982 الضاحية الحرمان، الضاحية التي "تُمسَح" الآن، والتي يتشرد
أهلها وأبناؤها، هذه الضاحية التي جمعت الفقراء من كل مكان، هذه الضاحية التي كانت
الرابط بين بيروت عزتنا وفخرنا وبين الجبل الأشم والتي فتحت الطريق للعصر العربي
وان كنا لم نستفد منه كما يجب، هذه الضاحية التي تستطيعون ان تأخذوا فكرة بسيطة
عنها من خلال هذه الصور (وعرض للصحافيين عددا من الصور التي تُظهر الدمار الكبير
الذي حل بالضاحية)، هذه الصور التي تبين مقدار الجريمة والتي تؤكد انه لا علاقة
لموضوع الأسيرين، وان كان هذا الموضوع بدوره موضوعا وطنيا محقا كان على حزب الله
وعلى المقاومة اللبنانية ان تقوم به لان أبناءنا أيضاً في السجون منذ 25 سنة و30
سنة، هؤلاء هم أبناؤنا وهذا أمر قررناه في مؤتمر الحوار بأنه لا بد من تحرير مزارع
شبعا وتلال كفرشوبا وتحرير أسرانا ومعتقلينا. إذاً، هذا الأمر كان جريمة مدبرة
و"بنك أهداف" سبق لي ان حذرت منه قبل هذا العدوان، وقلت أثناء جولتي الأخيرة في
الجنوب في ذكرى التحرير ان هناك بنكا من الأهداف تهيئه إسرائيل لأول فرصة كي تنتقم
من لبنان، وهذا الانتقام من الضاحية الجنوبية ليس انتقاما فقط لأنه توجد فيها مقرات
للمقاومة أو مقر لقيادة المقاومة، وإنما لان فيها أساس الشعب المقاوم الذي يمثل كل
لبنان من دون استثناء.
أضاف: من الضاحية الشموس، ومن الضاحية التي سنعيد بناءها برموش العينين، هذه
الضاحية انتقل منها مباشرة إلى مروحين مرورا ببافليه، الدوير، صريفا، دبين وزبدين
وبالجسور والطرقات والمزروعات وغبار الأراضي الجنوبية ، بتراب الجنوب الذي هو أغلى
من الذهب كما تقول الأغنية اللبنانية. مروحين، لماذا؟ هذا الأمر أبلغته الآن إلى
ممثل الأمم المتحدة. مروحين، الأمم المتحدة مشاركة في جريمتها. أقول ذلك وأنا بعد
استقبال ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الآن، وقريبا وفد الأمم المتحدة الذي سيصل
إلى لبنان، أقول ان هذه الجريمة تشارك فيها الأمم المتحدة عن إهمال، عن غير قصد، عن
قصد، هذه ليست وظيفتي ان أصنف، أقول انه بين عامي 1996 و2006 لم تتقدم إنسانية
الأمم المتحدة إزاء لبنان ذرة واحدة. عام 1996 لجأ أهلنا في قانا وفي ضواحي قانا
إلى بيت من بيوت الأمم المتحدة فقصفته إسرائيل وأسقطت الأطفال والنسوة الشهداء كما
تعلمون بما سمي مجزرة قانا. ماذا حصل؟ تقدمت الأمم المتحدة، وهذا الأمر أخبرته في
مؤتمر الحوار، بطلب تعويض عن منزلها الذي دمر في قانا (مليون دولار)، اخذ قرار في
الأمم المتحدة ولم تدفع إسرائيل المبلغ وسامحتها الأمم المتحدة، الأمر الذي يشجع
إسرائيل دائما على ان تستخف بهذه الأمم المتحدة. بعد عشر سنوات ماذا حصل؟ إسرائيل
طلبت من أهالي بلدة مروحين أن يغادروا خلال ساعتين، ذهبوا باتجاه الأمم المتحدة
فرفضت أن تستقبلهم، كان من الطبيعي أن يعودوا محاولين إيجاد ملجأ أو مسكن أو مأوى
أو شجرة يستظلون بها، ركبوا "البيك آب" وهو مكشوف حتى لا يقال أن فيه شيئا، وأثناء
عودتهم حصل القصف ووقعت هذه الجريمة، المجزرة النكراء، وأودت ب22 شخصا. وأريد أن
أقول لكم أكثر من ذلك، ارتكبت المجزرة ومنعوا سيارة كشافة الرسالة الإسلامية، وهي
تماما السيارة نفسها تقريبا التي ضربت في المنصوري، منعوها أن تنقل أشلاء الشهداء،
وبعد "ألف واسطة" تمكنت من ذلك. منذ أمس (أمس الأول) وأهلنا في مروحين يقفون على
الطرقات ويمنعونهم من الوصول إلى صور او صيدا. أثناء اللقاء الآن مع بيدرسون قام
احد معاونيه واتصل مرتين كي يتأكد من وضعهم، صباح اليوم (أمس) اقلوهم بالباصات ثم
أنزلوهم، لماذا؟ لان إسرائيل ترفض حتى انتقالهم، خرج احد مساعدي الأمم المتحدة من
الاجتماع مرتين ليتأكد من هذا الأمر، وابلغنا إنهم لا يزالون هناك ولا تسمح إسرائيل
حتى بخروجهم إلى صور أو إلى أي بلدة أخرى. وحصل هذا الشيء أيضاً في كفركلا، حيث
هناك إنذار للبلدة التي تعد عشرة آلاف نسمة. كان الإنذار ليلا وطلبوا من أهلها أن
يغادروا البلدة. يغادرون إلى أين؟ يغادرون كي يقتلوهم على الطرقات.
تابع: ويقولون لنا "كلما دق الكوز بالجرة"، كلما جرت عملية مقاومة، وكلما حصلت
عملية رد معين، يقولون ان وراءها إيران وسوريا، هل هؤلاء وراءهم إيران وسوريا؟
كأنهم يريدون من العالم أن يصدق انه لا توجد مقاومة في لبنان، وكأن الشعب اللبناني
كان ينتظر إيران وسوريا حتى يعلمانه المقاومة. هذا غير صحيح. إيران صديقة وسوريا
صديقة ولكن ليس إيران وسوريا من علمنا المقاومة، لقد دعمتا لبنان ودعمتانا في
المقاومة، ولكن ليسوا هم المقاومين. المقاومون هم اللبنانيون الذين انتصروا،
والإمام موسى الصدر قبل وجود الجمهورية الإسلامية في إيران قال " قاتلوهم بأسنانكم
وأظافركم وسلاحكم مهما كان وضيعا". الإمام الصدر هو الذي انشأ أفواج المقاومة
اللبنانية التي من رحمها حركة "أمل" و"حزب الله" وكل المقاومين. إذا كفى القول
إيران وسوريا لتغطية المجازر ولتغطية الجرائم التي ترتكب.
تابع الرئيس بري: أريد أن اكرر ما قلته بالأمس للرئيس (المصري) حسني مبارك، والذي
أرسلته أيضاً اليوم (أمس) عبر رئيس مجلس النواب الأردني إلى الملك عبد الله: آن
الأوان للنظر إلى الدمار والدماء العربية التي تسفك. نحن في الجرح والآلام لم نعد
إخواناً. حتى الشعر العربي لم نعد نتغنى به، ولكن يبقى دائما ان كلامي هذا موجه فقط
إلى أهلنا في لبنان والى الشعب العربي الذي ثقتنا به لا يمكن أن تحيد أبداً، وأقول
لأهلنا في لبنان لا يمكن ان نهزم، لا يمكن أن نسقط، لان ما يحصل الآن، يحصل دفاعا
عن لبنان، كل لبنان. ليس الموضوع موضوع أسير، أو موضوعا حصل في محله أو في غير محله
كما يحاول ان يشاع. لننتبه جميعا. ان المستهدف هو لبنان ومطلوب الآن ان يعود لبنان
مجموعة واقفة على الرصيف بانتظار ان يكون سلة مهملات للمؤامرة الإسرائيلية على صعيد
المنطقة ككل. لنثق بالله، لنثق بوحدتنا الوطنية، لنثق بإخواننا العرب رغم الألم
الذي يغمرنا الآن، وإننا ان شاء الله منتصرون.
سئل: تكلمت عن التخاذل العربي تجاه لبنان، ولكنك لم تتطرق إلى بعض المواقف
الداخلية التي تحمل "حزب الله" مسؤولية ما جرى والتي تقول ان وراءه سوريا وإيران،
ماذا تقول لهؤلاء؟
أجاب: لا توجد معركة داخلية على الإطلاق، انظروا واقرأوا ماذا يوجد داخل
إسرائيل الآن، تجدوا ان هناك تباينات داخل إسرائيل أكثر مما في الداخل اللبناني
عشرات المرات. نحن مستعدون ان نتقبل كل كلام يأتي من الداخل اللبناني على سبيل
النصيحة والنقد البناء، المهم ان نكون موقفا واحدا، مغتربين ومقيمين، وبهذه
المناسبة أتوجه إلى الاغتراب في كل أنحاء المعمورة ليعبروا عن استنكارهم لهذه
الهيمنة الأميركية على الأمم المتحدة نفسها.
وختم الرئيس بري قائلا: هناك اليوم فرصة لعلها الأخيرة قبل اتجاه الموقف نحو حرب
إقليمية، وإذا راجعتم نهار الثلاثاء الماضي قبل العدوان، أعطيت تصريحا لجريدة
"السفير" وقلت ان ما يحصل في غزة والعراق ليس بعيدا عن شوارع بيروت وعن لبنان،
ويمكن لم يصدق احد، وحصل ما حصل. ان موضوع الأسيرين ذريعة، فالإسرائيلي كان مهيِّئا
نفسه لكل شيء، وإذا لم يجد هذه الذريعة فانه يجد غيرها. في العام 1982 أوجد ذريعة
محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن وتبين أنها كانت كاذبة. الآن أقول، هذا
اليوم (الأحد الاثنين) هناك فرصة لوقف إطلاق نار فوري والبدء بتفويض إحدى الدول
التي كانت تفاوض أو غيرها، للبدء بمفاوضات نحو التبادل. إذا تم هذا الأمر خلال 24
ساعة اعتقد اننا نكون نوفر إشكالات على الجميع، وإذا لا، فإنني أحذر من أن المنطقة
كلها في خطر. هذه ليست معلومات ولكنني أراها تماما.