حديث الرئيس بري إلى وسائل الإعلام تعليقاً على أعمال الشغب التي تخللت التظاهرة الإحتجاجية أمام مقر القنصلية الدانمركية بسبب رسوم كاريكاتورية تعرضت للرسول الأكرم محمد (ص)، داعياً إلى محاسبة المسؤولين المقصرين


 

أدلى الرئيس بري بتعليقات إلى وسائل الإعلام، وقال فيها:

"إن الجلل الأكبر أن يحصل اعتداء على كنيسة مار مارون أو أي كنيسة. فهؤلاء إذا كانوا يتحركون باسم المسلمين أو دفاعا عن المسلمين، فأنهم قد ابتعدوا عن الإسلام، تماما كما ابتعد المشرفون على الجريدة التي نشرت صورا مسيئة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، لأننا نعلم أن رسول الله لم يقبل استعمال تراب منزل مهدوم لأخ مسيحي لبناء بيت مسلم آخر. فكيف يمكن الاعتداء على كنيسة وفي الوقت نفسه نقول أننا نتظاهر لحرمة الأديان؟".

 

وأضاف: إن حب الوطن دين سواء كان ذلك عند المسلمين أو عند المسيحيين. وان أي أمر يقومون به الآن ضد السياسات أو حتى ضد مباني السفارات هنا، إذا تجاوز التظاهر والتعبير عن الرأي يعتبر ضررا كبيرا للبنان. وعلى هؤلاء أن يدرسوا دينهم أولاً قبل أن يقولوا أننا ندافع عن الدين. أربأ وأناشد العاقلين من هؤلاء المتظاهرين، ولا أناشد المندس لان المندس لا يمكن أن يقنع بكلمة أو كلمتين، وتالياً يجب أن يكون هناك تحقيق فاعل حتى لا تتكرر هذه الأمور في لبنان. وأعتقد أن الأمر يتجاوز حدوده إلى خطورة معينة لعله يقصد منها أمور أخرى، وهذا ما سيكشفه التحقيق إن شاء الله.

 

وأناشد الجميع العودة فوراً إلى رشدهم والانسحاب من أي مكان آخر والتوقف عن العنف. وأطالب أيضاً السلطات القضائية والأمنية باتخاذ الإجراءات الرادعة".

 

وسئل رأيه في تبرير رئيس الحكومة فؤاد السنيورة عدم إقدام قوى الأمن على الاصطدام بالمتظاهرين، فقال:

لا أستطيع أن أحكم بهذا الشكل، وليس هناك من ضرورة في كل مرة نريد أن نمنع حصول شيء أن نستعمل العنف. فهناك طرق أخرى غير استعمال العنف، كان من الواجب اتخاذ احتياطات أكثر من ذلك بكثير لمنعهم من الوصول. وأتكلم خصوصا على موضوع الكنيسة. ففي هذا الموضوع تشويه لكل العمل". وأضاف: أقول لهؤلاء المتظاهرين والعقلاء منهم: كنا في مصيبة الاعتداء على الإسلام فأصبحنا في مصيبة الاعتداء على الإسلام والمسيحية في آن".

 

وأشار إلى انه "حتى في التظاهرات التي حصلت في سوريا وأحرقت خلالها سفارتان، كانت هناك كنيسة للقديس يوحنا لم تمس. فأتوجه إلى اللبنانيين والمتظاهرين كلهم أن يعودوا إلى رشدهم. وأطلب من القوى الأمنية اللبنانية اتخاذ الاحتياطات دائماً".

 

وذكر بأن مجلس النواب في جلسته العامة السابقة، وباقتراح من الكتل النيابية كلها "كان له الموقف المعلوم، وهو موقف اللبنانيين جميعا بالنسبة إلى المحافظة على الأديان كلها، وخصوصا في ما يتعلق بمس الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقدمت توصية بإجماع مجلس النواب. والمفروض أن تكون هذه التظاهرات اليوم سلمية تليق بطوائف لبنان، لبنان الحضاري. إنني جد متألم أن تصل الأمور إلى هذه الدرجة".

 

وأضاف: "أكرر القول أننا كنا في مصيبة مس الإسلام، فأصبحنا في مصيبة مسّ الإسلام والمسيحية في آن معا. المهم أن لا نقف عند هذه الحدود. المطلوب أولاً أن ينعقد مجلس الوزراء فورا، وثانياً أن تحدد المسؤوليات، وبكل جرأة، أن يحاسب منظمو هذه التظاهرات، وثالثاً أن يصار إلى التعويض على الممتلكات، ومراكز العبادة التي مسّت أو دنّست.

 

نقول هذا ونعلم أن الجرح أعمق بكثير في هذا البلد الذي أردناه دائماً أن يكون مثالا للعيش والتعايش، فتأتي قلة قليلة من الناس وتشوهه".

 

ورداً على سؤال، قال الرئيس بري:

لا نريد أن نخرج من موضوع إلى موضوع آخر وهذا ليس دفاعا عن أحد، نريد تحقيقاً حقيقياً في هذا الموضوع لأن إطلاق التهم أيضاً إضاعة للمسؤولية ونجعل الدم في غير صاحبه وقد يكون في صاحبه لا أدري، لذلك أترك هذا الأمر للتحقيق. إننا نؤمن بحق الديموقراطية، نؤمن بحق التظاهر، نؤمن بأن التظاهر حق للتعبير، هذا صحيح. ولكن عندما يتجاوز موضوع التظاهر التعبير إلى العمل المسيء إلى الوطن والمواطنين والقضية التي يتظاهرون من أجلها، لا يمكنني أن أقبل أن يكون الوضع الأمني في هذا الشكل. أعتقد انه كان على الأجهزة الأمنية أن تعد العدة بقوة ليس لضرب المتظاهرين، ولكن للإعداد لان يخاف المتظاهرون، كان في الإمكان الاستعداد للأمر كي لا يحصل. أما بعد الذي حصل، طبعاً فهناك مسؤولية على المسؤولين الأمنيين وعلى مجلس الوزراء أيضاً من ضمن المحاسبة التقصيرية".

 

وكان الرئيس بري أجرى مساءً سلسلة اتصالات هاتفية شملت البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر لله بطرس صفير ومتروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة ورئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، استنكر فيها بشدة ما حصل.

وكانت مناسبة للبحث في سبل تطويق ذيول ما جرى ومنع تفاقم الأوضاع حفاظا على الوحدة الوطنية والعيش المشترك.