رعى رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري
قبل ظهر الثلاثاء 22/6/2004 في المجلس النيابي افتتاح الندوة الإقليمية للبرلمانات
العربية بعنوان "البرلمان الموازنة والنوع الاجتماعي" في القاعة العامة للمجلس
بمشاركة وفود من 22 برلماناً عربياً ضمت أكثر من 80 برلماناً ومندوبين من برلمانات
أجنبية ومن برنامج الامم المتحدة الإنمائي في نيويورك والاتحاد البرلماني الدولي
والاتحاد البرلماني العربي والبنك الدولي .
وحضر وزير المال فؤاد السنيورة وعدد
كبير من رؤساء اللجان النيابية والنواب وحشد من أعضاء السلك الديبلوماسي.
وتمتد
أعمال الندوة ثلاثة أيام تناقش فيها المحاور آلاتية:
"عملية الموازنة وتنوع
النماذج العربية والأجنبية أهداف الموازنة والبرلمان في عملية الموازنة، المساءلة
والشفافية في عملية الموازنة من خلال الرقابة البرلمانية وديوان المحاسبة ، تأثير
تحليل الموازنة من منظار النوع الاجتماعي والوسائل والآليات المعتمدة في موازنة
تراعي المساواة بين الجنسين ويحاضر برلمانيون من فرنسا وبلجيكا والمغرب واوغندا
واختصاصيون في الموازنة من البنك الدولي – نيويورك والأمين العام لمجلس النواب
عدنان ضاهر.
وتعقد جلسات العمل في بيت الأمم المتحدة " في مبنى الاسكوا في ساحة
رياض الصلح .
تحدث أولاً مدير برنامج الأمم المتحدة
الإنمائي في المجلس ايلي الخوري عن اختيار مجلس النواب اللبناني لاستضافة الندوة،
فقال انه لم يكن مصادفة إنما كان خياراً مدروساً ومرغوباً فيه ومطالبا به لأنه كان
أحد عوامل نجاح المؤتمر ونوه بدور الرئيس بري في تطوير مؤسسة المجلس وتفعيل
ديبلوماسيتها البرلمانية وارساء شراكتها مع عدد من البرلمانات الأجنبية والمؤسسات
الدولية.
ثم ألقى راعي الاحتفال رئيس مجلس
النواب الأستاذ نبيه بري كلمة برزت فيها المواقف التالية:
- ان
المجتمع الأبوي العربي الذكوري يقيد دور المرأة ولا يمنحها حقوقاً متساوية مع الرجل
مما يؤدي إلى إبقاء الشخصية العربية تعمل بنصف قوتها ومشدودة إلى التخلف .
- أناشد
البرلمانات العربية الضغط على أنفسهم وعلى حكومات بلدانهم في سبيل تحقيق تحرر
المرأة ونيلها حقوقها .
- ان
أهمية الندوة هي تأكيد رفض المحاولات الحكومية لتهميش البرلمانات انطلاقاً من قانون
الموازنة باعتباره اهم إعلان سياسي تدلي به السلطة التنفيذية خلال سنة وتعكس من
خلاله القيم السياسية التي تستند اليها السياسة الوطنية في كل دولة .
- لذلك
فان المطلوب من المجالس النيابية ان تتبادل الخبرات من اجل تأمين فرصة التزام
الشفافية خلال التخطيط للموازنة التي هي حجر الأساس في بناء المساءلة .
- أطالب
بفهم اعمق للمصادقة على الموازنة وتزويد البرلمانيين والإدارة والموارد اللازمة
لتطوير الموازنة وتحليلها ، وتعزيز قدرات لجنة المال ومشاركتها في عملية إعداد
الموازنة وتطبيقها وتعريف البرلمانيين تبعات إعداد الموازنة من منظور المساواة بين
الجنسين نظرياً وعملياً .
حول فلسطين قال :"
ان القضية الفلسطينية هي قضية
أمان وطنية لهذا الشعب تنطلق من حق العودة وتقرير المصير .
وحول العراق قال :" ان الوقائع أثبتت
انه يستحيل جعله ساحة أميركية او تحويله ثكنة وقاعدة انطلاق للسيطرة على الشرق
الأوسط ولا مساحة أطلسية ".
وختم :" لنخف الله ، لقد وصل
الأوروبيون إلى دستور جديد يوحد بينهم ولا نجد مكاناً نجتمع فيه مع العرب" .
وتلى الرئيس بري في الكلام ممثل
الاتحاد البرلماني الدولي مارتي شون كونغ الذي نوه بأعمال الندوة التي تنعقد في
بيروت هذه العاصمة التي عانت الكثير ونراها راهناً في عملية إعادة الاعمار مما يعز
علاقاتها الدولية ".
وقال الممثل المقيم لبرنامج الأمم
المتحدة الإنمائي السفير ايف دوسان ان هذه الندوة تنعقد في وقت نحن في اشد الحاجة
إليها نظراً إلى التغييرات التي تشهدها البرلمانات في المنطقة العربية لناحية
ازدياد أهمية الدور التي تؤديه وأهمية الشراكة مع الاتحاد البرلماني العربي
والبرلمان اللبناني .
وأشار إلى أن المنطقة العربية تحولت
ساحة تغيرات جذرية مع اكتساب نظام الحكم الديمقراطي قيمة رمزية معيارية مهمة تقاس
من خلالها التغييرات الداخلية وتطور المؤسسات وان الدول العربية في حاجة إلى إعادة
بناء أنظمة إدارة حكم بهدف تحقيق التنمية الإنسانية المستدامة ولفت إلى ان التغيرات
الحاصلة بين الدول والأسواق والمجتمع المدني بسبب العولمة والتقدم التكنولوجي
الجامح تتحدى نظام حكم الدولة" .
ورأى الأمين العام للاتحاد البرلماني
العربي نور الدين بو شكوج
أن دور المرأة يساهم في تعزيز الديمقراطية عبر تفاعل
الجنسين في المشاركة في الحكم مشيراً إلى أن هدف الندوة هو تحسين عمل البرلمانات
لتتمكن من تعزيز هذه الديمقراطية وأشار إلى أن إعداد الموازنة ليس مجرد عمل تقني
يجمع بين الواردات والنفقات فهناك البيان السياسي الذي تعلنه السلطة التنفيذية كل
سنة .
ودارت أعمال اليوم الأول في جلستين :
الجلسة الأولى
وفي بدء جلسة العمل الأولى سمى رئيس
مجلس النواب الأستاذ نبيه بري لجنة المال والموازنة سمير عازار رئيساً للندوة ،
وتلا نظام هذه الندوة على التصويت واقر.
وأعطيت الكلمة الأولى للمقرر العام الجنة
المال في مجلس الشيوخ الفرنسي فيليب ماريني الذي قال أن مهمته خاصة في العمل الاشتراعي المالي الفرنسي .
وأكد أن النظام الفرنسي يوزع
المسؤوليات بين رئيس اللجنة الذي يضع السياسة العامة المالية والمقرر الذي يعمل
ميدانياً على ترجمة هذه السياسة .
وأشار إلى أن الخلافات السياسية بين
اليمين واليسار تؤثر في بعض النواحي التقنية في الموازنة مما يؤدي في بعض الأحيان
إلى التوافق على هذه النصوص .
ان الموازنة في فرنسا تعبر عن المؤسسات
وتحدد الموارد والضرائب وتخلق وحقوقاً وواجبات.
وان تحديث الموازنة يؤدي إلى مزيد من
الإصلاح وتحسين الأداء الحكومي .
وقال أن وجود نظام مالي موحد أوروبياً
يفرض المراقبة والنصوص المتشددة وخلص إلى ان الموازنة هي صورة حقيقية
للإدارات
العامة، والبرلماني موجود ليطلب من السلطة التنفيذية أن تجري جردة حسابات لأعمالها
وذلك من واجباته .
من جهته، النائب مخايل الضاهر تحدث عن
تطور مفهوم الموازنة من خلال القوانين الفرنسية .
وأكد أن الموازنة باتت الأداة التي
تمكن الدولة من التدخل في الحياة الاقتصادية والمالية في البلاد .
وقال :" ان أكثرية الدول العربية لم
تبلغ شأناً متقدمة في إعداد موازناتها بالرغم من تنوع النماذج حتى أن أكثرها لا
يعتمد على التصنيف الوظيفي والاقتصادي في الإعداد .
فكيف لهذه الموازنة ان تأخذ الجنس
والنوع الاجتماعي باعتبار ما دام بعضها لم يعطي حقوقاً متساوية للجنسين .واعطى
امثلة عن إعداد الموازنة في الكويت واليمن .
ثم فتح باب المناقشة التي تركزت على
الآتي :
في
المداخلات الكويتية كان سؤال هل هناك خطة تقدم من السلطة التنفيذية إلى المجلس في
موضوع الموازنة في فرنسا ؟ وسأل المندوب البحريني " ما مدى تمكن المجتمع المدني
الفرنسي من الحصول على الموازنة لدرسها وقراءتها للتأكد من مدى صدقية الأرقام ".
وهل يمكن الحصول على المعلومات المطلوبة من خلال المؤسسات الدولية التي لها
الصلاحية لاختراق دول العالم كلها؟
وقالت النائبة المغربية سمية بنت خلدون
هل يتم التطرق إلى عنوان الندوة ، سائلة ما الأسباب التي أدت بفرنسا إلى تغيير
نهجها في درس الموازنة 2005 .
وقال النائب الأردني موسى الوحش ان
هناك غياباً لتداول السلطة في برلماناتنا "، وأكد اننا لا نشارك في اعداد الموازنة
والتحضير لها وهذه معاناة كبيرة نحن محكومونلها باستمرار وهذا ما يريده صندوق النقد
الدولي فنبقى أسرى له ولا نستطيع ان نغير كثيراً في الموازنة رغم أننا نناقشها
كثيراً ، وتمنى ان تكون هناك استراتيجيات مالية واقتصادية لا موازنات سنوية ".
وتلاه النائب هاشم القيسي الأردني
موضحاً أن زميله من المعارضة الأردنية . وقال : ان الحروب دعت الحكومة الأردنية إلى إعادة النظر في الموازنة مرات عدة ".
وقالت النائبة التونسية أمال بن دالي
أن إقرار الموازنة يحصل في ضوء الأهداف ، وسئلت ماريني هل ذلك سيعطي حظوظاً اكبر
للمرأة لتقسيم الثروات الوطنية ، وما هو الدافع الجديد للمجلس بالتصويت على
الموازنة بحسب الأهداف ؟.
وتلاها النائب المصري علي عبد الفضيل
قنديل الذي رأى أن هذا الموضوع من أهم ما يثار ويعني الدول العربية تحديداً ". وأكد
أن أسلوب إقرار الموازنات الفرنسية يختلف عما يحصل في الدول العربية .
وعرض لتجربة مصر حيث لا معارضة لدى
مناقشة الموازنة .
وسأل النائب السوري رمضان عطية ماريني
كيف يراجع مسألة الشفافية ويتأكد من أنها تأمنت في كل مراحلها وكيف يجري المحاسبة
في البرلمان للحكومة التي تكون في كثير من الأحيان هي الطاغية في إعداد الموازنة .
وقال النائب الفلسطيني فخري تركمان ليس
هناك تركيز عميق لإعداد الموازنة في شكل تقليدي ولإيجاد الطرق المتطورة في هذا
الإعداد.
وسأل ماريني هل هناك ارتباط عضوي بين
قانون الموازنة والضريبة ؟ وما الوسائل الناجعة لعدم وقوع الدول في عجز مالي ؟
من جهته تحدث النائب السوداني عبد
الوهاب عثمان عن تعديل الذي حصل في السودان لدى الانتقال من النظام الاشتراكي إلى
الرأسمالي، وتلا تجربة السودان في إعداد الموازنة مطالباً بأن تتفق الدول العربية
على المراقبة وسائلاً ما نصيب المرأة في الموازنة وإعدادها والرقابة عليها ؟".
وسأل النائب الجيبوتي عبد الرحمن حسن
رياله ماريني كيف يحدد موازنة البرلمان، هل نسبية بحسب الموازنة العامة وهل تتدخل
الدولة في موازنة البرلمان ؟ .
وقال النائب السعودي محمد بن عبدالله
الشريف ان التجربة الأوروبية في وضع الموازنة لا تنطبق على الدول العربية "
لأنها
في حاجة إلى جيش من الخبراء لتنظيمها . وسال عن " كيفية تفعيل البرلمانات في
المتابعة والمشاركة في وضع هذه الموازنات ؟.
وتساءلت السيدة انعام المفتي من مجلس
الأعيان الأردني "إلى أي مدى هناك نساء يشاركن في وضع الموازنة ؟، مقترحة وضع
توصية في الندوة لإيجاد مكان للمرأة في كل الأمكنة المختصة لوضع الموازنة .
واعتبرت النائبة السورية اميمة خضور ان
موارد الدولة حق لمواطنيها وان ذلك امانة لممثلي الشعب .
الجلسة الثانية
وفي
الثالثة والنصف افتتحت الجلسة الثانية تحت عنوان " أهداف الموازنة والمضمون
والمصطلحات" وأجاب ماريني في مستهلها عن الأسئلة.
وأضح
أن الأسئلة التي سيقت تدلل على فائدة الندوة. وأشار إلى أن الموازنة تشكل التوازن
بين الواردات والمداخيل. وأعلن أن في فرنسا قوانين برامج تتعلق بأهداف وطنية ولا
سيما تلك المتعلقة بالدفاع والتوجيه للسلامة العامة الداخلية، وأن مثل هذه القوانين
يتم التصويت عليها ومفعولها يكون لاعوام عدة، وتحدث عن نظام "أوروستات" المعمول به
في الاتحاد الأوروبي.
وعن
دور المجتمع المدني في الموازنة، أجاب أن هذا المجتمع يعطي رأيه من خلال تشجيع
الرأي العام والـ"لوبيننغ "مما يفرض على وزير المال في دولة ما أن يسمعها ويستمع
اليها، ولفت إلى أن " هذه مسألة توازن سياسي".
وفي
الجلسة الثانية، كان الأمين العام لمجلس النواب اللبناني عدنان ضاهر هو المحاضر ،
وقال أن المعتقد هو أن الرومان هم أول من وضعوا الموازنة بصورة خمسية مشيراً إلى أن
الموازنة بمفهومها الحديث من صنع بريطانيا ومن ثم في فرنسا بعد الثروة الكبرى. ولفت
إلى ان كلمة موازنة ظهرت أوائل القرن التاسع عشر وأن العرب "الذين تفننوا في طرق
جمع الضرائب وجبايتها لم يضعوا قواعد محددة وشاملة".
وتوقف عند أثر البرلمانات على سياسة الموازنة عارضاً مثال لبنان في إعداد الموازنة
ودرسها وإقرارها وشرحها ومراقبتها. وقال أن المهلة المعطاة لمجلس النواب لإقرار
الموازنة قصيرة جداً نسبة إلى فترة إعدادها في السلطة التنفيذية .
وفي
الجلسة الثالثة عن "الموازنة من منظور المساواة بين الجنسين" تحدثت
النائبة في
البرلمان الأوغندي ويني بيانييما. فعرفت بماهية "النوع الاجتماعي". وقالت أن هذا
التعبير يعني كيفية وضع البشر وتصنيفهم في المجتمع نفسه. وعددت أمثلة يعبر من
خلالها عن هوية الرجل والمرأة مثل " كن قوياً كالرجل" أو تقبل الأمر
كالمرأة" أي
بصبر.
واعتبرت
ان تحويل المال من جيب الرجل إلى جيب المرأة من شأنه أن ينعكس إيجاباً على صحة
الطفل وعلى إخراجه من الفقر. وأكدت أن وضع قانون يؤدي إلى المساواة بين " النوع
الاجتماعي " يجب أن يمر بالموازنة حتماً.
وعن
الهوة في التربية بين الرجل والمرأة، أوضحت أن " نسبة البنات في المدارس هي أكثر من
الصبيان في الجزائر ولبنان والسعودية واليمن ".
وتلاها المستشار المغربي نوفل بنونا عن الوسائل والآليات التي ترمي إلى إعداد
موازنة تراعي التكافؤ بين الجنسين. فقال أن " قدرة الأفراد على تحقيق إنجازات خلال
حياتهم هي رهن بظروفهم، ومن هنا تؤثر سياسة الحكومة بما فيها سياسة الموازنة في هذا
الواقع الحتمي أو تبادر عمداً إلى تغييره. وفي تحليله مبادئ " النوع الاجتماعي"،
رأى أن " إعداد الموازنة يجب أن تواكبه إجراءات تراعي هذا النوع الاجتماعي في مراحل
عملية برمجة الموازنة وتطبيقها".
وأعتبر أن هناك نوعين من التدابير: الأول يرمي إلى دمج تحليل النوع الاجتماعي في
مختلف السياسات والبرامج والموازنات، والثاني إلى اتخاذ تدابير إيجابية تستهدف
النساء خصوصاً، لتعويض الخلل الذي أفضى إلى هذا التباين".
وبناء
عليه، رفعت الجلسة السادسة والنصف مساءً إلى التاسعة والنصف صباح الأربعاء
23/6/200.
وتعقد
الجلسات في بيت الأمم المتحدة مبنى " الإسكوا" في ساحة رياض الصلح.