افتتاح أعمال الاتحاد البرلماني العربي في دمشق وانتقال الرئاسة إلى الرئيس نبيه بري الأحد 29/2/2004


 

بدأت في قصر الأمويين للمؤتمرات في دمشق الأحد 29/2/2004 أعمال الدورة الخامسة والأربعين للاتحاد البرلماني العربي بمشاركة ممثلي البرلمانات العربية.

 

افتتح الاتحاد البرلماني العربي دورته الـ 45، في العاشرة قبل الظهر، في قاعة المؤتمرات في فندق " ايبلا- الشام " برعاية الرئيس السوري بشار الأسد . وأعلن رئيس الاتحاد أحمد إبراهيم الطاهر، انتقال الرئاسة إلى رئيس الشعبة البرلمانية اللبنانية الرئيس نبيه بري لمدة سنتين، بعدما تولاها رئيس المجلس الوطني السوداني مدة مماثلة.

 

وأشاد الطاهر بالرئيس بري قائلاً:

" أنا واثق أن دولة الرئيس بري سيقوم بهذا التكليف بحسن قيادة وحكمة واقتدار. وهذا ما عهدناه فيه وما رأينا لقيادته في لبنان خلال الفترة العصيبة". وعرض الإنجازات والأعمال التي قام بها الاتحاد في فترة توليه رئاسته.

 

وتلا الأمين العام للاتحاد نورالدين بوشكوج قرار الدول الـ 43 التي عقدت في بيروت بانتخاب الرئيس بري رئيساً للاتحاد. وأعلن أن الدورة الـ 45 الحالية قررت تزكية القرار". وصادق المجلس بالإجماع. وتجري مراسم انتقال الرئاسة الاثنين في الأول من آذار.

 

وألقى رئيس مجلس الشعب السوري محمود الأبرش كلمة نقل فيها تحيات الرئيس السوري الأسد إلى المشاركين في الدورة والمؤتمر الحادي عشر. وقال:

" إن لقاءكم هذا يكتسب أهمية إضافية، نظراً إلى الظروف البالغة التعقيد التي تمر بها أمتنا ومنطقتنا العربية، بدءاً من إسرائيل  ذلك العدو الغاصب الظالم الذي يتنكر لنداءات السلام ويرتكب كل أشكال التصرفات الهمجية ، مصراً على كسر إرادة أهلنا في فلسطين ودفعهم إلى اليأس والتخلي عن حقوقهم وفي طليعتها الحق بالاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للبقاء.

 

نلتقي اليوم ولا يزال العراق الشقيق تحت الاحتلال الأميركي، إن الشعب العراقي بمختلف مرجعياته السياسية والدينية يطالب بإجراء انتخابات تكفل نقل السلطة في العراق إلى حكومة شرعية، بينما تتلكأ قوات الاحتلال في الموافقة على إجراء الانتخابات ، في الوقت الذي تبشر فيه من خلال وسائل إعلامها المختلفة بأنها ستجعل من العراق نموذجاً للديموقراطية في المنطقة .

 

إننا في سوريا، شعباً وحكومة، وتحت القيادة الحكيمة والشجاعة للسيد الرئيس بشار الأسد، نعلن وقوفنا بجانب الحق العربي حتى تتحرر كل الأراضي العربية في الجولان وفلسطين وجنوب لبنان والعراق. كما نعلن رغبتنا الأكيدة في السلام الشامل والعادل وفقاً لقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي. بهذه الروح، شاركنا في مؤتمر مدريد ووافقنا على مبدأ " الأرض في مقابل السلام". وأنتم تعلمون كيف التفت إسرائيل على نتائج المفاوضات وعطلتها. وكنتيجة طبيعية لإيماننا بأن مستقبل المنطقة واستقرارها، مشروطان بإحلال ميزان عادل يؤمن بالحق والعدالة، قامت سوريا بتقديم مبادرتها الهادفة إلى جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل بكل أنواعها.

 

ان نشاطنا البرلماني لا يقتصر على الاهتمام بالقضايا الداخلية، بل يتعداه إلى الاهتمام بمسائل التضامن العربي وتفعيل آليات العمل العربي المشترك، سواء أكان في إطار الجامعة العربية أم في الملتقيات البرلمانية الدولية والعربية الدورية كملتقانا هذا.

 

 تتعرض منطقتنا لسلسلة من المحاولات والمبادرات التي تستهدف أساساً التدخل في شؤوننا الثقافية والحضارية والسياسية وحتى التعليمية. وآخر هذه المحاولات ما يسمى مشروع " الشرق الأوسط الكبير " الذي صبغ بعيداً من رأي أبناء المنطقة وإرادتهم، مع تجاهل متعمد للصراع العربي – الإسرائيلي وبطريقة تعتمد الإملاء بما يذكر بمحاولات الاستعمار التقليدي في الحماية والانتداب، بدعوة أن هذه الشعوب قاصرة ولا تستطيع إدارة شؤونها. إننا مع الإصلاح، وقد باشر عدد من الدول العربية عمليات إصلاحية متعددة، لكننا ضد الحلول المفروضة من الخارج والتي تتناقض جوهرياً مع الاستقلال والديموقراطية".

 

ثم جرت مناقشة جدول الأعمال المؤلف من عشر نقاط. وتقرر إنشاء جائزة برلمانية عربية ووسام برلماني يعطى وفق شروط محددة للبرلمانيين العرب الذي يقومون بإدارة بارزة في المجال البرلماني ودعم مسيرة الاتحاد. ولقي اقتراح الرئيس بري أن تكون الجائزة غير محصورة بالبرلمانيين العرب، بل بالبرلمانيين في العالم الذين يناصرون ويقدمون خدمة إلى قضايا الأمة العربية، استحسانا. واقترح رئيس مجلس الشعب المصري أحمد فتحي سرور ورئيس مجلس الشعب  السوري  محمود الأبرش تخصيص جائزة برلمانية ثانية لهذه الغاية.

 

وصادق المجتمعون على خطة عمل الاتحاد التي تشمل إنشاء ندوات المقر الجديد للاتحاد، بعدما كان الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد قدم قطعة أرض لذلك. وتتضمن الخطة أيضاً مجموعة أنشطة أخرى، ومنها اجتماع اللجان النظيرة الشباب والثقافة والتعليم والتشريع، وتعزيز الأمانة العامة للاتحاد وتقويته.

 

وسبق الافتتاح تأكيد رؤساء المجالس والوفود البرلمانية العربية المشاركة في الدورة الـ 45 لمجلس الاتحاد البرلماني العربي ومؤتمره الحادي عشر، أمس وبالإجماع، تسليم رئاسة الاتحاد إلى الرئيس بري، " تنفيذاً لقرار انتخابه في الدورة الـ 43 التي عقدت في بيروت ".

 

 وانتقدوا بشدة الرسالة التي أرسلها رئيس مجلس النواب الليبي إلى رئاسة الاتحاد، مهدداً بالانسحاب اعتراضا على إسناد الرئاسة إلى الرئيس بري.

 

وكان رؤساء المجالس والوفود العربية عقدوا مساء الأحد 29/2/2004 اجتماعا تمهيداً لافتتاح الدورة الاثنين 1/3/2004 وأقروا جدول الأعمال المؤلف من 12 بنداً، ومنها انتقال رئاسة الاتحاد إلى الرئيس بري ، على أن يعود الاتحاد بعد ولاية الرئيس بري، إلى الاعتماد على المداورة في الرئاسة وفقاً للترتيب الأبجدي الذي كان توقف عند العراق.

 

وكان رئيس الاتحاد المنتهية ولايته احمد إبراهيم الطاهر قد لفت إلى رسالة رئيس المجلس الليبي الذي لم يشارك في الاجتماع، وأكد في الوقت نفسه" تمسك الاتحاد بقرار تسليم الرئاسة للرئيس بري"، وأيده المشاركون بالإجماع. وقال إن هذا القرار لا رجعة فيه.

 

 وطلب الرئيس بري الكلام، وقال:

"  إنني أشارك في مؤتمرات الاتحاد البرلماني العربي منذ 12 سنة ، وكنت دائماً وما زلت حريصاً على التضامن العربي . ولقد تصدينا دائماً لكثير من المشاكل العربية، ولم نطلب إثارة هذه القضية الخطيرة التي لها أثر على كل لبنان وتعادل اعتداء إسرائيل ( الرئيس بري يتهم النظام الليبي بخطف الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين) . ولا أعتقد أن لبنان وجه دعوة رسمية إلى رجل دين كبير وقائد للمقاومة وخطفه وأخفاه منذ 25 عاماً. ولقد أرادوا هم هذا الموضوع، لذلك أتمنى على الرئاسة اعتبار القرار الذي اتخذه مجلس الاتحاد في بيروت غير موجود. ولقد كنت وسأبقى دائماً مع كل ما يعزز التضامن العربي.

 ويهمني أن أشارك في تعزيز الديموقراطية في منطقتنا ولمصلحة شعبنا العربي. ولا يهمني أن أكون رئيساً. فجميعنا خدام للشعوب. نحن لسنا ضد الشعب الليبي ولكننا ضد حاكمه، ولنا موقف بالنسبة إلى هذه القضية ونريد حلاً لها. ولكن لم نكن يوماً من الأيام في صدد زيادة المشاكل ".

 

ورد الطاهر:

" ان المجلس لم يعتد التراجع عن قراراته، ولا نرى أن هذا المنهج عن طريق الخطاب والتهديدات الذي اعتمده أمين مؤتمر الشعب العام الليبي هو صحيح. وأن قرار بيروت بانتخاب دولة الرئيس بري هو قرار ساري المفعول ولا رجعه فيه".

 

 قال رئيس مجلس النواب الأردني عبد الهادي المجالي،

" نحن في موقف واحد ولا يوجد من يعكر صفونا ، ولا يجوز لليبيا أن تدخل الاتحاد في خلافات شخصية ، إننا نؤيد ونحي دولة الرئيس بري كرئيس للاتحاد ".

ولقي هذا الكلام تصفيقاً من جميع الحاضرين.

 

ثم كرر رئيس مجلس الأمة الكويتي جاسم الخرافي ونائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني تيسير قبعة موقفهما المؤيد لقرار انتخاب الرئيس بري رئيساً للاتحاد.

وتلى ذلك تأييد الجميع بالتصفيق.

 

وجدد رؤساء المجالس والاتحاد انتخاب الأمين العام للاتحاد نورالدين بوشكوج لولاية جديدة من دون منافسة.

لكن رئيسي مجلسي النواب الأردني والتونسي طالبا بـ " وضع نظام لتعيين مساعد للأمين العام من أجل إتاحة المجال أمام أشخاص آخرين للإلمام بمهمات الأمين العام، مؤكدين ، في الوقت نفسه، ثقتهما ببوشكوج. وقرر المجتمعون أن يتابع الرئيس بري بصفته رئيساً جديداً للاتحاد هذا الموضوع.

 

·وكان رؤساء المجالس والوفود البرلمانية العربية- المتوسطية عقدوا على هامش اجتماع المؤتمر اجتماعاً مساء السبت 28/2/2004 في فندق " ايبلا –الشام "، ضم رؤساء البرلمانات اللبناني والسوري والمغربي والأردني ونائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني ورئيسي الوفدين التونسي والجزائري والأمين العام للاتحاد البرلماني العربي.

 

وجرى خلال الاجتماع تقويم الموقف العربي حيال المؤتمر البرلماني الأوروبي المتوسطي الذي سيعقد في أثينا بين 21 آذار و 24 منه والتنسيق بين البرلمانات العربية المعنية. ومعلوم أن لبنان وسوريا لا يشاركان في اجتماعات هذا المؤتمر.

 

وشدد الرئيس بري خلال الاجتماع على " حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم "، مؤكداً " وجوب دعوة المجلس الوطني الفلسطيني إلى هذا المؤتمر "، وقال:" أن لبنان الذي لا يشارك في اجتماعات هذا المؤتمر سيعيد النظر في موقفه، في ضوء دعوة المجلس الوطني الفلسطيني ".

 

ومعلوم أن الدعوة موجهة إلى المجلس التشريعي الفلسطيني وليس إلى المجلس الوطني الفلسطيني الذي يمثل المقيمين والفلسطينيين الموجودين في الشتات.

 

وأثنى رئيس مجلس الشعب السوري على موقف الرئيس بري، مشدداً أيضاً على " حق عودة الشعب الفلسطيني إلى دياره ".

 

وجرى بحث في رئاسة الجمعية البرلمانية الأوروبية – المتوسطية، والتي تضم أربعة رؤساء " اثنين من أوروبا واثنين من الدول العربية، وتتألف الجمعية من 240 عضواً مناصفة بين الأوروبيين والعرب.

 

وبعد البحث، قرر المجتمعون اختيار رئيس مجلس الشعب المصري أحمد فتحي سرور، وترك المجال لاختيار واحد من اثنين، إما رئيس مجلس النواب المغربي أو رئيس مجلس النواب التونسي.

 

 وبعد الاجتماع، أدلى نائب الرئيس المجلس الوطني الفلسطيني تيسير قبعة بتصريح شكر فيه موقف الرئيس بري وقال:

" كان البارز في هذا الاجتماع ما طرحه دولة الرئيس بري وتأكيده القاطع لحق العودة وربطه إعادة النظر في موقفه المقاطع لهذه الاجتماعات بعودة المجلس الوطني الفلسطيني إليها ". إننا باسم شعبنا نقدم كل الشكر الجزيل لهذا الموقف المؤثر الذي اتخذه الرئيس بري في هذا الاجتماع والذي يؤكد مرة أخرى الدعم للشعب الفلسطيني ونضاله وحقه في العودة ".