كلمة دولة الرئيس نبيه برّي في حفل الاستقبال الذي يقيمه السيد ناصر الخرافي  

20/11/2005


 

بداية أتوجه بالشكر الخالص إلى أخي دولة الرئيس جاسم الخرافي رئيس مجلس الأمة والمجلس، على دعوتهم لي وللوفد المرافق لزيارة هذا البلد الشقيق العزيز دولة الكويت.

 

وبداية لا بد أن أسجل بإسمي وبإسم مجلس النواب لصاحب السمو أمير البلاد الشيـخ جـابر الأحمد الصباح وولـي عهـده سمو الشيخ سعد الصباح ودولة رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح والحكومة الشعب الكويتي دعمهم المستمر معنوياً ومادياً للبنان من اجل إعادة اعمار وترسيخ استقراره، وهو دعم تجاوز العام إلى الخاص، وتجاوز المركز إلى الأطراف، حيث أن جميع الجهات في لبنان وخصوصا" جبهته السادسة الجنوب لمسوا حجم المساعدات الكويتية المتنوعة، التي أعادت اعمار بلدات وقرى بأكملها كانت إسرائيل قد دمرتها وإزالتها عن الوجود، فعادت بفضل الكويت أمكنة نابضة بالحياة بهية جميلة مزينة بمواسم أشجارها وبالازاهير والورود.

 

لابد في هذا المجال من ملاحظة خصوصية الدعم من خلال الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، والصندوق العربي من خلال الالتفـات إلى أهم مشروع حيوي في لبنان واقصد مشروع الليطاني، عبر تمويل الخطط وتنفيذها لري الضفة الجنوبية لنهر الليطاني، وهو مشروع سيؤمن عند إنجازه فرصاً كبيرة لقوة العمل والإنتاج اللبنانية، وسيقلل من هجرة الريف إلى المدينة.

 

أيها الأعزاء، 

 

تتميز هذه الزيارة إلى الكويت بأنها تخرج عن المألوف الرسمي إلى حديقة الصداقة الواسعة بين لبنان والكويت، لتتيح لي عبر الأخ والصديق ورجل الأعمال الكبير والناجح لقاء نخبة من الأصدقاء في دولة الكويت العزيزة عبر هذا الحفل، الذي يعبر عن الوجدان الصادق والمحبة الخالصة التي يكنها الأخ ناصر للبنان والتي مهما حاولنا أن نبادله إياها فإننا سنقصر عن ذلك.

 

أيها الأعزاء،

 

كما قال الأخ ناصر، نعم في الكويت اشعر أنني في بلدي وفي بيتي وبين أهلي، لأن ما بين لبنان والكويت من أوجه تشابه جعل البلدين هدفا"، وجعل من ازدهار واستقرار البلدين في مرحلتين تاريخيتين مشكلة للآخرين.

 

فقد رأت إسرائيل العنصرية أن لبنان يمثل نقيضها في التعايش بين طوائفه، وفي جعل الحرية تقليداً لجوهر كينونته وفي ديمقراطيته القائمة على التوافق.

 

ولهذا استهدفت إسرائيل لبنان ولا تزال.

 

وكما إسرائيل كذلك النظام العراقي، فما كاد لبنان يستعيد قليلاً من عافيته وينهض بمقاومته حتى حاول هذا النظام الانتقام من أنموذج مماثل مستقر منتعش على خلفية ديموقراطية نامية وحرية مزدهرة واقصد الكويت.

 

وكانت الكويت الهدف الثاني بعد لبنان، وكما لبنان كذلك الكويت انتصر البلدان لأنهما مثّلا خلال تاريخهما ضرورة عربية ودولية كما مثّلا ضرورة لبنانية وكويتية لأبنائهما.

 

هذا الانتصار ما كان ليتحقق لولا مشاريع إعادة الاعمار.

 

كان الخراب في لبنان ينتشر مترافقاً مع قوة الاجتياح العسكري الإسرائيلي، وكذلك على مسـاحة الاندحار إلى الخلف على وقع المقاومة، وبنفس الحجم كان الخراب يعم الكويت، في لبنان وفقنا إلى شخصية وطنية قادت مسيرة النهوض والاعمار واقصد رائد الاعمار دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

 

ووفقنا في لبنان بأشقائنا وأصدقائنا ليس على المستوى الرسمي فحسب، حيث لم تقصر الدول العربية وفي الطليعة الكويت بل على مستوى القطاع الخاص.

 

إحدى التوفيقات كانت محبة ناصر الخرافي وأمثاله إلى لبنان، الذين آمنوا بلبنان وصدقوا أن هذا البلد أعجوبة، وانه كلما صلب أو كلما شهد حفلة إعدام جماعية كما في قانا، وكلما شهد حريقاً كما في الاعتداءات الإسرائيلية في أعوام 1978 و 1982 و 1993 و 1996 و 1999 و2000، وكلما شهد زلزالاً عبر محاولة اغتيال رمز من رموزه كما الجريمة الإرهابية التي طاولت الرئيس الحريري، فإن لبنان يتمكن من النهوض من تحت الرماد كما طائر الفينيق.

 

في هذا المجال وفي نفس السياق التاريخي اذكر أن صور وصيدون رمزي المقاومة اللبنانية عبر التاريخ، تعرضا للدمار والحرق وحتى للإزالة الكلية ما يزيد عن عشرين مرة، حتى ان صيدا أحرقت نفسها ورفضت الاستسلام للآشوريين، وحتى أن احد القادة الفاتحين أزال أسوار صور وعمر بحجارتها أسوار عكا وكانت المدينتان تقومان.

 

بيروت العاصمة اللبنانية ليست غريبة عن ذات المعنى، فهي شهدت تقلب الأزمنة وتبدل الغراة، وكانت ولازالت تحتمي بمدرسة القانون حتى انها تتعرض للزلزال ثم تقوم.

 

إذن بسبب إرادة المقاومة وقوة المقاومة وصراع البقاء والتي كانت ممالك الساحل شاهده عليه، وصولاً إلى عصر المقاومة بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي، بسبب كل ذلك وكلما تعرض لبنان إلى نكبة أو مصاب أدعو بإصرار إلى الاستثمار على لبنان والى المزيد من الاستثمارات في لبنان.

 

لذلك اشكر للأخ ناصر الذي كان سابقاً إلى الاستثمار على لبنان انه يصدقني لأنني أصدقه القول، ولأنه يصـدق وجداني وايماني بوطني وبأمتي واشكره لأنه يُغامر عكس القاعدة التي تقول أن رأس المال جبان.

 

اليوم، ادعوكم في هذه المناسبة الكريمة إلى الاستثمار على فكرة الدولة ومشروع الدولة ودور الدولة في لبنان.

 

لقد غامرتم عندما كنا وحتى اللحظة لانزال في لبنان نراهن خارج فكرة الدولة وداخل مشاريع السلطات التي ترضي الطوائف والمذاهب والفئات والجهات.

 

اليوم، نريد أن نرضي شعبنا ونتوجه كمجموعات برلمانية في لبنان نحو صناعة المستقبل على قاعدة بناء الدولة وبناء الثقة بالدولة، هذه الدولة التي سيحرسها المجتمع المقاوم الذي نطمح إليه، وهذه الدولة التي سيشارك كل مواطن في كل ما يصنع حياتها كما حياة المجتمع.

 

هذه الدولة في لبنان

وهذا اللبنان

 

هو ما ادعوكم للاستثمار عليه، ونحن الذي تأكدتم أننا نستحق أن يغامر أصدقاؤنا وأشقاؤنا بمحبتهم من اجلنا، نعرف أن عشاق لبنان وفي الطليعة الأخ ناصر سيسارعون إلى زيادة مشاريعهم على مساحة لبنان.

 

نحن نعترف انه لا تزال هناك تعقيدات قانونية ولا تزال هناك إشكاليات في إرساء تفاهم ناجز مع رجال الأعمال العرب بجعل علاقتهم بلبنان مباشرة ودون قفازات، ونحن والحكومة سنعمل على إرساء القواعد القانونية التي تمنح المستثمرين المزيد من الثقة.

 

في الختام أقول أن الأخ ناصر يستطيع أن يغلب السياسي على أمره باستقامته ونزاهته ومحبته، ويستطيع حيث يكون أن يمنح الثقة لرجال الأعمال بأنهم اختاروا الموقع الصحيح لمشروعاتهم، واختاروا المكان والزمان المناسبين لإنهاض وطنهم الثاني بعد الكويت : لبنان

 

                                                                                     عشتم

                                                                                     عاشت الكويت

                                                                                     عاش لبنان