من
لبنان احمل الى هذا الموعد مع الامارات العربية المتحدة كلمة واحدة : المحبة.
واحمل
الصباح القادم من الحقول المزروعة ببذار الشموس وبقناديل الضوء، واحمل اليكم من
انهرنا وسواقينا المكتظة بالشتاء ابتسامة قرانا الفرحة بأعراسها.
واحمل
من لبنان الوفاء لحكيم العرب لزايد الخير، الذي كان يتطلع الى لبنان حقلاً اخضر
امام نافذته وزهرة في كف الارض.
احمل
الوفاء الكبير للراحل الكبير صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والى ابنائه
المؤتمنين على تاريخه وعلى مواقفه، وعلى فكرة ومشروع الوحدة الذي طبقه على مساحة
دولة الامارات العـربية المتحدة، ليجعلها انموذجا" لمشروع وحدة اعم على مستوى
الامة.
احمل
الوفاء لاحلامه بإعادة بناء سد مأرب، حتى تعود ايدي سبأ للاجتماع.
واحمل
الوفاء من كل لبنان ومن جنوب لبنان، جنوب العرب الذي حررت الايدي الاماراتية بتوجيه
من زايد الخير وابنائه معظم مساحاته من حقول الموت الاسرائيلية المتمثلة بالالغام.
واحمل
الى الجالية اللبنانية في هذا البلد الشقيق العزيز الاشواق الكثيرة والتحيات العطرة
وبعد وبعد
إن
زيارتي لدولة الامارات العربية المتحدة تحمل جملة عناوين تتصل بداية بأطلاق فعاليات
وانشطة البرلمان العربي من جهة، واطلاق مشروع بناء مقر الاتحاد والبرلمان العربي،
كما تتركز الزيارة بصفة خاصة على التحديات المفروضة على امتنا واقطارنا، وعلى تعزيز
التضامن والعمل العربي المشترك، وبالطبع على تعزيز العلاقات المتنوعة بين بلدينا.
ان
هذه الزيارة تشكل اساساً فرصة لتوجيه الشكر الخالص الى صاحب السمو الشيخ خليفة بن
زايد آل نهيان، على احتضان دولة الامـارات العربية المتحدة لجالية لبنانية كبيرة
واحاطتها بالرعاية الكريمة، وهو الامر الذي يشجعني في هذه اللحظة على توجيه نداء
لرئيس الدولة والحكومة من اجل فتح المزيد من الابواب في القطاعين العام والخاص امام
الايادي العاملة اللبنانية المتخصصة، خصوصاً وان هناك اربعاً واربعين جامعة ومعهداً
للتعليم العالي في لبنان تضخ كل عام مئات الخريجين في اختصاصات مطلوبة لاسواق العمل
العربية.
ان
ابناءنا عندما يجدون فرصة للعمل في الاسواق العربية نعتبرهم ربحاً لنا، ونعتبر ان
وجودهم في دولة الامارات امر يحفظهم في هذا البلد المستقر والآمن والمزدهر.
ايها الاعزاء،
على
مستـوى ما يواجه لبنان من تحديات، ابدأ اولاً بالقرار 1559، لأسجل ان سلطة
القرار الدولي التي لاتزال تعتبر ان اسرائيل تشكل استثناء لا تطبق عليها القرارات
الدولية، تضغط على الضحية المتمثلة بلبنان لسحب سلاح المقاومة، مطلقة العنان
لاستمرار سلاح العدوان في خروقاته لحرمة الاجواء والمياه الاقليمية اللبنانية.
في
هذا المجال يحمل لبنان المسؤولية لاسرائيل عن حياة الصياد اللبناني محمد علي فران
كما يحمل اسرائيل مسؤولية استشهاد المواطن اللبناني علي عيسى بلغم ارضي.
ان
هاتين الضحيتين سقطتا على الجانب اللبناني من الحدود البحرية والبرية، حيث اختطف
الاول في زورقه الذي حمل فيما بعد اثار رصاص ودماء، فيما انفجر لغم ارض في الثاني
اثناء وجوده في خراج بلدته.
ان
الامم المتحدة لم تبادر حتى الى تقديم التعازي بالضحيتين، وفي اعقاب ذلك لم نسمع
ادانة للجريمتين ولا ادانة للمناورات العسكرية الاسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة،
ولتجاوز قذائف المدفعية والدبابات الاسرائيلية ما يسمى بالخط الازرق في خراج
البلدات والقرى المحررة.
اننا
نؤكد ان المقاومة تشكل ضرورة لبنانية طالما استمرت الاطماع الاسرائيلية في ارضنا
ومياهنا، وطالما استمر الاحتلال لاجزاء عزيزة من ارضنا، وطالما شكلت اسرائيل
استثناء لا تطبق عليه القرارات الدولية، خصوصا" تلك التي تمنع التهديد باللجوءالى
القوة او استخدامها في العلاقات الدولية، وطالما واصلت اسرائيل احتلالها غير
المباشر لاجزاء كبيرة من ارضنا على امتداد الحدود بواسطة الالغام، وطالما لم تكشف
اسرائيل مصير عشرات بل مئات اللبنانيين، وطالما لم تعوض على لبنان جراء حروبها على
ارضه.
ثانياً: فيما يخص الزلزال الذي ضرب لبنان عبر جريمة اغتيال دولة الرئيس الشهيد
رفيق الحريري ورفاقه، نؤكد ان التحقيق سيبقى مفتوحاً حتى تظهر الحقيقة الكاملة
وينعقد لواء العدالة لمحاكمة الجناة، وهذا الامـر يشكل مطلباً لبنانياً جامعاً، كما
هو مطلب سوري وعربي.
ثالثاً: اننا نرفض كل انواع الوصاية والانتداب على لبنان ومحـاولة استخدامه، او
الاستثمار على الوقائع اللبنانية للانتقام من سوريا.
ان
لبنان يؤكد حرصه على سوريا دولة وشعباً، ونرفض كل محاولة لخلط بين الشقيق والصديق
والعدو.
رابعاً: ان لبنان المغترب والمنتشر معني كما لبنان المقيم بقطع المسافة
الضرورية نحو مشروع الدولة ودور الدولة وبناء الثقة بالدولة.
ان
كـل لبناني مخلص يرفض ان يبقى لبنان على صورة المزرعة، ويرفض الواقع الراهن المتخلف
لنمط السلطة الذي يعبر عن العجز وعدم الكفاءة.
ان
الحل يكمن في تنازلات يقدمها الجميع لصالح مشروع الدولة وفي جعل الدولة فوق الافراد
والجماعات والفئات والجهات، وفي الاتفاق على مفهوم موحد للمواطن وللمواطنية كما
الوطن، ومفهوم موحد للعاصمة والحدود، وفي الحفاظ على المقاومة كضرورة لبنانية
بمواجهة الابعـاد المتنوعة لحروب اسرائيل ضد لبنان وفي الطليعة البعد الاقتصادي.
ايها الاعزاء،
رغم
حالة القلق والاضطراب والشك التي نعيشها في لبنان، الا اني اؤكد لكم على تفاؤلي
تجاه لبنان غداً.
ان
تفاؤلي مبني على ان لبنان المقيم كما لبنان المغترب قادر على تثبيت القناعة بأنه
يمثل ضرورة ملحة لبنانية وعربية ودولية، ويمثل انموذجاً لا غنى عنه لحوار الاديان
والحضارات، كما يمثل حاجة في صياغة نظام اقليمي عربي ومتوسطي، لكونه يمثل واجهة
لسوق هذا النظام، ولكونه يمتلك الخبرات التجارية والمصرفية اللازمة.
ان
تفاؤلي مبني على قوة ثبات هذا اللبناني المنتشر على مساحة العـالم، والذي شارك
واسهم في بناء اغلب التجارب الانسانية المعاصرة، واكتسب الخبرات من كافة الاوطان،
وتعرف على لغات الكون، الامر الذي يجعل من لبنان مكتبة انسانية مكتوبة وسمعية
وبصرية لا غنى عنها.
ايها الاعزاء،
الفرصة مفتوحة امام اللبنانيين للبناء، وهذه الفرصة تثبت مدى انتماء كل لبنان الى
مشروع الاعمار والنهوض الاقتصادي الذي اطلقه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كما ان
هذه الفرصة تثبت مدى انتماء كل لبناني الى مشروع المقاومة للحرب العدوانية كما
الاقتصادية التي تدار ضد بلده، وهذه الفرصة تثبت مدى اهليتنا كي نستحق هذا الوطن
العظيم لبنان.
يبقى
ان اجدد شكري لدولة الامارات العربية المتحدة عبر رئيس الدولة وولي عهد ابو ظبي
وكافة المسؤولين، على اتاحة هذه الفرصة لي لزيارة هذا البلد الشقيق العزيز، وكذلك
لتجديد لقائي مع اخوتي وابناء الجالية اللبنانية، مؤكداً ان هذه الزيارة ستسهم
حكماً في زيادة اوجه التعاون بين الامارات العربية المتحدة.
عشتم
عاشت الامارات العربية المتحدة
عاش لبنــان