كلمة الرئيس بري في شبعا 14/8/2004

بسمه الله

أيضا" بداية للأخ رئيس البلدية الأستاذ عمر وطالما الأستاذ يوسف حوراني قال عن جنعم الذي قاله يهمني أن أعلن بداية الدراسات لتنفيذ مشروع مائي على غرار مشروع وادي جيلو في وادي جنعم تستفيد منه كفرشوبا والخلوات وشويا وعين قنيا وعين عطا وراشيا الوادي.

للمقـام المقدس، لأبي الأنبياء سيدنا ابراهيم الخليل عليه السلام في " مشهد الطير"، ننذر خصلات من شعر كل من المولدين، وننذر خابية زيت أصفى من عين الديك من غلال زيتون حاصبيا، وننذر زهوة عناقيدنا وأول أكواز معسلة من التين، وننذر كرز وتفاح بساتيننا وقمـح حقـولنا لتلك اللحظة التي نجمع فيها نثار فضة القمر من حواكير " خلة الغزلان " ومراح الملول " في مزارع شبعا.

في تلـك اللحظـة ستتخلى الدواري عن حـذرها في " المرج"  و " كرم الزيتـون " وكفـر دوره "  ، وستخرج الفراشات من" بيت البراق " إلى "الربعة" لتفتح بابا" للربيع ، وسيأتي الأطفال من شبعا ليمـارسـوا بـراءة ألعابهم في كروم " المغر " و" قفوه " و" بسطرا" و"رمتا" و"سرانا" و"النقار" "وزبدين" و"برحتا".

سوف لا ينشغل بال آبائهم وأمهاتهم في شبعا، لأن المقاومة ستكون قد طهرت ملاعب المزارع من دنس الإسرائيليين ، وستكون حقول الموت المتمثلة بالألغام قد تطهرت تماما" من جوف الأعادي.

وفي تلك اللحظة سيصعد الأطفال من كفرشوبا إلى تلالها وهم يلوحون للشمس بالعلم الخفاق بمجد الأرز.

في تلك اللحظة التي سيكون فيها الاحتلال الإسرائيلي قد اندحر تماما" ، سيكون بإمكان عيوننا أن تستكمل دورتها من على مصطبة أي بيت في مزارع شبعا ، لترى صورة مشهد ولا أروع لبلاد بشاره في جبل عامل، إلى هضبة الجولان على المقلب الشرقي لمنحدرات جبل الشيخ مرورا" بالجليل الأعلى في فلسطين.

فحتى تلك اللحظة سنمسك أنفاسنا ونكتم أصواتنا ونفتح عيوننا ونتمسك بوحدتنا ومقاومتنا. 

فمن شبعا، بداية تحية للمقاومين من أبنائنا الذين حققوا دحر الاحتلال وقدموا أرواحهم من اجل التحرير ابتداء من بوابة خلده إلى تلة زغله .

وتحية لأرواح الشهداء من المدنيين الذين قضوا في هذه الأرض بفعل أسلحة العدوان المتواصل الذي لم يتوقف يوما" منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا .

وتحية لكم أيها الأهل الأعزاء أبناء العرقوب وحاصبيا ، الذي تقفون غير مبالين على مرمى نار العدوان الإسرائيلي الذي يواصل احتلال أرضنا والأرض العربية في الجولان وفلسطين .

          وبعد وبعد،

في هذا اللقاء نكون قد استكملنا جولة جديدة لافتتاح مدرسة متوسطة في ابل السقي وثانوية الهبارية، ووضع حجر الأساس لمؤسسة تربوية في كفر شوبا ومتوسطة للبنات في حاصبيا وهذا الصرح التربوي في شبعا وهي منجزات جديدة تضاف إلى السجل الذهبي لمجلس الجنوب الذي يمثل الرمز ربما الوحيد لوزارات وإدارات الحكومة في هذه المنطقة .

أشير إلى ذلك لأن غياب السلطة أو السلطة المفقودة بتعبيراتها المختلفة خصوصا" الاقتصادية والاجتماعية والتنموية قد يكون لها ما يبررها في عمق الوطن، ويمكن إلقاء تبعات ذلك على السياسات الخاطئة والعجز وقلة الموارد والفساد والإهمال .

ولكن عندما ما يصل " موسى" التقصير إلى ذقن هذه المنطقة الحدودية التي دفعت أساسا" ثمن الحرمان والعدوان ، ووقعت فريسة الاحتلال طيلة اثنين وعشرين عاما"، فإننا وبمنتهى الصراحة لن نقبل أي مبرر خصوصا" في منطقة استثنائية تمثل رمزية المقاومة . 

أقول ذلك لأن الخطاب السياسي الرسمي الذي يتبنى المقاومة يجب أن يثبت بالفعل لا بالقول انتماءه لمجتمع المقاومة انطلاقا" من الجنوب، الذي يشكل خط تماس الجغرافيا والتاريخ مع قضية المنطقة ومع العدو الإسرائيلي الذي يمثل تحديا" فكريا" ونقيضا" عنصريا" لصيغة العيش اللبناني أولا"، لأطماعه في أرضنا ومياهنا واستمرار احتلاله لمزارع شبعا وتلال كفر شوبا، وثانيا" عبر محاولة تهميش موقع ودور لبنان في نظام المنطقة وتدمير سمعته وجعله مشوه حرب وإبقائه معاقا" على المستوى الاقتصادي ثالثا" ان الصمود ليس كلمات تطلق وليس أناشيد تغنى للمقاومة ومن اجل المقاومة . إن الصمود يحتاج إلى قواعد شعبية صلبة تتوفر لها الوسائل الصمود وفي الطليعة التعويضات لمنازلها المدمرة والمتضررة وشراء مواسمها الزراعية بأسعار تشجيعية خصوصا" التبغ والزيتون والتفاح . خلال هذه الجولة سمعت في اكثر من بلدة الطلب إلى حول التعويضات لقد قلت قبل أيام أو في  الأسبوع الماضي في مثل هذا اليوم قلت في يانوح لرئيس بلدية كفرشوبا خاصة قبل نهاية هذه السنة سنبدأ بدفع التعويضات إن شاء الله لكل أهلنا في المناطق .

إن مجلس الجنوب لا يمكنه القيام مقام وزارات وإدارات الحكومة هذا إذا توفرت له الاعتمادات ، فكيف إذا كان الأمر يتم بالقطارة على النحو الجاري أريد أن اقترض من أحد الإخوان اليوم في حاصبيا الأستاذ صالح الذي ألقى أمامي كلمة قال فيها كنا نأمل وأنا معه أن ينتهي دور مجلس الجنوب بزوال الاحتلال وتأخذ السلطة التنفيذية دورها في الرقابة والإنماء لكن سياسة لا تدرك خطورة أن يهمل الجنوب أو أن ينزح أهل الجنوب هي سياسة قصيرة النظر لا تؤخذ الحق منها إلا انتزاعا" فمجلس الجنوب اليوم هو دولة الجنوب بالمعنى الإنمائي ولولاه ما كنا اليوم في ابل السقي والهبارية وكفر شوبا وحاصبيا وشبعا ندشن هذه الصروح التربوية ونقدمها هدية لشعب لبنان .

إنني للمرة الثانية والثانية والخمسين أو المئة بعد الثانية والخمسين ولكنني أؤكد للمرة الأخيرة قبل نهاية السنة اوجه عناية وزارة المال قبل غيرها إلى أن الجزء الأهم من الاعتمادات التي تصرف لمجلس الجنوب يعيد المجلس ضخها عبر جعلها مؤسسات استثمار للدولة، فهو يبني المدارس للدولـة وهي مؤسسات لأعظم صناعات العصر ولم تدفع وزارة المال من أصل اكثر من 160 مدرسة بنيت في شتى أنحاء الجنوب ثمن قطعة ارض واحدة بل دفع ثمنها الأهالي  ان صناعة التربية أصبحت الآن أهم صناعات العصر واقصد أن هذه الصناعة التربوية هي صناعة الإنسان في لبنان ولبنان لا يملك غير هذه الصناعة، وهو يبني المستشفيات التي يذوب قلب أهالي مناطق الجنوب وهم ينتظرون إعداد دفـاتر الشروط من اجل فتح المناقصات لتجهيزها، ومن ثم إجراء تلك المنـاقصات وإعطاء أمر المباشرة مع العلم أن الاعتمادات المالية متوفرة .

ولأن الأمر على هذا النحو، يصبح مشروعا" السؤال: ترى هل هناك سياسة مقصودة تمنع أن يلمس شعب المقاومة وجود شبكة أمان صحية وإنمائية؟ لا نريد وإسرائيل لا تريد أي تبرير لأطماعها في الجنوب اللبناني ولكن اجزم أن الحرمان كان أحد أسباب احتلال إسرائيل لأرضنا وطمعها بأرضنا منذ عام 1948 حتى اليوم. 

اطرح هذا السؤال لأنه قد مضى على التحرير أربع سنوات ولا تزال مستشفيات حاصبيا وميس الجبل وبنت جبيل التي بناها مجلس الجنوب تنتظر استكمال إداراتها أو تجهيزاتها وطبعا" هياكلها الوظيفية ، ولازال المواطنون يأملون أن توفر لهم هذه المؤسسات ذات يوم درهم وقاية وما بدلوا تبديلا" وما بدلت الحكومة سياسة هدر الوقت.

وما يصح على المستشفيات يصح على الطرقات التي تحتاج إلى العناية الخاصة للوزارة المختصة خصـوصا" طرقات : الخيام – ابل السقي - والهبارية – كفر حمام وشبعا الهبارية وطرقات شبعا الداخلية.

وفي مجال مياه الشفة ورغم أن المياه متوفرة في هذه المنطقة بما يكفي حاجة السكان (يعني من دهنوا قليلو)، فإلى متى ستنتظر كفر شوبا. ثم سأل الرئيس بري : هل ضخوا المياه كما وعدوني اليوم أم لا فأجابوني بالإيجاب . فقال إذن لن اكمل هذا المقطع .

في تعداد التقصير تجاه شعب المقاومة لا بد من توجيه عناية الحكومة وإداراتها إلى مشكلة أخرى وهي كما قال لي رئيس بلدية حاصبيا كامل ابو غيدا في رسالة تلقيتها منه قبل أيام : البيئة الملوثة حيث لا صرف صحي ولا مياه موثوق بنظافتها ولا مكان تعالج فيه النفايات ، ناهيك عن قطع الأشجار والأمراض المتفشية بسبب ما سلف .

وتقول الرسالة:

 - نطالب فيقولون لم تكتمل الدراسة .

 - نطالب فنسمع أن المشروع لدى المتعهد .

 - نطالب المتعهد فيقول ليس هناك اعتماد .

على نفس الصعيد وفي نفس المنطقة وفي مجال آخر نتساءل :

متى تنتبه الحكومة ووزاراتها وإداراتها المعنية إلى التراث الإنساني المتمثل بآثار المنطقة ؟

متى ترانا نسمع عن مبادرة جدية باتجاه القلعة أو معبد " بعل جاد " في بلدة الهبارية الذي يعتبر من اقدم المعالم الأثرية في الشرق ؟

إنني باسم كتلة التنمية والتحرير وباسم أهالي منطقتي حاصبيا والعرقوب أطالب مديرية الآثار المبادرة الفورية إلى ترميم هذه القلعة وإخراج الطابق السفلي إلى حيز النظر أو هذا المعبد المهدد بالانهيار واستملاك الأراضي في محيطه ، وأطالب وزارة السياحة وضع منشورات سياحية عن هذا المعلم وتأهيله سياحيا" ، وكذلك إعادة تأهيل منطقة الحاصباني ومنطقة عين الجوار في شبعا ، والمساهمة في المبادرات السياحية التي تقوم بها بلدية وأهالي بلدة ابل السقي خصوصا" مشروع محمية الطيور المهاجرة ، مع العلم أن تاريخ هذه البلدة في العيش المشترك وتاريخها الوطني والعربي والفكري والثقافي يجعلها تستحق أن تكون متحفا" للمقاومة في كل الحقب ، وأنا في هذا المجال احيّ ذكرى شهيد ابل السقي والجنوب الأول في معركة الحوله فايز علي ملحم عام 1932 وذكرى أحد طلائع وأعلام المقاومة العربية ضد الصهاينة عساف الصباغ وذكرى نديم فرحات وغيرهم .

باختصار باسم الناس وباسمنا جميعا" الذين نحن مسؤولون أمامهم لا عنهم وهم في هذه المنطقة يمثلون كل طوائف وفئات لبنان نقول أوقفوا هذه المهزلة، أوقفوا هذا التمثيل على الناس، إن مسرح البلد وجمهور هذه المنطقة لم يعد يحتمل، وأقول للجميع نحن لا نقبل إلا أن نكون منسجمين مع أنفسنا ومع شعاراتنا ، ولن نقبل بأن يعود الجنوب ليكون محاصرا" بين مطرقة العدو وسندان الإهمال .

          أيها الأعزاء ،

بالانتقال من جهادنا الأكبر حتى لا نكون محرومين داخل وطننا ومكشوفين أمام المرض والجهل بسبب السياسات الحكومية المتعثرة والحـاجة والخوف ، إلى جهادنا الأصغر ضد عدونا الذي جربنا وجربناه، وخرج من معظم أرضنا مودعا" البلد الذي يستهلك محتليه " ، وحتـى لا نقـع في اية لحظة فريسة الحرمان من وطننا اجدد القول :

إننا في لبنان وبكل بساطة وببساطة الفلاح والعامل والمزارع والأب الذي يقيم في منزله مزارع التبغ والزيتون نقول  لن نقبل التفريط بـأي ذرة تـراب أو نقطـة مـاء ، فإننـا من موقعنا الرسمي والحزبي والشعبي سنكون طليعة المقاومة بكل أشكالها أولا" : لرد أية محاولة للانتقام من لبنان ، وثانيا" لتحرير مزارع شبعا وتلال كفر شوبا ، وثالثا" طليعة التحرك من اجل تحرير وحماية مياهنا الجارية أو المخزونة ، وفي هذا المجال فإننا لن نألو جهدا" من اجل مرة أخرى تثبيت حق لبنان الرسمـي بمياه الوزاني وفي جعل المشاريع الخاصة بالليطاني حقيقة واقعة .

أما في إطار أي مشروع يستهدف المنطقة ، فإننا نؤكد تمسكنا بوحدة المسار والمصير المشترك مع سوريا ، لأن الاستراتيجية التي تتبناها سوريا من اجل صنع وبناء سلام عادل وشامل أثبتت صحتها وصدقيتها .

إني أضع هذه العناوين إلى جانب استراتيجية واضحة لإخراج لبنان من أزمته الاقتصادية والاجتماعية برسم أي استحقاق محلي وعلى أي مستوى .

أيها الأعزاء ،

أخيرا" وليس آخرا" وبالنسبة للوقائع الإقليمية من اليمن إلى السعودية إلى العراق إلى فلسطين والسودان والمغرب العربي ، فإننا لازلنا نرى أن هناك مخططا" لتعميم الفوضى على مساحة العالم العربي يهدف إلى إضعاف النظام العربي وعدم إعطائه الفرصة للنهوض السياسي والاقتصادي .

إن كل عربي يجب أن يكون شديد الانتباه إلى أن هناك إدارة تحاول أن تنكأ جراح الأمة ، فإذا تمكنت السودان من رتق أحداث الجنوب واحتوائها وصياغة اتفاق بين الشمال والجنوب فإن تلك الإدارة تفجر أزمة في الغرب والشرق السوداني، وإذا ما تمكنت اليمن من صياغة برامجها لمعالجة الوقائع الاقتصادية جرت محاولات لإرباك النظام الأمني العام فيها، وكلما تقدمت السعودية خطوة على طريق زيادة المشاركة خصوصا" بعد الإعلان عن مراحل الانتخابات البلدية جرى إيقاظ بعض الخلايا المسلحة لتشتيت جهود المملكة الداخلية والخارجية ، وكلما تحرك العراق خطوة على طريق تثبيت وترسيخ وحدته جرى تسعير اشتعال الحرائق على مساحة مدنه هل النوايا المبينة في هذا البلد العراق من الاحتلال لجعل هذا البلد الشقيق قاعدة ارتكاز للانقضاض على المنطقة ؟ أم هناك مشروع تقسيمي يطال اكثر من بلد عربي انطلاقا" من اللعب على وتر الاثنبات والمذاهب وما هو معنى الاعتداء على الكنائس الأسبوع الماضي وتهجير أهلنا المسيحيين في العراق وكيف الهجوم على ثالث اقدس مدينة عند المسلمين في العالم وأول مدينة

مقدسة في العراق عنيت النجف الاشرف فهل هذا له علاقة بما تعده إسرائيل للاعتداء على الحرم الإبراهيمي في القدس الشريف وعلى الهجوم على العتبات الحيدرية في النجف تمهيدا" لتقوم إسرائيل بما تنوي القيام به في فلسطين ؟ إن الحل في النجف هذه الفرصة التي اغتنمتها أميركا بخروج المرجع الأعلى السيد علي السيستاني لأجل استشفائه في لندن بالهجوم على النجف ومقدسات النجف ان الحل ورد في اقتراح عاقل ومعقول للسيد مقتدى الصدر بالأمس يعني خروج الأميركيين وخروج المسلحين وإبقاء مدنية النجف في عهدة المرجعية الدينية ان الحل في العراق بخروج المحتل أيضا" ليس في النجف بل في كل العراق الحل الأوحد في العراق هو بخروج المحتل وإعطاء الدور أولا" وآخرا" للأمم المتحدة وعندئذ على العرب كل العرب أن لا يتخلوا عن شعب العراق وإلا صدقوني فالنار التي تستعر ستطال الجميع ولكن شعبنا وسيبقى وسيندحر الغزاة مهما طال الزمن هو هذا سفر الحياة لمن يريد قراءة ألف باء التاريخ . 

   أيها الأعزاء ،

دائما" وأبدا" سيكون لنا مواعيد معكم لنبني خطوط دفاعنا التربوية والمائية والإنمائية المتنوعة وأولا" خط دفاعنا المقاوم ، وانتم كنتم على الدوام جذوة المقاومة وطريق المقاومة وارض المقاومة ، وجسر الاتصال بين لبنان والجليل والجولان ، وكنتم عنوان عروبة لبنان .

                                                                             عشتم

                                                                             عاش لبنــان