خطاب الرئيس بري 2009/3/24
الثلاثاء 24 آذار 2009
الذكرى ال31 لتغييب الامام الصدر
الثلاثاء 01 أيلول 2009

كلمة الرئيس بري في افتتاح مكتبة الشيخ بهاء الدين العاملي

home_university_blog_3

كلمة الرئيس بري في افتتاح مكتبة الشيخ بهاء الدين العاملي

ألقى رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري، كلمة في حفل افتتاح مكتبة الشيخ بهاء الدين العاملي العامة، استهلها بالقول:

"بداية ومن هذا الصرح الثقافي الذي يمثل نبعا للمعرفة ومرجعا للفقه والفصل والتحقيق، فإني ارفع اسمى آيات التقدير والاحترام الى سماحة المرجع الاكبر اية الله العظمى السيد علي السيستاني حفظه الله، واعبر في هذه اللحظة السياسية عن الحاجة الى حكمته ومساعيه لبناء وحدة المسلمين عامة والوحدة على مساحة اقطارهم المتوترة خاصة من: العراق وفلسطين ولبنان واليمن والصومال وكل الاقطار الاسلامية والعربية، حيث يزداد التحدي ويحتاج الموقف الى مسؤولية ومسؤول قوي بسلاح الايمان والاجتهاد والوحدة.
ومن هذا الصرح اتوجه بالتحية والتهاني الى العاملين في مكتب سماحة المرجع الاكبر في لبنان وجمعية آل البيت الخيرية، وفي الطليعة الاخ العزيز الحاج حامد الخفاف، على دورهم وجهودهم في سبيل الخير والصلاح، والى انتباه المرجعية وانتباههم لاطلاق اسم علم الائمة الاعلام الشيخ البهائي على هذه المكتبة التي نفتتحها اليوم بمناسبة مرور اربعمائة عام على وفاته وبمناسبة اعلان بيروت عاصمة عالمية للكتاب".

وتوجه الى الامام العاملي بالقول: "ها نحن نفتح بابا الى الذاكرة ونعبر اليك، ها نحن نأتي اليك من بقاع القرى والعصور من بعلبك، من السهل الممتنع الذي يمتد على مد العين والنظر، نأتي اليك من جبل عامل، جبل المقاومة والمواعيد والغار والزيتون.
ها نحن نأتي اليك حيث وضعت رحالك او استرحت، من القدس السليبة والشام والقاهرة، الى مكة والمدينة والنجف وكل العناوين، ونستقر اليك في قزوين واصفهان.
ها نحن الاحرف والكلمات والحبر والورق، والريشة والكلمة والاغتراب، والاقامة والشوق والصفاء، نأتي اليك ايها الشيخ الغريب العجيب المتقن الانيق الذي قرأ عليك اعلامنا وعلمائنا الحياة والابد، البداية والآخرة".

تابع: "ها نحن وها انت، ها انت بعد اربعمائة عام لاتزال تتجدد كرجل الدهر، ملتمعا كبهاء الحق وشمس الكمال، ولازلت شيخ الشيوخ، جامع الفخر وعماد العصر، وميدان الفصاحة وملك النقد. ها انت وكل ما قيل فيك وعنك وما سنقول غيض من فيض مما انت عليه يا من زينت العلوم النقلية والنقدية ويا من اتحفت العالم بفضائلك وبدائعك.
ها انت ايها العالم العامل الكامل، بهاء المله والحق والدين، تستعيدنا اليوم اليك وتجمعنا على مكتبتك وكتبك وانت كنت المكتبة المتنقلة في المشرق والمغرب، لا تكل ولا تتعب ولا يدرك بحر وصفك الاغراق ولا تلحقك الافكار.
ها انت يا سيدي الشيخ بهاء الدين العاملي تأخذ بيدنا الى المكان الذي فيه كتب قيمه لنزداد قيمة بالكتب. فالف تحية لك وألف سلام، وسلام لبيروت عاصمة المكان والبحر والبر والحب واللغة والكتاب والعروبة. سلام لبيروت المحفورة مرآة نرى فيها الوطن المعلق على صليب الانتظار، والاسئلة التي تزاحمت عن ازمنة الضوء والظل والنقد والمديونية وتآكل الوقت وتمويه النوايا، بيروت المرآة التي تسجل كل شاردة وواردة للتاريخ، وبيروت المرآة التي لا تخون الناس تحفظ وجوههم واوجاعهم وجوعهم كما تحفظ قصيدتهم".

ثم توجه الرئيس بري الى الحضور بالقول: "وسلام وتحية لكم ايها الحضور الكريم وبعد وبعد، فإننا ونحن نلتقي اليوم لافتتاح مكتبة الشيخ البهائي، لا بد وان يكون الكتاب الاول الذي نفتحه: كتاب الوحدة الاسلامية بمواجهة تحدي حرب السيطرة الاستعمارية التي تستهدف مواردنا البشرية والطبيعية، والتي تستهدف الاسلام تحت ستار مكافحة الارهاب، وتسعى عبر وسائل الفوضى البناءة والتوترات الى محاولة ايقاع فتنة مذهبية سنية - شيعية وعلى نفس الايقاع خلق عصبيات عرقية، ومحاولة تحويل ايران الى التناقض الرئيسي مع العروبة، ومحاولة استبدال الصراع العربي الاسرائيلي بصراع عربي - ايراني أي إسلامي - إسلامي.ان الرد المطلوب على محاولات التفتيت والفتنة هو الوحدة. ان بناء وصنع الوحدة هو مسؤولية القيادة السياسية والمرجعية الدينية المدعوة فورا الى تشكيل مجمع لعلماء الدين، انطلاقا من المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية من اجل تسوية الخلافات المذهبية وايضا من اجل انهاء التوترات ومنع استغلالها في بعض الاقطار العربية والاسلامية".

وقال: "لقد قاد شيخ مكتبتنا ومشايخنا وقبل ما يزيد عن اربعمائة سنة اكثر من حوار وبحث من اجل تقريب المذاهب، واعاد الكرة من بعده سيدنا الجليل السيد عبد الحسين شرف الدين، واشتغل على نفس المهمة الشيخان الجليلان الفقيهان محمد مغنية وعبدالله العلايلي. لقد تولى راية هذه المهمة قائدنا وامامنا سماحة الامام السيد موسى الصدر اعاده الله، حيث شارك في مؤتمرات مجمع البحوث الاسلامية في القاهرة، كما ادار حوار مباشرا مع الازهر الشريف وفي ما بينه وبين مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد رحمه الله حول نفس الموضوع، حيث دعا سماحته الى توحيد او تقريب الشعائر والاحكام التي تنعكس على الجماهير وتبرزها بصورة مختلفة واحيانا متناقضة، وتوضيحا لفكرة إمامنا نؤكد ان تفاوت المذاهب يجعل الاحكام الدينية اكثر مرونة واسهل للتطوير والاجتهاد، ولكن الخطر من انعكاس هذه الاحكام على وحدة المسلمين امر يستدعي قبل كل شيء تقريب المذاهب".

اضاف: "اننا نسترعي ملاحظتكم الى ان تحول التشريع في العالم الاسلامي تدريجيا الى الشريعة الاسلامية المتطورة امر ممكن بل هو حاجة عصرية، كما ان ظروف المسلمين ومحنتهم الناتجة عن اسرائيل تفرض على الفقيه التفكير في ما يتفق عليه المسلمون لا في ما يختلفون عليه. كما اننا وانسجاما مع الدور الذي قام به شيخ مكتبتنا وعنوان لقائنا اليوم لبناء وصنع مجالات تعايش وتبادل وتثاقف بين الحضارتين العربية والفارسية، فإننا ندعو الى حوار عربي - ايراني مفتوح حول القضايا الثنائية المؤتلف او المختلف عليها، وسبل ادارة الاتفاق او الاختلاف وسبل ضمان مصالح كل الاطراف".

وقال: "إننا في هذا السياق نرى ان قمة دمشق الاخيرة اضافة الى انها تؤسس لبناء الثقة في العلاقات العربية العربية فإنها تؤسس كذلك لزيادة عناصر التفاهم والتنسيق والتعاون بين النظام العربي ودول الجوار الاقليمية الاسلامية الكبرى وفي الطليعة ايران وتركيا.
اننا في ختام كتابنا الاول هذا نعيد التأكيد على وحدة المسلمين وعلى استحالة استبدال تناقضهم الاساسي والرئيسي مع اسرائيل، لأن اسرائيل هي هي من تحتل ثغورنا العربية من فلسطين الى الجولان ولبنان في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا و حتى الجزء من قرية الغجر، وتدنس مقدساتنا في القدس الشريف، وبالتالي فإن من كانت اسرائيل عدوا له فهي عدو كاف".

وقال الرئيس بري: "الكتاب الثاني الذي نفتحه ارتكاز على كتاب الوحدة الاول هو كتاب القدس وفلسطين، حيث يقع المسجد الاقصى خصوصا على منظار التهديد والتهويد الاسرائيليين وحيث الحفريات تجري تحته وحوله اضافة الى حصاره ومن كل ابوابه، في ما يطبق الاستيطان على القدس بثلاث اطواق استيطانية كاملة، مما يعني ان المشروع الاسرائيلي لتهويد القدس يكاد يستكمل آخر فصوله. ان الاساس في مواجهة التحدي العدواني الاستيطاني الاسرائيلي على القدس والاقصى ينطلق من استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، لأن هذه الوحدة هي السلاح الامضى بيد الفلسطينيين، وهي تمثل سلاح المقاومة الضروري الاساس لتحقيق اماني الشعب الفلسطيني".

تابع: "ان استمرار صورة المشهد الفلسطيني المنقسم على نفسه سيؤدي الى ضياع القدس وكذلك لتحويل غزة الى مخيم كبير للاجئين، خصوصا مع استمرار اعتبار اسرائيل اعادة اعمار القطاع بعد الحرب الاخيرة عليه "سخافة استراتيجية" هكذا عبر قادة إسرائيل عن إعادة إعماره. ان السلطة الفلسطينية ومعارضتها وتحديدا فتح وحماس مسؤولون امام الله والتاريخ والشعب الفلسطيني، عن التمادي الاسرائيلي في الاستثمار على الانقسام الفلسطيني وبالتالي التقدم نحو الاهداف الاسرائيلية ليس نحو تهويد القدس فحسب بل نحو تحقيق هدف الاعتراف بيهودية الدولة. ان القوة التي تمثلها وحدة الموقف الفلسطيني ليست كافية وحدها لمواجهة خطط الترانسفير الفلسطيني والتهويد المقبلة".

وأردف: "إن هذه المواجهة وهذا العدوان الاستيطاني المجرم على القدس اولى القبلتين وثاني الحرمين الشريفين واستمرار حصار غزة امر يستدعي:

فلسطينيا: انتفاضة أقصى جديدة تشكل هجرة فلسطينية من حال الى حال أي بإختصار هجرة الى الجهاد المقدس.
عربيا واسلاميا: اعتبار الوقائع الفلسطينية أولوية على جدول أعمال النظامين العربي والاسلامي، ووضع خطة تحرك تتجاوز التبرع والتظاهر والاعتصام والخطاب والبيان وتنظيم الغضب الرسمي والشعبي العربي والاسلامي عبر قنوات وردود مجدية منها العودة الى احكام مكتب مقاطعة اسرائيل والاعتراف اولا واخيرا بأهمية المقاومة ودعم المقاومة وتعميم المقاومة".

وختم في هذا المجال: "اننا، ونحن نلقي الاضواء على الوقائع الفلسطينية، لا بد وان نشير الى ان عدم اتخاذ موقف اميركي حازم وقوي من وقف جميع انواع عمليات الاستيطان الافقي والعمودي الاسرائيلي، رغم الوعود الأميركية المتعددة وتحرير آلاف المعتقلين الفلسطينيين، فإن الحركة المكوكية للمبعوث الاميركي جورج ميتشل ستشكل خدمة عكسية وغطاء لزيادة الاستيطان والعدوان على الشعب الفلسطيني، مع الاشارة الى ان الجولة الاخيرة للمبعوث ميتشل مع الأسف انتهت الى الفشل الذريع مثل سابقاتها".

وقال: "الكتاب الثالث الذي نفتحه هو كتاب المناورات العسكرية المشتركة الاميركية الاسرائيلية، والتهديدات بعمل عسكري محدود على احدى الجبهات الشمالية او كلاهما، او امتدادا من الجنوب الى الجولان وايران.
قبل ان ندخل فصول هذا الكتاب لا بد من التنويه بالموقف التركي الغاء مشاركة تل ابيب في مناورات "نسر الأناضول"، كما لا بد من الترحيب بالتطور الاستراتيجي المتمثل بالغاء البوابات الحدودية وازالة الحواجز امام عبور الافراد والسلع بين سوريا وتركيا، كما انه لا بد من توجيه انتباهكم الى ابعاد المناورات الاميركية - الاسرائيلية الصاروخية الاكبر للدفاع الجوي ضد ايران، والتي أجريت بقيادة قائد الاسطول الاميركي السادس، وكذلك قرار قيادة حلف شمال الاطلسي انضمام سلاح البحرية الاسرائيلية إلى لقوات الاطلسية البحرية في مهام الدوريات في البحر المتوسط".

أضاف: "إن صفحات هذا الكتاب تحمل اصرارا اسرائيليا مستمرا على استمرار المطاردة والعدوان لبلدان هذه المنطقة.
اننا هنا نجدد التأكيد على حق اللبنانيين والفلسطينيين في المقاومة لتحرير الارض وتثبيت حق العودة ورفض التوطين، لأن التنازل عن مشروع المقاومة وسلاح المقاومة هو تنازل مواز عن حق العودة وقبول التوطين هو وجه آخر للعملة".

وتابع: "كما اني في ختام كتاب فلسطين والقدس وكتاب المقاومة، لا بد لي وان اعرض لتقرير غولد ستون بالقول: ان استمرار التعامل مع اسرائيل على مستوى الامم المتحدة كإستثناء لا تطبق عليه القرارات الدولية، هو السبب في تمادي اسرائيل في استهداف حق الشعب الفلسطيني في الحياة، وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، وهذا الامر لم تسلم منه دول أخرى وشعوب المنطقة سواء كان سورية ومصر والاردن.
وأخشى أن يكون ما صدر بالأمس في جنيف هو إسترضاء سياسي سيضيع في أروقة الامم المتحدة بعد اليوم، و إلا لماذا لم يحول الملف مباشرة إلى مجلس الأمن بدلا من الجمعية العامة للأمم المتحدة علما أن واضع التقرير، وهو يهودي، ضمنه ضرورة الإحالة إلى مجلس الأمن لا إلى مكان آخر".


وقال: "ايها الاعزاء
قبل ان نفتح الكتاب الاخير، كتاب لبنان، نشير الى ان هناك الكثير من الكتب الجديرة بالقراءة والتمعن فيها وفي طليعتها كتاب العراق وكتاب اليمن وكتاب الصومال وكتاب السودان وكتابا الجوار الاسلامي في افغانستان وباكستان، الا انني سأختصر كل تلك الكتب بدعوة الاطراف فيها لتقديم التنازلات من اجل وحدة اقطارها المهددة ارضا وشعبا ومؤسسات، لأن تقديم التنازلات في اطار الوحدة والحوار امر اقل كلفة ودمارا من استمرار التوترات والتحديات والعنف ومحاولة الغاء الآخر.
وأقول انطلاقا من تجربة لبنان ان القوة لن تحسم شيئا، بل الاعتراف بالآخر هوالامر الذي يؤسس لتعايش داخلي ممكن بين الاطراف على قاعدة المشاركة".

كتاب لبنان
وعن لبنان، قال: "في كتاب لبنان، فإننا نجدد التأكيد ان ترسيخ وحدة لبنان واستقرار نظامه العام وبناء توافقه، يمكننا من تقديم لبنان كأنموذج للتعايش في نظام منطقته العربية والشرق أوسطية والمتوسطية، وكأنموذج لحل المشكلات العرقية والاتنية والطائفية والمذهبية المستقرة".

أضاف: "إن كتاب لبنان يستدعي ابناءه واشقاؤه واصدقاءه الى دعم فكرته كرسالة للمحبة والتسامح، وكأنموذج لاندماج الحضارات وتعايش الاديان مقابل مشروع صراع الحضارات.
كما ان كتاب لبنان يستدعي منا زيادة مشاركة المواطنين الكاملة في كل ما يصنع حياة الدولة والمجتمع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي".

وتابع: "ان كتاب لبنان يستدعينا لتجاوز ازمة النظام في لبنان بتجاوز طائفية النظام.
ان كتاب لبنان يستدعينا لكي لا نقع كل مرة في ازمة ثقة تؤجل انجاز الاستحقاقات من الانتخابات الرئاسية الى تشكيل الحكومات، كما سبقني الأخ معالي الوزير تمام سلام. أخال صوت مؤذن الحكومة الأخ سعد الحريري سيفك صيامي قريبا، كما لمست، وتصريحه اليوم بعد لقائه فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية خير دليل على ذلك".

وأردف بالقول: "إن كتاب لبنان يستدعينا لتحمل مسؤوليتنا في الحفاظ على لبنان كضرورة لبنانية وعربية ودولية.
ان كتاب لبنان يستدعينا لحفظ بلدنا وفي طليعته الجنوب. من لا يحمي حدوده لا يحفظ عاصمته، وبالتالي الحفاط على المقاومة وعلى جيشنا الوطني ودعمه بكل الوسائل التي تمكننا من الحفاظ عليه وعلى لبنان.
ان كتاب لبنان يستدعينا للحفاظ على بلدنا حديقة للحرية، ومنبرا للكلمة ومطبعة ومحبرة وريشة للابداعيين والعلماء والرهبان، والحفاظ على لبنان مكتبة للاعلام من ابنائه الذين تمجدهم الامم".

وقبل أن يختم كلمته، نوه "بانتباه منظمي لقائنا الى تكريم جملة من الاعلام الناشرين والمشتغلين في صناعة الكتاب"، موجها التحية والتقدير "الى المكرمين السادة: الحاج الحبيب اللمسي، الاب الدكتور مارتن مكدرموت والسيد فؤاد البعينو". ثم ختم بالقول: عشتم. عاشت ذكرى الشيخ البهائي. عاشت جمعية آل البيت الخيرية. عاش لبنان".