كلمة الرئيس نبيه
برّي في حفل تخريج طلاب في ثانوية قدموس ـ صور
رعى رئيس
مجلس النواب الاستاذ نبيه بري السبت 26/5/2001 حفل تخريج
دفعة من الطلاب الثانويين في مدرسة قدموس ـ قضاء صور وقد حملت الدفعة تسمية " فوج
التحرير".
حضر الحفل
وزراء ونواب وشخصيات وأهالي الطلاب. القيت في الأحتفال، كلمة مدير مدرسة قدموس الأب
فيليب يزبك، وكلمة مدير القسم الثانوي الأب فادي المير وكلمات للطلاب المتخرجين
باللغات الانكليزية والفرنسية والعربية.
ثم
القى راعي الاحتفال الرئيس برّي كلمة هذا نصها:
كأننا نفسر
اعجوبتك يا معلم
كأننا نستكمل ما بدأت في نواحي صور، حين صرخت اليك امرأة كنعانية خارجة من تلك
التخوم ارحمني يا سيدي، ابنتي مجنونة جداً، واتت وسجدت لك قائلة يا سيد اعني، فأجبت
وقلت ليس حسناً ان يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب . فقالت نعم يا سيد. والكلاب ايضاً
تأكل من الفتـات الذي يسقط من مائدة اربابها، حينئذ اجاب يسوع وقال لها يا امـرأة،
عظيـم ايمانـك، ليكن لك ما تريدين، فشفيت ابنتهـا فـي تلك الساعة.
وها نحن
كأننا نستكمل ما بدأت هنا يا معلم حين اخرجت الشياطين من جسد الابنة.
ها نحن ابناؤك المساكين، ابناؤك الفقراء الذي اعطيتهم سلطاناً على ارواح نجسة حتى
يخرجوها، ها نحن نبتهج وقد اخرجنا الشياطين والارواج النجسة من اغلب جسد الارض.
ها نحن
ابناؤك المقاومين نطوف المدن والقرى، نعلم في مجامعها ونشفي كل مرض وكل ضعف في
الشعب.
وها نحن كما ارسلتنا كغنم وسط الذئاب، الى طريق امم لا نمضي والى مدينة للسامريين
لا ندخل، لا نخاف من الذين يقتلون الجسد لأنهم لا يقدرون ان يقتلوا النفس.
ها نحن نتوزع: بعضنا يغرس قاماته في الارض من اجل قطاف التحرير، وبعضنا يلقي البذار
الطيب في الارض الطيبة، وبعضنا يلقي شبكته في البحر من اجل الرزق الحلال، وبعضنا
ترك شباكه وتبع الذي اتى ماشياً عند البحر الجليل، لعله اذا ما تأكد من ايمانه
يجعله من صيادي الناس.
وبعضنا
وانتم منهم ايها الابناء تلاميذ يتبعون معلمين، قد لا ينتهرون الريح والبحر ولكنهم
كنوز في المعارف، وهم ايضاً بعضهم عاصر رجل اتى الى المدينة يسعى، معلم ليس ككل
المعلمين، معلم حول الحرمان من حالة الى حركة، وحول السكوت الى صرخة في البرية،
وحول الارتهان الى واقع الامر الى المقاومة.
ذلك المعلم
فيه روح وعلم من الانبياء والحواريين والصحابة، هو الامام السيد موسى الصدر مؤسس
المقاومة التي نحتفل بعرس كبير من اعراسها اليوم، هو الانطلاقة الثانية لتحرير
الارض والانسان.
ايها
الاعزاء
لقد وافقت
دون تردد على ان احتفل اليوم مع هذه المؤسسة التربوية مدرسة قدمـوس بتخـريج الفـوج
السابع والعشرين من الطلاب المسمى " فوج التحرير "، لأن هذه المدرسة هي اولاً على
اسم قدموس حامل الابجدية الاولى من شواطئنا الى براري البحار، ولأن هذه المؤسسة
ثانياً تأسست على تفعيل التلاقي بين جميع ابناء الوطن من اجل التعاون والتعايش عن
طريق الثقافة والمعرفة، وكذلك لأن مؤسسي هذه المدرسة انتشروا الى عالم اللبنـايين
وراء البحـار يحملون اليهم غذاء الروح والنفس.
وكان من
دواعي سروري رعاية حفل التخريج هذا لأني رأيت فيه خطوة احتفالية بمضمونها من حيث ان
الاستثمار على التحرير كان عن طريق تخريج فوج من ابنائنا الذين نهلوا العلم
استعداداً للانطلاق نحو التعليم العالي او المهني او لدخول اسواق العمل، في حين ان
الاحتفالات التي جرت وتجري تقدم على اطباقها خطباً سياسية او نصوصاً متنوعة تراعي
جانب المناسبة، دون ان تمكن اهلنا في المناطق المحررة او مناطق التماس التي لحق بها
الكثير من الدمار او عمق الجنوب، من ان يجدوا فرصاً للعمل او تعوض لهم حرمانهم
وترفع عنهم الغبن .
وهكذا فإنه
وبعد انقضاء عام على التحرير، تتمكن هذه المؤسسة التربوية وسواها من ان تخرج دفعة
من طلابها في حين ان وزارات الخدمات لا تستطيع ان تخرج ملفاً من ادراجها، وتبقى
مسألة المشروعات الحيوية والضرورية من اجل تحصين الانتصار وتحصين المناطق الحدودية
المحررة دون تلزيم، ويقع علىعاتق مجلس الجنوب تغطية تقصير الادارات الرسمية.
ايها
الاعزاء
ربما يكون
احد اسباب جرأة الحكومة الحالية والسابقة وما سبقهما على اهلنا، اننا ومن اجل بناء
الثقة بالدولة صرفنا رصيداً كبيراً من آمال الناس المعلقة علينا من اجل المشاركة في
الحكومات لتعزيز الثقة الشعبية بها، وقد استغل هذا الامر الى حد بعيد حيث تحولنا
الى ما يشبه صندوق الشكاوي ومكاتب المراجعات، واحياناً للاسف الى حائط مبكى
لجمهورنا الذي اصبح يختصر الطريق الى مكاتب الادارات بالقـاء تبعـات مطالبـه علينا.
انني منذ
اليوم ادعو اولاً حركة امل ومن ثم القوى السياسية والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني
الى اطلاق فعاليات الناس، لمطالبة المعنيين مباشرة ودون حواجز او قفازات او بدائل،
وليأت وزراء الخدمات واداراتهم الىالجنوب وبقية المحافظات وليسمعوا وليعوا .
انكم ايها
الفوج الجديد من الخريجين مطالبون برفع درجة وعي اهلكم ورفع مشاركتهم بكل ما ينتج
حياتهم وتوسيع خياراتهم، لانكم انتم غداً قد تصطدمون بالواقع المرير امام فرص
التعليم، واذا توفرت امام فرص العمل، في بلد يرفض فيه المعنيون القبول بإقتراح
تشكيل مجلس اعلى للتـربية ينسق الحاجـات بين الخريجين من المعـاهد العليا واسواق
العمل.
ايها
الاعزاء
اود امام
هذه الكوكبة المباركة من الخريجيين ان انبهكم الى ان المعركة مع العدو لم تنته، ليس
لأنه يواصل احتلال اجزاء عزيزة من ارضنا وفي طليعتها مزراع شبعا وتلال كفر شوبا
فحسب، وليس لأنه يواصل احتلاله غير المباشر لاجزاء عزيزة من ارضنا بواسطة حقول
الالغام فحسب، وليس لأنه لازال يعتقل عدداً من ابنائنا ويخفي مصير اخرين فحسب، بل
لأن مجاورة هذا الخطر الذي تمثله اسرائيل على لبنان في حاضره ومستقبله في صيغته
واقتصاده ومائه وموقعه الاستراتيجي يقتضي منا الاستعداد وبناء مجتمع المقاومة .
واقول لكم
وبأعلى الصوت، انه حتى ولو انسحبت اسرائيل غداً من مزراع شبعا فهذا لا يعني كل شيء،
فإسرائيل وقبل اي احتلال لارضنا ورغـم اتفاقية الهدنة لعام 1949 لم تترك بلدنا
يرتاح للحظة واحدة، فقد فتك الكومندوس الاسرائيلي بكل القرى الحدودية ولم يمض يوم
واحد دون انتهاكات اسرائيلية لحدودنا البرية ولحرمة سمائنا ولمياهنا الاقليمية رغم
عدم مشاركة لبنان بأي من حروب المنطقة.
ان هذا
الامر يعني ان لبنان ليس بإمكانه ان يكون معزولاً عن صراع المنطقة وعن القضية
الفلسطينية بابعادها الانسانية والجغرافية والتاريخية والدينية، وعن احتلال الجولان
العربي السوري وعن ما تمثله اسرائيل من تهديد لأمن وسلام المنطقة .
ان المزاعم
القائلة بأن ازدهار وسيادة وحرية لبنان وتطوره الديموقراطي تتوقف كلها على خروج
القوات السورية من لبنان طالما ان اسرائيل تقف خارج الخط الازرق، هي اما تبسيط
للموقف ولا نظن ان الذين يقفون خلف تلك الاقوال سذج وغير منتبهين، انهم يخدمون
العدو وتلك مصيبة، واما انهم يراهنون علىالعدو ونفسه والمصيبة اكبر.
اننا نقول
بأن ازدهار وسيادة وحرية لبنان وتطوره الديموقراطي يتوقف على اعتراف اللبنانيين
بعضهم بعض، وعلى تجاوز العقد الطائفية والتصنيف وتحفيز المواطنين.
ونقول ان
وجود القوات السورية في لبنان ضرورة لبنانية ليس لاسباب امنية، لأننا نعتقد بل نجزم
ان احداً في لبنان لن يجرؤ علىاعادة انتاج الفتنة وحروب الاستتباع الداخلية.
ان وجود تلك
القوات يمثل ضرورة استراتيجية لبنانية تتعلق بضمان منع اسرائيل من تكرار حروبها ضد
لبنان، ومنع محاولتها ارباك النظام العام في لبنان، ومنع تهديد سوريا من جهة لبنان
عبر استخدام اجوائه او مياهه او جغرافيته .
ايها
الاعزاء
ان اهم ما
في الحياة هي الذاكرة
لذلك ارجو ان لا تسقطوا من ذاكرتكم اسماء وصور المقاومين النبلاء الذين سقطوا وهم
يصنعون التحرير .
كما ارجو ان لا تسقط من ذاكرتكم وانتم تتنعمون بالحياة التضحيات العظيمة لشعبكم صور
صموده الرائعة .
انكم دون شك
منتبهون انكم تقفون على مسافات قليلة من مخيمات سحقتها الطائرات الاسرائيلية، وانكم
تقفون على مرمى العين من حصن حركة امل في قرى معركة والعباسية وبرج رحال وطبريا
وبدباس وطورا وديـر قانون النهر التي اشهرت قبضتها الحسينية بمواجهة القبضة
الحديدية .
انكم تذكرون
دون شك الموت الكثير في قانا عندما حصدت المدافع الاسرائيلية ارواح اطفال وطلاب هم
زملاء لكم تحت علم قوات الامم المتحدة، التي تحاول قوى دولية مؤثرة ان تختصر دورها
وان تقلص عديدها اليوم، وهو الامر الذي نرى فيه خدمة كبرى لاسرائيل .
انكم لا
تعرفون ولكن افواجاً اخرى سبقتكم تعرفت الى استاذ في مؤسسة تربوية زميلة لهذا الصرح
هي مؤسسة جيل والى استاذ في المقاومة كان يبني بيتاً للنصر على صخر حتى لا تجرفه
السيول هو محمد سعد .
انني واثق
انكم تعلمتم على ايدي اساتذة تشبعوا بالمقاومة وانهم ملؤوا صدروكم بحب الوطن
والتمسك بالارض، وانهم سبقوا الجميع الى فكرة تخريج فوج التحرير .
اننا لذلك
نراهن عليكم في ان لا يسقط لبنان في تجربة الشيطان والشر الذي تمثله اسرائيل وانكم
ستكونون خير المقاومين في الدفاع عن انموذج التعايش الذي يمثله لبنان بمواجهة
العنصرية التي تمثلها اسرائيل .
لقد تعلمتم
دروس المقاومة وهي تسجل اروع الانتصارات علىامتداد تلال جنوبكم من الناقورة الى
العرقوب، واليوم اوجه بصائركم لتتعلموا دروس انتفاضة اشقائكم في فلسطين وهم يبنون
بحجارتهم بيت مستقبلهم .
ايها
الاعزاء
انكم
تتوجهون غداً الى معاهد الدراسات العليا فلا تكونوا هناك مطية لاحد .
احملوا رسالة الجنوب رسالة السيد المسيح ( عليه السلام )، رسالة المحبة ورسالة
قانا، قانا العرس وقانا المجزرة الى لبنانكم واشقائكم والعالم .
واحملوا رسالة امامكم موسى الصدر : رسالة التعايش والوحدة الوطنية والمقاومة الى
لبنان واشقائكم والعالم .
واحملوا لبنانكم الذي هو رسالة الحرية وفي قلبه الجنوب .
اخيراً
اتوجه بالشكر الجزيل الى رئيس المدرسة الاب فيليب يزبك ومديري الاقسام ومن الاباء
والاخوات، مقدماً التهاني الى ذوي الخريجين والخريجين سائلاً الله ان يعيد علينا
مثل هذا اليوم من العام القادم وقد استكملنا تحرير ارضنا العزيزة، وقد تحرر الجولان
العربي السوري، وقد انتصرت الانتقاضة في فلسطين وحررت الارض واستعادت الحقوق، لأنه
بذلك وحده يتحقق سلام المنطقة وسلام لبنان.
عشتم
عاش لبنان
|