كلمة الرئيس نبيه بري في حفل تدشين المدرسة الرسمية في معروب ـ قضاء صور
ووضع حجر الأساس لمشروع المسلخ الحديث في مدينة صور


 

رعـى رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي عصر الجمعة 1/ 2 /2002 افتتاح المدرسة الرسمية في بلدة معروب ـ قضاء صور، والتي شيدها مجلس الجنوب.


حضر حفل الافتتاح راعي الاحتفال ووزير الطاقة والمياه د. محمد عبد الحميد بيضون ومدير التعليم المهني يوسف ضيا ممثلاً الوزير عبد الرحيم مراد، والنواب عبد اللطيف الزين وأنطوان خوري وياسين جابر وعلي خريس وعبدالله قصير والمفتش التربوي العام رضا سعادة ومحافظ النبطية محمود المولـى ورئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان.


أقيم الاحتفال في بـاحـة المدرسة حيث توالـى على الكلام السادة :
رئيس بلدية معروب علي فنيش، والمدير العام للتعليم المهني والتقني يوسف ضيـا بإسم الوزير مراد، فرئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان.


ومسك الختام، كانت كلمة راعي الاحتفال الرئيس برّي:

 

بسمه تعالى

من صور التي " شربت الصبر من اكواعها " وتحملت اوجاعها، إلى ان جاء المدينة رجل يسعى، واطلق في برّيتها صرخته : " لن نهدأ طالما هناك محروم واحد ".

من صور التي سمعت الصوت وصدقت الوعد، وانها ليست غريبة في وطنها وان اهلها ليسوا ضيوفاً.

من صور التي شمسها تفتح عرشها لشهوة الضوء، وتغامر بالانتماء إلى الفرح، فتكتب اشجاراً في حديقتها ونخيلاً على شرفات بحرها.

من صور التى تضيء قناديل حكمتها على جمام الماء لتصبح لائقة بكتابها.

ومن صور التي لم يكن لها قرين في المدن، والتي عادت مدينة مرصودة بالمقاومة.

من صور التي وضعنا حجر الاساس لمسلخها، احمل التحية إلى معروب، إلى البيت الذي كان حرزاً لأدهم خنجر وصادق الحمزة من صيبة عين الاعادي، وإلى البيت الذي همس فيه الامام الصدر في بداية الطريق بكلمة السر : ( امل ). اقصد إلى بيت المرحوم المختار الشيخ احمد فنيش وولده المختار عبد اللطيف فنيش.

 

وبعـد وبعـد،

 

اذكر يوماً من ايام حزيران عام 1982 :

كان الجنرال ارائيل شارون وزير الدفاع الاسرائيلي انذاك يدفع بجيوشه نحو بيروت .

اذكر كان الجميع يتراجع إلى الخلف، يتركون خلفهم الجنوب واقفاً في منتصف الطريق وهو يصرخ إلى اين انتم ذاهبون.

كان الجميع يمضي إلى الجهات غير المسجلة في القيود، اذكر شهقة بضعة صقور ارادت ان تتعلم الهواء على الهواية عند مثلث خلده.

كانت امهم بيروت تحلق امامهم وتغريهم بحنان الريح، كانـوا صقـوراً من امـل يتقدمهـم الشهيد حيـدر عزالدين ابن معروب.

من يذكر ذلك التاريخ ليتعلم اليوم الدرس ؟

كانـوا شلة مــن المقاتلين دون غطـاء جوي ودون دروع، " ركعوا على رجل ونص " في منتصف الاوتوستراد واطلقوا قذائفهم المضادة للدروع على رتل الاليات الاسرائيلية.

في تلك المعركة قتل نائب رئيس الاركان الاسرائيلي بوكتئيل ادام وعاد مقاتلو امل شهداء او احياء سالمين غانمين. وحده حيدر عزالدين لم يعد ولا زال يحرس المكان.

والحكاية لا تنتهي، وكأن معروب على موعد مع كل فصـول حكاية الوطن، وشهداؤها يباغتون النسيان بحضورهم الدائم : الاخوة موسى وعلي وحسن فنيش، الاخوة سمير وعصام علي شحاده، والمجاهدون محمد دمشقي وحسين جواد دهوق واحد ابطال السادس من شباط بسام امين فنيش والاب والابن مصطفى وامين خليل خميس وصالح جميل دبوق وسعيد محمود شحادي وحسين ماضي وفريد بندر وعبدالله فنيش والاخوة شهداء المقاومة الاسلامية على محمد شحاده واحمد عبد الامير دبوق ومحسن فنيش.

لماذا تراني افتح دائماً المشهد على كتاب الشهداء ؟

اجيب : مرة افتحه لكي لا تموت الذاكرة او يخبو زيت قنديلها، ومرة لكي اسمي القرى بأسمائها، ودائماً من اجل ان نأخذ الدروس والعبر.

الان ادخل إلى المشهد من بوابة خلده، لأن شارون نفس شارون اصبح يمثل سلطة القرار السياسي والعسكري في اسرائيل، وهو نفسه يحاول ان يضرب استقرار النظام العام في لبنان، ليزيل بصماته الدامية عن مجزرة صبرا وشاتيل،ا ويقتل كل الشهداء بدءاً بالمغدور ايلي حبيقة، ولأن شارون نفسه يوغل اكثر واكثر في الدم الفلسطيني وسط اطراء دولي ومحاولة لتلطيخ سمعة الشعب الفلسطيني بالارهاب، ووسط سقوط عربي يصل إلى حد المطالبة بالتوسل.

في الاطار اللبنـاني وعلى خلفية جريمة اغتيال الوزير حبيقة، فإنني احذر من ان اسرائيل ستحاول دائماً النيل من لبنان، والثأر من لبنان واستهداف عناصر الموقف اللبناني التى اسهمت في دحر الاحتلال.

انني اجدد القول كما دائماً بأن سلاحنا الاقوى بمواجهة مخططات اسرائيل هو وحدتنا الوطنية.

ان اسرائيل ستحاول احداث اهتزازات امنية على مساحة المنطقة وليس لبنان فحسب، وذلك للضغط من اجل اعادة انتاج تماسك نظامها الامني، بعد ان استطاع الفلسطينيون اثبات هشاشة الامن الاسرائيلي.

ان الارهاب الاسرائيلي في المرحلة المقبلة سيتعدى حدود كل الساحات، وسيحاول النيل من لبنان بصورة خاصة، بسبب انعقاد القمة العربية على ارضه، ولأنه عاد لاستقطاب حركة دبلوماسية نشطة ولأن نظامه المصرفي عاد للتماسك، ولأن الثقة بالدولة في لبنان آخذة بالتزايد.

ومن الجنوب نقول : ان لبنان لن يخضع للتهديدات او التلميحات او الاشارات او التوجيهات، وان احداً لن يمكنه ان يعيد عقارب الساعة إلى الوراء وان يعيد انتاج الفتنة، او ان يخمد مقاومتنا التي اثبتت مطلع الالفية الثالثة، ان اي شعب مهما كان صغيراً يستطيع الانتصار بوحدته وبارادته وبادارته لموارد صموده وانتمائه وتاريخه.

ومن الجنوب نقول اننا سنبقى ملتزمين ثوابت علاقة المصير والمسار مع الشقيقة سوريا، وبثوابت موقفنا التي تؤكد على بناء وصناعة السلام العادل والشامل تحت مظلة القرارات الدولية.

واعيد القول من الجنوب، بأننا لن نقبل بإعطاء جوائز لاسرائيل على حروبها ضد لبنان، وتشريع احتلالها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا تحت ستار وقوع هذه المزارع في اطار هذا القرار الدولي او ذاك، او بمحاولة الايقاع بين لبنان وسوريا حول هوية المزارع، لأن احداً في العالم لا يختلف بالنتيجة على ان هذه المزارع ليست اسرائيلية.

 

ايها السادة

 

قبل ان اعود إلى معروب وإلى المناسبة، لا بد من التأكيد ان السياسة العدوانية الاسرائيية لم تترك خياراً آخر غير المقاومة امام الشعب الفلسطيني، الذي تدك وتدمر مدنه وقراه ومخيماته، ويجري اقتحـامها بوحشية ويتم تجريف وسائل الحياة فيها.

ان المسألة اعمق وابعد من وضع اي رمز فلسطيني على منظار التصويب الاسرائيلي بالبندقية او الدبابة او الطائرة، فقد جرى اغتيال عناوين كثيرة للمقاومة الفلسطينية، ونحن في لبنان لا ننسى القادة الثلاثة كمال عدوان وابو يوسف النجار وكمال ناصر وغسان كنفاني وسعد صايل، كما لا ننسى خليل الوزير وماجد ابو شراره وغيرهم وآخرهم ابو علي مصطفى، ورغم ذلك استمر الشعب الفلسطيني في حمل راية التحرير.

اننا نقول لاهلنا في فلسطين، ان كل استعمار على وجه البسيطة اعتقد انه تمكن من دفن قضية هذا الشعب او ذاك، الا ان التاريخ اكد انه ليس بالامكان لأي استعمار او لأي عدو للبشرية من قتل ذلك الشعب وقتل امانيه الوطنية.

نعيد القول انطلاقاً من الجنوب بان رفع المسؤولية الدولية تجاه ما يجري في فلسطين، والاستمرار في معاملة اسرائيل كإستثناء لا تطبق عليه القرارات الدولية، سيؤدي عاجلاً ام آجلاً إلى اشعال المنطقة، وإلى كرة نار سرعان ما ستكبر وتهدد الامن والسلام الاقليميين والدوليين.

 

ايها السادة

 

انني من الجنوب، وبمناسبة القمة العربية سواء انعقدت في موعدها او لا، فإنني ادعو لأن يتضمن جدول اعمالها مكاشفة صريحة للولايات المتحدة الاميركية بشأن سياستها الخارجية تجاه الشرق الاوسط والقضايا العربية.

كما ادعو إلى الاستثمار على القمة لوضع خطة عربية للتوجه للرأي العام الاميركي، بالحقائق المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ورصد الامكانيات الضرورية من اجل حملة اعلامية تكشف كل فصول ارهاب الدولة في اسرائيل.

انني اجزم بأن دافع الضريبة الاميركي غير مطلع على ان الاموال التي تصرف على تسليح اسرائيل بأحدث الاسلحة الاميركية، هي استنزاف متواصل للموارد الاميركية على وسائل تعزز العدوانية الاسرائيلية، وتهدد الاستقرار الذي تحتاجه الشركات الاميركية للاستثمار على الشرق الاوسط كمساحة واسعة للاستهلاك، كما ان الضغط الاسرائيلي على السياسة الخارجية الاميركية يعكس نفسها سلباً على العلاقات العربية - الاميركية.

 

ايها السادة

 

وبالعودة إلى معروب والمناسبة، فإني اتوجه بالتحية مجدداً إلى مجلس الجنوب رئيساً وادارة وموظفين، على دينامية هذه المؤسسة الخلاقة التي تواصل سد غياب مؤسسات الدولة عن الجنوب.

انني وبعد انجاز مجلس النواب اقرار موازنة الدولة، لن اطلب الكثير، وانا ادرى بالعجز الحاصل وبمديونية الدولة، ولكن هذا لا يعفي الحكومة من تنفيذ التزاماتها والتزامات الحكومتين السابقتين تجاه الجنوب.

وبمناسبة افتتاح هذا الصرح التربوي الجديد، فإنه من المفيد بداية الاعتراف ان الازمة في لبنان ومثلها في عالمنا العربي ليست ازمة التربية وحدها ولكنها ازمة التنمية.

فالمدرسة، هذه المدرسة وسواها، لا تستطيع ان تقوم بدروها في مجالات تنمية الموارد البشرية، الا اذا غدا النظام التربوي شبكة واسعة من النشاطات التربوية تتم داخل المدرسة وخارجها وتنساب بين المدرسة وعالم العمل.
وعليه فإن ما يجب ان نؤسس له بالترافق مع زيادة مؤسسات التعليم وتنويعها وتشعيبها هو : التربية التي تؤدي إلى التنمية البشرية وبالتالي إلى التنمية الشاملة.

اقول ذلك لأن المطلوب من النظام التربوي، ليس القضاء على الامية او ان نكون مصنعاً للشهادات، وبالمعنى الاصح لعاطلين عن العمل بشهادات عليا.

ان المطلوب من معالي وزير التربية ان يقود انقلابات اساسية في اهداف وسياسة وادارة وهيكل ومحتوى التربية، بحيث يؤسس لتربية في خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الشاملة وبحيث تستشف حاجات المستقبل ومفاجآت الغد.

اننا هنا لا نحمل التربية وحدها العبء الجسيم، ولا بد من اسهام سائر قطاعـات المجتمع وتعاونها وتفاعلها وتنسيق جهودها.

 

الاهل الاعزاء

 

سيكون لنا دائماً معكم موعد متجدد مع مشروعات جديدة على مساحة الجنوب، ليس انحيازاً لهذه الجهة من الوطن، بل لأن التجربة اثبتت ان بناء صمود الجنوب هو الذي يؤسس لمنعة وقوة واستقرار لبنان.

 

عشتـــــم
عاش لبنــان

 

ثم قصّ الرئيس برّي والحضور الرسمي شريط الافتتاح التقليدي وقاموا بجولـة في أرجـاء المدرسة.

 

وضع حجر الأساس للمسلخ :

 

كذلك رعـى الرئيس بري احتفال وضع حجر الأساس لبناء المسلخ الحديث لمدينة صور ومنطقتها، في منطقة المشروع الأخضر خلف المدينة الصناعية في صور، في حضور النواب علي الخليل وعبدالله قصير وعلي خريس، والنائب السابق أحمد عجمي، ومحافظ النبطية محمود المولـى ورئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان ورئيس بلديـة صور عبد المحسن الحسيني وأعضاء المجلس البلدي ورئيس مجلس إدارة حصر التبغ والتـنباك ناصيف سقلاوي وقائمقام صور حسين قبلان وشخصيات.


وبعد النشيد الوطني، رحب عضو مجلس بلدية صور محمود قدادو باسمه وباسم مجلس بلدية صور بالرئيس بري ثم وضع الحجر الأساسي.