قدم النائب جوزف معلوف، بواسطة رئاسة مجلس النواب، استجوابا إلى الحكومة حول "أسباب الإمتناع عن ترقين إشارات التخطيط المنقضية" وذلك بعد الحصول على رد سطحي من الحكومة حول السؤال الذي كان قد تقدم به حول هذا الموضوع.

وجاء في نص الاستجواب:
"وحيث أني قد وجهت سؤالا إلى الحكومة بتاريخ 7/2/2012 حول أسباب امتناع الإدارة عن ترقين إشارات التخطيط المنقضية وفقا لقانون الاستملاك إلى استجواب، ولما كانت الحكومة قد جاوبت بتاريخ 26/6/2012 بشكل سطحي ومن دون أن ترد على جوهر السؤال المذكور، لذلك أرجو من دولتكم، عملا بالمادة 126 من النظام الداخلي، تحويل السؤال المذكور إلى استجواب، مرفقا بعض التفاصيل والمعطيات الجديدة التي أرغب إضافتها إلى السؤال الموجه سابقا:

أولا: إن الغاية من الاستملاك هي تنفيذ عمل أو مشروع تحقيقا للمنفعة العامة، فاذا لم ينفذ هذا العمل يكون الاستملاك فاقدا لسبب وجوده، ويصبح بالتالي من حق مالك العقار المستملك أن يطالب باستعادة ملكه. ويؤدي انقضاء مهلة تنفيذ مرسوم الاستملاك إلى فقدان الأساس القانوني الذي بني عليه المرسوم، وتجعله ملغيا لزوال المنفعة العامة، ويشكل بالتالي عدولا ضمنيا عن الاستملاك.

وحددت المادة الثالثة من قانون الاستملاك، رقم 58/91 المعدل بتاريخ 8/12/2006، المدة القصوى التي خلالها يجب المباشرة بمعاملات الاستملاك، على ألا تتجاوز الثماني سنوات من تاريخ نشر المرسوم في الجريدة الرسمية.

كما أدخل التعديل المذكور لقانون الاستملاك أحكام جديدة أهمها تحديد المدة القصوى لمراسيم التخطيط النافذة قبل تاريخ نشر القانون المذكور وميز بين ثلاث حالات:

-مراسيم التخطيط التي لم يمض على تاريخ صدورها عشرون سنة، وهي تبقى سارية المفعول ومعمولا بها، على ألا تزيد مدة نفاذها عن الـ خمسة وعشرين سنة.
-مراسيم التخطيط التي مضى على صدورها أكثر من عشرين سنة، وتبقى سارية المفعول ومعمول بها خمس سنوات من تاريخ نشر هذا القانون.
-مراسيم توسيع الطرق القائمة التي حدد مهلة العمل بها بخمسة عشر سنة اضافية.

ثانيا: اذا نفذت الإدارة التخطيط بجميع مراحله، وضمت العقارات أو أجزأها الى الأملاك العامة، ولكن من دون تنفيذ الأشغال العائدة لهذا التخطيط، يمكن للأدارة خلال مدة سنة من تاريخ نشر هذا القانون، (تعديل قانون الاستملاك الصادر عام 2006)، المباشرة بتنفيذ الأشغال موضوع التخطيط، وإلا حق لمالك العقار أو لخلفائه خلال مدة سنة من تاريخ انقضاء مهلة السنة (التي أتينا على ذكرها) المعطاة للأدارة، طلب استرداد العقار.

إن انقضاء المهل هذه المشار اليها أعلاه دون قيام الادارة المعنية بالمباشرة بالتنفيذ يسقط هذه المراسيم ويجعلها كأنها لم تكن.

ثالثا: في موضوع التعويض، حدد الدستور اللبناني الحالات التي يجوز فيها للدولة الاستملاك واشترط أن يكون ذلك لقاء تعويض عادل يتقاضاه صاحب العقار المستملك، على أنه يقتضي ايداع التعويض قبل اتخاذ قرار وضع اليد، الذي ينذر المالك بوجوب اخلاء العقار. ولا يمكن وضع اليد على العقار المستملك ما لم تودع الأدارة الثمن الذي قررته لجنة الاستملاك في صندوق الدولة أو في المصارف التي اعتمدتها. كما وأن ايداع جزء من التعويض لا يمكِّ الادارة من وضع اليد على العقار المستملك (مجلس شورى الدولة، قرار رقم 34، تاريخ 22/3/1950 نشرة قضائية 1969، ص 66).

ويتم تقدير ثمن الاسترداد من قبل لجنة الاستملاك على أساس قيمة العقار المطلوب استرداده بتاريخ الاسترداد دون تطبيق الحسم المنصوص عليه في المادة 11 من قانون الإستملاك الجديد.

وفي حال لم تقم الإدارة بعملية ايداع تعويض الاستملاك وبإتخاذ قرار وضع اليد إلا بعد انقضاء مدة الخمس سنوات المحددة في مرسوم اعلان المنفعة العامة، أي المدة القصوى لتنفيذ الاستملاك، فان قرار وضع اليد المتخذ بعد أن يكون مرسوم إعلان المنفعة العامة قد سقط، يعتبر مجردا من أي سند قانوني، وكل المعاملات اللاحقة المبنية على هذا القرار تصبح بحد ذاتها مجردة من أي سند قانوني وتستوجب الابطال. (مجلس شورى الدولة، قرار رقم 301، تاريخ 25/1/1996 مجلة القضاء الاداري 1997، ص 398).

رابعا: أكد قانون الاستملاك المعدل على ضرورة المباشرة في تنفيذ الاستملاك. واعتبر الإجتهاد أن مفهوم المباشرة هي تلك المباشرة الجدية والفعلية لا تلك التي تتحايل على القانون وعلى غاية المشرع من النص. فاذا عمدت الادارة إلى اجراء أعمال وهمية وتوقفت عند هذا الحد، فلا يعتبر ذلك مباشرة بالتنفيذ. (مجلس شورى الدولة، قرار رقم 79، تاريخ 20/11/1995، مجلة القضاء الاداري 1997، ص132).

كما أن تقدير ما اذا كان التنفيذ جديا وفعليا، يدخل ضمن صلاحية المحاكم العدلية (محكمة استئناف جبل لبنان، قرار رقم 195، تاريخ18/2/1960) (محكمة التمييز، قرار رقم 121، تاريخ 16/12/1960).

خامسا: إن رد الحكومة على سؤالنا إقتصر على قيام كل وزارة برمي المسؤولية على سواها. حيث تذرعت وزارة الاشغال العامة والنقل بأن عملية التحقق من انطباق الشروط، المحددة في قانون الاستملاك المعدل، على مراسيم تخطيطات الطرق تتطلب عملا دقيقا على الأراضي وفي المكاتب، وتطال عددا كبيرا من المراسيم، وهو عمل يفوق طاقة الوزارة وإداراتها، وعليه فإن ترقين الإشارات يقتصر حاليا على الطلبات المقدمة من أصحاب العلاقة.

فيما رأت وزارة الداخلية والبلديات بأن سقوط المهلة واعتبار التخطيط كأنه لم يكن تقرره الإدارة المعنية بالإستملاك، حيث يعود لها وحدها حق الطلب من أمين السجل العقاري ترقين قيود التخطيطات المذكورة.

أما رد وزارة المالية فجاء متناقضا مع روحية قانون الاستملاك ومسقطا الذرائع التي أوردتها وزارتي الداخلية والأشغال، حيث أوردت بأن الوزارة أصدرت مذكرة التعميمية رقم 1316/ص1 تاريخ 11/4/2012 طلبت بموجبها من أمناء السجل العقاري عدم شطب أي إشارة تخطيط عن صحائف العقارات المصابة بالتخطيط إلا بناءً على طلب الإدارات المختصة. ثم عادت وأصدرت المذكرة رقم 1876/ص1 تاريخ 29/5/2012 وطلبت فيها من أمناء السجل العقاري أن يحيلوا الطلبات المتعلقة بترقين قيود التخطيطات القائمة إلى الإدارة المختصة دون اتخاذ اي قرار بشأنها، كي لا يعترض على قراراتهم لدى القضاء، وبأنه يبقى على الإدارة بيان الوضع واتخاذ القرار اللازم بالشطب.

ومما ذكر يتضح عدم جدية الحكومة مجتمعة، والوزارات المعنية بشكل خاص، في تعاطيها مع هذه المسألة ومع الظلم المتمادي الذي يلحق بالكثيرين من أصحاب العقارات المشمولة بالتخيطيط. فلو كانت مهلة الثماني سنوات غير كافية للوزارات المعنية كي تعيد درس مراسيم التخيطيط التي حدد قانون الاستملاك موعد سقوطها بنهاية العام 2011، وبالتالي كي تحدد بشكل مدروس العقارات التي ترغب فعلا باستملاكها لمصلحة المنفعة العامة، وتبادر إلى تنفيذ هذا الاستملاك ودفع التعويض العادل لأصحابها ورفع الغبن اللاحق بهم، فما هو الوقت المطلوب لذلك؟.

وبأقصى الأحوال أما كان على الحكومة المسارعة بالمبادرة في تحديد العقارات التي ترى ضرورة قصوى في استملاك الدولة لها وإصدار مراسم تخطيط جديدة تطال هذه العقارات دون سواها، وتأمين الأموال اللازمة للتعويض على أصحابها؟.

إن طريقة تعاطي الحكومة مع هذا الموضوع يشكل إمعانا في مخالفة القوانين وفي التعدي على الملكية الفردية التي حماها الدستور من دون مسوغٍ قانوني، فهل سياسة النأي بالنفس تشمل أيضا نأي الحكومة بنفسها عن الخضوع لأحكام الدستور والقوانين؟"