افتتحت في العاشرة من قبل ظهر اليوم في قاعة المكتبة العامة في مجلس النواب، ندوة عن "التحولات الديموقراطية في العالم العربي وانعكاساتها على لبنان"، في حضور النائب سيمون ابي رميا ممثلا مجلس النواب وعدد من المهتمين والمختصين وكذلك مدير برنامج الامم المتحدة الانمائي في لبنان لوكا ريندا.

افتتح النائب أبي رميا الندوة، وقال:
"يسرني ويشرفني أن أتكلم باسم مجلس النواب في هذه الندوة المنعقدة في اطار اليوم العالمي للديموقراطية الذي يحييه مجلسنا بالاشتراك مع منظمة الامم المتحدة الكريمة. إسمحوا لي أولا أن أعبر عن فخر مجلسنا بتنظيم ندوة كهذه تندرج في صميم رسالته الجوهرية ومبادئه الاساسية ومسارات عمله التشريعي: اوليس مجلس النواب معقلا للديموقراطية وتجسيدا يوميا لها من خلال التعبير الحر والاحترام المتبادل والاصغاء الكامل والحوار المفتوح والنقاش الصريح ثم الاختيار والتسويغ والتصويت. اسمحوا لي ثانيا أن أكتفي بأفكار ثلاث استوحيها من موضوع الندوة، تاركا الغوص العلمي فيها للمختصين باشكالياتها وميادينها والذين سيتحفوننا بمداخلاتهم".

أضاف:"الفكرة الاولى فنابعة من موقفي وشعوري ازاء ما سماه منظمو الندوة "التحولات"، فبعيدا عن التشنجات والشكوك ومعايير التقييم المختلفة باختلاف الاهواء والمصالح فبنظري يكون اعمى واطرش من لم ير اثرا ولم يسمع دويا لتحول أكيد عاشه العالم العربي خلال السنوات الماضية. اما الفكرة الثانية فتساؤل حول هذه التحولات الاكيدة ومضمونه واضح وصريح: اين هذه التحولات من الديموقراطية؟ وجوابي انه بالرغم من العنف المدمر الذي أدت إليه هذه التحولات إنما حدثت لأنه كانت للشعوب فيها يد اختلف طولها وتأثير فعاليتها باختلاف البلدان التي جرت فيها، والشعوب لا تتحرك الا اذا وعت فاختارت التحرك . وهل الديموقراطية الا وعي وتحرك؟ فالشعوب اذا لم يهزها وعي، نامت واستسلمت وفاتتها مواعيد الانتفاضة والحرية".

وتابع:"أما الفكرة الثالثة فحول انعكاسات هذه التحولات الديموقراطية على لبنان. ويقيني أن الإنعكاسات لا يمكنها إلا أن تحمل خيرا عليه، وهل في التحول والديموقراطية إلا الخير؟ وهي ستزيد من تشبث لبنان بتراثه الديموقراطي العريق وبنظامه الديموقراطي الذي كان وحده كفيلا بخروجه من اتون الحرب قابلا للعيش من جديد. إن التحولات الديموقراطية في العالم العربي هي بمثابة اعتراف بصواب خيارات لبنان الديموقراطية وكل ما يتمناه لبنان ألا تحيد هذه التحولات عن رغبات الشعوب التي أحدثتها في الحرية والديموقراطية واحترام حقوق الانسان".

وقال:"تعلمون جيدا أن النقاش الحاضر في لبنان حول الاحداث التي تجري في المنطقة وبخاصة في الجوار السوري انعكس انقساما عموديا على مثال الانقسام القائم على الصعيد الداخلي ولم أسمح لنفسي اليوم التكلم باسم فريق على حساب فريق آخر بل دعوني أطرح الآمال المعقودة والتساؤلات المشروعة حول ما جرى وما سيجري في محيطنا العربي. لا شك أن حراك الشعوب من أجل إصلاحات جذرية وعميقة تطاول بنيان الدول العربية التي تحكمها ديكتاتوريات وأنظمة مستبدة ودموية هو حراك مشروع وفعل ايمان من قبل هذه الشعوب بالمبادىء الديموقراطية التي تحترم التنوع والتعددية وحق الاختلاف. وهذا شرط أساسي لنمو المجتمعات وازدهار الشعوب ورفاهية المواطنين".

وأضاف:"أما الخوف كل الخوف أن تأتي مجموعات منظمة قاسمها المشترك ايديولوجيات تعتمد رفض الآخر وتفرض قناعاتها تدريجيا على مجتمعاتها والبيئة التي تنمو فيها على حساب المشروع الحلم المرتكز على نشر ثقافة الديموقراطية فكرا وممارسة. والتخوف الثاني ان يدخل على خط التحركات العفوية البريئة ايادي خارجية خدمة لمصالح دول او محاور لا علاقة لها بالمطالب المشروعة لشعوب المنطقة الطامحة الى عدالة اجتماعية وتنمية تطال كل قطاعاتها فتنحرف هذه التحولات من الايجابية المنشودة الى السلبية الهدامة".

وختم:"لبنان ليس جزيرة منعزلة عن محيطه العربي لا شك في أنه يتأثر بكل التحولات التي تشهدها المنطقة برمتها خاصة في ظل الصراعات التي تأخذ منحى مذهبيا خطيرا.لذا نحن مدعوون الى تحصين وحدتنا الداخلية وتحسين مناعتنا الوطنية فاذا اتت هذه التحولات بربيع ديموقراطي سيكون للبنان الدور الريادي لأنه كان السباق في اعتناق الديموقراطية والشراكة بين مكونات مجتمعة، اما اذا تحول هذا الربيع الى شتاء قارس مرتكز على العنف الدائم ورفض التعددية فنكون قد حمينا ساحتنا الداخلية من الانعكاسات السلبية ومنعنا نقل الصراعات العربية والاقليمية والمذهبية الى ساحتنا الداخلية.وهذا هو التحدي الكبير، فهل نحن جاهزون؟".

ثم كانت كلمة مدير برنامج الامم المتحدة الانمائي في لبنان لوكا ريندا قال فيها:
"يسرني ان افتتح معكم اليوم هذه الورشة. اسمحوا لي بداية ان استشهد بما قاله الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في رسالة وجهها خصيصا لهذه المناسبة تحت شعار التوعية بالديموقراطية، ان "التوعية بالديموقراطية شرط اساسي من الشروط المسبقة لتحقيق الديموقراطية الذي لا بد منه للنجاح على المدى الطويل. وان الحوار الشامل لجميع الاطراف بالغ الاهمية، ويجب ان نعمل على تعزيز التعددية وحماية حقوق الاقليات والفئات المستضعفة ويجب ان تكون المرأة في صلب الجهود الرامية الى بناء مستقبل ديموقراطي وان تجد اصوات الشباب آذانا صاغية".

وأضاف:"دعونا نرسخ ثقافة المشاركة في الحياة المدنية لاستكشاف الفرص التي تتيحها وسائل الاعلام الجديدة وان برنامج الامم المتحدة الانمائي ملزم التزاما راسخا بالعمل مع شركائه من اجل اعداد مبادرات عالمية ومحلية تجعل من التوعية بالديموقراطية جزءا لا يتجزأ من جميع المبادرات التثقيفية وعنصرا من عناصر استراتيجيات الحوكمة على المدى الطويل".

وقال:"انطلاقا مما سبق ذكره، نؤكد استمرار برنامج الامم المتحدة الانمائي تقديم الخبرات والتجارب والافكار لتعزيز المؤسسات والممارسات الديموقراطية التي تصب في تعزيز الجهود الرامية الى بناء دولة ديموقراطية، واسمحوا لي هنا ألا أتطرق إلى ما يقدمه البرنامج في عمله مع الحكومة اللبنانية واكتفي تعداد بعض الانشطة التي يقوم بها البرنامج داخل مجلس النواب والمتعلقة بتعزيز الديموقراطية:

- الخطة الوطنية لحقوق الانسان: يقوم برنامج الامم المتحدة الانمائي منذ العام 2005 بالشراكة مع مكتب المفوض السامي لحقوق الانسان بدعم لجنة حقوق الانسان في مجلس النواب اللبناني من اجل وضع خطة عمل وطنية لحقوق الانسان في لبنان تلقي الضوء خصوصا على مبادىء حقوق الانسان العالمية وفهم معاييرها وتطبيقها في التشريعات الوطنية وسوف يتم اطلاق الخطة نهاية هذا العام.

- برنامج تدريبي لخريجي الجامعات: تم اطلاق البرنامج في 30/11/2011 وهو يهدف الى اتاحة الفرصة امام خريجي الجامعات للتعرف على عمل المؤسسة البرلمانية وربط معارفهم النظرية بالعمل الفعلي في ما يتعلق بوضع التشريعات وصوغ السياسات العامة. ويهدف البرنامج ايضا الى اشراك الشباب وتعزيز دورهم في العملية الديموقراطية وفي اتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهم والى بناء شراكة حقيقية بين الشباب والمجلس والى تحفيز طموحاتهم.

- مشروع تعزيز المشاركة الشاملة لدى المؤسسات السياسية الديموقراطية للعام 2012 - 2014 وذلك من خلال اتباع نهج متكامل لدعم البرلمان والاحزاب السياسية في تطوير أطرها القانونية من أجل تعزيز قدرتها على إشراك كافة المواطنين-خصوصا المرأة والشباب-في العملية السياسية والتنموية الشاملة لكي تعزز علاقة الدولة بالمجتمع المدني وخصوصا في الحد من النزاعات.

- البرنامج العالمي لمكافحة الفساد من اجل فعالية التنمية ويهدف المشروع الى دعم اللجان النيابية المعنية من اجل تحسين مبادرات مكافحة الفساد لفعالية التنمية في مجال تطوير السياسات العامة في ثلاثة قطاعات هي: المياه والتربية والصحة.

- انتاج فيلم كرتوني تثقيفي عن العملية التشريعية في لبنان 2012-2013: يهدف الفيلم، في اطارالتطوير البرلماني الى تقديم وسائل ايضاحية للتعريف بالمؤسسة التشريعية وادوارها وللتواصل الكترونيا ما بين النواب والمواطنين خصوصا الشباب منهم لطرح اسئلتهم واقتراحاتهم بشكل دائم مما يعزز مشاركتهم في عملية صنع القرار.

هذا اضافة الى تقديم الدعم التقني المستمر للجان النيابية المعنية بصوغ اقتراحات قوانين تتعلق بحقوق المواطنين واشراكهم في صنع السياسات.

وختم:"ان الاحتفال اليوم باليوم العالمي للديموقراطية اضافة الى كونه مناسبة للتحاور والتوعية بالديموقراطية هو ايضا فرصة للفئات المشاركة في هذه الندوة للادلاء بآرائها واقتراحاتها في أدوار مجلس النواب. أشجعكم على ملء الاستمارة التي سوف توزع عليكم وأتمنى لكم التوفيق".

ثم بدأت جلسات العمل ووزعت استمارة عن آراء المواطنين وتوقعاتهم لأدوار مجلس النواب.