نظمت "منظمة برلمانيون عرب ضد الفساد" بالتعاون مع معهد "رصد العائدات"، ورشة عمل برلمانية اقليمية عن "التشريع والرقابة للبرلمانيين في مجال النفط والغاز والمعادن"، حضرها ممثل رئيس مجلس النواب رئيس منظمة برلمانيون عرب ضد الفساد النائب غسان مخيبر وممثلون عن البرلمانات العربية في كل من: العراق، المغرب، اليمن، تونس، ليبيا ومصر.

استهلت الورشة بكلمة للنائب مخيبر الذي اشار الى "اهمية انعقاد هذا المؤتمر لمكافحة الفساد في دولنا والسعي الى ثقافة افضل وقوانين اسلم من اجل الوصول الى هذه الغاية، لان دولنا جميعها وبنسب متفاوتة ترزح تحت عبء هذا الغول الكبير الذي اسمه الفساد وخلاصته استقلال المنصب العام والسلطة العامة او المنافع العامة لاغراض شخصية ومنافع خاصة مرتبطة بزبائن من يتولى هذه السلطة العامة".

ورأى ان "الوضع في دولنا وفي لبنان يتشابه لا سيما في المساعي لمكافحة هذا الفساد وللوقاية منه".

وقال: "غالبية دولنا صادق على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد"، معتبرا ان هذه الاتفاقية ستشكل خارطة طريق للعمل في كل دولة من الدول المعنية على مكافحة الفساد والوقاية منه، لافتا الى ان الادوات لذلك عديدة منها الحكومات والقضاء ومؤسسات المجتمع المدني والبرلمانات العربية، مشددا على اهمية دورها في مكافحة الفساد على الرغم من ان الامم المتحدة اغفلت بشكل كامل هذا الدور الهام للبرلمانات.

واعتبر ان عمل البرلمانيين في اللجان وفي البرلمانات وفي منظمات ك"منظمة برلمانيون عرب ضد الفساد" تكمل جهود المؤسسات العاملة على مكافحة الفساد.

وتحدث عن دور البرلمانيين على الصعيد التشريعي والرقابي، لافتا الى ما يقوم به البرلمان اللبناني لمكافحة الفساد لناحية التشريع في مواد غير متوفرة.

وقال: "نحن في لبنان نعمل اليوم على صياغة قانون جديد يعمل على زيادة مستوى الحق في الوصول الى المعلومات، وهو قانون تقدم به عدد من النواب اللبنانيين، آملا من هذا النصح ان يسمح لعدد اكبر من المواطنين والصحافيين والبرلمانيين في الوصول الى معلومات بما فيها العقود والصفقات التي تعقدها الادارة لمساءلة ومحاسبة افضل ولشفافية اكبر في عمل الادارات العامة".

اضاف: "اما المجال الثاني للتشريع فيتناول اعادة قراءة نقدية للقوانين النافذة، فقد يكون لدينا قوانين تدعي بانها تكافح الفساد، ولكن ليس بالفاعلية المرتجاة وهي اسم على غير مسمى ومعها قانون الاثراء غير المشروع الذي صيغ في الخمسينيات، ولكن يبدو انه وضع كي لا يطبق وهو لم يستعمل منذ ان صدر ونحن نعمل اليوم في البرلمان على اعادة صياغة هذا القانون، وقد انجز الجزء الاكبر من هذه الصياغة في لجنة فرعية ويتضمن آليات للتصريح عن الذمة المالية وادوات تنفيذية وهي مؤسسة تلحظها اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد وهي هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد".

وتابع: "اما المستوى الثالث من العمل البرلماني فهو تفعيل مؤسسات وقوانين وجود هذه الهيئة"، لافتا الى وجود احكام تشريعية موجودة في القوانين اللبنانية لكنها غالبا لا تستعمل، وجرائم الفساد في لبنان كثيرة وليس هناك ما يردع المجرمون، معتبرا ان التحدي هو في استعمال الادوات التشريعية التي تنتجها البرلمانات، وقال: "اذا كان التحدي الاول هو في اصدار التشريعات فإن التحدي الاكبر يكون في تنفيذها، معتبرا ان التقصير الكبير يكمن في التنفيذ".

وتطرق الى دور البرلمانات واللجان البرلمانية "لاننا كبرلمانيين لا نكتفي بصياغة القوانين والنصوص، انما نعمل على مساءلة الوزارات والاجهزة الادارية والسلطات السياسية حول حسن تنفيذها، وكيفية استعمال المال العام، الذي يفترض به ان يكون مالا عاما وليس مالا سائبا، وفي الكثير من الاحيان ينظر الى المال العام وكانه مال بتصرف المؤتمن به ان كانت سلطات ادارية او مستقلة".

وشدد على "اهمية هذا اللقاء الذي ينكب على مناقشة التشريع والرقابة البرلمانيين في مجال الطاقة والغاز والمعادن".

وقال: "في لبنان نتحضر لنكون دولة نفطية، ونحن موعودون في البحر الابيض المتوسط بكميات كبيرة من الغاز الطبيعي وربما النفط. انما الخشية الكبيرة هي ان تتحول هذه النعمة الى نقمة، اي ان يتحول هذا المصدر المثير من المصادر الطبيعية الى مصدر جديد للفساد، وبذلك يتاكد بان دورنا كبرلمانيين هو العمل على الوقاية من الفساد وصياغة ادوات في التشريع وفي المساءلة والمحاسبة تقينا من ان تتحول نعمة النفط الى نقمة مستقبلية، وانتم كدول منتجة للنفط قد اختبرتم كيف يمكن لهذه المصادر ان تتحول الى مصادر فساد، ولذلك علينا مناقشة السبل المفيدة والكفيلة بتأمين الرقابة الجدية على تلك المصادر وبالوسائل الممكنة لتطوير وتحسين النصوص التشريعية النافذة او حتى صياغة قوانين جديدة اذا ما لزم الامر".

ولفت الى ان "القانون الذي صدر عن المجلس النيابي لتنظيم قطاع النفط اخذ بعين الاعتبار صعوبة ادارة هذه الاموال من قبل جهة واحدة فأنشأ صندوق بادارة مستقلة عن ادارة المالية العامة للدولة وهو الان ينتظر تحقيق المسؤولين عن الهيئة المستقلة لادارة قطاع النفط تمهيدا لاطلاق المناقصات واستدراج العروض الدولية في بند التنقيب عن النفط والغاز في لبنان".

وقال: "هذه الادوات في لبنان تأخذ اشكال الرئاسة بالمداورة بين الطوائف وهذه قد تكون مقاربة لبنانية للحد من تمركز السلطة والادارة في يد شخص واحد وجهة سياسية او طائفية واحدة".

وامل ان "تتمكن هذه الورشة من الخروج بتقييم واقعي ودون مواربة لواقع تشريعاتنا وانظمتنا في ادارة قطاع الغاز والنفط والمعادن لان المشاكل التي تعاني منها انظمتنا الخاصة بهذا القطاع تفرض علينا وضع قوانين وتشريعات تساهم في حسن ادارة مصادرنا الطبيعية وان نحول عملية هذه الاموال السائبة الى اموال عامة تكون في خدمة المواطنين".

ثم كانت كلمة للوري هايتايان من كبار المساعدين في معهد "رصد العائدات" والتي تحدثت عن كيفية جعل التنقيب عن الموارد الطبيعية نعمة وليس نقمة، في حين شرح رئيس قسم تنمية القدرات في معهد "رصد العائدات" ماثيو بيليغريني عن طريقة عمل المعهد المتخصص في مشاكل الموارد وسبل ادارتها بطريقة فعالة وشفافة، ومحاولة ايجاد حلول لها، مع الحكومات والبرلمانيين والمنظمات.

واشار الى ان "المعهد يقدم الدعم من خلال وسائل عدة كتنمية القدرات وبرامج تدريبية لتبادل الخبرات وزيارات متبادلة والابحاث اضافة الى العمل ببورصتي اميركا ولندن، لافتا الى ان المعهد يضم عددا من المحامين ورجال الاقتصاد المستعدين لتقديم المساعدة مجانا للبرلمانات وللصحافيين، اضافة الى العمل على تعزيز المعايير العالمية لمكافحة الفساد".

يشار الى ان المؤتمر يستمر على مدى ثلاثة ايام وسيناقش التشريعات والرقابة البرلمانية على النفط والغاز والمعادن وسبل الحوكمة وادارة العائدات وغيرها في القضايا المرتبطة بمكافحة الفساد.