13-الحق في الصحة

 

الحق في الصحة هو حق من الحقوق الأساسية للإنسان تقرّه الشرعة العالميّة والمواثيق المعنية بحقوق الإنسان وكم كبير من الدساتير الوطنية، باعتبار أن الصحة الجسدية والعقلية ضرورية وأساسية لتمتع جميع الأشخاص بحقوقهم الأخرى.

 

I- الواقع القانوني

 

أولاً: التشريعات الدولية

مع إنشاء منظمة الصحّة العالميّة، تمّ الإعتراف للمرّة الاولى بالحق في الصحة، اعترافاً دولياً؛ ومع الوقت، تأكد هذا الإعتراف من خلال مسيرة كبيرة من الإعلانات والعهود والمواثيق الدولية، نذكر منها: العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية، الإتفاقية العربية رقم 7 عام 1977، اعلان آلما- آتا الصادر عام 1978 الخاص بالرعاية الصحية الاولية.

 

ثانياً: التشريعات الداخلية

أنشئت وزارة الصحة العامة بقانون العام 1946، الذي حدد لها ثلاث مهمات: الوقاية، التوعية، والرعاية. ومع الوقت بدأ الاهتمام أكثر في اتجاه الصحة الإجتماعية، فأنشئت وزارة الشؤون الإجتماعية عام 1959، والصندوق الوطني للضمان الإجتماعي عام 1961 وانطلق صندوق المرض والأمومة عام 1971، وعُزِّزَت الرقابة بإنشاء مؤسسة التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية وغيرها من المؤسسات.

كما اقر مجلس النواب قانون رقم 673 (1998) المتعلق بالمخدرات والمؤثرات العقلية والس?ئف، وقانون رقم 623 (2004)  حول تنظيمممارسة مهنة علم التغذية وتنظيم الوجبات.  والتزم لبنان بالأهداف الإنمائية للألفية.

 

II-       الوضع الراهن في لبنان

 

أولاً: الصعوبات والتحديات

يعاني القطاع الصحي في لبنان من العديد من التشوهات التي تراكمت على مدى سنوات طويلة بفعل الحرب وغيرها، والتي أثّرت بشكل خاصّ في جانب العرض ونوعية الخدمات المنتجة وطرق تسعيرها ومصادر تمويلها، أهمها:

-          الإستدامة، الناتجة عن عدّة عوامل اهمها وجود ضغوطات متزايدة وغير محدودة تحيط بموضوع الإنفاق على الصحة، والناتجة بدورها عن ضعف تركيبة النظام الصحي والأطر الرقابية وادارة القطاع عموما، وتترجم في مستويات عالية من الإنفاق (غير مرتبطة بمستوى النوعية).

-          ضخامة المتأخرات المستحقة على القطاع العام لصالح الضمان الصحي والمستشفيات الخاصة، مما يشير الى اختلال بين العائدات والنفقات، وبالتالي الى بروز معوقات جدية امام اضفاء طابع من الإستدامة على النفقات الإجتماعية العامة، وهو ما يحفز بدوره موردي الخدمات لتضخيم حجم فواتيرهم.

-          الفاعليّة، وترتبط بدور الدولة، وهو لا يزال محدوداً اذا ما قورن بالبلدان الأخرى، واذا ما قورنت انتاجيته ومحصلاته بمثيلها في القطاع الخاص عند مستوى الإنفاق ذاته.

-          العدالة، حيث التفاوت في حجم ومصادر الموارد المالية بحسب صناديق التأمين المختلفة، مما يؤدي الى تفاوت في مستوى التقديمات الصحية للمستفيدين من هذه الصناديق. وايضاً، ضخامة ما تنفقه الأسر من جيبها الخاص على الصحة، متجاوزة عتبة ال 60% من اجمالي انفاق المجتمع على الصحة، وهو ما يؤثر بدوره على الشرائح الاجتماعية الاشد عوزاً.

أمّا التشوه الأكبر والدائم والمثالي، فيكمن في الرعاية السياسية الضعيفة والمصلحة الفئوية للقطاع الصحي في الكثير من مواقفه.

 

ثانياً: الممارسات الرسمية

تتجه الكثير من دول العالم المتقدمة، الى تغيير مفهوم الحق بالصحة لدى المجتمعات من دائرة التركيز على الرعاية الصحية الى الحق في العيش في حياة صحية... وهو ما يتطلب ان تستثمر الحكومات اموالها في الصحة من خلال تعزيز انماط حياة صحية، وتوعية المجتمع على الأساليب الصحية التي تمنع الامراض. وقد سجل لبنان تحسنا ملحوظا في الوضاع الصحية نتيجة لعدة عوامل، أبرزها:

-          إطلاق البروتوكولات المعتمدة من قبل وزارة الصحة العامة لعلاج الأورام الخبيثة عام 2010.

-          النجاح في السيطرة على الأمراض المعدية والأوبئة من خلال اعتماد برامج وحملات متخصصة لهذه الغاية، مثل: البرنامج الوطني لكافحة السيدا، حملات التوعية حول مضار التدخين، حملة "الكشف المبكر عن سرطان الثدي"، حملة "وضع حد لمرض شلل الأطفال" عام 2011.

-          ارتفاع الوعي الشعبي وتطور السلوك الصحي للأفراد والأسر اللبنانية، مع لحظ دور إيجابي على هذا الصعيد لوسائل الإعلام، وللجهات الوطنية والدولية، الحكومية وغير الحكومية.

-          وتجلى التحسن في الأوضاع الصحية بشكل خاص في ارتفاع معدل العمر المتوقع عند الولادة، و في انخفاض وفيات الأطفال[1].

 

III- التوصيات

 

1.      توحيد جميع صناديق الإستشفاء، شاملة وزارة الصحة والصندوق الوطني للضمان الإجتماعي وتعاونية موظفي الدولة ويمكن ان يضاف اليها اللواء الطبي العسكري وقوى الأمن الداخلي.

2.      وضع نظام خاص للإستشفاء تسهم فيه شركات التأمين الوطنية أو الأجنبية تكون أولى مهامه تأمين علاج ووقاية جميع المرضي اللبنانيين بأسعار مناسبة. ما يضمن التعرفات ومتوسط كلفة التعامل الطبي.

3.      تطبيق المكننة الشاملة في وزارة الصحة والضمان الصحي الإجتماعي.

4.      تطبيق و إصدار البطاقة الصحية الموحدة، وهو مشروع منتظر منذ سنوات.

5.      تحقيق مطلب توفير الصحة للجميع، اي ضرورة أن يكون بامكان اللبنانيين الوصول إلى الخدمات الصحية. هذا يقتضي توافر مناخ سياسي إصلاحى وإرادة وطنية تخاطب إنسانية الإنسان خارج الإحتسابات السياسية.

6.      وضع مشروع كامل لإدارة القطاع الصيدلي مع تحديد الإحتياجات الوطنية للدواء وإعادة تسجيل الأدوية المسجلة تحت إدارة مختصة وتعديل التشريعات والقوانين الصيدلية وتقوية جهاز التفتيش الصيدلي وإعادة العمل بمختبر الرقابة الدوائية لأن الوضع غير مناسب على الإطلاق، والمطلوب إنشاء مختبر وطني فعال يعطي الثقة لدى كافة القطاعات العاملة في الحقل الصحي والمواطنين بشكلٍ عام في نوعية الدواء المتداول في لبنان ومراقبة الترويج الدعائي.

7.      تشجيع الصناعة الوطنية للدواء مع إعطاء أولوية للأدوية الأساسية.

8.      ترشيد استعمال الدواء، ووضع المعلومات الدوائية وإصدار نشرة دورية للمعلومات الدوائية، وإعداد ونشر الكتيب الوطني للأدوية.