15- حقوق الطفل

إن حقوق الطفل هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان. وتنطبق حقوق الإنسان على جميع الفئات العمرية. فللأطفال حق التمتع بنفس حقوق البالغين. غير أنهم ضعفاء ولذلك ينبغي وضع حقوق مميزة تعترف باحتياجهم للحماية الخاصة[1].

 

I-       الواقع القانوني

 

أولاً: التشريعات الدولية

صدرت اتفاقيات وتوصيات وبروتوكولات عدّة ترمي إلى تعزيز حقوق الطفل وتحسين أوضاعه على مختلف الأصعدة الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والخلقية والأمنية، وترمي عموماً إلى تعزيز مكانته في المجتمع واقعاً وقانوناً، أهمها:

-        اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989.

-        البروتوكول الإختياري الملحق بالإتفاقية بشأن بيع الأطفال وبغاء الأطفال والمواد الإباحية على الأطفال لعام 2000.

-        البروتوكول الإختياري الملحق بالإتفاقية بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة لعام 2000.

 

ثانياً: التشريعات الداخلية

حقّق لبنان، من الناحية التشريعية، إنجازات مهمّة في هذا المجال، فصدّق على عدد من الإتفاقيات أبرزها: الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل، البروتوكول الإختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل في شأن بيع الاطفال وبغاء الاطفال والمواد الاباحية على الاطفال، اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية واللاإنسانية أو المهينة، إتفاقية العمل الدولية رقم 182 والتوصية الملحقة بها، إتفاقية العمل الدولية رقم 138 والتوصية الملحقة بها، الاتفاقية القضائية الثنائية بين الجمهوريتين اللبنانية والفرنسية حول التعاون القضائي في بعض المسائل العائلية، الإتفاقية القضائية الثنائية بين الجمهوريتين اللبنانية والكندية حول التعاون القضائي في بعض المسائل العائلية...

كما أصدر العديد من القوانين والمراسيم والقرارات، تتضمّن نواح عدة من حياة الطفل على صعيد التربية والتعليم والعمل والضمان الإجتماعي والصحة والرفاه والحماية والإعاقة وعدالة الأحداث، جميعها متطورة وتنسجم مع المعاهدات الدولية والمواثيق ذات الصلة، وتراعي مبادئ حقوق الإنسان، وتساهم في حماية الأطفال وتأمين بيئة سليمة لهم ومستوى معيشي لائق.

 

 

 

 

 

II-       الوضع الراهن في لبنان

 

أولاً: التحديات والصعوبات

غياب القرار السياسي والإحصاءات والبيانات الواضحة، تردي الوضع الإداري، العجز المالي، غياب التعاون المثمر بين الوزارات المعنيّة، ضعف التنسيق بين تلك الوزارات ومؤسسات القطاع الأهلي، ضعف الثقافة القانونية لدى العاملين في مراكز الخدمات الإنمائية ومؤسسات القطاع الأهلي، النقص في عدد المؤسسات الرعائية المتخصّصة، وغيرها من الأسباب التي يجب العمل على تذليلها من أجل التوصل الى تأمين حياة أفضل لأطفالنا. والجدير بالذكر أن لبنان يعاني من ضعف السياسات العامة المفترض أن تضعها الدولة في المجالات كافة كي تأتي التشريعات محققة للأهداف المرسومة في هذه السياسات. لذلك يجب البناء على الفرص المتاحة والتقدم الحاصل من أجل تعزيز الطفولة في لبنان.

 

كما خطا لبنان خطوات ناشطة باتجاه تحسين وضع الأطفال العاملين فيه، بما في ذلك إقراره القانون المتعلَّق بإلزامية التعليم ومجَّانيته. هذا وقد صادق لبنان أيضاً على اتفاقيتي منظمة العمل الدولية رقم 138 و182، وأدخل تعديلات على قانون العمل. ومع ذلك، لا تزال المشاكل مستمرَّة لناحية رصد عمالة الأطفال وتمكُّن الحكومة اللبنانية من إدخال القانون المذكور حيِّز التنفيذ. ويُعتبر الفقر من الأسباب الرئيسية وراء عمالة الأطفال في لبنان، بحيث تسجِّل المناطق اللبنانية النائية أعلى المعدَّلات في عمالة الأطفال. يُذكر أنَّ الأطفال يعملون في ظلِّ ظروف صعبة وخطرة ضمن القطاع غير النظامي، بما في ذلك الزراعة، وصناعة الأدوات المعدنية والمهن الحرفية، وصيد السمك، وتقصيب الحجارة، وزراعة التبغ.

 

ثانياً:  الممارسات الرسمية

لا بدّ من التوضيح أولاً بأنّه تمّ التقيّد بالآليات المنصوص عليها في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، في الجزء الثاني منها، أهمها إنشاء لجنة معنية بحقوق الطفل في جنيف، لغرض دراسة التقدم الذي أحرزته الدول الأطراف في استيفاء تنفيذ الإلتزامات التي تعهدت بها، وثانيها، الآلية القائمة على تقديم الدولة إلى هذه اللجنة تقارير دورية عن التدابير التي اعتمدتها لإنفاذ الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية وعن التقدم المحرز في التمتع بتلك الحقوق وفقا" للمادة 44 منها. وقد قدم لبنان التقرير الأول عام 1994 والتقرير الثاني عام 1998 وتمت مناقشته عامي 2001-2002، والتقرير الثالث عام 2004 وتمت مناقشته عام 2006، أمام لجنة حقوق الطفل في جنيف، بحضور الوفد اللبناني الذي تشكل من القطاعين الرسمي والأهلي، للمرة الأولى، ونال تنويها من قبل اللجنة المذكورة بسبب هذه الظاهرة. وقدمت الهيئات الأهلية تقريرا" واحدا" خلال هذه الفترة.

كما وضعت الحكومة آليات ثابتة لتنفيذ الاتفاقية، والمواثيق الدولية ذات الصلة في مجال الطفولة، واعتمدت على السياسات الرسمية  والكيانات التنسيقية.

ولقد جرى اتّخاذ الخطوات الآتية: تأليف لجنة برلمانية لحقوق المرأة والطفل، ثم شكل المجلس الأعلى للطفولة لمتابعة ومراقبة تنفيذ الاتفاقية، واللجنة الوطنية لمكافحة عمل الاطفال، ولجنة لحماية الاحداث المخالفين للقانون والمعرّضين للخطر، إنشاء وحدة مكافحة عمل الاطفال في وزارة العمل، ومصلحة حماية الاحداث في وزارة العدل، وغرفة في وزارة العدل لتلقّي شكاوى الاطفال المعتدى عليهم جنسياً، إطلاق خطّ ساخن في القصر الجمهوري لتلقي شكاوى الاطفال المنتهكة حقوقهم، إدراج مبادئ حقوق الطفل في المناهج التربوية، إقامة دورات تدريبية من وزارة التنمية بالتعاون مع إختصاصيّين أجانب، استحداث شهادة دراسات عليا في حقوق الطفل (في الجامعة اللبنانية)، وفصل القاصرات عن الراشدات في مراكز التوقيف...

 

وإن العمل ما زال مستمراً على إدخال تعديلات على التشريعات المعنية بالطفولة ، كي تنسجم مع الاتفاقية وبخاصة على صعيد قانون العمل، وقانون العقوبات، وقضاء الأحداث. إلا أنّه ورغم الجهود الرسمية الحثيثة المبذولة في مجال رعاية الاطفال وحمايتهم وتأمين مستوى معيشي واقتصادي واجتماعي وثقافي وخلقي لائق بهم (وفقاً لما سبق)، لم تتوصّل الدولة اللبنانية إلى تحقيق حماية قانونية وواقعية كاملة للأطفال.

  

III-     التوصيات

 

أولاً: على صعيد التشريع

-        تصديق لبنان على البروتوكول الإختياري الملحق بالإتفاقية بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة (وقع عليه سنة 2002).

-        متابعة تعديل التشريع المعني بالطفولة ليتطابق مع الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وغيرها من المواثيق ذات الصلة إنطلاقاً من الدراسة المقارنة بين التشريعات اللبنانية المعنية بشؤون الطفولة والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وإعداد ملفات كاملة مع الأسباب الموجبة لتعديل القوانين القائمة لكي تتلاءم مع مصلحة الطفل أو استحداث قوانين جديدة.

-        إجراء دراسة مقارنة القوانين اللبنانية مع اتفاقية حقوق الطفل، ليصار على أساسها إلى وضع قانون موحد لحقوق الطفل باعتبار ان الأطفال بحاجة إلى رعاية وحماية قانونية خاصة بهم.

اصدار مراسيم تطبيقية للقوانين الصادرة.

-        جعل التعليم مجانياً والزامياً حتى سن الخامسة عشرة مكتملة انسجاماً مع اتفاقية العمل الدولية الخاصة بالحد الأدنى لسن الإستخدام وذلك من أجل ردم الهوة مع السن الدنيا لبدأ العمل.

-        تعديل قانون العقوبات وبخاصة المادة 186 التي تجيز ضروب التأديب التي ينزلها بالأولاد آباؤهم وأساتذتهم على نحو ما يبيحه العرف العام. وهناك حاجة ماسة لوجود قانون خاص بحماية الأطفال من العنف في جميع أشكاله، وبخاصة الحماية من العنف المنزلي والعقاب الجسدي في المدارس.

-        تعديل قانون 422/2002 المتعلق بالأحداث المخالفين للقانون والمعرضين للخطر ، بما يتوافق مع أحكام ومبادئ الإتفاقية وغيرها من المواثيق الدولية ذات الصلة، من ناحية :  رفع سن المسؤولية الجزائية حتى سن 12 سنة  -  سرية المحاكمة - تخصيص قاعة في قصر العدل يتم فيها التحقيق مع الأحداث دون اللجؤ الى المخافر - إمكانية استئناف الأحكام المتعلقة بالجنح وإنشاء جهاز أمني خاص بالأحداث اي شرطة متخصصة في مرحلة التحقيق وأمام النيابة العامة.

-        إعطاء الهيئات الأهلية، لاسيّما تلك المعنية بشؤون الطفولة، والتي تنطبق عليها معايير علمية محددة، صفة الإدعاء الشخصي عند انتهاك حقوق الطفل.

-        تسوية أوضاع مكتومي القيد اللبنانيين بالتعاون مع الجهات المعنية. 

-        وضع قانون من أجل رفع المدة الزمنية لإجازة الأمومة.

-        إصدار قانون بإعطاء الأم اللبنانية، المتزوجة من أجنبي، والتي تفقد زوجها لأي سبب من الأسباب، الحق بمنح جنسيتها إلى أطفالها القاصرين. وهو حق أساسي من الحقوق المدنية.

-        إقرار قانون أحوال شخصية موحد منعا لأي تمييز-  وإصدار قانون لمنع الزواج المبكر.

 

ثانياً: على صعيد البيئة الأسرية والرعاية البديلة

-        مراجعة وزارة الشؤون الإجتماعية لمعايير ونظام العقود مع المؤسسات الرعائية ودعم برنامج خدمة الطفل في اسرته وتأمين التمويل اللازم له كبديل عن الرعاية المؤسساتية.

 

ثالثاً: على صعيد الرعاية الصحية

-        اعتماد سياسة صحية وطنية.

-        اعتماد تأمين صحي باعتماد البطاقة الصحية الالزامية للأطفال الذين لا يخضع أهلهم للضمان الاجتماعي.

-        تعميم خدمات الكشف الطبي وصحة الفم والأسنان على التلاميذ كافة، ومضاعفة الجهود للوقاية من التدخين ومكافحة الايدز.

-        تدعيم خدمات الصحة النفسية.

 

رابعاً: على صعيد التعليم والأنشطة الثقافية وأوقات الفراغ

-        إجراء دراسة حول موضوع التسرب المدرسي وايجاد الحلول للمشكلة.

-        تطبيق برامج الدعم والاستلحاق المدرسي.

-        الإسراع في تطبيق التعليم الإلزامي والمجاني. 

-        العمل على رفع السن الإلزامية إلى 15 سنة مكتملة.   

-        توسيع عدد مدارس رياض الأطفال.

-        إيلاء الاهتمام من وزارة التربية بالبرامج الثقافية في المدارس الرسمية والخاصة.

-        إشراك الإعلام في تعزيز حقوق الطفل بتقديم برامج إرشاد وتوجيه واشراك الأطفال في إعداد هذه البرامج.

 

خامساً: على صعيد الحماية

-        الحماية من الإستغلال الإقتصادي والعمل في الشوارع وبيع الأطفال بحجة التبني لقاء بدل مالي.

-        الحماية من الإستغلال الجنسي ودعم برامج التأهيل النفسي والإجتماعي للأطفال ضحايا الإساءة والاعتداء الجنسي وتشديد العقوبات على المعتدين.

-        الحماية من العنف المنزلي والعقاب الجسدي في المدارس وذلك بتنظيم حملات  تثقيف وتوعية للأسرة والطفل والمدرسة.

-        حماية الأطفال اللاجئين والأطفال الفلسطينيين.

-        حماية الأطفال في النزاعات المسلحة.

-        وضع خطة وطنية للطوارىْ كون لبنان معرض بصورة دائمة للإعتداءات.

 

سادساً: على صعيد الطفولة المبكرة

إعطاء الطفولة المبكرة الأولوية، نظرا لأهميتها، بما يوفر بيئة تعلمية ومعرفية لتنمية الطفل ومساعدته على اتقان المعرفة واكتساب المهارات اللازمة للوصول إلى مصادر هذه المعرفة وبما يساعد أيضاً على فهم الطفل ذاته وتحقيق إمكاناته، وبالتالي يسهم في تحقيق النمو الشامل والكامل للطفل، من هنا الحاجة الماسة للتعليم ذات النوعية الجيدة ولوضع معايير لمستوى الكفاءة المطلوبة للمربين.

 

سابعاً: على صعيد إدارة قضاء الأحداث

تعديل قانون الأحداث بما يتلاءم مع أحكام ومبادئ الاتفاقية وغيرها من المواثيق ذات الصلة،  استبدال السجن بإصلاحيات ومراكز تأهيل واعادة تأهيل، باعتبار أن مصلحة الحدث تقضي بأن يكون ايوائه في المؤسسات الإصلاحية كملاذ أخير ولأقصر فترة تقضي بها الضرورة، نظراً للمؤثرات الضارة التي يخضع لها الطفل والتي يبدو من المستحيل تفاديها داخل أية مؤسسة. فالمطلوب إعطاء الأهمية للمؤسسات المفتوحة ذات الطابع التهذيبي والإصلاحي وتجنب التدابير المانعة للحرية واعتماد تدابير تربوية بديلة.

 

ثامناً: على صعيد المشاركة

إن احترام رأي الطفل وأخذه بالاعتبار والإصغاء إليه في جميع القرارات المتعلقة بحاجاته ومصالحه، والتكلم معه وليس عنه، وذلك داخل الأسرة وفي المدرسة وأمام القضاء، وإشراكه في عملية التنمية في المجتمع من أجل تنمية روح المسؤولية الوطنية عنده، أمر أساس في احترام حقوق الطفل، فمن الضروري اعتماد آليات تكرس حقه في المشاركة، منها مأسسة برلمان الأطفال والأندية وتعزيز المجالس البلدية وغيرها من أقنية التعبير.

 

تاسعاً: على صعيد هياكل الرصد

-        وضع آليات متابعة ورصد عن طريق إنشاء مرصد وطني لحقوق الطفل، غايته رصد الانتهاكات، وتسجيلها، وإجراء المحاسبة والمساءلة عن أسبابها، وملاحقة المسؤولين عنها، من أجل تأمين الحماية اللازمة للطفل من العنف والتعدي عليه وإساءة معاملته.

-        إنشاء أمين مظالم لشكاوى الأطفال لتخويلهم التعبير عن حاجاتهم، وعن الانتهاكات التي تلحق بهم، مع تحديد الجهة المسؤولة عن هذا المرجع. هناك مشروع وسيط الأطفال الذي قدمته وزارة التنمية الإدارية. نأمل إقراره بقانون.

-        إنشاء صندوق للشكاوى في المدارس، من أجل إعطاء الاطفال فرصة التعبير عن مطالبهم وإشراكهم في عملية التغيير.

 

عاشراً: على صعيد التقارير المتعلّقة بوضع الاطفال في لبنان

-        تقديم لبنان التقرير الخاص بوضع الأطفال المفترض في 12/2011 حول التقدم المحرز في تطبيق اتفاقية حقوق الطفل امام لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل.

-        نشر محتوى التقارير والملاحظات الختامية التي تضعها اللجنة الدولية لحقوق الطفل في جنيف، تعليقا على التقرير الرسمي الذي تقدمه الدولة بشكل دوري، من أجل إعطاء الفرصة لجميع العاملين مع الأطفال للإطلاع عليها والعمل بموجبها والمساهمة بتحسين أوضاع الطفولة.



ww.unicef.org/arabic/crc/34726_34762.html [1]