وجه الرئيس نبيه بري كلمة الى اللبنانيين في الذكرى السادسة والثلاثين لتغييب الإمام السيد موسى الصدر في حضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان، وعائلة الإمام الصدر، وقيادة حركة أمل، ورئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، ونقيبي الصحافة والمحررين محمد بعلبكي والياس عون، والمدير العام لوزارة الإعلام حسان فلحة، وحشد من رؤساء ومديري التحرير ومراسلي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة.

 

نص كلمة الرئيس بري:

 

بسم الله

 

      ها نحن كما في كل عام، نأتي الى مواسمك، الى قمح يديك، وعنـب عينيك وحواكير تينك وزيتونك، والى مواسم شعبك العظيم المقيم والمغترب.

 

      انها حكايتنا معك يا سيدي، حكاية الحنين عن الزمان، حكايتنا التي ابتدأت مع الظلم والحرمان، مع الارهاب والعدوان، حكاية الغربة في الوطن والغربة من الوطن، حكاية التهميش وعدم الاكتراث، حكاية احتكار الضوء في شريط ساحلي ضيق، وحرمان الجنوب والبقاع وعكار والضنية واعالي كسروان وجبيل، وضواحي المدن وحكاية العدوان، حكاية الاجتياحات والمجازر المتنقلة من حانين، الى كفر شوبا وكونين وقانا ويارين وعيتا الشعب وسوق بنت جبيل والخيام.

 

 

      انها حكايتنا منذ عهود الاستعمار والانتداب والاستقلال ومعاناتنا يا وحدنا يا وحدنا...

 

      انها حكايات ادهم وصادق والمصري ورفاقهم، حكاية الاستقلال الذي قام على كتفنا وحكاية الدولة التي قامت على حسابنا دون اي كشف حساب، ووقوعنا بين مطرقة العدوان وسندان الحرمان طيلة عهود الى ان بدأت مسيرتك على طول الحدود تواسي الجراحات والعذابات بمواجهة ليل الارهاب الرسمي الاسرائيلي اليومي ، مبشرا" بالمقاومة لردع العدوان على حدود الوطن ، والى ان بدأت مسارك مبشرا" بالمقاومة على حدود المجتمع في سبيل تحقيق المشاركة والتعايش والحوار والوفاق ورفع الغبن.

 

 

      وكانت يا سيدي ولادة " امل " على يديك ، هذه الحركة الوطنية الشريفة التي اخذت على عاتقها صون كرامة لبنان ورد العدوان الاسرائيلي، وكان شهداؤها محمد سعد وخليل جرادي وبلال فحص وحسن قصير واحمد قصير والشيخ راغب حرب وكل شهدائها الذين عبروا عن نداء كل طفل وامرأة وكبير ان هبوا للدفاع عن لبنان وامنعوا العدو من ان يدنس ارض وطنكم.

 

      انها حكايتنا معك يا سيدي.. بل انك انت أنت حكايتنا.

 

      لك نحن 000

      لك شهقة فرحنا بأننا ننتمي الى لبنان الوطن النهائي ، لك ما نغزله من غربة جذلى في احزاننا على الذين يقعون على الموت من على سرير الغيم ضحايا الطائرات التي تقلهم من مواقع حرمانهم في الغربة ، والذين يقعون صرعى الاغتيالات او الذين يرتفعون شهداء دفاعا" عن الوطن وحدوده.

 

      لك احرف فلسطين التي تهدل كالحمام واوجاعها الكارثية المنتصرة في غزة ولك بطـولات الفلسطينيين المؤمنين الذين لن تتحرر القدس الا على ايديهم.

 

      ولك قلوبنا التي لا تبارحكم حتى في الحلم

 

وبعد 000

 

      فإنني ايها اللبنانيون ايتها الاخوات والاخوة الامهات والاباء أيها الإعلاميون الكرام، اقف على منبر الوفاء للامام الصدر كما دائماً كمسؤول امامكم لا عنكم، لاقدم لكم اولا" كشف الوقائع المرتبطة بقضية الامام ورفيقيه ولنرتب معا" اولوياتنا الوطنية والعربية.

 

 

      اولا" في قضية الامام ورفيقيه :

1 – فقد تم تشكيل لجنة متابعة رسمية بقرار من مجلس الوزراء ، وهي لم توفر جهدا" في اي مكان وعلى اي صعيد ، وقد انطلقت هذه اللجنة في عملها من ثوابت وقواعد اهمها :

 

أ – العمل لتحرير الامام ورفيقيه كي يعودوا الى ارض وطنهم وساحة جهادهم.

 

ب- ارسل سفير الى ليبيا ليكون بكل وضوح وخصوصاً سفير قضية الامام.

 

ج – لا محل للتطبيع مع ليبيا قبل تعاون الجانب الليبي في هذه القضية وإنهائها.

 

د – مطالبة الاعلام بالمواكبة الدقيقة والمسؤولة مع كل الحرص على حريته كما قال الامام : "الحرية لا تصان الا بالحرية"

 

 

هـ- التأكيد ان هذه القضية لبنانية عربية اسلامية انسانية شريفة ومقدسة ولذا فإن الوسائل المعتمدة في متابعتها هي دائما" شرعية وقانونية ولا محل هنا للمساومات والمآرب الخاصة ولا للتورط في الصراعات والحسابات الفئوية ، لا سيما ان الامام مفكر وحدوي وشخصية عالمية وقضيته قضية حق.

 

2 – لقد زارت اللجنة ليبيا مراراً بعد سقوط الطاغية حتى في احلك الظروف كما زارت دولاً اخرى عديدة حيث تمت مقابلة شخصيات تملك معلومات عن القضية.

   

لقد كانت المتابعات تحصل ساعة بساعة بمواكبة مني شخصيا" وبتنسيق تام مع عائلة الامام الصدر ، ولكن لا بد من لفت العناية الى اننا نتعامل غالبا" من دولة الى دولة لأننا رأينا في ذلك فائدة اكبر للقضية ، كما ان الاستماع الى اشخاص مقيمين في تلك الدول لا يتم الا وفق خيارات لا تتيح اجراء تحقيق بكل ما في الكلمة من معنى.

 

3 – اننا وبعد جهود مضنية على مدار عامين كاملين اوفدت مع الوفد الرسمي موفداً خاصاً الى رئيس مؤتمر العام الليبي وتم توقيع مذكرة تفاهم اثر ذلك بين الدولتين اللبنانية والليبية بخصوص هذه القضية واهم ما تضمنته المذكرة:

 

 

أ – اعتراف الجانب الليبي رسمياً بحصول جريمة الخطف في ليبيا من قبل نظام معمر القذافي، وبالتالي الإدعاء بأنه سافر الى ايطاليا هو محص افتراء.

 

ب – الاقرار بحق المنسق القضائي اللبناني حضور التحقيقات وتقديم الاقتراحات والحصول على المعلومات والمستندات ذات الصلة.

 

ج – تعهد الجانب الليبي بفتح ابواب التعاون في هذه القضية بشكل اكثر جدية وفعالية ، واتخاذ كل الاجراءات في التحقيقات والتفتيش عن اماكن احتجاز محتملة ، وتسريع الخطى لأن عامل الوقت ثمين جدا" في قضايا الاخفاء القسري.

 

      لكـن وللاسف فمـا ان تم توقيع المذكرة في الحادي عشر من اذار 2014 حتى انهارت الاوضاع في ليبيا ، وهكذا كان لا بد من وضع خطة للبقاء على اهبة الاستعداد وترقب الامور واقتناص الفرص للمتابعة والعمل.

 

 

      كما اننا درسنا ونطبق خططاً بديلة ، ولا يمكن لنا ان نقف مكتوفي الايدي حيال هذه القضية المقدسة لدى كل انسان حر.

 

      اما على الصعيد القضائي الوطني فإن القضية لا تزال قيد النظر في شق منها امام المجلس العدلي وهو اعلى محكمة في لبنان ، ويتألف من خمسة من كبار القضاة المشهود لهم بالكفاءة والمناقبية برئاسة رئيس مجلس القضاء الاعلى.

 

      كما تم تقديم ادعاء شخصي بوجه مدعى عليهم جدد من كبار واهم اركان نظام معمر القذافي مع الادلة التي تدينهم امام المحقق العدلي الذي عين مؤخراً بعد مرض ووفاة القاضي الشجاع المرحوم سميح الحاج.

 

      ويهمني لفت عناية جميع المعنيين انه في قضية الاختطاف يتم التركيز على التحقيقات الجديدة امام المحقق العدلي أما اثبات وفاة معمر القذافي فليس له اي فائدة او معنى اللهم الا للسير في مطالب لا تليق بالقضية.

 

      وانوه هنا ان عائلة الامام وحرصاً منها على اضفاء الطابع السامي على القضية لم تطالب بتعويضِ الا بتعويض رمزي مقداره ليرة لبنانية واحدة، فأهل المخطوف عادة يطالبون الخاطف بتحريره اولاً دون الالتفات الى مطالب اخرى تحت حجة الضغط وما شابه ذلك.

 

      واوجه التحية مرة أخرى للإعلام اللبناني والتحية للجمهورية الاسلامية الايرانية التي تتابع هذه القضية بذات الروحية التي تتابع فيها كل قضية وطنية واسلامية رائدة.

كما أوجه التحية لأخي الكبير سماحة الشيخ عبد الأمير قبلان والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي سيفتتح بعد أربعة أيام في الرابع من أيلول فرع الجامعة الإسلامية في كلياتها المتعددة في بعلبك باسم الإمام موسى الصدر، وكنا قد وضعنا حجر اساسها منذ أعوام.

 

      واغتنم الفرصة في هذا المجال لأوجه التحية والتقدير الى فريق وكلاء الادعاء الشخصي عن عائلة  الامام والذي يضم خيرة محامين من مختلف المشارب.

 

      وبعد فإني ومنذ ان حملنا الامانة وتولينا المسؤولية في قيادة حركة امل ومن ثم رئاسة المجلس النيابي، لم نتوان عن متابعة هذه القضية بمختلف الوسائل السياسية والقضائية والدبلوماسية والاعلامية والامنية والدولية والاهلية، وكنا لا نترك مناسبة دون اثارة القضية في اي محفل ولم ندخر وسيلة للضغط على معمر القذافي حتى لقي حتفه على يد شعبه المقهور.

 

      ومع ليبيا الثورة لم يكن لنا هم الا الامام وقضيته وما زلنا على العهد.

 

      ربي اشهد اننا سنبقى كموج البحر لا يهدأ لنا بال ولن ننام ملء جفوننا حتى تحقيق هذا العهد.

 

      ايها اللبنانيون ، يا ابناء الامام الصدر 

 

      ثانيا" وعلى الصعيد الوطني فإننا في حركة امل نرى ان انجاز الاستحقاق الرئاسي سيبقى يحتل موقع الاولوية ، لأن الدولة لا يمكن لها السير دون رأس ، ولأن ثقة المواطن بالدولة وثقة العالم بلبنان ستبقى مهتزة اذا استمر العجز عن انجاز انتخابات الرئاسة.

 

      ونحن نرى كما رأى الامام الصدر في ايار عام 1976 ان فصلا" جديدا" من حياة الوطن والمواطن يبدأ مع انتخاب رئيس للجمهورية يمكنه ان يكون الخيط الابيض من فجر الامل وبداية النهاية من ليلتنا الظالمة المظلمة.

 

      ان اتمام انتخابات الرئاسة امر سيعبر عن قوة وحدتنا ورسوخ نظامنا وسيفتح الباب لانجاز مختلف الاستحقاقات التي تدق على الابواب ومنها الانتخابات النيابية، مما يعيد الى لبنان بهاء نظامه البرلماني الديموقراطي ويطلق عملية سياسية نحن احوج اليها لمواجهة استحقاقات وتهديدات الارهاب العابر للحدود والدول، وهي تهديدات طرقت ابوابنا وشعرنا بها طوراً على شكل ازمة نازحين وتارة على شكل معتقلين وتفجيرات واجتياحات كما حدث لعـرسال، وجولات لحروب صغيرة كتلك التي شهدتها طرابلس وصيدا.

 

      لقد آن الاوان لكي نهب جميعاً لتوحيد الصفوف ونضع حداً لكل صراع وشقاق، ونثبت اننا اقوى من الفتن ونحفظ بلدنا انموذجاً لتلاقي الحضارات، وصيغة العيش المشترك في هذه القرية الكونية ، ونثبت امكانية حفظ التنوع في الوحدة ، ونؤكد ان السير في مشروع المواطنة هو الذي يؤسس لاكثرية وطنية واحدة.

 

      ان الوحدة الوطنية الآن وفي كل آن تشكل ضرورة وطنية في سبيل مواجهة الارهاب كما كانت سلاحنا الامضى بمواجهة العدوان الاسرائيلي عام 2006.

 

      ان مواجهة الارهاب ليست مسألة امنية او عسكرية فقط ، انها مسألة تفكيرية تثقيفية وطنية تحتاج الى تعبئة وطنية والى ثقافة وطنية راسخة والى تحصين البيئة الوطنية بمواجهة فكر التكفير والتعصب.

 

      ان التصدي للارهاب التكفيري ليس مسؤولية السنة في لبنان ، كما ان التصدي للعدوان الاسرائيلي ليس مسؤولية الشيعة ، والتصدي لتهجير الاقليات ليست مسؤولية المسيحيين.

 

      ان التصدي للارهاب والعدوان والتهجير هو مسؤولية وطنية مشتركة تعبر عنه الدولة الواحدة ومن الضرورة بمكان ان يكون مسؤولية عربية ودولية مشتركة.

 

      إنني هنا اوجه عناية الجميع الى السكوت الى حد الخرس الذي جرى عن تطور حركة الارهاب لتصبح تشكيلات منظمة وتحتاج اراضي بحجم دول ، وتصل الى حد تهديد جميع كيانات المنطقة وتتحول الى تهديد عابر لكل الحدود وتصدر المخاوف منها الى كل العالم.

 

 

 

كيف؟

      ان الصمت المريب والتأخر في اتخاذ القرار الدولي الاخير 2170 الذي قصد تجفيف بعض منابع الارهاب المادية والبشرية ، لكن بخفر وبدون أسنان وكذلك عدم اتخاذ مواقف دولية حازمة هو السبب الذي ادى وسيؤدي الى حصول ما حصل من كوارث ومصائب. 

 

      ان الجيوش الاجنبية التي تنضم الى عناوين الارهاب في غير موقع وبلد عربي باتت تهدد الآن امن غير بلد عربي منها لبنان وبلدان الخليج والاردن ، وطبعاً وأساساً سوريا وتستدعي ضبط حركة المسلحين والسلاح عبر المطارات والدول.

 

      إن المطلوب دوليا" ليس مواجهة مجزأة للارهاب واتخاذ قرارات لدعم جغرافية اقاليم عرقية او طائفية او مذهبية أو حتى قومية.

 

      ان المطلوب قرارات بدعم سيادة الدول ووحدة اراضيها ومؤسساتها وشعوبها وتكويناتها لتأكيد انحياز العالم الى نظام المنطقة.

 

      ان المطلوب وطنيا" تأكيد الاستثمار على زيادة قوة الردع الوطنية التي تميز الجيش اللبناني ، وزيادة عديده وتحديث عتاده وانجاز ايصال المعدات المطلوبة للجيش من فرنسا بموجب المكرمة السعودية الاولى ، وتوظيف المكرمة الثانية وبالسرعة المطلوبة ، والانتباه الى ضرورة تنويع مصادر الاسلحة خصوصا" وان دولا" عديدة عرضت ولا تزال تعرض تقديم سلاح حديث للجيش.

 

      ايها الاعزاء ،

      إن ما يحدث في العراق او سورية او اليمن او ليبيا او تونس وما يتهدد دائما" الشقيقة الكبرى مصر امر يعني لبنان ، لأن لبنان هو مرآة الشرق ، وما يحدث في انحاء الامة انما يصيب مقتلا" فيه فكيف اذا كان الامر هو التعدي على المسيحيين واستباحة مدنهم وسلبهم وتهجيرهم كما حدث في العراق مؤخرا".

 

      ان لبنان يجب ان يكون محامي التعايش الذي شكل عنوانا" لهذا الشرق العربي العظيم ، ويجب ان لا نألو جهدا" في قرع الاجراس وتنبيه العالم الى خطورة العدوان التكفيري على حق الحياة وحق السكن لمجموعات شكلت منذ فجر التاريخ جزءا" هاما" من تاريخ المنطقة.

 

      لقد سار مجلس النــواب اللبنـاني منـذ جلسته المنعقـدة بتاريخ  19 آب خطوات بإتجاه ادانة العدوان الارهابي الاسرائيلي على غزة والعدوان الارهابي التكفيري على الموصل ومنطقتها والمحاولة المستمرة لتفريغها من المسيحيين ، وعقدت لجنة حقوق الانسان النيابية اجتماعا" مع منظمات حقوق الانسان اللبنانية والفلسطينية واتخذت التوصيات المناسبة ، كما قامت بمراسلة لجان حقوق الانسان في مختلف المنظمات الدولية والاسلامية والقارية والجهوية واللغوية.

 

      واؤكد من على منبر الامام الصدر الذي في لحظة حرجة من لحظات الحرب الاهلية اللبنانية قد افتدى القاع ودير الاحمر بنفسه ومنع الاعتداء عليهما ، اؤكد انحيازنا في حركة امل الى المقررات التي اتخذها اصحاب الغبطة بطاركة الكنائس الشرقية في اجتماعهم الذي انعقد في الديمان بتاريخ السابع من آب 2014 وبالأمس القريب في 27 آب في بكركي ودعوتهم الى مكافحة آفة التطرف الديني والمـذهبي ، بأعتبار التطرف داء يهدد منطقة الشرق بكل مكوناته ، ونضم جهودنا الى المساعي التي تدعو المسلمين والمسيحيين ومراجعهم جميعا" لتجنيب منطقتنا هذه الويلات بنشر الوعي في العقول والضمائر حول خطر التطرف والتعصب ، والدعوة الى التزام اصول الدين وجوهره بعيدا" عن كل استغلال له من اجل مآرب شخصية وتحقيق مصالح اقليمية ودولية.

اننا في حركة امل نؤكد على نهجنا الثابت الذي رسمه الامام القائد السيد موسى الصدر في اعتبار ان الطائفية هي سياسة وليست ديناً، والطوائف هي الدين.

 

      ايها الاعزاء

      انني دائماً وكما الامام الصدر استدعي ان تكون عيوننا مفتوحة بإتجاه الجنوب وان تتوحد على ان اسرائيل هي التي تمثل التهديد الوجودي للبنان، وان لبنان التعايش بالنسبة لها يمثل نقضيها العنصري وانه كان ولازال يمثل منافسها المصرفي والسياحي والتجاري في نظام المنطقة، وهي بهذه الصفات اضافة الى حروبها ضد لبنان تمثل الشر المطلق، وهو الامر الذي يستدعي ان نتوحد على ان من كانت اسرائيل عدوه فهو عدو كاف، وان نأخذ بعين الاعتبار ان اي عدوان اسرائيلي سيضعف لبنان وليس فئة او جهة في لبنان.

      في الحوار عام 2006 اتفقنا على أشياء عديدة ولكن لم نتوصل الى استراتيجية دفاعية واحدة، لماذا؟ كلمة مختصرة بسبب عدم الشعور الواحد آنذاك أزاء الخطر الإسرائيلي وكيفية التصدي له، هل بالدبلوماسية أم بالمقاومة؟ واليوم بعد ان اصبحت كل حدود الوطن مهددة جنوبا" وبحرا" من اسرائيل ، وبقية الحدود من  الارهاب التكفيري اصبح الاتفاق على استراتيجية دفاعية وتعميم المقاومة الى جانب الجيش في كل اتجاه امراً وطنياً لازماً بل ضرورة وطنية بديهية.

      ألا يكفي ما يحيط بنا لكي نتوحد؟ وهل نبقى موحدين ونحن نذهب الى تقسيم المقسّم؟

 

      وعلى الصعيد الوطني كذلك ، لقد آن الاوان من اجل ضخ الحياة في مشروع الدولة والعبور فعليا" الى الدولة ورسم خريطة طريق الى ذلك يلتزم خلالها الجميع بتنفيذ كامل لاتفاق الطائف بشقيه الدستوري والاصلاحي لا التلاعب استنسابيا" بتنفيذه.

 

      ان العبور الى الدولة يستدعي التزام الجميع بالدستور ووقف سياسة تعطيل مؤسسات الدولة لحساب او على حساب مؤسسة اخرى جرى فيها شغور او استقالة ، لأن الواقع الراهن يعبر عن اننا وبدلا" من سد العطل دستوريا" نمارس التعطيل عضوياً، "إذا واحد وجعو راسو منقطعلو ايديه ورجليه؟" ولعل المثل البارز ما حصل بالنسبة الى سلسلة الرتب والرواتب.

 

      إنني لا اريد شرح مسيرة هذه السلسلة منذ الحكومة السابقة الى اليوم في مجلس النواب ، والمباحثات التي جرت والتي لم تترك بابا" الا وطرقته ولم تترك امرا" الا وبحثته ، وقد توصلنا الى تفاهمات كثيرة بشأنها وانجزنا اقرار العديد من مواد قانونها بإنتظار استكمال اقرارها ، الا ان الامر توقف عند فيتو لا نعرف اسبابه سوى اننا لمسنا انه بقصد تعطيل دور المجلس التشريعي كمـا في كل مرة ولاسباب ليست دستورية.

 

      إنني في كل الحالات ، وكما كنت على الدوام اؤكد لكم ثبات ورسوخ استقرار النظامين الامني والنقدي رغم بعض الاهتزازات ، واقـول للجميع رغم كل ذلك لا خوف على هذا البلد. لبنان اكبر من كل امر يدبر في ليل. لبنان سيعود ليكون واحة الديموقراطية في هذا الشرق وسيبقى حديقة الحرية.

 

      ايها الاعزاء

      حذرت وما زلت احذر من ان ما يوصف بالفوضى البناءة التي تضرب منطقتنا ستؤدي الى تقسيم المقسم وجعل الكيانات الراهنة فيدراليات وكونفدراليات.

 

      ان المانع الرئيسي امام قيام اسرائيليات جديدة وامام تشكيل " الدولة الداعشية " ككيان امر واقع هو انطلاق العملية السياسية بعد انجاز كل الاستحقاقات في العراق .

 

      لقد انطلقت التجزئة أصلاً من انقسام الموقف الفلسطيني ومن قيام سلطة في الضفة وسلطة في غزة ، ورهاني اليوم هو على وحدة  الموقف الفلسطيني الذي عاد بأبهى صوره خلال مواجهات غزة وخلال مفاوضات القاهرة .

 

ان ضعف القوة التي اثبتها العدوان الاسرائيلي على غزة ، يجب ان يؤدي بنا جميعا" الى العودة الى مشروع فلسطين والى الاصطفاف خلف هذه القضية المركزية ، والى تأكيد انحيازنا جميعا" الى الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني في تحرير ارضه وتقرير مصيره وقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

 

      ان كبح الارهاب التكفيري كما العدوانية الاسرائيلية يعتمد على وحدة الموقف والادوار في اطار برنامج عربي لمواجهة هذا الارهاب.

 

      لقد آن الاوان لاعتراف الجميع ان الحل السياسي هو السبيل لحل المسألة السورية واليمنية والليبية ومنع وقوع تونس ضحية العنف ، وانه لا بـد من عمل عربي موحد واستراتيجية عربية موحدة لمواجهة الارهاب ، وان هذه المواجهة ليست امنية وعسكرية فحسب ، بل هي ثقافية وتستدعي دور المرجعيات الاسلامية لنشر مبادىء الدين الحنيف والتصدي لتشويه الدين.

 

      اخيرا" لك الوعد والعهد يا سيدي الامام الصدر ورفيقيك فضيلة الشيخ محمد يعقوب والاعلامي عباس بدر الدين ، ان نواصل مسيرتنا لتحريرك من الظلم وظلام النظام الذي تهاوى ، وان نواصل الالتزام بخطك ونهجك وصولا" الى استقرار لبنان والدولة في لبنان وازدهار الانسان في لبنان.

 

عشتم

 

عاش الامام الصدر

 

عاش لبنان

 

وقد أقيم في القاعة التي وجّه منها الرئيس بري كلمته في ذكرى تغييب الإمام الصدر من عين التينة معرض توثيقي بعنوان "الإمام الصدر في رحاب الصحافة" شمل مواقف وصور ومقابلات وحوارات للإمام الصدر في مراحل ومحطات بارزة حتى تغييبه.

 

وقد أعد ونسق المعرض الدكتور جهاد بنوت.