برعاية دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، ممثلاً برئيس لجنة حقوق الإنسان النائب ميشال موسى، نظمت لجنة حقوق الانسان النيابية والمؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم ومعهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الاميركية في بيروت، ورشة عمل حول "اللاجئين في لبنان: سياسات عامة ورؤية مستقبلية"، وذلك عند الساعة التاسعة من صباح يوم الثلاثاء الواقع فيه 13/6/2017.

 

شارك في الورشة: رئيس لجنة حقوق الإنسان النائب ميشال موسى، معالي وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي، النواب: نعمة الله ابي نصر، قاسم هاشم، جيلبرت زوين، وزياد القادري، وعدد من الخبراء القانونيين وخبراء من المجتمع المدني.

 

تهدف هذة الورشة إلى:

- دراسة ومناقشة أزمة اللاجئين  في لبنان وأوضاعهم ومقاربة تداعيتها وتحدياتها كما الفرص والإحتمالات المتاحة.

 

-الإضاءة على الواقع الإقتصادي والضغط المتولد من زيادة أعداد اليد العاملة كذلك الفرص من ذلك.

 

- استخلاص العبر من التجارب في لبنان خلال السنوات السابقة.

 

- إصدار خلاصة عامة واقتراحات تساهم في تحسين الوضع الإقتصادي للمجتمعات المضيفة للاجئين.

 

بعد الافتتاح كانت كلمة "المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم" التي ألقاها عضو المجلس الدستوري الدكتور انطوان مسرة، وأبرز ما جاء فيها:

 

إن خطورة النزوح لا تقل عن الحربين العالميتين الأولى والثانية، وحجم النزوح إستناداً الى مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة بلغ 65 مليون نسمة أي بمعدل نازح لكل 30 شخصاً.

 

إن مكافحة الإرهاب تبدأ من هؤلاء النازحين الضحايا ولا سيما أنه يمكن بـ20 دولاراً تجنيد طفل لمصلحة منظمات إرهابية.

ثم تحدث باسم معهد عصام فراس ناصر ياسين فقال:

 

هناك معلومات مغلوطة عن النازحين السوريين، ويجب أن تعمل الحكومة في مقاربتها لموضوع النزوح على إيجاد توازن بين العبء الذي يشكله النازحون، من جهة، وإعطاء بعض الفرص بقدر الإمكان لهؤلاء ولا سيما بعد الإحتقان الكبير الذي يظهر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والعمل على إيجاد مواقع تستهدف الشباب في المناطق الأكثر فقراً وهشاشةً.

ثم تحدث الوزير المرعبي، فقال:

تشكل أزمة اللجوء والنزوح في لبنان تحديات كثيرة يجب التنبه لها، والإفادة من الخبرات الوطنية والإقليمية والدولية لمعالجتها. فلبنان هذا البلد الصغير الذي يحتضن اليوم زهاء 500 ألف لاجئ فلسطيني ومليون ونصف
مليون نازح سوري، بالإضافة إلى لاجئين عراقيين، غير قادر على تحمل هذا العبء من دون الإلتزام الجدي من المجتمع الدولي لمساعدة هؤلاء الذين شردتهم الديكتاتوريات الظالمة والارهاب من بلدانهم وبلداتهم.

 

في إطلاعي على أهداف ورشة العمل هذه وجدتني في حاجة أن أطل باقتضاب عليها.
ففي مقاربة تداعيات أزمة اللاجئين والنازحين على لبنان، لا يخفى عليكم أن مواردنا الطبيعية المحدودة وبنانا التحتية غير موجودة اساساً، وفي مناطق النزوح خصوصاً، واكتظاظ مدراسنا ومستشفياتنا ومحدودية سوق العمل، وشح المانحين خصوصاً يكشف عدم قدرتنا على توفير الحاجات الأساسية للاجئين والنازحين مما ينتج إنعكاسات صحية، تربوية، إجتماعية، بيئية، إقتصادية، الخ على المجتمع النازح كما المضيف.

 

فإلى عدم توافر العدالة والشعور الهائل بالظلم، أضف إليها التشرد في بقاع الأرض خارج الاوطان، والجهل نتيجة عدم توافر التعليم، والفقر المدقع نتيجة عدم توافر الموارد وفرص العمل، لا بد لكل هذا ان ينتج اليأس واللامبالاة وعدم الأمل بالمستقبل، وبالتالي التوجه نحو التطرف والإرهاب.

 

لذلك فإن من المهم جداً الدفع في اتجاه تعليمهم وتوجيههم لتربية جيل يدرك معنى التواصل البناء بعيداً من التعصب، والتنبه لوضعهم الصحي وخصوصاً لجهة إمكان إنتشار الأوبئة بفعل غياب الخدمات والموارد الأساسية من مياه وتغذية ولقاحات في الأماكن التي يعيشون فيها.

 

ومن الأهمية بمكان الإهتمام بالأوضاع الإجتماعية والإقتصادية لجهة توفير سبل العيش الأساسية لهؤلاء المعنيين الذين يقاسون الأمرين للحصول على المأوى ولقمة العيش بحيث بلغت نسبة الذين يقعون تحت خط الفقر المدقع ما يزيد عن 52 في المئة، وكلنا يعلم الآثار السلبية التي ينتجها هذا الواقع المزري الذي أصبح يؤثر سلباً ومباشرةً على مجتمعنا المضيف ايضاً.

 

أما عن الفرص والإحتمالات في معالجة هذه الازمة، فنجد ان لبنان الوطن الصغير والعاجز عن تحمل المزيد من الضغط على جميع الأصعدة، يرفض كل اشكال التوطين ويصر على عودة اللاجئين والنازحين الآمنة، برعاية الامم المتحدة، الى بلدانهم، يمكنه ان يحول هذه الأزمة الى فرصة حقيقية من خلال رؤية دولة الرئيس سعد الحريري بدعوة المجتمع الدولي والقطاع الخاص المحلي والخارجي الى الإستثمار في لبنان في مشاريع مبتكرة جديدة لا تنافس اليد العاملة اللبنانية بأي شكل من الاشكال وتفيد ايجاباً من اليد العاملة السورية في قطاعات الزراعة والأعمال البسيطة وحيث يلزم في قطاع الصناعة، مع تخفيف المجتمع الدولي للقيود المفروضة على تصدير هذه المنتجات وتشجيعها.
كذلك بالنسبة الى الإستثمار في البنى التحتية والفوقية، وخصوصاً في أماكن النزوح وأشدد خصوصاً في أماكن النزوح مما يوفر الموارد الاساسية والملحة للمجتمع المضيف والنازح.

 

إن هذه الرؤية الإقتصادية والإنمائية في حال تحقيقها ستؤدي الى توسعة الإقتصاد وزيادة النمو وتوفير فرص عمل جديدة للشباب اللبناني كما للأخوة النازحين وستخفف من حدة التنافس والنزاعات اليومية.

 

هناك أمر ذو أهمية كبرى يتعلق بالحفاظ على الكيان اللبناني وهوية الأخوة النازحين، وهو التحضير لعودة النازحين الآمنة الى سوريا، ولهذا من الضرورة تصحيح أوضاعهم القانونية لجهة تسجيلهم لدى الجهات المختصة، وإعطاء الاقامة بحسب وضع الشخص المعني، وتسجيل الولادات الحديثة والسابقة في سجلات الأجانب، مما يوفر المستندات الضرورية لعودتهم الى بلادهم من دون عراقيل وحتى لا يتحمل لبنان ما لا يحتمل.

 

وأخيراً أشدد على اهتمام الدولة بجميع المقيمين على الأراضي اللبنانية وخصوصاً المجتمعات المضيفة، فـحين يكون اللبنانيون بخير، يكون جميع المقيمين على أرض لبنان بخير.

 

ثم تحدث ممثل الرئيس بري النائب ميشال موسى الذي رحب باسم رئيس المجلس بالحاضرين، وقال:

في الماضي، أدت كارثة فلسطين وتفجير الصراع العربي - الاسرائيلي الى نزوح زهاء 400 ألف لاجئ فلسطيني الى لبنان شكلوا، منذ ذلك الوقت، عبئاً كبيراً على لبنان هذا البلد الضيق بمساحته وإمكاناته المادية، وما زال هؤلاء محرومين حق العودة إلى وطنهم فلسطين على رغم مرور عقود طويلة.

 

وما زالت الأحداث السورية المأسوية مستمرة منذ اكثر من 5 أعوام من دون انقطاع. هذ المأساة اليومية تنعكس ليس فقط على السوريين الذين أجبروا على النزوح من بيوتهم وقراهم ومدنهم، انما ايضاً على حياة اللبنانيين الإقتصادية والإجتماعية، سواء من الأزمة السورية مباشرة او من استقبالهم للنازحين السورين بشكل غير مباشر. وهكذا فإن التدفق الكبير للسوريين على مجتمعات فقيرة غير مهيأة للتعامل مع هذا العبء المفاجئ، كانت له آثار سلبية وتطرح جملة تحديات وتهديدات للكيان اللبناني.

 

فلبنان يعاني احتقاناً اجتماعياً ناتجاً عن أزمة النازحين السوريين، وللإحتقان اسباب متعددة، من عدد النازحين بالنسبة الى عدد اللبنانيين، الى التوزيع الديموغرافي للنازحين. وتقدر الحكومة اللبنانية عددهم بمليون ونصف مليون نسمة، أي ما يوازي ثلث الشعب اللبناني. إنها مأساة اولاً لأهلنا النازحين السوريين الذي خسروا منازلهم وبعض افراد عائلاتهم ولجأوا الى لبنان الذي خبر أهله لعقود طويلة هذه المعاناة وهم يعيشون حالياً معنا في بلد يعاني انقساماً سياسياً وازمةً اقتصادية واجتماعية وامنية، تنعكس على النازحين السوريين بمختلف ابعادها، مما ينطوي جراء ذلك على ارتفاع مستوى الأخطار على المعيشة وسوق العمل والبنى التحتية والخدمات العامة.

 

إننا في لبنان أمام كارثة حقيقية بعدما ارتفع عدد المقيمين من 4 ملايين الى 5,5 ملايين نسمة دفعة واحدة وعدم توفير المساعدات الخارجية بالشكل المطلوب.

 

لبنان يعاني اساساً مشكلات فعلية يضاف اليها النزوح في ظل عجز فادح في القدرة الإستيعابية للبنى التحتية وتراجع في الخدمات العامة (صحة، تعليم، نقل). كذلك يعاني لبنان تشوهات بنيوية في الإقتصاد مع تعزيز النشاطات الريعية (لبنان في حاجة سنوياً الى أكثر من 25 الف فرصة عمل لا يتوافر منها سوى 5 آلاف فرصة)، وأبواب الهجرة هي الملاذ الوحيد للشباب اللبناني مع انحدار اكثر من ثلث الأسر المقيمة الى ما دون خط الفقر، ومديونية عامة قياسية.

 

إن المعاناة اللبنانية لهذه الأزمة الخانقة تنعكس على النازحين السوريين مما يفاقم الأزمة على الطرفين معاً.
أما اوضاع النازحين السوريين فهي الى تفاقم ضمن تزايد المعاناة الإنسانية جراء الظروف الحياتية الصعبة الناتجة من تدني حجم المساعدات التي توفرها بعض الجهات الدولية، الى ظاهرة تسول الأطفال، وهي في ارتفاع مخيف في منطقة بيروت بحيث يتجاوز عددهم 2500 طفل، ومصير اكثر من 8 آلاف طفل مصاب بإعاقات جسدية، في ظل غياب الرعاية الصحية المناسبة لأوضاعهم وظهور أمراض في صفوف هؤلاء الأطفال جراء الأوبئة والظروف البيئية والصحية المسيئة.

 

هكذا، لا بد من التحدث عن أزمة لبنانية-سورية من جراء وجود هذا العدد من النازحين وضرورة العمل على إيجاد حلول مشتركة مع المجتمع الدولي.


وأخيراً مع الأمل ان تعمل الدول المؤثرة في الأزمة السورية على إيجاد حل سلمي يوقف المأساة السورية ويعيد أصحاب الأرض الى أراضيهم. نتمنى لهذا المؤتمر كل النجاح في ما يرنو اليه.


ثم بدأت جلسات العمل على ان تصدر التوصيات لاحقاً.