برعاية دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، نظمت المؤسسة اللبنانية للسلم الأهلي الدائم ولجنة الإدارة والعدل النيابية ورشة عمل حول "النزاعات والطعون الإنتخابية النيابية: من منظور مقارن واستشراف" وذلك عند الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم الخميس الواقع فيه 15/6/2017،

 

شارك في الورشة ممثل رئيس مجلس النواب رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم والنائبان ميشال موسى وخالد زهرمان وخبراء قانونيون وخبراء من المجتمع المدني.

 

وذلك لمناقشة آلية وأصول  البت بالنزاعات والطعون الإنتخابية النيابية في لبنان، واستخلاص اقتراحات استناداً إلى تجارب عالمية تساهم في تطوير النظام الحالي للنزاعات الإنتخابية في لبنان،

 

افتتح الجلسة الدكتور انطوان مسرة بكلمة "المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم" وقال:

ثلاثة عناصر هي ملازمة لأجواء انتخابات نيابية تتمتع نتائجها بنسبة عالية من صحة التمثيل. لا تختزل هذه العناصر بقانون إنتخابي، بل تشمل الإدارة الإنتخابية وسلوك الناخبين. نقول ذلك في سبيل الحد من احلام غير واقعية حول اي قانون إنتخابي مثالي في نصوصه، ولكن قد تتعطل مفاعيله في حال عدم توفر العناصر الثلاثة.

 

العنصر الاول:

القانون: يراكم لبنان خبرات تاريخية في قوانينه الإنتخابية منذ 1920، بخاصة في جغرافيته الإنتخابية في الدائرة المحافظة، والدوائر الصغرى، والدوائر المتوسطة في حوالى 26 دائرة. يقتضي استخلاص معايير من هذه الخبرات بالذات مع تحديد الأهداف. تكمن خصوصية الوضع اللبناني في اعتماده الهيئة الإنتخابية الموحدة حيث ناخبون من طوائف متعددة ينتخبون مرشحيهم من طوائف متعددة. وتعتمد عامة المجتمعات المتعددة البنية المذهبية واللغوية والاثنية والعرقية مبدأ النسبية في الإنتخابات لاعتبارات مرتبطة بتنوع بنية المجتمع وضرورة تمثيل كل الشرائح في المجلس النيابي. النظام الإنتخابي اللبناني هو في اساسه نسبي في تمثيل متوازن للطوائف. وقد لا يكون التمثيل النسبي المضمون للطوائف الثمانية عشرة في لبنان كافياً اذا لم يترافق مع اعتبارات جغرافية متعلقة بحجم الدوائر.

 

العنصر الثاني:

الحكمية الإنتخابية: تعنى بذلك الإجراءات الإدارية كافة المتعلقة بتنظيم العملية الإنتخابية، قبل الإنتخابات وخلالها وبعدها.

توصل لبنان اليوم الى درجة عالية من الإنسجام في تقيده بالمعايير الدولية الإنتخابية، وخاصة في ما يتعلق بلوائح الناخبين وهيئة الإشراف على الإنتخابات والإعلام الإنتخابي ومراقبة الإنفاق وسبل المراجعة الدستورية والطعن. خبرة انتخابات 2009 بالغة الفائدة من خلال قراءة تقارير وزارة الداخلية وهيئة الإشراف على الإنتخابات والقرارات ال 19 للمجلس الدستوري حول انتخابات 2009.

 

العنصر الثالث:

سلوك الناخبين: سلوك المسجلين على القوائم الإنتخابية هل هو سلوك رعايا واتباع ومجرد كتلة بشرية اقتراعية ام هم ناخبون يمارسون حقهم الإنتخابي مخيرين وغير مسيرين، لا في بوسطات ولا محادل؟ الناخب هو الذي عندما يدخل الغرفة العازلة يشعر انه هو السلطة الشعبية التي هي مصدر كل السلطات وانه لا يقل اهمية عن الملك لويس الرابع عشر. ان قانوناً إنتخابياً جيداً مع حكمية إنتخابية سيئة وسلوك مقترعين غير واعين يعطي نتائج سلبية. اما قانون إنتخابي لا يخلو من الشوائب فيعطي نتائج مقبولة في حال ادارة إنتخابية جيدة وسلوك مواطنين ناخبين جيد. من الممارسات اللبنانية الرائجة العودة الدائمة الى الصفر من خلال تقديم طروحات متعددة ومتشتتة ومتناقضة.

 

ثم ألقت المديرة الإدارية لمؤسسة "كونراد اديناور" هناء ناصر كلمة فقالت:

بما ان الإنتخابات حيوية جداً لأي ديمقراطية، فإن هناك حاجة الى آليات مهنية وفعالة لتسوية اي نزاع قد ينشأ عنها، وتوجد آليات الرقابة وحل النزاعات في أشكال مختلفة كثيرة، سواء كانت موزعة على مختلف المحاكم والمجالس او تتركز في مجلس إنتخابي متخصص.

 

إن حل النزاعات ينبغي ان تقوم به اجهزة مستقلة ومحايدة، ويتعين على هذه الاجهزة ان تكون محايدة في قراراتها وان تلتزم بالقوانين الإنتخابية وان تضطلع بمهمتها بطريقة مهنية ومتقنة فنياً. كما ينبغي ان تكون آليات تسوية النزاعات شفافة.

 

ثم القى ممثل رئيس مجلس النواب رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب روبير غانم كلمة قال فيها:

بإسم دولة ئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري وبإسمي، اود ان اشكر المؤسسة اللبنانية للسلم الاهلي الدائم لاهتمامها بتنظيم ورشة العمل هذه بالتعاون مع لجنة الإدارة والعدل حول النزاعات والطعون الإنتخابية النيابية. ان دولة القانون او الدولة الدستورية لا تستقيم في الأنظمة البرلمانية الديمقراطية الا بسيادة القانون الذي ينبثق من دساتير هذه الدول. ومن اهم مبادىء دولة القانون هي سيادة الدستور والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وتعاونها. اذا كانت الجمهورية هي مشروع قيد الإنجاز المستمر وليست فكرة ميتة بل ارادة حية فهذا يؤكد ان القانون الذي هو آلية لقيمة وليس قيمة بحد ذاته، هو تعبير عن ارادة الجميع بضمان سيادة الشعب. هذه الإرادة تتمثل بالإنتخابات النيابية وتداول السلطة من جهة وتطبيق القانون حصراً من قبل المرجعيات الدستورية ولا سيما المجلس الدستوري دون استنساب او اجتهاد في الطعون النيابية.

 

لقد منح المشترع حق الفصل في النزاعات والطعون الإنتخابية النيابية في المجلس الدستوري. وهي مهمة سامية للغاية وخطيرة في آن معاً، ذلك ان المجلس الدستوري له الحق في إبطال نيابة المرشح وبالتالي تعطيل الإرادة الشعبية بانتخاب هذا المرشح او ذاك. ولهذا فإن المجلس الدستوري ملزم بتطبيق القانون دون استنساب او اجتهاد كما ذكرت سابقاً. الاّ ان التجربة التي مرت على المجلس الدستوري منذ 1993 تاريخ انشائه شهدت تبايناً في بعض قرارات المجلس الدستوري المتعلقة بالطعون الإنتخابية. ففي حين كان المجلس الدستوري الاول متجرداً وبعيداً عن التأثيرات السياسية، عرفت بعض المجالس الدستورية لاحقاً بالإجتهاد الاستنسابي لملازمة بعض القرارات الدستورية في النزاعات والطعون النيابية مع التدخلات السياسية في حينه، وهو امر مؤسف يضرب مصداقية المجلس وهيئته وسلطته المصيرية والقانونية، وما يمثل من ضمانات الحريات العامة والحقوق والمساواة والعدالة.

 

طبيعي ان تمر مؤسسة هامة كالمجلس الدستوري بتجارب سلبية وايجابية على مر السنين لكن المهم ان تكون هذه التجارب قد حصنت اعضاء المجلس الدستوري كما هو الحال اليوم للقيام بواجباتهم المهنية على اكمل وجه دون اي اعتبار سياسي او شخصي خارج نطاق القانون.

 

يقول الفيلسوف برغسون: لا يشعر المرء بنداء الواجب الا اذا كان حراً.

 

أعضاء المجلس الدستوري مهما كانت طريقة تعيينهم من قبل السلطات المحلية يجب ان يحافظوا على حريتهم وان يكون ضميرهم المعيار الأول في اتخاذ القرارات التي تفصل في النزاعات والطعون الإنتخابية. وعلى هذا الأساس، اترك للمشاركين اصحاب الكفاءة في هذا المجال تسليط الضوء على تطوير آليات البت في النزاعات والطعون وعلى كيفية استخلاص الضوابط اللازمة لعدم تكرار التجارب السلبية التي شهدها المجلس الدستوري في السابق.


بعد ذلك، تم عرض الدراسة حول النزاعات الإنتخابية النيابية في لبنان مع افضل الممارسات وبوشرت جلسات العمل التي تناولت النزاعات الإنتخابية خلال المرحلة التحضيرية وفي يوم الاقتراع والنزاعات الإنتخابية بعد اعلان النتائج.