عقدت لجنة المال والموازنة جلسة  لها عند الساعة العاشرة والنصف من قبل ظهر يوم الجمعة الواقع فيه 16/3/2018 برئاسة رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان وحضور مقرر اللجنة النائب فادي الهبر والنواب السادة: نبيل دي فريج، عباس هاشم، ايوب حميد، نواف الموسوي، سيرج طورسركيسيان، ياسين جابر، عبد المجيد صالح ومحمد قباني.

 

كما حضر الجلسة:

- نائب حاكم مصرف لبنان سعد عنداري.

- مدير عام وزارة المالية آلان بيفاني.

- مديرة الموازنة في وزارة المالية كارول ابي خليل.

 

وقد استمعت اللجنة خلال جلستها إلى معالي وزير المالية حول السياسة المالية العامة في إطار دراسة الموازنة العامة للعام 2018.


اثر الجلسة قال النائب ابراهيم كنعان:

حصل نقاش جدي في مضون الموازنة بخطوطها العريضة، ويمكن القول مما سمعناه من معالي وزير المال، أن المشكلات البنوية للموازنة لم تتبدل كثيراً. صحيح ان هناك خفضاً بقيمة 200 مليار بنسبة العجز عن العام الماضي، قامت به الحكومة واللجنة الوزارية، وهذا ما نثمنه في عمل الحكومة واللجنة الوزارية.

 

العجز الأولي الذي ناقشته الحكومة بلغ 9000 مليار مع الكهرباء، وبات لا يتخطى اليوم، بحسب ما عرض علينا ال7200 مليار. فلا يمكن إغفال أن الموازنة اخذت بتوصيات لجنة المال والموازنة لناحية عدم تضمنها اي ضريبة جديدة او قوانين برامج باستثناء موضوع المجمع الحكومي الموحد الذي سآتي على ذكره لاحقاً.

 

خفض العجز يعني أن هناك عملاً جدياً حصل، وهو ناتج من عوامل عدة ابرزها خفض خدمة الدين، إذ حصل اتفاق بين مكونات الحكومة بالتعاون مع مصرف لبنان لاعتماد تقنية "SWAP" التي تخفف تدريجاً الفوائد وخدمة الدين بالفوائد بحدود ال214 مليار بدءاً من هذا العام، وقد نصل الى ما بين 1500 الى 2000 مليار في السنوات المقبلة اذا تم اعتماد هذه التقنية بشكل سليم، وهو الوارد ضمن المادة 5 من مواد قانون الموازنة، وسندرس ايجابية او سلبية هذه الخطوة عند مناقشة مواد القانون، لاسيما المادة 5.

 

في المقابل، يجب الإقرار بأن هناك عجزاً يتنامى بحاجة الى المعالجة. وعندما يصل إنفاقنا الى 24 الف مليار والإيرادات الى 16 الف مليار، فذلك يحتم ان نعكف على المعالجة الجدية. ومن خلال النقاش الذي حصل، تبين أن خدمة الدين تصل الى أكثر من 8000 مليار سنوياً، والرواتب ومعاشات التقاعد وتعويض نهاية الخدمة تتخطى ال9000 مليار، ويضاف اليها عجز الكهرباء 2100 مليار، اي ان الدولة بدأت بإنفاق يصل الى 21 الف مليار تقريباً قبل أن تقوم بأي عمل او انفاق استثماري، وهو ما يحتاج الى معالجة وإصلاح. وفي هذا الإطار، نذكر عدم الأخذ بتوصية لجنة المال بوقف التوظيف لمدة سنة، الى حين القيام بمسح لكل إدارات وقطاعات الدولة خلال السنة، اذ حصل توظيف بقطاعات امنية وسواها، وهو ما انعكس مالياً على الموازنة. وبالتالي، فتطبيق التوصيات لم يحصل في بعض الجوانب البنيوية التي سنكرر المطالبة بها وستدخل في سياق عملنا الرقابي الذي سنقوم به.

 

على صعيد اللأنية المؤجرة التي وصلت كلفتها في العام 2017 إلى 114 مليار سنوياً، وكنا قد أوصينا بإنشاء مجمع حكومي يضم الإدارات، ويوفر على الخزينة بدل الإجارات المرتفعة ومنها في وسط بيروت على سبيل المثال، وقد ورد الأمر في موازنة العام 2018 إنشاء المجمع حكومي من خلال قانون برنامج على مدى 5 سنوات سنبحث فيه وتصل قيمته الى 750 ملياراً. وسنجري رقابتنا على الشكل والأرقام لاحقاً في هذا الموضوع أي خلال نقاشنا مشروع الموازنة، لاسيما أن الحكومة تعتبر ان الكلفة توازي بدل ايجار لست سنوات.

 

إن النقاش تطرق كذلك الى حجم الدين العام ومكوناته، والذي كما ابلغنا وصل الى حدود 79 مليار دولار، النسبة الأكبر منه للدين الداخلي، في مقابل ايداعات من القطاع العام، تخفض حجمه بحدود 10 مليار، ما يعني ان الوضع ليس بالسوء الذي يتصوره البعض، ولكنه يتطلب ادارة واصلاحات نأمل ان تكون قد بدأت بجدية.


إن الخفض الذي تحدثت عنه الحكومة بنسبة 20% لا يطبق على اجمالي الموازنة لانه لا يمكن ان يطال الرواتب والأجور، ولا معاشات التقاعد والمصاريف الثابتة، وبالتالي فهو عملياً يصل الى 5% من اجمال الموازنة.

 

النقاش حصل كذلك عن التهرب الجمركي، والبنود التي ادخلت الى الموازنة وتكافح هذا التهرب، كما أن زيادة حصلت في الإيرادات بين السنة الماضية واليوم، وبلغت 1700 مليار دولار، وهذه الزيادة تعود الى بعض الإجراءات الضريبية من خلال سلسلة الرتب والرواتب وموازنة 2017، لا سيما لناحية المصارف، ويتوقع وزير المال تحقيق المزيد من الإيرادات في المرحلة المقبلة.

 

نحن على ابواب باريس 4 ولبنان يطرح أكثر من 250 مشروعاً استثمارياً بقيمة تصل الى 16 مليار دولار، وهذه المشاريع تتعلق بالكثير من القطاعات الحيوية والاستراتيجية، والمطلوب ان نتعامل بجدية مع الأرقام التي بين ايدينا، وان لا يكون النقاش سياسياً، ولا انتخابياً لجهة تسجيل المواقف، وهو لم يكن كذلك اليوم لأننا نحتاج الى استعادة الثقة بلبنان. صحيح ان موازنة العام 2018 ليست مثالية باقرار الجميع، بمن فيهم وزير المال، لكننا نخطو خطوات جدية لجهة استعادة الثقة بالمالية العامة، وبالتالي، سنقول الأمور كما هي انما بمسؤولية، لنبني لا لنهدم، وسنستمر بالتحسين كما عملنا عام 2017.

 

سأتطرق الى موضوع آخر هو موضوع الحضور. فالحضور في جلسة اليوم كان خجولاً، واذا كان الزملاء النواب حرصاء على دورهم الوطني الذي لم ينته الى حين انتهاء ولاية المجلس النيابي، فعلى الجميع الحضور، وعلى من يطالب بمكافحة الهدر والفساد ان يشارك في النقاشات، لأن لجنة المال هي المكان الجدي للرقابة، لأن الكلام على المنابر لا يؤدي الى نتيجة ان لم يقترن بالفعل من ضمن مشاريع جدية، والموازنة من اهمها، لاسيما اننا في الشهر الثالث من السنة، وعلى ابواب استحقاقات كبيرة.

 

ليس هذا الحضور المنتظر من كتل نيابية ترفع شعار مكافحة الهدر والفساد. واتمنى مع البدء بنقاش الأرقام بدءاً من الاثنين المقبل ان يكون الحضور اكبر، وأناشد رؤساء الكتل والاحزاب والزملاء النواب ان يقرنوا القول بالفعل، فطريق الوصول الى موازنة في وقت معقول مع اجراء رقابة جدية يمر بالنقاش الجدي والتعاطي بمسؤولية. واعول على التزام زملائي والشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتقنا، اذ لا يمكن مخاطبة اللبنانيين بمشاريع اصلاحية ونغيب عن جلسات الموازنة.