برعاية دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري ممثلاً بنائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي، نظمت الأمانة العامة لمجلس النواب بالإشتراك مع المعهد العربي للتدريب البرلماني والدراسات التشريعية ومؤسسة وستمنستر للديمقراطية، ندوة حوارية، بمناسبة انطلاق ولاية المجلس النيابي الجديد، وذلك يومي 30 و31 تموز 2018 في قاعة مكتبة مجلس النواب.

 

حضر الندوة:

- النواب السادة: سمير الجسر، ابراهيم كنعان، ميشال موسى، اسعد درغام، شامل روكز، سليم عون، نزيه نجم، رولا الطبش، ادكار طرابلسي، ديما جمالي، الياس حنكش، علي عمار، فريد البستاني، انطوان بانو، علي درويش، مصطفى حسين، نقولا نحاس، ادكار معلوف، ايهاب حمادة، عثمان علم الدين، جان طالوزيان، حسين حبشي، فادي سعد، روجيه عازار، سليم خوري، انيس نصار، محمد نصرالله، انور جمعة، محمد خواجة، جورج عقيص، وليد البعريني، فادي علامة، وهبي قاطيشا، ابراهيم عازار، ماجد ادي ابي اللمع، سامي فتفت وبكر الحجيري.

- الوزيرة في حكومة تصريف الاعمال النائبة عناية عزالدين.

- أمين عام مجلس النواب الأستاذ عدنان ضاهر.

- أمين عام الإتحاد البرلماني العربي الأستاذ فايز الشوابكة.

- مدير عام المعهد العربي للتدريب البرلماني والدراسات التشريعية الأستاذ بلال شرارة.

- مدير عام الجلسات واللجان الدكتور رياض غنام،

- الأستاذ سيمون معوض مدير عام مستشار في مجلس النواب.

- عن ومؤسسة وستمنستر للديمقراطية الدكتورة دينا ملحم.

- أمناء سر اللجان النيابية.

- خبراء في الشأن البرلماني.

 

وتهدف الندوة إلى تعريف السادة النواب بالعمل البرلماني والأسس والإجراءات البرلمانية، سير العملية التشريعية وإجراءات إقرار التشريعات وأدوات الرقابة البرلمانية. كما يتخلل الندوة اطلاع النواب على دور وكيفية عمل مجلس النواب الإداري.


بعد النشيد الوطني، ألقى نائب رئيس مجلس النواب الأستاذ إيلي الفرزلي كلمة الرئيس بري، فقال:

 

أصحاب السعادة، السيداتوالسادة النواب،

 

شرفني دولة الرئيس بري بتمثيله في هذا الإجتماع، وإنني إذ انقل تحياته لكم فإنه لمن دواعي سروري افتتاح هذه الندوة الحوارية التي تضم نخبة من البرلمانيات والبرلمانيين الجدد للعمل معاً نحو توطيد مكانة المؤسسة البرلمانية التي كرسها الدستور اللبناني وتعزيز دورها في النظام السياسي الوطني.

 

وأنوه هنا بالتعاون الفعال بين مؤسسة وستمنستر للديموقراطية وادارة المجلس النيابي وادارة المعهد البرلماني العربي والأمانة العامة للإتحاد البرلماني العربي.

 

إاننا اليوم نؤسس لمرحلة جديدة تتمثل بتوطيد العلاقة بين النواب الجدد وادارة المجلس عبر هذا النشاط الذي يعد الاول من نوعه، حيث سيليه سلسلة من النشاطات المماثلة لكل لجنة على حدة بحسب المتطلبات والاولويات والصلاحيات التي ينص عليها النظام الداخلي لمجلس النواب.

 

أود الإشارة أنه بالرغم من الظروف الصعبة التي مر بها لبنان، فإن مجلس النواب تحمل مسؤولياته الوطنية والسياسية والتشريعية ووفر كافة الشروط لتحويل البرلمان الى بيت للشعب، يمارس من خلاله عملية المساءلة المباشرة لمسؤولي السلطة التنفيذية تأكيداً لمبدأ المشاركة السياسية والتي نأمل ان نرى استمراريتها من خلالكم في هذه الولاية الجديدة.

 

أرحب بكم مجدداً وأشكر الشركاء والجهات المنظمة كما اشكر جميع من لبى الدعوة لحضور هذه الندوة التي نتمنى لها كل النجاح.

 

ثم ألقى أمين عام الإتحاد البرلماني العربي الأستاذ فايز الشوابكة كلمة، فقال:

 

دولة الأستاذ نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني الأكرم، ممثلاً بدولة الأستاذ إيلي الفرزلي، نائب رئيس المجلس المحترم،

 

حضرات السيدات والسادة أعضاء المجلس النيابي الأكارم،

 

بداية اسمحوا لي باسمي وبالنيابة عن الأمانة العامة للإتحاد البرلماني العربي، ان انتهز ههذ الفرصة لأبارك لحضراتكم نيلكم ثقة الشعب اللبناني الشقيق، وبأن أهنئكم بتجربتكم الديموقراطية التي مورست هذا العام، والتي كانت وما زالت مثالاً يحتذى بها في الوطن العربي.

 

واسمحوا لي كذلك ان ابارك الى الشعب اللبناني بكم، هذا الشعب الذي يحمل رصيداً زاخراً وارثاً حضارياً تاريخياً ممتداً في جذور التراث الشرقي.

 

 وايضاً ابارك للبنان ككل، تلك الارض التي كانت ارضاً لرسالتين سماويتين تزخران بالمحبة والسلام ومتطلقاً لنهضة مدنية شاملة.

 

لبنان الأرز، لبنان الصمود، لبنان الذي لم يخطىء العملاق وديع الصافي عندما وصفه بقطعة سماء، هذا البلد الذي بإرثه الحضاري العريق كان وما زال مقصداً لطلاب العلم والمعرفة وملاذ المضطهدين، والذي خلق كلوحة رسمت بفن عاشقيه.

 

واذا كان من حق الشعوب ان تكون فخورة ببلدانها وتراثها الوطني فمن حق اللبنانيين ايضاً ان يكونوا فخورين مرتين.

 

فخورون ببلد نشأ على نظام تربوي رائد وعريق منذ القدم، سمح فكره المستنير بإنشاء المؤسسات العلمية من مختلف الثقافات وكان لابنائه وقياداته الدور الاكبر في اثراء الثقافات العربية والعالمية في مختلف المجالات العلمية والفنية والادبية، بالاضافة للفضل الكبير لهذا البلد في ريادة الصحافة والاعلام في الوطن العربي، وهذا ليس غريباً على ارض اخترع سكانها القدامى الابجدية ونشروها للعالم.

 

أيها السيدات والسادة الأكارم،

 

كما هو معلوم للجميع، فان لبنان الحديث كان احد المؤسسين للاتحاد البرلماني العربي في المؤتمر التأسيسي المنعقد في دمشق في الفترة ما بين 19 و21 حزيران من العام 1974. وكان صاحب دور مؤثر وفاعل في كل الاجتماعات والمؤتمرات التي عقدت بعد ذلك التاريخ الى يومنا هذا. كما كان الداعم الاكبر لجوهر الصراع العربي الاسرائيلي وهي القضية الفلسطينية ويحمل ولا يزال تبعات هذا الصراع.

 

رغم كل ما مر به هذا البلد من مآس، الا انه لا يخفى على احد ان نجاح التعددية السياسية واحترام الاخر لم يغب قط عن فكرة ان النموذج اللبناني فريد من نوعه، ففي العصر الحديث لم تعد قوة الشعوب تقاس بعدد سكانها، بل بقدرتهم وخصائصهم النوعية وقدرتهم على انتاج الفكر النوعي المبدع والتوعوي والابتكار العلمي، لانها هي تلك القوة الدائمة للشعوب والضمانة لبقائها والداعم لقوتها حتى وان كانت لا تنعم بمقدارت طبيعية، فالعقول السوية اهم بكثير من الثروات الطبيعية.

 

فكما هو معلوم للجميع، فان طبيعة الحياة السياسية في البلدان النامية عبارة عن حياة رعوية تقوم على الامر والنهي، وجوابها المقبول هو القبول والامتثال فقط، وان ما يسمى التعددية والتنوع في مثل هذه الحالات لا تعدو كونها تنوعاً وهمياً ليس مؤثراً ولا قيمة له في الحياة السياسية.

 

ولكن التجربة اللبنانية ومنذ القدم كان لها رأي مختلف، فأينما بحثت في اي مجال نهضوي لا بد ان تجد للبنان نصيب. فمن (اديسون الشرق) حسن كامل الصباح، الى بيتر براين مدور، مروراً برمال حسن رمال، الى الدكتور مبارك العشي، ويزن الصايغ ، وجبران خليل جبران، والكواكبي، والقائمة تطول.

 

هذا التنوع الحقيقي هو من أنشأ حالة من التعددية استفادت منها السياسة اللبنانية بتعددية سياسية حميدة حتى اصبحت منارة وواحة نهضوية وسط بحر متلاطم من امواج التغيير القسري الفوضوي فأضحت التجربة اللبنانية مظهراً من مظاهر الحداثة السياسية اليوم.

 

ففي الوقت الذي اصبح فيه التداول السلمي للسلطة مستحيلاً نجده في لبنان سلساً، في اطار التعايش الاهلي المشترك ووحدة المصير وتغليب المصالح العليا على المصالح الدنيا. فاصبحنا نتعلم من تلك التجربة اسس الحوار، والاختلاف واحترام الراي، حتى اصبحت الديموقراطية اللبنانية ديمقراطية فاعلة لا معطلة، مؤثرة غير متناثرة او مبعثرة.

 

وهذا ما كان ليكون، لولا فكر مستنير نخبوي ونخب تغلب الصالح العام على المصلحة الفردية ونظرة ثاقبة للمستقبل.

 

دولة الرئيس المحترم

السادة النواب المحترمين

الحضور الكرام

 

ان لبنان اليوم اشبه بلوحة فسيفسائية، تكونت بقطع فنية تكمل فيها كل قطعة الاخرى ولا تكتمل الصورة الا باكتمال جميع تلك القطع الفنية.

 

إن الدول التي تقوم على الرضى بين مكوناتها كافة والاعتراف بوجود التنوع في المجتمع والمشاركة في صناعة القرار لا يمكن ان نسميها دولا نامية او عالما ثالثا، وانما هي دول متقدمة تضيف ارثا جديدا للحضارة العالمية القائمة على مبدا التسامح والمساواة والعيش المشترك.

 

ان هذا الصرح العظيم المتمثل بمجلسكم الموقر، كان وما زال الركن الركين في ارساء قواعد الدولة المدنية بشكلها الصحيح سواء بشكله الجماعي او الفردي او المتنوع، فهو الممثل الرئيس للشعب، ومنه يستمد صلاحياته المتعددة بالمساهمة في حقل التشريع والرقابة وصاحب الصلاحية المالية والانتخابية وغيرها من سلطات كفلها الدستور النيابي، حتى اضحى منبر الشعب وضميره الحر وصوت الحق والملاذ الآمن للوطن، يلجأ له كلما اشتدت الازمات.

 

دولة الرئيس الأكرم

إخوتي وأخواتي النواب الكرام

السادة الحضور

 

 ان التجربة النيابية اللبنانية أثبتت ان هذا الشعب الكريم والمعطاء رافد لتخريج قيادات لا يهابون الدخول في المخاطر لحماية المصالح العليا، يعرفون ما يريدونه بدقة ويقمون بالهام الاخرين، يمكن الاعتماد عليهم في تحمل المسؤوليات، يعملون بكثير من الجهد وقليل من الراحة وفق احساس قوي بالواجب ومعايير عالية للتفوق وبخبرة سياسية برلمانية يجب ان تدرس في المعاهد والجامعات العربية.

 

أيها الأخوة الأعزاء

 

ان شهادتي بلبنان بلدا وشعبا شهادة مجروحة، وان اي كلام لا يسعف فمي في اعطائه حقه وحق هذا الشعب الراقي والحضاري.

كثيرة هي الشعوب التي تعيش بلا ارض، ولكن لا يمكن ان تجد دولة حضارية بدون نتاج شعب حضاري وحكومة سياسية تحافظ على منجزات ومقدرات شعبها وبرلمان قوي يحمل على كتفيه هموم الوطن والمواطن.

لا شك ان الازل قديم ولكن المستقبل لا يخلق من العدم الحضاري، وان تاريخ لبنان مشهود له ومعلوم انه لم يكن ليتأتى دون نتاج طبيعي ومستمر لفكر شعبي نخبوي يخرج القادة والمفكرين والعلماء، وكنتاج طبيعي كما هو هذا المجلس الكريم، الذي هو ارادة الشعب الذي يضع جل ثقته فيكم وانتم اهلا لها.

فلا يخفى على الجميع ان الغاية من الانتخابات النيابية هي اقرار ممثلين عن الشعب لاقرار السياسات ومراقبة تنفيذها، فالسلطة التنفيذية تكون صاحبة الولاية في ادارة شؤون الشعب والوطن (فهي بذلك احد طرفي العقد الاجتماعي) تحصل على ثقة الشعب (الطرف الاخر للعقد الاجتماعي) من خلال ممثليه المنتخبين.

 

واذا كانت مهام النائب الرئيسية تكمن في التشريع والرقابة، وهي مهام سياسية بامتياز، فان المعنى الحقيقي للديموقراطية الحقيقية بين الشعوب والحكومات هو الشفافية والنزاهة والعدالة الاجتماعية والحفاظ على المكتسبات التي أنجزها من كان قبلنا وتطويرها بمكتسبات جديدة يرثها من يلينا.

 

وتلك المسؤوليات هي من تجعل كل فرد منا مشروع نهضة، وتنتج فكرا نهضويا وطريقا لمستقبل مشرق.

 

على لبنان ان يكون فخورا بابنائه الذين ما زالوا وسيبقون يقدمون النموذج تلو الاخر في تسطير معنى الحضارة والرقي المنبثق من تاريخ عريق ملؤه العلم والعزة والكرامة في شتى المجالات ومختلف الامكنة، مستمرين في مستقبل مشرق وزاهر حتى بسط سيادته على كامل اراضيه، مستعيدا اياها من ايدي الاحتلال الاسرائيلي الغاشم.

 

حفظ الله لبنان وأدامه ذخرا للامة، وحفظ الله الشعب اللبناني ومتعة بموفور العيش الرغيد وأدام الله عليه الامن والامان.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

ثم تحدث أمين عام مجلس النواب الأستاذ عدنان ضاهر، فقال:

 

دولة رئيس مجلس النواب

أصحاب المعالي

أصحاب السعادة النواب

سعادة أمين عام الإتحاد البرلماني العربي

مؤسسة وستمنستر للديمقراطية

 

تحية معطرة بعبيق الترحيب، محبرة من الوجدان، ترخي عليها ملاءة من ياسمين الصباح ألقيها عليكم،

 

أهلاً وسهلاً بكم أهلاً لهذا المكان العظيم في الجمهورية اللبنانية، في صرح التشريع وسن القوانين والرقابة والمحاسبة، ولكم أصحاب السعادة هنا عمل كبير من اجل لبنان وشعبه ومن أجل اقتصاده وتطوير إدارته، وأمل اللبنانيين بكم، بتحقيق آمالهم وتطلعاتهم، كبير جداً.

 

دولة الرئيس،

أصحاب السعادة،

 

إن المسؤولية الرئيسية للامانة العامة في البرلمان هي تسيير الاعمال الفنية والادارية والمالية وتقديم كافة الخدمات والتسهيلات اللازمة لقيام اعضاء البرلمان بوظائفهم الدستورية عبر الكوادر الوطنية المختلفة، وقد قامت الامانة العامة منذ انشائها بتنظيم الجهاز الاداري لمجلس النواب فأنشأت المديريات العامة المختلفة وادخلت بها الوظائف المطلوبة تحت ادارة الامين العام لمجلس النواب، والذي من ابرز مهامه الاشراف ومتابعة اعمال مديريات المجلس والتنسيق بينها والاشراف والاطلاع على كافة المراسلات التي تصدر عن المجلس بعد اتمامها من الجهات المعنية وتأمين سرعة انجازها، وحضور جلسات مجلس النواب وتلاوة جداول اعمالها والاشراف على تحرير محاضر الجلسات وغيرها من الوظائف التي يطلبها الرئيس اثناء الجلسات وبعدها.

 

أصحاب السعادة،

 

قوة الدولة في برلمانها، قوة البرلمان في ادارته، وادارته لا بد ان تكون مستقلة ومحايدة واحترافية. امانة جيدة - برلمان جيد، عندما يصل النواب الى مقاعد المجلس فهم يحتاجون الى ان يقف المجتمع بجوارهم ويمكنهم ويعطيهم قدرات ومهارات العمل البرلماني ، فما المشكلة ان يحضر النائب دورات تدريبية حتى تتوفر لديه البحوث والمعلومات التي يحتاجها سواء أكانت داخل المجلس او خارجه تفيده في عمله البرلماني؟.

 

والسؤال، هل يستطيع النائب صياغة فكرة او مطلب في شكل تشريع؟ هل يستطيع مراقبة الحكومة اذا لم تتوفر له الامكانيات اللازمة؟

 

ان الامانة العامة بيت من بيوت الخبرة البرلمانية.

 

ان التعاون بين السادة النواب والامانة العامة يثمر وينتج ويغني العمل والتشريع والرقابة، وبالاخص اننا نملك طاقات وكوادر خبيرة في هذا المجال، يمكن ان تلعب دورها في تقديم الخبرة وتوظيفها بما يكفل لكم اداء يواكب طموحاتكم ويلتئم جرح القلق لديكم ويتكور وردة حمراء مغردة. والامانة العامة بالتأكيد، تتلقى كل الملاحظات من سعادتكم من اجل تصويب العمل واغنائه ليأتي متكاملا يحقق ما نصبو اليه، وعندها لا نتساءل : من يشكو من الآخر؟.

 

دولة الرئيس،

السادة النواب،

 

اسمحوا لي أن أجدد ترحيبي بكم في هذه الندوة الحوارية للنواب الجدد حول عمل مجلس النواب ودور النائب والتعرف الى هيكلية الادارة والاجهزة في مجلس النواب، ولكم جزيل الشكر على تلبيتكم دعوتنا والمساهمة في انجاحها خدمة للبنان.


واتضرع لله القدير يا سادة ان تتفرغوا للجانكم حضورا.

 

كما يتفرغ الربيع لصناعة شقائق النعمان.

 

والنحل في صناعة العسل.

 

وكما يتفرغ العصفور لصناعة الحرية.

 

واني انزف الحقيقة نزفاً مثلما تتزف الدموع المحاجر.

 

وتحدث مدير عام المعهد العربي للتدريب البرلماني والدراسات التشريعية الأستاذ بلال شرارة فقال:

يشرفنا في المعهد ومؤسسة وستمنستر، ان نفتتح اليوم هذه الندوة الحوارية للنواب الجدد بمناسبة انطلاق ولاية المجلس النيابي الجديد وانضمام 64 نائبا جديدا.

 

من الشائع اقليميا وعالميا، ونظرا لكون العمل البرلماني متشعبا لجهة تنوع ادواره البرلمانية وعلاقة البرلمان بالسلطات الاخرى وبالمواطنين. لا بد ان يتم تصميم برنامج تعريفي للاعضاء الجدد الذي لم يسبق لهم العمل في اطار البرلمان من قبل، حيث تبرز الحاجة الى تقديم الدعم والمساندة لهؤلاء الاعضاء من خلال تعريفهم بالعمل البرلماني والاسس والاجراءات البرلمانية.

 

للمرة الاولى ينظم مجلس النواب هذا النوع من الانشطة، ويسرني ابلاغكم ان هذا النشاط سوف تليه سلسلة من ورش العمل لكل من اللجان النيابية حسب احتياجات اللجنة ومواضيع عملها.

 

نتمنى أن يشكل هذا اللقاء بداية تعاون مثمر ما بين النواب وادارة المجلس وتحقيقا لمزيد من تطوير العمل البرلماني، ليتمكن هذا البرلمان من مواجهة ما يقع على عاتقه من متطلبات جديدة لا سيما في مجال التشريع والرقابة وتطوير واقرار السياسات العامة.

 

كما تحدثت عن ومؤسسة وستمنستر للديمقراطية الدكتورة دينا ملحم، فقالت:

أنشئت مؤسسة وستمنستر للديمقراطية في العام 1992 وهي مؤسسة بريطانية تركز في عملها على تعزيز البرلمانات والاحزاب السياسية في الدول ذات الاولوية في افريقيا واوروبا الشرقية والشرق الاوسط وشمال افريقيا وآسيا. وفي هذه المجالات كلها ننشط على المستويات الوطنية والاقليمية والمحلية.

 

ترتبط مؤسسة وستمنستر للديموقراطية ارتباطا وثيقا بمجلس العموم البريطاني، حيث ان رئيس مجلس العموم هو الرئيس الفخري لمؤسساتنا كما تمثل كل الاحزاب السياسية عبر نواب ممثلين في مجلس ادارة مؤسستنا.

 

ان المؤسسة تعمل مع اكثر من 26 برلمانا حول العالم، حيث لدينا شراكات عميقة وطويلة الامد مع هذه البرلمانات، وتدعم مؤسستنا المؤسسات تمثيلية حول العالم بما يتناسب مع اولوياتها وحاجاتها وضمن اطار سياقها الوطني والقانوني.

 

وتفتخر مؤسستنا بأنها تنشط بشكل كبير في العالم العربي عبر برامج مع اكثر من 7 برلمانات عربية، وبحصولها على صفة المراقب لدى الاتحاد البرلماني العربي حيث وبشراكتنا مع الاتحاد والمعهد العربي حيث تم تنفيذ برامج اقليمية مهمة ورائدة.

 

ان فخر مؤسستنا مضاعف عندما نكون على منبر في مجلس النواب اللبناني، حيث ان اول مكتب وبرنامج لمؤسستنا في العالم العربي بدأ من خلال شراكتنا مع مجلس النواب اللبناني عام 2006، وبدعم منه انتشر عملنا لكافة البرلمانات العربية. وهي شراكة مستمرة للسنوات الثلاث القادمة ولقد حققنا مع مجلس النواب اللبناني عدد كبير من الانجازات منها:

 

- في مجال النفط والغاز خاصة ولجنة الاشغال العامة والطاقة والنقل والمياه.

-  في مجال دعم والعمل مع لجنة المال والموازنة.

-  في مجال دعم المرأة والقوانين المناهضة للعنف ضد المرأة ولجنة المرأة والطفل.

-  في مجال بناء قدرات الباحثين في مركز البحوث البرلماني.

-  في مجال التحليل التشريعي.

-  في مجال ملاحقة تطبيق القوانين.

 

نحن نتوق للعمل مع اعضاء مجلس النواب وادارته الكريمة في المرحلة القادمة حيث تركز برامجنا على كل هذه المواضيع.

 

ان مجلس النواب اللبناني من خلال مبادرته (عقد ندوات حوارية للنواب الجدد) يعتمد تقليدا برلمانيا عالميا اسوة ببرلمانات متعددة حول العالم وينضم بذلك الى تجربة عدد كبير من الدول والبرلمانات حول العالم كبريطانيا، ايرلندا الشمالية، سكوتلندا، استراليا، المغرب، الاردن، اندونيسيا، ماليزيا وتونس.

 

ان تحضير ورش عمل وجلسات حوارية مكثفة في اول ستة اشهر من عمل البرلمان يشكل فرصة مهمة لتقديم للسادة النواب لاطر العمل التشريعي والتمثيلي والرقابي، بما فيها الرقابة المالية. وتقديم مختلف الادارات داخل المجلس للنواب الجدد والخدمات التي تقدمها لدعم النواب في عملهم، هي ايضا فرصة للتعرف على خبرات النواب الجدد ومجالات تخصصهم والتجربة التي يجلبونها لاغناء واثراء النقاش والعمل البرلماني.

 

في النهاية، اود ان أتقدم باسم مؤسسة وستمنستر للديمقراطية، بجزيل الشكر وبالغ التقدير لمجلس النواب اللبناني والمعهد العربي والاتحاد البرلماني العربي حيث نتشرف بشراكتنا العميقة وللسيد الرئيس مجلس النواب اللبناني لتعاونه وتشجيعه الدائم لتطوير العمل البرلماني وتسخيره كل الخبرات الموجودة لهذا الهدف.

 

بعد الافتتاح عقدت الجلسة الاولى بعنوان "دور مجلس النواب ووظائفه الرئيسية: الدستور اللبناني، النظام الداخلي وهيكلية المجلس"،

 

وترأس هذه الجلسة النائب ميشال موسى الذي تناول في مداخلته عمل مجلس النواب وفق احكام الدستور، كما تناول بالتفصيل مهام المجلس بعد تجديد انتخابه، من انتخاب هيئة مكتب المجلس وصلاحياتها وصولاً الى دور رئيس المجلس في الادارة المجلسية والتشريعية وصلاحيات نائب الرئيس وصلاحيات اميني السر والمفوضين.

 

وأضاف: ان أول عمل يقوم به المجلس النيابي بعد تجديد انتخابه هو انتخاب هيئة المكتب المجلس، اذ في كل مرة يجدد المجلس انتخابه يجتمع برئاسة اكبر اعضائه سناً ويقوم العضوان الاصغر سناً بينهم بوظيفة امين ويعمد الى انتخاب الرئيس ونائب الرئيس لمدة ولاية المجلس كل منهما على حدة بالاقتراع السري وبالغالبية المطلقة من اصوات المقترعين.

وتطرق الى نص المادة 44 من الدستور التي تتحدث عن انتخاب رئيس المجلس ونائب الرئيس وسائر اعضاء هيئة المكتب، موضحاً النظام الداخلي في مادتيه الثانية والثالثة ليؤكد ما ورد في المادة الدستورية 44.

 

كما تحدث النائب موسى عن صلاحيات هيئة مكتب المجلس وأكد أنه ليس في الدستور اللبناني اي اشارة الى هيئة مكتب المجلس كأداة تنفيذية لها صلاحيات محددة في اطار عمل السلطة التشريعية، وان النظام الداخلي لمجلس النواب حدد صلاحيات هيئة المكتب.

 

ثم عرض النائب موسى لدور رئيس المجلس في الادارة المجلسية والتشريعية، وذلك بأن يبلغ النواب قرار المجلس الدستوري القاضي بإبطال نيابة احدهم، كما يدعو ويترأس اجتماعات الهيئة العامة واجتماعات اللجان المشتركة فضلاً عن الاشراف على انتخابات اللجان النيابية واحالة المشاريع واقتراحات القوانين الى اللجان المختصة وارسال اسئلة النواب الى الحكومة وتلقي نتائج التحقيقات البرلمانية وغيرها من الادوار المنوطة برئيس المجلس.

 

كما توقف عند الصلاحيات الافرادية، وتحدث عن صلاحيات رئيس المجلس ودوره السياسي، اضافة الى صلاحيات نائب الرئيس التي يمارسها وصلاحيات اميني السر وفق ما تنص عليه المادة السابعة من النظام الداخلي. كذلك تحدث عن صلاحيات المفوضين كما حددتها المادة الثامنة من النظام الداخلي لمجلس النواب ومهامهم.

 

ورأى ان من واجب النائب مراجعة النصوص في الدستور او في النظام الداخلي في كل مرة يمارس عمله التشريعي او الرقابي سواء في الهيئة العامة او في اللجان. مستطرداً أنه اذا كان دور مجلس النواب اساساً هو العمل التشريعي، فان العملية التشريعية تمر في مراحل تختلف في ما اذا كان العمل التشريعي وارداً من الحكومة او مقدماً من نائب او اكثر، واذا كان الدستور يتكلم عن ان حق اقتراح القوانين يكون للحكومة او للنواب. ان النظام الداخلي والممارسة ميزا بين العمل التشريعي المرسل من الحكومة او المقدم من النواب لجهة التسمية، فما هو مقدم من الحكومة يسمى مشروع قانون وما هو مقدم من النواب يسمى اقتراح قانون.


كما تحدث النائب موسى عن صلاحيات هيئة مكتب المجلس استنادا الى المادة الثامنة من النظام الداخلي والتي تتولى بالاضافة الى الصلاحيات المنصوص عليها في هذا النظام ومنها درس الاعتراضات التي تقدم في شأن محاضر الجلسات وخلاصاتها وادارة جلسات التصويت وتقرير جدول الاعمال لكل جلسة من جلسات المجلس.

 

وأضاف: ان هيئة مكتب المجلس وبمشاركة اعضاء لجنة الادارة والعدل تجتمع في جلسة مشتركة، وبدعوة من رئيس المجلس لدرس الطلب المقدم من وزير العدل لرفع الحصانة عن احد النواب، وعليها تقديم تقرير بهذا الشأن في مهلة اقصاها اسبوعان.

 

وخلص الى الحديث عن اجتماعات هيئة المجلس، حيث ان النظام الداخلي لم يحدد اوقاتا معينة لاجتماعاتها ويطبق عليها ما يطبق على اللجان النيابية.

 

ثم جرى نقاش شارك فيه النواب الحاضرين حول كيفية تقديم اقتراحات القوانين والآليات.

 

ثم تخدث مدير عام الجلسات واللجان الدكتور رياض غنام عن اختصاصات النائب من خلال الدستور والقوانين، فقال:

تتعدد مهام المجالس النيابية وصلاحياتها واختصاصاتها بتطور الحياة السياسية وترقّيها في أي بلد من البلدان، وبقدر ما تتوسع صلاحية البرلمانات وتتعدد بقدر ما ترتقي شعوبها باعتبارها مصدر السلطات وصاحبة الحق بالسلطة سواء لجهة الممارسة الديمقراطية المباشرة كما كانت في أوائل عهدها، أم غير المباشرة عبر التفويض الذي يمنحه الشعب إلى المجالس التمثيلية وهي المعبر عنها بالمجالس النيابية أو الشورى أو البرلمان.

 

ومن الاطلاع على الدستور اللبناني الصادر في 23  أيار 1926، يتبين لنا انه خصّ عضو المجلس النيابي بالعديد من الصلاحيات التي يتوجب على النائب  ممارستها سواء لجهة التشريع والانتخاب والرقابة والتأسيس وغيرها. ومن خلال مواكبتنا الوظيفية، لأعمال مجلس النواب اللبناني على مدى أربعين سنة، أجزم أن قلة من النواب مارسوا أعباء نيابتهم بأهلية وجدارة كما نصت عليه أحكام الدستور والأنظمة الداخلية للمجلس النيابي وسائر القوانين والتشريعات، في حين  اقتصر دور الأكثرية الساحقة منهم على الاكتفاء ببعض الصلاحيات الجزئية التي لا تتعدى الصلاحيات الانتخابية والمشاركة في الاستشارات النيابية لتسمية رئيس الحكومة أو التصويت على الثقة، محجمين عياً عن ممارسة أهم الصلاحيات الدستورية المتمثلة بناحيتي التشريع والرقابة البرلمانية.

 

لقد حصر الدستور اللبناني صلاحيات النائب بالعديد من الاختصاصات، فنصت أحكامه على اختصاصات تأسيسية، ومالية، وانتخابية، وسياسية، وتشريعية، وقضائية، وكل هذه الاختصاصات يمارسها النائب مجتمعة بصفته ممثلاً للشعب اللبناني أي للأمة جمعاء.

 

1- الاختصاص المالي:

يتجلى هذا الاختصاص بالمهام المالية والضرائبية التي يقوم بها المجلس النيابي. وقد اتخذ هذا الاختصاص في الزمن المعاصر شكل التشريع والرقابة البرلمانية على كل ضريبة وكل قرض وكل امتياز.

ومن المعلوم ان هذا الاختصاص ظهر تاريخياً في انكلترا، وكان سببه حرص الشعب المكلف على ألا يؤدي ضريبة إلا إذا وافق ممثلوه بإقرارها.

وعلى هذا المبدأ العصري الأساسي نصت المادة  81 من الدستور على انه لا يصح فرض ضريبة وإحداثها وجبايتها إلا بقانون صادر عن البرلمان وأن شكلها لا يرتدي إلا شكل الضريبة العمومية، بحيث تشمل جميع المناطق اللبنانية دون استثناء، وإذا كان إحداث الضريبة خاضعاً للقانون، وبالتالي للبرلمان، فإن تعديلها أو إلغاءها يكونان أيضاً من اختصاصه تطبيقاً للنص الدستوري "لا يجوز تعديل ضريبة أو إلغاؤها إلا بقانون".

ويتخذ مبدأ قانونية الموازنة أشكالاً مختلفة لجهة سنوية الموازنة وشمولها والتصويت على بنودها بنداً بنداً الأمر الذي يجعل التصويت عليها متعباً في كثير من الأحيان، كما يمنع على النواب زيادة الاعتمادات المقترحة وذلك للحؤول دون جنوح النواب إلى إرضاء ناخبيهم على حساب الخزينة العامة. غير انه يمكن للمجلس بعد الانتهاء من الموازنة ان يقرر بطريقة اقتراح القوانين، أو المراسيم إحداث نفقات جديدة.

 

2- الاختصاص الانتخابي:

ولمجلس النواب أيضاً اختصاص انتخابي، فإليه تعود صلاحية انتخاب رئيس الجمهورية وقد جاء ذلك حسب منطوق المادة 49 من الدستور التي نصت على أنه «ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويُكتفى بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي...»

 

ولا شك ان المجلس النيابي الملتئم لممارسة هذا الاختصاص، فإنما يتحول بطبيعته القانونية من سلطة تشريعية إلى هيئة انتخابية، فيترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة دون مناقشة، أو أي عمل آخر" الأمر الذي يمنع الكلام عن النواب إطلاقا، ويفرض عليهم الاتفاق خارج قاعة البرلمان على المرشح أو المرشحين  المطلوب التصويت لهم.

           

وفي موضوع تعيين رئيس الحكومة فقد كان رئيس الجمهورية حسب نص المادة 53 من الدستور قبل تعديلات الطائف سنة 1990 يقوم بمهام تعيين الوزراء، ويسمي منهم رئيساً، ويقيلهم ويولي الموظفين مناصب الدولة الخ... اما بعد الطائف فقد أصبح على رئيس الجمهورية ان «يسمي رئيس الحكومة المكلف، بالتشاور مع رئيس مجلس النواب، استناداً إلى استشارات نيابية ملزمة يطلعه رسمياً على نتائجها».

           

ان إجراء استشارات نيابية ملزمة يقوم بها رئيس الجمهورية، ويطلع رسمياً عليها رئيس مجلس النواب، تفرض على رئيس الجمهورية بمساعدة الجهاز الإداري للرئاسة ان يقوم بعملية إحصاء لاتجاهات النواب في ترشيحهم لشخصية رئيس الحكومة، وتدوين أسمائهم في عملية مشابهة في نتائجها لعملية الانتخاب، بحيث يكون رئيس الجمهورية ملزماً بتسمية الرئيس المكلف الذي نال أكثرية ترشيح النواب.

 

ومن صلاحية المجلس النيابي أيضا انتخاب أعضاء المجلس الوطني للإعلام، فقد نصت المادة 17 من القانون رقم  382 المتعلق بالبث التلفزيوني والإذاعي على إنشاء هيئة تدعى: «المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع» تتألف من عشرة  أعضاء يعينون مناصفة من قبل مجلس النواب ومجلس الوزراء، والأعضاء هم من  اللبنانيين من أهل الفكر والأدب والعلم والاختصاص التقني.. وعليه يكون من مهام مجلس النواب تعيين الأعضاء الخمسة عن طريق الانتخاب.

 

وكذلك ينتخب المجلس النيابي بمقتضى المادة 80 من الدستور النواب السبعة في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والمؤلف من سبعة نواب وثمانية من أعلى القضاة اللبنانيين رتبة، وقد حصر النص الدستوري والقانوني انتخاب النواب السبعة بمجلس النواب الذي يقوم بانتخابهم في بدء كل ولاية، وفي بدء أول جلسة  يعقدها. كما ينتخب ثلاثة نواب آخرين أعضاء احتياطيين, في حين تسمي محكمة التمييز القضاة العدليين الثمانية الأعلى رتبة حسب درجات التسلسل القضائي بمن فيهم  الرئيس.

وفيما خص المجلس الدستوري المؤلف من عشرة أعضاء، فقد نصت المادة الثانية من قانون إنشائه على أن يقوم مجلس النواب بتعيين نصف هؤلاء الأعضاء بالأكثرية المطلقة في الدورة الأولى، والنسبية في الدورة الثانية، وعند تساوي الأصوات فالأكبر سناً يعتبر منتخباً. في حين يقوم مجلس الوزراء بتعيين النصف الآخر بأكثرية ثلثي أعضاء الحكومة.

 

3- الاختصاص القضائي:

ينفرد مجلس النواب بممارسة القضاء السياسي فقط في حين تنفرد السلطة القضائية بممارسة الصلاحيات القضائية كإحدى السلطات العامة في الدولة. لقد عهد الدستور إلى البرلمان أمر محاكمة رئيس الجمهورية والوزراء، وهي الصلاحية الموصوفة بالفقه الدستوري، بالقضاء السياسيJustice Politique  باعتبار انه يخضع في روحه واجتهاده وأصوله إلى تأثيرات الرأي العام والظروف الطارئة.

 

يعود المرتكز التاريخي لهذا الاختصاص إلى وجود مجلسين، احدهما مجلس النواب أو الممثلين الذي يقوم بأمر تقرير الاتهام، والآخر مجلس الشيوخ الذي يقوم بمهمة القضاء وأجراء المحاكمة، في عملية من شأنها ان تحقق الغاية السياسية التي من أجلها قد أنشىء هذا النوع من القضاء والذي وصف بسبب ذلك بالقضاء السياسي.

 

وبعد إلغاء مجلس الشيوخ سنة 1927، وتعديلات الطائف سنة 1990 ، استقر هذا الاختصاص على نص المادة 80 من الدستور والقانون رقم 13 تاريخ 18/8/1990، وتقضي "بتأليف المجلس الأعلى ومهمته محاكمة الرؤساء والوزراء من سبعة نواب ينتخبهم مجلس النواب، وثمانية من أعلى القضاة  اللبنانيين رتبة حسب درجات التسلسل القضائي أو باعتبار الأقدمية إذا تساوت درجاتهم، ويجتمعون تحت رئاسة أرفع هؤلاء القضاة رتبةً، وتصدر قرارات التجريم من المجلس الأعلى بغالبية عشرة أصوات، وتحدد أصول المحاكمات لديه بموجب قانون خاص.

 

4- الاختصاص التأسيسي:

ومن الاختصاصات التي قررها الدستور للمجلس النيابي، تبرز أيضاً الصلاحية التأسيسية، أي الاختصاص المتعلق بتعديل الدستور. والدستور اللبناني تبنى لجهة تعديله الطريقة التي كانت متبعة في الجمهورية الفرنسية الثالثة، فجعل البرلمان صالحاً في أمر تعديل أحكامه وفقاً للمواد 76 وحتى 79 منه. واعتبر ان حق المبادرة باقتراح التعديل يعود إلى رئيس الجمهورية من جهة، والى المجلس النيابي من جهة ثانية. وفي هذه الحالة يمكن لعشرة نواب على الأقل ان يتقدموا باقتراح قانون في خلال عقد عادي، وان يوافق على الاقتراح أكثرية الثلثين من مجموع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس قانوناً، وبعد ان يبلغ رئيس المجلس ذلك الاقتراح إلى الحكومة، فإذا وافقت عليه وجب عليها ان تضع مشروع تعديل تطرحه على المجلس خلال أربعة أشهر، وإذا لم توافق، عليها ان تعيد اقتراح التعديل إلى المجلس ليدرسه ثانية، فإذا أصر المجلس عليه بأكثرية ثلاثة أرباع مجموع الأعضاء، فلرئيس الجمهورية حينئذ اما إجابة المجلس إلى رغبته، أو الطلب من مجلس الوزراء حل المجلس النيابي وإجراء انتخابات جديدة، وإذا أصر المجلس الجديد على وجوب التعديل، وجب على الحكومة الانصياع وطرح مشروع التعديل في مدة أربعة أشهر.

           

5- الاختصاص السياسي:

تبرز أهمية هذا الاختصاص من خلال الرقابة التي يمارسها المجلس النيابي على سياسة الحكومة وأعمالها كافة، إذ فيها يكمن مبدأ السيادة الشعبية باعتبارها مصدر السلطات كلها بما فيها السلطة الإجرائية المولجة بتنفيذ إرادة البرلمان من خلال القوانين والتوصيات التي يصدرها.

 

يتجلى اختصاص المجلس السياسي بالعديد من الصلاحيات التي يقوم بها، فهو الذي يناقش البيان الوزاري للحكومة مانحاً أو حاجباً الثقة عنها، والمجلس أيضاً هو الذي يناقش الحكومة في سياستها العامة، سواء أكانت مجتمعة أو منفردة من خلال طرح الثقة بأحد الوزراء، وعندما يقرر المجلس عدم الثقة بأحد الوزراء وفاقاً للمادة 68 من الدستور، وجب على هذا الوزير ان يستقيل، إلا ان هذه الحالة لا تعني ان الثقة لا تكون إلا إفرادياً بكل وزير، بل انها قابلة لتكون خاصة بوزير واحد أو أكثر أو بالحكومة مجتمعة.

 

وأكثر ما تبرز الرقابة في الأصول البرلمانية بطريقة الأسئلة والأجوبة التي هي من أهم حقوق النائب الأساسية، والنائب مطلق الصلاحية في تقديم الأسئلة إلى الحكومة، عبر رئاسة المجلس النيابي، وله الحق أيضاً عند عدم اقتناعه بجواب الحكومة، ان يحوّل سؤاله إلى استجواب، وان يصعِّد به إلى مستوى طرح الثقة بالوزير المختص او بالحكومة ان لم تتوافر لديه القناعة بجواب الوزير أو رئيس الحكومة.

 

وفي الأصول البرلمانية يأتي التحقيق البرلماني أيضاً من الوسائل الرقابية التي توفر للمجلس إجراء التحريات القضائية من خلال لجنة برلمانية يعينها بهدف القيام بالتحقيقات في موضوع يحدده في قراره، وغالباً ما يكون ذات طابع مالي أو سياسي. وقد  درجت الأعراف البرلمانية  على ان بوسع هذا التحقيق ان يتناول جميع القضايا التي تهم الدولة وعلى اختلاف أنواعها، مما يدل على إمكانية نفاذه إلى جميع أمور الحكم والإدارة التي تختص بالسلطة الإجرائية، وكذلك شؤون القضاء ومؤسساته المختلفة.

 

يستمد التحقيق البرلماني أحكامه التفصيلية من النظام الداخلي لمجلس النواب، إذ لمجلس النواب ان يقرر إجراء تحقيق برلماني في شكوى تقدم إليه، أو مشروع  يطرح على المناقشة أو في معرض سؤال أو استجواب، وللمجلس ان يجري التحقيق البرلماني بواسطة لجنة برلمانية تنتخب من قبل مجلس النواب، او من قبل إحدى اللجان، وترفع لجنة التحقيق بنتيجة عملها تقريراً للهيئة  التي انتدبتها.

 

يمكن للمجلس أن يولي لجنة التحقيق البرلمانية، سلطات هيئات التحقيق القضائية شرط ان توافق على هذا القرار الأكثرية المطلقة من مجموع  أعضاء المجلس النيابي، وعند ذلك يمكنها ان تطلع  على جميع  الأوراق في مختلف دوائر الدولة، وان تطلب تبليغها نسخاً عنها، وان تستمع إلى الشهود، وتطلب جميع  الإيضاحات التي ترى انها تفيد التحقيق الذي تباشره.

 

كل تلك الصلاحيات توضع بتصرف لجنة التحقيق البرلماني كون المجلس النيابي ممثلاً للسيادة الشعبية، وهو المهيمن على الدولة بأسرها من خلال الدستور والقوانين، ومن خلال الصلاحيات الواسعة والاختصاصات العديدة التي يتمتع بها سياسة ورقابة وقضاء.

 

6- الاختصاص التشريعي:

يعتبر الدستور اللبناني الصادر سنة 1926، المصدر الأول للتشريع في لبنان، ونصوصه هي محور المناقشات النيابية ومركز النشاط التشريعي، ويترتب على ذلك ان على المجلس النيابي أن يحترم نصوصه، حتى ولو كان قادراً على تعديله بحجة انه هو صاحب السلطان المطلق بتعديله.

           

وتأتي القوانين والأنظمة في الدرجة الثانية بعد الدستور، وإذا  كان للمجلس الحق المطلق في وضع التشريعات والنصوص القانونية، فإن هذه الأطلاقية لا تجيز له ان يعمل بها دون ضوابط يراعي فيها نصوص القوانين السابقة، بل يستعمل حقه التشريعي في إطار حسن النية والمصلحة  العامة حتى لا تلغى قوانين  سابقة بموجب نصوص عرضية، أو تتعارض معها خلافاً لنية المشرع.

           

ويأتي النظام الداخلي للمجالس النيابية أحد أغزر ضوابط التشريع  البرلماني، وهو عبارة عن مجموعة التقاليد التي يسير عليها المجلس، والقواعد التي يقرها لتنظيم العمل فيه، وغايته الأساسية توفير الحرية للنواب للمناقشة والتقرير، في جو من الوضوح والطمأنينة، ويتضمن النظام الداخلي عادة الطرائق التي يتألف بموجبها جهاز العمل، كما يحدد أصول المناقشة والتصويت وعلاقة المجلس بالحكومة وكيفية عمل اللجان، والعديد من الأمور التفصيلية التي لا نجدها في الدستور أو في القوانين المرعية الإجراء.

 

أ - السلطة المشترعة:

حصر المشرّع اللبناني حق التشريع بمجلس النواب، فقد نصت المادة  16 من الدستور على الآتي: «تتولى السلطة المشترعة هيئة واحدة هي مجلس النواب».  وقد جاء هذا النص بعد التعديل الدستوري الأول سنة 1927 ، حيث كانت تتولى  السلطة التشريعية هيئتان : مجلس الشيوخ ومجلس النواب.

 

ان حصر السلطة المشترعة بهيئة واحدة هي مجلس النواب يتأتى عنه ثلاث نتائج مهمة لا يمكن تجاوز أي منها:

النتيجة الأولى: إن الشعب ليس الجهة الصالحة للتشريع: إذ لا يمكن أن يطرح  أي نص تشريعي على الشعب لاستفتائه، ولا يحق للمجلس نفسه أن يقرر إخضاع أي قانون لموافقة الشعب، لأن هذا الأمر يؤدي إلى تقاسم حق التشريع مع جهة ثانية، وهو الأمر الذي خصه الدستور بمجلس النواب دون سواه.

 

النتيجة الثانية: ان المجلس وحده  يمارس سلطة التشريع : ان الجهاز الذي تكون إرادته ضرورية وكافية لأجل خلق القانون، هو الجهاز الذي يملك سلطة التشريع دستورياً، وكانت المادة 16 تنص قبل تعديل سنة  1927 على أن «تتولى  السلطة المشترعة هيئتان: مجلس الشيوخ ومجلس النواب» ففي ذلك الحين كان لمجلس الشيوخ سلطات التشريع نفسها التي يتولاها مجلس النواب"، أما بعد إلغاء مجلس الشيوخ ودمجه في مجلس النواب، فإن مجلس النواب هو الذي يمارس وحده سلطة التشريع.

 

النتيجة الثالثة: ان مجلس النواب يمارس وحده سلطة التشريع: وهذا الأمر يعني انه لا يمكن لمجلس النواب ان يفوّض أي جهة بهذا الحق، Elle ne peut déléguer ce droit  ، وهو نص يمنع صراحة إعطاء الحكومة سلطة المراسيم  الاشتراعية، فالقوانين المسماة قوانين السلطات الاستثنائية، تخوّل الحكومة لفترة  معينة، ولغاية معينة، وفي مجالات معينة، حق إصدار مراسيم تتضمن أحكاماً كان يجب أن تكون من صلاحية المجلس لها قوة القانون، وبتعبير شامل هو تفويض يخولها حق التشريع.

 

إن تخلي المجلس النيابي عن اختصاصه الطبيعي، وحقه الحصري في التشريع من شأنه أن يضعف مركزه أزاء الحكومة التي تحل مكان  المجلس في ممارسة حق التشريع عبر ما يسمى «حق إصدار المراسيم الاشتراعية».

 

ب- المبادرة بالتشريع:

إذا كان الدستور اللبناني قد حصر حق التشريع بالمجلس النيابي دون غيره، فما هي الآلية المتبعة لتحقيق هذه الغاية.

 

لقد حصر المشرع اللبناني آلية التشريع في مصدرين لا ثالث لهما. الأول بالحكومة من خلال تحويلها مشاريع القوانين بموجب مراسيم إلى مجلس النواب، والثاني بالحكومة وبمجلس النواب من خلال ما يسمّى باقتراحات القوانين.

 

أولا:  مشاريع القوانين:

حصر المشرع اللبناني حق وضع مشاريع القوانين بالحكومة، فيجري إقرار مشروع القانون في مجلس الوزراء، ثم يحوّل إلى مجلس النواب بموجب مرسوم يوقعه كل من رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، والوزراء المختصين. وقد جاء ذلك في مكانين من الدستور، الأول في البند السادس من المادة 53 التي نصت على صلاحيات رئيس الجمهورية حيث ورد: «يحيل (رئيس الجمهورية) مشاريع القوانين التي ترفع إليه من مجلس الوزراء إلى مجلس النواب»،  والثاني في المادة 58 من الدستور التي نصت على الآتي:

 

«كل مشروع قانون تقرر الحكومة كونه مستعجلاً بموافقة مجلس الوزراء، مشيرة إلى ذلك في مرسوم الإحالة، يمكن لرئيس الجمهورية بعد مضي أربعين  يوماً من طرحه على المجلس، وبعد إدراجه في جدول أعمال جلسة عامة، وتلاوته  فيها ومضي هذه المهلة دون أن يبت به، أن يصدر مرسوماً قاضياً بتنفيذه بعد موافقة مجلس الوزراء».

 

وزيادة في توضيح المادة 58 من الدستور جاءت المادة  105 من النظام الداخلي لتقول : «عندما تمارس الحكومة حقها المنصوص عليه في المادة  58 من الدستور، فتقرر بموافقة مجلس الوزراء إعطاء مشروع قانون صفة الاستعجال، مشيرة إلى ذلك في مرسوم الإحالة، لا تبدأ مدة الأربعين يوماً، إلا من تاريخ  طرح  المشروع  بعد إدراجه في جدول أعمال جلسة عامة، وتلاوته فيها، ومضي هذه  المهلة دون أن يبت فيه».

 

ثانياً: اقتراحات القوانين:

أعطى المشرع اللبناني النواب الحق في المبادرة بوضع تشريعات استدراكاً لتلكؤ الحكومة في وضع تشريع معين، وذلك من خلال تقديمهم اقتراحات قوانين يتقدمون بها مباشرة إلى رئاسة مجلس النواب. فالنائب بحكم تعاطيه المباشر مع شرائح المجتمع قد يكون أكثر تحسساً بمشاكل الناس ومتطلباتهم، من الحكومة التي غالباً ما يقبع أعضاؤها في بروجهم العالية، وقد يغرق الوزراء في روتين إداري وسياسي يبعدهم عن القاعدة الشعبية، في حين أن النائب وبهدف إعادة تجديد نيابته  ينصرف إلى إيلاء شأن المواطنين عنايته واهتمامه، فيتابع مطالبهم وحاجياتهم سواء لدى الدوائر الرسمية، أو عبر إنصاف شريحة منهم من خلال نص تشريعي يعيد إليها شيئاً من حقوقها أو يرفع عنها غبن نص أقر خطأ أو بصورة غير مدروسة.

 

 يمارس النائب حقه في المبادرة في التشريع من خلال تقديمه اقتراح قانون يوقع عليه ويقدم مباشرة إلى رئاسة مجلس النواب، ولا يجوز أن يوقع اقتراح القانون أكثر من عشرة نواب، وعلى رئيس المجلس أن يحيل اقتراح القانون إلى اللجنة أو اللجان المختصة، وإيداعه الحكومة للاطلاع (المادتان 101 و 102 من النظام الداخلي).

 

كما يمكن لنائب أو أكثر أن يتقدم باقتراح قانون معجل مكرر، وفي هذه الحالة يشترط توافر صفة العجلة، وان يكون الاقتراح قد صيغ بمادة وحيدة، وفي هذه الحالة على المجلس ان يباشر درس اقتراح القانون المعجل، فيصوت أولاً على صفة الاستعجال، فإذا أقرها مضى بدرس الاقتراح، وإذا نزع عنه صفة  الاستعجال، أعاده الرئيس إلى اللجنة أو اللجان المختصة، واتبعت بشأنه الأصول العادية (المواد 110 – 112 – 113 من النظام الداخلي).          

 

لقد جاء إعطاء النائب الحق بتقديم اقتراحات قوانين ليقيم نوعاً من التوازن  النظري بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وإذا كان مجلس النواب هو المصدر الأساسي للتشريع كونه المصدر الوحيد للتشريع أي تشريع، إلا انه يبقى محكوماً بالأكثرية النيابية، وهي غالباً ما تكون ممثلة بالحكومة وموالية لها، لذلك ظلت  مشاريع القوانين وفي مختلف العهود متقدمة على اقتراحات القوانين وتحظى بامتياز الإقرار على سائر اقتراحات القوانين التي ظلت محكومة بموافقة الحكومة، وسياساتها العامة، وخصوصاً الوزير المختص.

 

ج- آلية مناقشة مشاريع واقتراحات القوانين وإقرارها:

وفي العودة إلى مصدر القانون نرى أنه لا بد لأي قانون من سلوك إحدى طريقين فإما أن يكون مصدره حكومياً عن طريق مشروع قانون يتم تحويله إلى  مجلس النواب بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء، وأما أن يكون مصدره نائباً أو أكثر ويسجل في قلم مجلس النواب تحت عنوان اقتراح قانون، وأياً كان المصدر الذي يأتي المشروع أو الاقتراح منه فبعد تسجيله في قلم مجلس النواب تتم إحالته من قبل رئيس المجلس إلى اللجنة أو اللجان المختصة، وهذا ما سنراه  مفصلاً من خلال آلية التشريع ودورها في صناعة القوانين الصادرة عن مجلس النواب.

 

استقر العرف البرلماني على تسمية المشروع الذي تقدمه الحكومة بمشروع قانون (Projet de loi) وهي تحيله إلى المجلس النيابي بموجب مرسوم  يحمل رقماً معيناً، كما يحمل توقيع كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزير المختص ووزير المالية، إذا كانت هناك من أعباء مالية مترتبة.

 

وفور ورود المشروع المُرسل إلى المجلس النيابي يُسجل بتاريخ الورود  في قلم المجلس ويُعطى رقماً ثم يُرسل إلى رئيس المجلس ليطلّع عليه، ويحيله مرفقاً بتوقيعه إلى اللجان النيابية بحسب اختصاصها، وإذا كان المشروع يدخل في اختصاص أكثر من لجنة يحيله الرئيس إلى كل منها، وعند التباين في النصوص المدروسة من قبل اللجان المختصة يمكن أن يدعو رئيس المجلس اللجان إلى اجتماع مشترك برئاسته أو برئاسة نائب رئيس المجلس لدرسه ووضع تقرير واحد بشأنه. 

 

واستقر العرف البرلماني أيضاً على تسمية الاقتراح الذي يقدمه نائب أو  أكثر اقتراح  قانون (proposition de loi)، وقد يعمد النائب إلى إعداد نص الاقتراح  شخصياً  لتحسسه موضوعاً معيناً، أو أن تكون هناك  فئة  أو شريحة من المجتمع هي الواضعة للنص، فيعمد  النائب إلى  توقيع  الاقتراح وقد يشاركه في التوقيع أكثر من نائب، وفي كل الحالات لا يجوز أن يتعدى عدد الموقعيّن على اقتراح القانون العشرة نواب وذلك لكي تتمكن اللجان من درس الاقتراح بحرية أكثر، وحتى لا يكون هناك عدد من النواب مرتبطاً سلفاً بمواقف معينة من جراء التزامهم بالتوقيع  على اقتراح دون درس كاف.

 

يسجّل النائب اقتراحه في قلم المجلس النيابي، ثم يأخذ مجراه القانوني بعد إحالته من قبل رئيس المجلس إلى اللجان المختصة تماماً كمشاريع القوانين المحالة من الحكومة، فيدرس ويناقش وفقاً لأحكام النظام الداخلي لمجلس النواب ضمن مهلة شهر اعتباراً من تاريخ وروده.

 

ويمكن للنائب أيضاً أن يتقدم باقتراح قانون معجل مكرر يتألف من مادة وحيدة أثناء جلسة عامة، ولا يصار إلى تقديم مثل هذه الاقتراحات إلاّ إذا اقتضت ضرورة العجلة أو ظرف طارئ أو استثنائي، فيصار أولاً للتصويت على صفة الاستعجال المكرر، فإذا وافق المجلس على ذلك، يصار الى درس مضمون الاقتراح صفة الاستعجال، أما إذا لم ينل الموافقة على إعطاء الإقتراح صفة الاستعجال، فيمكن لرئيس المجلس ان يحيله إلى اللجان المختصة كسائر اقتراحات القوانين.

 

ترفق مشاريع القوانين واقتراحات القوانين بأسباب موجبة تؤكد على أهميتها والدوافع التي حدت إلى وضعها وتعلّقها بالمصلحة العامة تحقيقاً للعدالة والمساواة بين الناس وقد تتعرّض الأسباب الموجبة للأعباء المالية ومدى الكلفة المترتبة عن المشروع.

تُرسل اقتراحات القوانين إلى الحكومة على سبيل أخذ العلم وتجري مناقشتها في اللجان المختصة كسائر مشاريع القوانين بحضور الوزراء المختصين أو من يمثّلهم.

 

تتولى اللجان النيابية درس الموضوعات المعروضة عليها تباعاً حسب تواريخ  ورودها ما عدا مشاريع القوانين المستعجلة وما تقرر اللجنة  تقديمه على  سواه. كما تتولى وضع تقرير يتضمن مختلف وجهات النظر والآراء التي عرضت في اللجنة، وتعمد بعد التشاور والمناقشة إلى التصويت بالأكثرية على المشاريع والاقتراحات المعروضة، فأما أن يتم إقرارها أو تعديلها أو رفضها.

 

تُرفع تقارير اللجان مرفقة مع التعديلات إلى هيئة مكتب المجلس الذي يحيلها إلى الهيئة العامة حيث تتم مناقشتها وإقرار ما تراه الهيئة مناسباً. وفي ضوء المناقشات، ومن خلال التصويت أما أن يصدق ويصبح مشروع  القانون أو  اقتراح القانون قانوناً أو يُرفض أو يعاد إلى اللجنة التي درسته أو إلى لجنة أخرى أو إلى اللجان المشتركة لإعادة النظر فيه ووضع تقرير جديد بشأنه قبل إعادة  طرحه على الهيئة  العامة  والتصويت عليه مجدداً.

 

تُحال القوانين المصدقة إلى رئيس الجمهورية لإصدارها وطلب نشرها في الجريدة الرسمية، وفي حال عدم موافقته على قانون ما، يقوم رئيس الجمهورية بردّه إلى مجلس النواب بعد إطلاع مجلس الوزراء على ذلك. ويُحال مرسوم الإعادة المتضمن نص القانون مع أسباب الرد ليُدرس مجدداً بالطريقة ذاتها، وفي هذه الحالة يحتاج القانون لإقراره في الهيئة العامة إلى الأكثرية المطلقة بدلاً من الأكثرية النسبية.

 

وفي حال موافقته على القوانين يطلب رئيس الجمهورية نشرها في خلال مهلة شهر، وعند انقضاء هذه المهلة دون إصدار القانون أو ردّه إلى المجلس النيابي، يعتبر القانون نافذاً حكماً ووجب نشره في الجريدة الرسمية، وليس لرئيس الجمهورية أن يُدخل تعديلاً على القوانين أو أن  يعفي أحداً من التقيّد بأحكامها.

 

الخاتمة:

إن الصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها المجالس النيابية في الأنظمة البرلمانية، تجعل منها أي من هذه المجالس رمزاً للسيادة الشعبية، كونها منبثقة عن إرادة الأكثرية في المجتمعات الديمقراطية، وكما شهدنا في الماضي تراجعاً للأنظمة الدكتاتورية والأوتوقراطية وتقدماً للنظم الدستورية الرئاسية، فإننا بدأنا في الفترة المعاصرة نشهد تراجعاً للأنظمة الرئاسية وتقدماً للنظم البرلمانية، كونها تجسد تعبيراً حقيقياً عن إرادة الناس وتوجهاتهم ومشاركتهم في السلطة من خلال الوكالة التي منحوها لممثليهم.

 وأختم لأقول انه إذا ما وقف المواطن اليوم أمام ضميره وراجع سجله الانتخابي معيداً تصنيف اختصاصات النائب الأساسية وخصوصاً لجهة التشريع والرقابة، فإنه حتماً لن يمنح صوته إلا لبضعة من النواب من أصل المئة والثمانية والعشرين نائباً الذين تتألف منهم الندوة البرلمانية، والبضعة في حساب فقه اللغة لا تتجاوز العشرة، فهل نرأف بضميرنا ونتّعظ؟!..

 

ثم جرى نفاش مفتوخ مع أسئلة وأجوبة.

 

بعد ذلك، ترأس النائب سمير الجسر أعمال الجلسة الثانية عن "دور مجلس النواب في العملية التشريعية:

سير العملية التشريعية، الدور التشريعي للنواب وأصول الصياغة التشريعية.

 

وقال النائب  الجسر:

ان من حسنات هذه الندوة ايضا انها تعمل على تعريف النواب على ادارات مجلس النواب ابتداء من مديرية الدراسات والمعلومات ومديرية الشؤون الخارجية ومصلحة المعلوماتية والاعلام ومكتبة المجلس والاستفادة منها. وان كانت الندوات الخمس الاولى تختصر طريق التعرف على دور المجلس واللجان ودور النائب ووسائل الممارسة فان الندوات الخمس الاخيرة تعرف على مديريات المجلس التي تبقى مجهولة من كثير من النواب بالرغم من دورها الكبير في ضبط وتنظيم العمل والسهر على خدمات جلى يستطيع النائب ان يستفيد منها في عمله التشريعي او الرقابي، وإني أؤكد ان كل هذا لا يسقط واجب النائب في مراجعة النصوص في الدستور او في النظام الداخلي في كل مرة يمارس النائب عمله التشريعي او الرقابي سواء في الهيئة العامة او في اللجان. وهذا الكتابان يجب ان يكونا تحت يد النائب بصورة دائمة.

 

واذا كان دور مجلس النواب اساساً هو العمل التشريعي، فإن العملية التشريعية تمر في مراحل تختلف، في ما اذا كان العمل التشريعي وارداً من الحكومة او مقدماً من نائب او اكثر، واذا كان الدستور يتكلم عن ان حق اقتراح القوانين يكون للحكومة او النواب. فان النظام الداخلي والممارسة ميزا بين العمل التشريعي المرسل من الحكومة او المقدم من النواب لجهة التسمية فما هو مقدم من الحكومة يسمى مشروع قانون وما هو مقدم من النواب يسمى اقتراح قانون.

 

اما عن كيفية تقدم هذه الاعمال التشريعية (مشروع قانون او اقتراح قانون) الى رئاسة المجلس وكيف تأخذ هذه الاعمال مسارها الى اللجان المختصة او اللجان المشتركة او حتى الهيئة العامة وكيف يجري التعاطي معها اذا درست من اكثر من لجنة وكان هناك اختلاف بين اللجان حولها، وكيف تصل الى الهيئة العامة وكيف تجري مناقشتها والتصويت عليها. ثم تحديد من يحق له من النواب ان يحضر اعمال اللجان ويشارك فيها، وما هو دور المشاركين من غير النواب بالاخص من الفئات اصحاب المصلحة التي يمكن ان يتناولها التشريع ايجاباً او سلباً. وما هي اصول الصياغة القانونية وما هو دورها في بيان الاحكام التي يقرها التشريع ووضوح هذه الاحكام من خلال استعمال المفردات الواضحة والمتعارف عليها والجمل القصيرة التي تبين الحقوق بوضوح وما يجب ان تقرره مواد القانون من احكام ملزمة. عن كل هذا سيحدثنا المنتدون ولكن قبل ذلك اريد لفت الانتباه الى ان هناك اطارا تشريعيا يجب احترامه في كل عمل تشريعي.

 

فنحن في نظام برلماني ديموقراطي يفصل بين السلطات ويوازن ويقر التعاون بينها. وهذا الكلام أسوقه امام من يتكلم عن استقلال لبعض السلطات، لان استقلال اي سلطة يعني اسقاط المحاسبة عنها. وهذا يخالف مبدأ التوازن الذي يقوم على رقابة السلطات لبعضها ومحاسبتها لبعضها البعض.

 

2- ان هناك قاعدتين اساسيتين للتشريع هما: الضرورة والاثر الاحتمالي لاي تشريع.

 

إني أؤكد ان العمل التشريعي يجب ان يلبي ضرورة، كما لو انه لا يوجد قانون ينظم مسألة ما (امثال قانون ادارة النفايات) او ان القانون الموجود غير ملائم ويقتضي تغييره او ان القانون فيه نواقص تكشفت من خلال الممارسة ويقتضي استكماله. والاصل ان اي عمل تشريعي يجب ان يكون مبنيا على دراسة الحاجة والانطلاق من احصائيات ودراسات اجتماعية اقتصادية.

 

أما الاثر الاحتمالي فإن كل عمل تشريعي من شأنه ان يقر حقوقا او يلغي حقوقا اخرى او يقرر احكاماً ملزمة او يلغي احكاما سابقة. وكل اجراء من هذا النوع له اثره بين الناس وعلى المجتمع ويفترض اخذه بعين الاعتبار وبالتالي وجوب دراسة اثره الاجتماعي والاقتصادي والامني في بعض الاحيان.

 

ثم تحدث الدكتور محمود صبرة، استشاري الصياغة التشريعية والاستاذ المحاضر والمشرف العلمي على دبلوم الصياغة التشريعية التي يمنحها الاتحاد الدولي للقانون والتنمية وكبير المترجمين في هذا المجال والباحث الدولي.
 

كما تكلم كل من الدكتورة دينا ملحم عن ومؤسسة وستمنستر للديمقراطية وممثل عن وزارة العدل.

 

ثم جرى نفاش مفتوخ مع أسئلة وأجوبة.

 

ثم افتتحت الجلسة الثالثة تحت عنوان: دور مجلس النواب في العملية الرقابية: مبادىء وآليات وأدوات الرقابة البرلمانية، كيفية استخدام الرقابة البرلمانية.


وترأس رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان اعمال هذه الجلسة: فتحدث عن تعريف النواب الجدد على دور المجلس النيابي، لا سيما ما يتعلق منه بالرقابة المالية البرلمانية، وقال:

 

إن مشكلتنا في لبنان فقدان ثقافة تنفيذ القوانين واحترامها ودورنا النيابي مساءلة اي حكومة حول ذلك.

 

إن تحقيق الشفافية التي نريد ممكن من خلال الموازنات التي تمنح المجلس النيابي امكانية الرقابة والتطوير والاصلاح.

 

أيها السيدات والسادة،

 

تشريع ورقابة، تحقيق ومحاسبة، استشارات وانتخاب، هذه هي صلاحيات البرلمان في لبنان... تشريع لتنظيم المستجدات كي لا يحصل قصور في التشريع، وتشريع لمواكبة التطورات كي لا يتحجر التشريع ويتقوقع، ورقابة مسبقة تمارس كي لا يرتجل الحاكم فيعمل على هواه، ورقابة أثناء التنفيذ كي لا يشط الحاكم فيتجاوز ما أذن له به، ورقابة مؤخرة لكي لا تبقى المخالفة، في حال حصولها، دون مساءلة وحساب، وتحقيق حيث يتوجب بيان الأخطاء وتحديد المسؤوليات، ومحاسبة لكي تكون في القصاص حياة لأولي الألباب، وعبرة للأجيال، واستشارات لاختيار الرئيس المكلف، وانتخاب لاختيار رئيس الدولة وأعضاء بعض المجالس والهيئات، وكل ذلك يمارس باسم الشعب اللبناني الذي اختار النواب ممثلين له ليشرعوا ويراقبوا ويحققوا ويحاسبوا ويشيروا وينتخبوا باسمه ولمصلحته.

 

أسارع لأقول أن الصلاحية التشريعية محصورة بمجلس النواب، في حين أن المبادرة التشريعية تعود إلى المجلس النيابي عن طريق اقتراحات القوانين وإلى السلطة التنفيذية عن طريق مشاريع القوانين. وأسارع لأقول أيضا أن المبادرة تعود حصرا إلى السلطة التنفيذية في موضوعين أساسيين هما الموازنة والحسابات المالية السنوية. أما لجنة المال والموازنة، وهي اللجنة الأبرز في البرلمان اللبناني، لا لكثرة عدد أعضائها، بل للصلاحيات الواسعة المنوطة بها، إذ تشمل مهامها كل عمل تشريعي له أثر مالي، أي عمليا كل الأعمال التشريعية، فهي المطبخ المالي للبرلمان اللبناني حيث تدرس مشاريع القوانين واقتراحاتها، وتمارس الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة ولا سيما المالية منها، قبل التنفيذ وخلاله وبعده.

 

أولاً، قبل التنفيذ: من خلال إقرارالمجلس النيابي للقوانين ولا سيما قانون الموازنة الذي يعتبر الترجمة العملية لخطة الحكومة خلال سنة مقبلة.

 

ثانياً، أثناء التنفيذ: حيث يمارس المجلس النيابي رقابته بإحدى الطرق التالية:

 

1-الطلب إلى الحكومة تقديم الإيضاحات والمعلومات المتعلقة بسير النفقات والواردات في أي وقت من السنة وذلك عن طريق الأسئلة الشفهية والخطية والاستجوابات والمناقشات العامة.

 

2-استدعاء الحكومة إلى اللجان النيابية عندما تشاء هذه اللجان للاستماع إليها في مواضيع مالية عامة أو خاصة.

 

3-كثيراً ما تلجأ الحكومة إلى طلب فتح اعتمادات إضافية أو تحيل إلى المجلس مشاريع اتفاقيات قروض، وعليها في كل مرة أن تبرر الطلب، مما يفسح المجال أمام المجلس النيابي ولجانه المختصة للاطلاع على سير تنفيذ الموازنة، وبالتالي مناقشة الحكومة في سياستها المالية.

 

4-تتولى أجهزة الرقابة لا سيما التفتيش المركزي وديوان المحاسبة وضع تقارير دورية وخاصة تتناول قضايا تتعلق بتنفيذ الموازنة، وتودع نسخة عنها المجلس النيابي، بحيث يمكن للمجلس أو لأي لجنة من لجانه أو لأي نائب أن يستوضح الحكومة عن القضية موضوع التقرير.

 

5-كما يمكن للمجلس النيابي تأليف لجان تحقيق برلمانية تتولى التحقيق في قضايا مالية تتعلق بتنفيذ الموازنة أو سواها.

 

ثالثاً، بعد التنفيذ (الحسابات المالية السنوية): حيث أن رقابة المجلس النيابي على الحسابات المالية السنوية هي نتيجة لإجازتي الجباية والأنفاق الممنوحتين من المجلس للحكومة. فنتيجة تنفيذ الموازنة، أي مدى التزام الحكومة بإجازتي الجباية والأنفاق خلال سنة الموازنة تظهر في الحسابات المالية النهائية السنوية.

 

رابعاً، إنجازات لجنة المال والموازنة على صعيد الرقابة البرلمانية:

 

1-لقد مارست لجنة المال والموازنة دورها كاملا على صعيد المالية العامة:

 

- فكان درس اللجنة لمشروع قانون موازنة العام 2010 موضع تقدير وإشادة في الداخل والخارج لجهة المنهجية التي اعتمدت وطريقة مقاربة مواد مشروع القانون المائة والثلاثين. وإن لم يقر هذا المشروع في حينه، إلا أنه أرسى ركائز وأسس درس مشروعي موازنتي العامين 2017 و2018 وإقرارهما خلال مهل قياسية.

 

- وأصدرت اللجنة أكثر من خمسين توصية إلى الحكومة في شتى الحقول والمجالات.

 

- كما درست مشاريع القوانين ذات الأثر المالي التي عرضت عليها وجرى إقرار معظمها من قبل الهيئة العامة للمجلس.

 

2-وقامت اللجنة بالاستماع إلى الإدارات والمؤسسات المعنية، لا سيما:


-وزارة المالية ومصرف لبنان وجمعية المصارف بشأن السياستين المالية والنقدية وامتصاص الفوائض من الودائع المصرفية بالتناوب بين وزارة المالية ومصرف لبنان.

 

-وزارة المالية ووزارة التربية والتعليم العالي بشأن المستحقات المتوجبة للمدارس الخاصة المجانية.


- مجلس الإنماء والإعمار بشأن الإجراءات المعتمدة لتحقيق الإنماء المتوازن ووضع خطة عامة وخطط قطاعية لهذه الغاية، وبشأن تلزيم جمع ومعالجة النفايات الصلبة وكلفتها...

 

3-وأما على صعيد الحسابات المالية النهائية فقد قامت لجنة المال والموازنة بجهد مشهود فاستمعت إلى وزارة المالية وديوان المحاسبة على مدى ست جلسات، وتوصلت إلى بيان كل ما أحاط ويحيط بهذه الحسابات منذ العام 1993، وخلصت بالنهاية إلى تأليف لجنة فرعية لتقصي الحقائق بشأن هذه الحسابات ومتابعة إعدادها وتدقيقها من جهة، وإلى اقتراح تأليف لجنة تحقيق برلمانية بشأن جميع الشؤون المالية والحسابات خلال الفترة السابقة.

 

أيها السيدات والسادة،

 

لا يكفي الوقت المتاح لهذه الجلسة لبيان كل ما يحيط بدور المجلس النيابي ولجانه على صعيد الرقابة البرلمانية، إلا أن هذه الخبرة تكتسب بالممارسة والمتابعة والمراكمة والاطلاع على التجارب البرلمانية في الدول الأخرى ذات النظم الديموقراطية البرلمانية. ولذلك أدعوكم إلى المثابرة على حضور جلسات اللجان البرلمانية، حتى ولو كنتم غير أعضاء فيها، كما أدعوكم إلى تخصيص أوقات معينة للاطلاع على التجارب البرلمانية في الدول العريقة بديمقراطيتها، وعلى ما سبق طرحه ومناقشته في ندوات وورش عمل تتعلق بدور البرلمان في الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية. وأوصيكم بألا تخجلوا من السؤال عندما يشكل عليكم أي أمر. فالعيب ليس في طرح السؤال، وإنما في الخوف من طرحه.
 

وأخيراً، أدعوكم إلى أن يكون عملكم التشريعي والرقابي هادفا إلى جعل الندوة البرلمانية ميدانا لاحتكاك الآراء وتفاعلها بما يؤدي إلى تحقيق المصلحة العامة، أي مصلحة المواطن الذي اختاركم لتمثيله وتحقيق الأهداف المرجوة من كل رقابة، أي تحديد المسؤوليات والمحاسبة من جهة والحيلولة دون المخالفة أو التمادي فيها من جهة ثانية.

 

ثم كانت كلمة للقاضي عبد الرضا ناصر.

 

ثم افتتحت الجلسة الرابعة تخت عنوان الهيئة العامة: الأصول والممارسات: أعمال الهيئة العامة، طلب الكلام، الأسئلة والإستجوابات والتصويت.

 

وتحدث المدير العام المستشار في مجلس النواب الأستاذ سيمون معوض حول كافة هذه المواضيع.

 

وجرى نقاش مفتوخ ورد الأستاذ سيمون معوض على كافة أسئلة السادة النواب.