نظمت لجنة حقوق الإنسان النيابية بالتعاون مع منظمة DCAF مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة لقاءً حوارياً بعنوان "آليات مناهضة التعذيب"، ودلك عند الساعة العاشرة والنصف من قبل ظهر يوم الأربعاء الواقع في 20شباط 2019 في قاعة المكتبة في مجلس النواب.

 

يهدف اللقاء إلى توثيق العلاقة الأساسية القائمة بين جميع الجهات المعنية بموضوع حقوق الإنسان  ومناهضة التعذيب وفتح باب النقاش حول آليات إنفاذ مسؤوليات الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان الواسعة النطاق وعلاقتها مع المشترع اللبناتي عامة، واللجنة البرلمانية لحقوق الإنسان على وجه الخصوص والدور التي يمكن أن تلعبه المؤسسات الأخرى في تجاوز الإشكالات والتحديات في الواقع اللبناني سعياً لحماية  وتعزيز حقوق الإنسان في لبنان.

 

وقد تركز النقاش على مسؤوليات الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان الواسعة وعلاقتها مع المشترع اللبناني عموماً واللجنة البرلمانية لحقوق الإنسان خصوصاً والدور الذي يمكن ان تلعبه المؤسسات الأخرى في تجاوز الإشكالات والتحديات في الواقع اللبناني سعياً لحماية وتعزيز حقوق الإنسان في لبنان.

 

حضر اللقاء رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية النائب ميشال موسى، والنواب السادة: حكمت ديب، نواف الموسوي، سيمون ابي رميا، رولا الطبش والنائب السابق غسان مخيبر.

 

كذلك حضر:

- ممثل منظمة DCAF السويسرية كريستين لودينغ.

- العقيد نبيل الدندشلي ممثلاً مديرية المخابرات في الجيش اللبناني.

- العقيد كمال البعلبكي رئيس لجنة مناهضة التعذيب في قوى الأمن الداخلي.

- الرائد طلال يوسف عن المديرية العامة للأمن العام.

- الرائد وليد كمال عن الجيش اللبناني.

- القاضية انجيلا داغر  ممثلة وزارة العدل:

- أعضاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان الدكتور فضل ضاهر، فادي جرجس، ريمون مدلج وبسام القنطار.

- غادة جنبلاط ممثلة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية.

 

بعد النشيد الوطني، ألقى ممثل منظمة DCAF في لبنان المحامي ربيع قيس كلمة ترحيبية شكر فيها لجنة حقوق الإنسان النيابية على تنظيمها لهذا اللقاء بحضور نواب وممثلين عن الأجهزة الأمنية ووزارة العدل والمجتمع المدني، لافتاً الى ممارسة التعذيب في أماكن الإحتجاز.


ثم تكلم النائب ميشال موسى، فقال:

خطا لبنان خطوة متقدمة بإقرار القانون 62  تاريخ 3/11/2016، قانون إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، والذي جاء ثمرة تعاون وجهود برلمانية وأهلية وأممية، وتالياً حكومية بتشكيل هذه الهيئة من شخصيات مشهود لها بكفاءتها ومهنيتها وموضوعيتها، والتي ننتظر استكمالها في الفترة المقبلة، بعد عودة العجلة الحكومية الى دورتها الطبيعية.

 

إن هذه الهيئة أتت ترجمة للخطة الوطنية لحقوق الإنسان التي كان للمجلس النيابي الكريم ولجنة حقوق الإنسان دور ريادي في اعدادها واقرارها، بالتعاون مع الإدارات الرسمية والهيئات المحلية والدولية المعنية، انسجاماً مع مقدمة الدستور اللبناني، والتزاماً بالإتفاقات الدولية ذات الصلة.

 

في لقائنا اليوم حول آليات مناهضة التعذيب، لا بد من ان نسلط الضوء على مهمات لجنة الوقاية الوطنية من اجل حماية حقوق الأشخاص المحتجزين والمحرومين حريتهم، والتي تتمتع بالشخصية القانونية المستقلة في كل ما يتعلق بالتعذيب والوقاية منه.

 

ومن اماكن حرمان الحرية: السجون وأماكن التوقيف والمخافر ومؤسسات الأحداث والمستشفيات والمصحات النفسية وغيرها، ولها الصلاحية المطلقة في زيارة هذه الأماكن والقيام بزيارات دورية او مفاجئة في أي وقت، وإجراء مقابلات جماعية او خاصة او على انفراد مع من تشاء من الأشخاص المحرومين حريتهم، وإجراء اي فحص او كشف طبي عليهم.

 

وبغية تمكينها من القيام بمهماتها، للجنة الحق في الحصول على اي معلومات من الجهات المعنية، وهي غير ملزمة تسليم اي معلومات الى اي جهة كانت، إلا اذا وجدت أن في ذلك مصلحة لحماية حقوق الأشخاص المحرومين الحرية. وتكون الملفات والمعلومات المتعلقة باللجنة سرية، ولا يمكن الكشف عنها الا بقرار من اللجنة. وتؤكد المادة 27 من القانون إلزامية تعاون السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والجهات كافة مع اللجنة، وتسهيل عملها بهدف مساعدتها في إتمام مهماتها.

 

إن الهيئة الوطنية تتشكل من 10 أعضاء، خمسة منهم أعضاء في لجنة الوقاية من التعذيب، يعينون جميعاً بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء لمدة 6 سنوات غير قابلة للتجديد، تقترحهم الهيئات التالية: مجلس القضاء الأعلى، نقابتا المحامين في بيروت وطرابلس، نقابتا الأطباء في بيروت وطرابلس، مجلس العمداء في الجامعة اللبنانية، نقابتا الصحافة والمحررين، و3 اعضاء من الناشطين في حقوق الإنسان تسميهم اللجنة النيابية لحقوق الإنسان من ترشيحات مقدمة من منظمات المجتمع المدني. وتتمتع الهيئة بالإستقلال الإداري والمالي، وتخضع لرقابة ديوان المحاسبة اللاحقة، وتتكون ايراداتها من الإعتمادات المرصدة لها في الموازنة، ومن التبرعات والهبات واي دعم مالي من جهات محلية او دولية او اي موارد اخرى، شرط الا تكون مقيدة بما لا يتوافق مع استقلاليتها، وان تراعي القوانين المرعية.

 

إن انطلاق عمل لجنة الوقاية من التعذيب يشكل مهمة اساسية على عاتق السلطات التنفيذية التي ينبغي ان تستكمل تشكيلها في إطار الهيئة الوطنية، وان تعترف بصلاحياتها واستقلاليتها، وان تساهم مع مجلس النواب ولجنة حقوق الإنسان والإدارات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني المعنية، في ترجمة الآليات التي أوصت بها الخطة الوطنية لحقوق الإنسان، والتي تتركز على الآتي:

 

- إبراز دور المحامين في مكافحة هذه الجريمة وإخضاعهم لدورات تدريبية.

- إبراز أهمية تعيين طبيب للكشف على الأشخاص المحرومين حريتهم، خلال إجراءات التحقيق.

- التشدد في معاقبة جريمة التعذيب، يتطلب ايضاً تعديل المادة 401 من قانون العقوبات، لتوسيع مفهوم الأفعال المادية المكونة لهذه الجريمة وجعلها جناية.

-  السعي الى تنفيذ توصية لجنة الإدارة والعدل لجهة انتقاء افراد الضابطة العدلية من ذوي المؤهلات العلمية، ووضعهم فعلياً تحت سلطة النائب العام لدى محكمة التمييز، على ان تشمل هذه السلطة الرقابة على اعمالهم، وعلى ان يخضع ترفيعهم لتوصية من النيابة العامة.

- تنظيم حملة لتعريف المواطنين بحقوقهم خلال الإجراءات الجزائية، ولا سيما منها حقهم في التزام الصمت وتعيين طبيب للكشف عليهم.

-إخضاع الأشخاص الذين يتولون التحقيقات الأولية لدورات متخصصة من اجل مناقشة واجباتهم خلال الإجراءات الجزائية.

- العمل على تزويد الضابطة العدلية بالوسائل العلمية لكشف الجرائم، والتي من من شأنها كشف الحقيقة دون الحاجة الى الإستحصال على اي اعتراف.


إن اعتماد آليات واضحة لعمل لجنة الوقاية من التعذيب، من شأنه حماية الأشخاص الذين يخضعون للتحقيق، والإيفاء بالتزامات لبنان وفقاً للبروتوكول الإختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، وتحقيق قفزة واسعة في اتجاه التزام حقوق الإنسان، بما يليق بوطن الأرز والرسالة الإنسانية والحضارية التي يحملها".

 

ثم كانت مداخلة للدكتور كريم المفتي، الخبير في قضايا حقوق الإنسان، الذي رأى أن تأسيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان فرصة ذهبية لتدعيم أرضية صون الحقوق في لبنان لا سيما مناهضة التعذيب.

 

وأشار الى دور الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان ولجنة الوقاية من التعذيب، ودعى إلى تعيين الأعضاء الخمسة للهيئة للإنطلاق بشكل رسمي في صلاحياتها مشيرا في هذا الإطار الى موضوع توقيف الممثل زياد عيتاني بناء على شبهات، وعلى اساس ان هناك دلائل وقرائن ما لبث ان تبين انها قرائن مفتعلة، وقد خرج من السجن بعد أشهر طويلة من المعاناة. وشدد الدكتور المفتي في هذا الاطار على دور الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان التي يحق لها زيارة اي موقوف في اي سجن او مركز احتجاز او اعتقال، وهذا أمر مفيد لحماية حقوق الإنسان.

 

وقال: كان بإمكان اللجنة زيارة عيتاني للإطلاع على التهمة الموجهة اليه. ويحق للهيئة المقاضاة دون الرجوع الى أي مرجع، كما ان بإمكانها رفع توصيات لتحسين أوضاع الموقوفين في مراكز الإحتجاز والسجون الى جانب تلقي المعلومات والمستندات، كما يحق لها الطلب الإداري المباشر من الأجهزة المختصة.

 

وأثار النائب غسان مخيبر قضية تعذيب احد الموقوفين لدى جهاز أمني وتعرضه لتعذيب وعنف موثق في تقارير طبية اثناء التحقيق معه، وقال: أيا كانت التهمة، فليس هناك مبرر للتعذيب. إن الشخص مر على توقيفه اكثر من ثلاثة اشهر ووصلت قضيته الى مراجع رفيعة والى وزارة العدل. إن قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان رفض قبول الشكوى المتعلقة بالتعذيب، مع وجود شكوى ثانية في النيابة العامة أحيلت الى الجهاز الأمني المشكو منه خلافاً للقانون 65. كما أن وكيل الموقوف قد رفع شكوى الى القصر الجمهوري الذي أحالها الى وزير العدل الذي طلب بدوره اجراء التحقيقات مع النيابة العامة التمييزية التي أحالتها بدورها الى النيابة العامة في جبل لبنان وحولتها الى المدير العام لقوى الامن الداخلي.

كما أكد النائب مخيبر أن وكيل الموقوف قد رفع شكوى الى الأمم المتحدة مطالباً بتطبيق القانون 65 الصادر عام 2017 الذي ينص على ان انتزاع الإعترافات تحت التعذيب لا تعتبر دليلاً قاطعاً.


بدوره تحدث رئيس شعبة التحقيق والتفتيش في المديرية العامة لقوى الامن الداخلي ورئيس لجنة مناهضة التعذيب العقيد كمال البعلبكي عن اللجنة التي مر عليها عشر سنوات، مؤكداً أن اللواء عماد عثمان يولي هذه اللجنة التي اعيد تشكيلها نهاية العام الماضي،  اهمية كبرى، موضحاً "انها باشرت بداية العام بزيارات الى السجون وأماكن التوقيف والنظارات".

الطبش
بدورها، أشارت النائب رلى الطبش إلى ان التعذيب يحصل في أماكن التوقيف ويصل في بعض الأحيان الى درجة الموت. إن وزيرة الداخلية ريا الحسن أخذت على عاتقها موضوع السجون والتعذيب، وشددت على ضرورة حمل قضية التعذيب الى وزيرة الداخلية لكي تطلع على الملف، وطالبت بتفعيل الهيئة الوطنية واصدار مرسوم لجنة الوقاية من التعذيب.

بعد ذلك، استكمل النقاش بمشاركة عدد كبير من الحضور.