برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري مثلاً بوزير المال علي حسن خليل، افتتح عند الساعة العاشرة من قبل ظهر يوم الثلاثاء الواقع فيه 11/6/2019 في مجلس النواب، مؤتمر رؤساء المحاكم العليا العربية أعماله، بحضور معالي وزير العدل البرت سرحان، القاضي جان فهد، القاضي سعيد ميرزا، القاضي غالب غانم، ووفود من: المغرب، السودان، الأردن، سلطنة عمان، فلسطين، اليمن، موريتانيا وجيبوتي.

 

ويأتي انعقاد المؤتمر في بيروت ضمن فعاليات المئوية الأولى لمحكمة التمييز.


بداية، ألقى رئيس مجلس القضاء الأعلى والرئيس الأول لمحكمة التمييز القاضي جان فهد كلمة قال فيها:

سعادة الرؤساء الأول للمحاكم العليا ومحاكم التمييز، معالي وزير المال الأستاذ علي حسن خليل ممثل دولة الرئيس نبيه بري راعي هذا المؤتمر، سعادة السفير عبد الرحمن بك الصلح، أيها الزملاء الأحباء، أيها الحضور الكريم،

 

أهلاً وسهلاً بكم في وطنكم الثاني لبنان، معقل القانون وموطن الحرية.


ينضم إليَّ في هذا الترحيب جميع قضاة محكمة التمييز في لبنان الحاضرين منهم بيننا والغائبين، بيد أن فرحة اللقاء بكم وفرحة الإحتفال بمئوية محكمة التمييز غير مكتملة لوجود ما يربو عن ثلث القضاة اللبنانيين معتكفين عن آداء أعمالهم القضائية.

 

لا يستقيم حكم القانون، إلا بوجود قضاء شفاف، مقدام، لا يهاب التضحيات، يحظى بثقة المتقاضين، محصن ضد جميع المؤثرات الخارجة عن القضايا المعروضة أمامه، مستقل، نزيه، كفي، وسريع ومستقر في اجتهاده، فيتوجه إلى المتقاضي كإنسان بتجرد وحياد وموضوعية، يحترمه ويحترم عاداته وتقاليده ودرجة إدراكه، فيأتي الحكم مقبولاً ومفهوماً منه. وهذه أهداف نسعى إلى تمتينها وتطبيقها وتطويرها في بلادنا، ومنذ عشرة أعوام ونحن نتشارك أفضل السبل والممارسات للوصول إليها، كذلك العوامل والمصاعب التي تعوقنا من الوصول إلى أهدافنا. لقد حمل المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية لواء جمعنا وجهد لتسعة أعوام متتالية على تنظيم مؤتمراتنا، إلى أن قرر مؤتمر وزراء العدل في الجامعة العربية باستثناء المحاكم العليا من نشاطات المركز نظراً الى استقلال هذه المحاكم تجاه وزراء العدل، فيقتضي وبالسرعة الممكنة إيجاد إطار جديد يجمعنا لما فيه خير القانون والعدالة ودولة القانون في الأمة العربية. إن ضمان إستقرار الإجتهاد، وهو الوظيفة الأساسية للمحاكم العليا، لا يجب وليس من شأنه أن يشكل ضماناً للمستقبل بأن يكون تفسير القاعدة القانونية متحجراً، ففي زمن سرعة التواصل عبر شبكة الانترنت أمسى لزاماً أن يبقى الإجتهاد محافظاً على مرونة سواء أكان للتغيير أو للتطوير. مع الإتاحة للمتقاضي ان يبقى متوقعاً للحكم القضائي في ظل قاعدة قانونية غير متغيرة. فالتطوير الإجتهادي يشكل أداة ملاءمة القاعدة القانونية على تسارع وتيرة التطور الإجتماعي والإقتصادي والتكنولوجي، وهذا التطور الجديد ترافق مع ظهور نوع جديد من الجرائم ألا وهو الجرائم الإلكترونية الآخذة في التكاثر يوماً بعد يوم.

 

إن تطوير القاعدة القانونية وتفسيرها بما يتلاءم مع تسارع العلاقات الإقتصادية والإجتماعية وظهور الجرائم الالكترونية يستوجب جهداً كبيراً ووقتاً ثميناً، ويؤخذ على المحاكم العليا تبذيرها في صرف الوقت. من هنا يقتضي العمل دوماً على تطوير آليات عمل المحاكم العليا وإدخال التكنولوجيا الحديثة إلى أنظمة إدارة القضايا فيها وتطوير آليات فرز الطعون المرفوعة أمامها. فضلاً عن ذلك، يقتضي على المشترع مواكبة المحاكم العليا وإصدار تشريعات تحد من الطعون أمام المحاكم العليا. ولا شك أن تطوير وسائل وضرورات وقف تنفيذ القرارات والأحكام المطعون بها أمام المحاكم العليا يساهم ايضاً في الحد من الطعون التي لا يبتغي الطاعن من خلالها سوى شراء الوقت للتأخير في تنفيذ أحكام محاكم الأساس وقراراتها، فيكون بذلك يأخذ من الوقت القضائي سبيلاً للتأخير في سداد موجباته تجاه الغير مما يؤثر سلباً على الحياة الإقتصادية لمجتمعاتنا، وهي تمر حالياً بأزمة كبيرة. إن الإستناد إلى تراث الإجتهاد وتبادل الخبرات وأفضل أصول المحاكمات بين المحاكم العليا العربية للملاءمة بين المحافظة على الأمان القضائي وتوفير سرعة الفصل في القضايا تشكل إحدى أهم الأدوات الضرورية لمواكبة التطور الإقتصادي لمجتمعاتنا العربية وتدعيم ثقة المواطنين بالقضاء. وإنني أعول على هذا المؤتمر، وعلى مداخلات كل منكم التي ستغني نقاشاتنا وتعطي محكمة التمييز اللبنانية دفعاً إضافياً.

 

إن محكمة التمييز اللبنانية التي أمضت مئة عام في نحت القاعدة القانونية، تدعوكم بفرح كبير الى مشاركتها في احتفال مئويتها الأولى في أيار 2019.


فأهلاً بكم مجدداً في المؤتمر العاشر لرؤساء المحاكم العليا في الدول العربية، لنتابع مسيرة بناء القانون والإنسان في الوطن العربي.


ثم ألقى الوزير ألبرت سرحان كلمة قال:

عندما يجتمع حكماء القضاء في بيت التشريع على كلمة الحق، تنضبط المواد وتستوي النصوص لتظهر القاعدة الناظمة على إنتاجية التواصل وإيجابيته.

 

وإذا ما كان لمئوية محكمة التمييز في لبنان رمزية الفرادة اعتماداً لمبدئية القانون ومرجعيته، فإن لشبكة رؤساء محاكم التمييز العربية محورية الإطار إرساء لثقافة القانون، تمتيناً لأركانه وتعميماً لمفاهيمه على مساحة الوطن العربي.
وللبرلمان اللبناني حيث نحن خصوصية الإعتبار حيث ننهل من موائل التشريع ما يروي جفاف النصوص، ويحفز غرتقاء النفوس.

 

من هنا أهمية اللقاء بأبعاده الثلاثية موقعاً ومناسبةً وحضوراً.


وإذ أرحب بكبار قضاتنا في العائلة القضائية الجامعة، نجدد العهد بالمضي قدماً في سبيل إعلاء شأن العدالة التي تعلو ولا يعلى عليها.

 

من موقعي وزيراً للعدل في لبنان، أتمنى لمؤتمركم هذا كل النجاح في تحقيق الأهداف والأماني.

 

ثم ألقى الوزير علي حسن خليل كلمة قال فيها:

يشرفني أن أرحب بكم جميعاً في هذا المكان باسم  رئيس المجلس النيابي اللبناني دولة الرئيس نبيه بري، وهو قبل ان يكون رئيساً للمجلس هو المحامي ورجل القانون ووزير العدل. ويسعدني ايضاً ان يكون الترحيب في هذا المكان بالذات في المجلس النيابي اللبناني لما يمثل من فرادة وعراقة لحماية القانون ودولة القانون والمؤسسات، المجلس الذي شكل على الدوام ضمان الحياة السياسية والعامة ودفع دوماً خلال تشريعاته الى إرساء دولة القانون هذه.

 

فالزمان له ايضاً خصوصية، خصوصية الإحتفال بمئوية محكمة التمييز في لبنان، وهذا في ذاته يدل ايضاً على فرادة القانون والقضاء ومكانتهما في الحياة اللبنانية على مر العقود الماضية، ويعطيه تميزاً استثنائياً لكونه كان السباق في البدء بعمل محاكم التمييز في العالم العربي وربما على مستوى المنطقة عموماً.

 

إن الإحتفال بالمئوية يضعنا امام تحد كبير هو كيف تستطيع محكمة التمييز ومحاكم التمييز أن تؤدي دورها المركزي في تطوير القاعدة القانونية ومواكبتها ومواكبة هذا التطور الناتج من اختلاف الظروف والوقائع بما يتطلب مزيداً من خطط عمليات الإجتهاد وقونتنها بالطريقة التي تغني عمل المشرعين في المجلس النيابي.

 

هناك ترابطاً وثيقاً بين الأحكام التي تؤكدها او تصدرها محاكم التمييز واعتبارها مرجعاً من مراجع التشريع في المجالس النيابية، وهي نقطة في غاية الأهمية علينا الإفادة منها كمشرعين، في الدرجة الأولى، وهذا ما يعطي حضوركم اليوم في هذه القاعة بعداً خاصاً ومهماً بالنسبة الينا كنواب لبنانيين مهتمين بالشأن القانوني والتشريعي في هذا البلد.

 

ما سمعته قبل لحظات من حضرة الرئيس الأول حول الحاجة الى توسيع القاعدة القانونية وتطويرها نتيجة التطورات الحاصلة يسعدنا ويجعلنا معنيين ايضاً مباشرةً بمواكبة هذه العملية مع مجلس القضاء الأعلى في لبنان ومع الهيئات القضائية المختلفة.

 

اسمحوا لي، من خارج سياق مؤتمرنا العاشر، بأن أتوجه الى الجسم القضائي ككل باسم رئيس المجلس النيابي الذي كان دوماً في موقع الدفاع عن استقلال القضاء وحمايته مادياً ومعنوياً، والدفع في اتجاه جعله نقطة إرتكاز في قيام دولة القانون في لبنان، وأن أتمنى على الزملاء القضاة المعتكفين ان يتعاملوا بإيجابية مع النقاش الدائر اليوم في المجلس النيابي حول الموازنة العامة وتجاوز بعض التحفظات، من دون أن يمس هذا الأمر بروح إستقلال القضاء وبتوفير مقوماته، وان يكون هذا التعامل الإيجابي بادرة لترجمة ما يطمحون اليه وما نسقناه مع حضرة الرئيس الأول ومعالي الوزير للوصول الى ما يطمحون اليه وما نطمح اليه ايضاً من تعزيز أدوار القضاء في حماية هذه الدولة ومؤسساتها واستقرار عملها، وأدوار كل موقع من مواقع مؤسساتها السياسية والقضائية.

 

يشرفني ايضاً أن نكون مشاركين في مؤتمركم العاشر لمناسبة المئوية، والذي سيكون بمثابة إلتزام أكيد من كل مؤسسات الدولة، من فخامة رئيس الجمهورية الى كل المعنيين في هذا البلد، والقواعد والأسس التي تحمي أدوار محاكم التمييز والقضاء عموماً، وصولاً الى تحقيق ما نصبو اليه ليس على مستوى لبنان فقط بل على مستوى دولنا العربية التي تحتاج أكثر من أي وقت مضى الى تعزيز أدوار دولة القانون والتي لا تستقيم الا بوجود قضاء قوي مستقل، قادر، مرن، يحكم بعدل ويشعر أبناء الأوطان باطمئنانهم الى مستقبلهم السياسي والإجتماعي والإقتصادي والمالي، مجدداً الترحيب باسم دولة الرئيس نبيه بري بكم جميعاً، معتذراً عن عدم استطاعته الحضور بينكم اليوم على أمل أن يلتقيكم غداً.

 

ثم قدم الرئيس فهد باسم محكمة التمييز هدية تذكارية، عبارة عن مطرقة، الى الرئيس بري تسلمها الوزير خليل.

 

بعد ذلك، كانت مداخلات لرؤساء الوفود المشاركة