الرؤساء الثلاثة استقبلوا الرئيس الفرنسي ساركوزي الذي زار لبنان مصطحباً "كل الدولة الفرنسية" موالاة ومعارضة ليؤكد ان فرنسا صديق لكل اللبنانيين


 

زار رئيس الجمهورية الفرنسية نيكولا ساركوزي لبنان السبت 7/6/2008 لخمس ساعات فقط تم إختصارها بثلاث محطات.

 

شريط الزيارة

في التاسعة والنصف حطت في المطار طائرة فرنسية خاصة على متنها الوفد البرلماني الفرنسي، الذي يمثل رؤساء الكتل والاحزاب الاساسية في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، وضم رئيس الوزراء السابق جان بيار رافاران، ورئيس الحزب الاشتراكي فرنسوا هولاند، والامين العام للحزب الحاكم باتريك دافيجديان، والنائب الذي نافس الرئيس ساركوزي على الرئاسة فرنسوا بايرو، والكاتب اللبناني الفرنسي أمين معلوف.
 

وفي العاشرة وصلت طائرة فرنسية خاصة ثانية وعلى متنها رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون ووزير الدفاع ايرفيه موران وعدد من المسؤولين الفرنسيين. وكان في استقبال فيون على ارض المطار رئيس الوزراء المكلف فؤاد السنيورة ووزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير.
 

وفي العاشرة والربع وصلت الطائرة الرئاسية . وكان في استقباله عند سلم الطائرة رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس السنيورة والمسؤولون اللبنانيون الكبار والشخصيات الفرنسية. وبعد إطلاق المدفعية 21 طلقة ترحيباً،صافح الرئيس الفرنسي مستقبليه وقال في كلمته: « أنا مسرور جداً أن أكون في بيروت وأن يستقبلني بحرارة نظيري رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان. انتخاب ميشال سليمان يعني الأمل لجميع اللبنانيين من دون استثناء. لبنان كان يمر بأزمة كبيرة وكانت مؤسساته معطلة والجهود التي قامت بها قطر والجامعة العربية وفرنسا اتاحت لاتفاق الدوحة بتحسين الوضع وأدى الى مصالحة وطنية. ان امام الرئيس سليمان مسؤولية كبيرة لإنجاح هذه المصالحة ولا بد من أن تقوم القوى اللبنانية جميعها بترجمة التزاماتها وذلك عبر الحوار. اليوم نحن هنا لدعم الحكومة التي كلف رئيس الوزراء السنيورة تشكيلها وذلك لحل مشكلة الاقتصاد اللبناني. ان المجتمع الدولي وأوروبا وفرنسا ستواصل دعم لبنان على كل الصعد."
وتوجه الى الرئيس سليمان قائلاً: "يمكنك أن تعتمد على التزامنا دعم لبنان سياسياً واقتصادياً وثقافياً. وهذا الالتزام سيترجم على الأرض وهو دعم شعب فرنسا للشعب اللبناني الذي هو رمز التنوع والسلام. وما يحدث اليوم مهم جداً للبنان، والعالم بأكمله ينظر الى لبنان فليلتزم الجميع تعهداتهم، وشكراً لكم."
 

في بعبدا
وصل الرئيسان إلى قصر بعبدا في سيارة الرئاسة الاولى، وعقدا بعدها خلوة استمرت 20 دقيقة، وما لبثت ان تحولت الخلوة إلى لقاء رسمي موسع ضم أعضاء الوفدين اللبناني والفرنسي.
 

وحضر عن الجانب اللبناني: الرئيسان بري والسنيورة، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الياس المر، وزير الخارجية فوزي صلوخ، السفير اللبناني لدى فرنسا بطرس عساكر، المدير العام في رئاسة الجمهورية للشؤون المالية والاقتصادية الدكتور ايلي عساف، والمستشار الإعلامي في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا.
 

أما عن الجانب الفرنسي فحضر: رئيس الوزراء فيّون، وزير الخارجية برنار كوشنير، وزير الدفاع ايرفيد موران، السفير الفرنسي أندريه باران، والمستشار السياسي للرئيس الفرنسي جان دافيد لافيت، إضافة إلى المستشار الاعلامي في الرئاسة الفرنسية هنري غوايانو، ومستشارة الرئيس ساركوزي السيدة كاثرين بيغار.
 

واستضافت قاعة 22 تشرين في قصر بعبدا، اقطاب طاولة الحوار اللبناني وقيادات وشخصيات سياسية وحزبية لبنانية للقاء رؤساء الاحزاب الفرنسية والشخصيات السياسية التي رافقت الرئيس الفرنسي في زيارته لبيروت.
و تبادل اركان الحوار اللبناني المصافحة والقبل في بعض الاحيان، ولقاءات ثنائية وثلاثية ورباعية جمعت شخصيات من فريقي 8 و 14 آذار وقادة سياسيين دعوا إلى قصر بعبدا للمشاركة في الغداء التكريمي الذي اقيم على شرف الرئيس الفرنسي.
 

وعلى اثر انتهاء الاجتماع الرسمي الموسع للجانبين اللبناني والفرنسي، صافح الرئيسان سليمان وساركوزي المدعوين من الجانبين اللبناني والفرنسي، ثم انتقلا إلى قاعة الطعام.
 

وشارك في مأدبة الغداء، اضافة إلى الرئيسين بري والسنيورة، كل من: الرؤساء امين الجميل، حسين الحسيني، رشيد الصلح، سليم الحص، ميشال عون، عمر كرامي، نجيب ميقاتي، النائب مكاري، المر، نائبا رئيس مجلس النواب سابقا ميشال معلولي، وايلي الفرزلي، نواب رئيس الحكومة السابقون: ميشال المر وغسان تويني وميشال ساسين، وعصام ابو جمرة، والوزراء: نائلة معوض، مروان حمادة، ميشال فرعون، غازي العريضي، محمد جواد خليفة، شارل رزق، خالد قباني، حسن السبع، طراد حمادة، طارق متري، نعمة طعمة، جان اوغاسابيان، فوزي صلوخ، جوزف سركيس، سامي حداد، طلال الساحلي، يعقوب الصراف، جهاد ازعور، محمد الصفدي، والقيادات السياسية اللبنانية التي شاركت في مؤتمر الحوار وضمت كلاً من النواب: سعد الحريري، وليد جنبلاط، بطرس حرب، الياس سكاف، محمد رعد، آغوب بقرادونيان، يغيا جرجيان، ورئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وشارك عميد السلك الديبلوماسي المونسنيور لويجي غاتي، وقائد قوات «اليونيفيل» الجنرال كلاوديو غراتسيانو، اضافة إلى رؤساء السلطات القضائية، قادة الأجهزة العسكرية والامنية، الامناء العامون للمؤسسات الدستورية، اعضاء السلك الاداري، نقيبا الصحافة محمد بعلبكي، والمحررين ملحم كرم.
 

وتبادل الرئيسان الكلام خلال المأدبة فقال الرئيس ساركوزي:
تأتي الى بيروت كل الأمة الفرنسية بمختلف فئاتها السياسية، لتوجه الى الشعب اللبناني بمختلف مكوناته رسالة صداقة وتضامن وأخوّة، رسالة أمل والتزام. اليوم، تؤكد فرنسا بأسرها ثقتها بكل لبنان. بالنسبة الينا، نحن الفرنسيين، لبنان هو، ويجب أن يبقى، التقاطع الأجمل للحضارات والأديان، ورمز الانفتاح والتنوع.
إن انتخابكم الباهر يدخل لبنان في مرحلة جديدة. إن إنتخابكم، فخامة الرئيس، ضمان أمل لجميع اللبنانيين الذين يقدّرون الخصال الحميدة لديكم والتي حققت شهرتكم أثناء قيادتكم للجيش. جيش كان ضامناً لحرية التعبير يوم التظاهرات الضخمة التي عرفها «ربيع بيروت». جيش هو إحدى الركائز الأساسية للدولة ولطرق الدفاع عنها. جيش منتشر في الجنوب بالتنسيق مع القوات الدولية الموقتة «اليونيفيل» كي تفرض الدولة اللبنانية سيادتها على أراضيها. وأقول انه جيش شجاع وعملاني وهو رأس حربة في مكافحة الإرهاب، كما اثبت ذلك في معارك نهر البارد، يوم اضطلعتم، شخصياً، بدور أساسي في ذلك.
إن فرنسا بأسرها ترغب في مساعدتكم في إحياء الدولة اللبنانية، بحيث تفرض هذه الدولة على الجميع نفسها كدولة قوية، ومستقلة. لقد كان هناك الكثير من الألم وسقط كثير من الضحايا في لبنان. وهذا يجب أن يتوقف اليوم وليس غداً.
فرنسا هي صديقة للبنان، ولكل اللبنانيين، من دون استثناء، وسنبقى نصون الالتزام عينه لمواصلة مساهمتنا في المشاريع القائمة كافة. تجب إعادة بناء الدولة، وإعادة إحياء الاقتصاد، والإفادة من كل توصيات باريس 3 " وهذا الأمر هو أيضاً من مسؤولية رئيس مجلس الوزراء السيد فؤاد السنيورة الذي أحييه، بشكل خاص، هو الذي أظهر شجاعة كبرى، في السنوات الأخيرة.
سنبقى الى جانبكم من أجل الدفاع عن قضية لبنان لدى المحافل الدولية، سواء في الأمم المتحدة أم لدى المؤسسات المالية المتعددة. وسنبقى الى جانبكم كذلك، لدعم طاقات وقدرات الجيش اللبناني. إن فرنسا ترغب في مساعدة الجيش اللبناني، في إطار استراتيجية دفاعية، من خلال حوار صادق بين اللبنانيين. وهذه الاستراتيجية لا يمكن بعد اليوم تأجيل البحث فيها.
سنبقى الى جانبكم، كي لا يبقى استشهاد الرئيس رفيق الحريري وتلك القائمة الطويلة من الاغتيالات التي طاولت، منذ تشرين الأول 2004 أبرز أبناء لبنان، من دون عقاب. إن المجرمين القتلة يجب أن يعرفوا أنهم سيدفعون ثمن فعلتهم. هذا هو الهدف المقصود من إنشاء المحكمة الدولية، التي دعمتها فرنسا سياسياً وديبلوماسياً ومالياً.
سنبقى الى جانبكم، كي يطبّق، بصورة كاملة، اتفاق الدوحة، الذي توّج مسيرة حاولت فرنسا فيها أن تكون لها مكانة أساسية. وليُسمح لي أن أتوجه بالتقدير الى دولة قطر وقيادتها، وكذلك الى الجامعة العربية.
فخامة الرئيس، وإذا سمحتم لي ـ أيها الصديق ميشال، في مستهل ولايتكم، وفي وقت ينطلق لبنان في مسيرة الأمل، وفي الوقت الذي عليه أن يلتقط هذه الفرصة المهمة من تاريخه الطويل ليُرسي أسس المصالحة الوطنية، أود أن أقول لكم إن صداقتنا ليست فقط على المستوى الكلامي. وقد قررنا مع رئيس الوزراء، إيفاد بعثة الى لبنان، مطلع الأسبوع المقبل لنرى كيف يمكننا أن نضاعف حجم المساعدات المدرسية المخصصة للبنان، ولخدمة اللبنانيين كافة. من جهة أخرى، سيقود رئيس الوزراء ووزيرا الاقتصاد والمال، الشهر المقبل، بعثة اقتصادية مهمة للمساهمة في إعادة إعمار لبنان.
ورد الرئيس سليمان بكلمة رحّب في مستهلها بالضيف الفرنسي وصحبه وقال: لبنان اليوم، وطن الرسالة هذا، وملتقى الحضارات، وملجأ التعددية يلتزم الانطلاق في ورشة إصلاح وتطوير مؤسساته. إن سياسة لبنان تهدف بصورة أساسية، الى إعادة إطلاق الدورة الاقتصادية، إصلاح المؤسسات السياسية والإدارية والأمنية والقضائية والاجتماعية، كي يستعيد مكانته ودوره بين مجموعة الأمم.
وإذ شكر الدور الفرنسي في لبنان قال: أنني متأكد ان فرنسا، في ظل رئاستكم، ولمكانتها ودورها في العالم، لن تألو جهدا في سبيل إبعاد مآس جديدة عن شعوب المنطقة التواقة وبصورة مشروعة الى السلام والأمن والازدهار.
وكان الرئيسان تبادلا في وقت سابق خلال لقائهما الهدايا التذكارية حيث قدم الرئيس الفرنسي إلى الرئيس سليمان كتاباً أثرياً بخط يد الأديب الفرنسي الكبير «مونتسكيو»، فيما قدم الرئيس اللبناني الى ضيفه مزهرية فينيقية أثرية يعود تاريخها إلى ما بين العامين 600ـ900 قبل الميلاد، من الحفريات الأثرية في جبيل.
 
ثم توجه رئيس الجمهورية مع رئيسي مجلسي النواب والوزراء إلى مكتب رئيس الجمهورية، حيث عقدوا اجتماعاً جرى خلاله تقويم المحادثات مع الرئيس الفرنسي، والأوضاع العامة في البلاد.
وبعد انتهاء الغداء، توجه الرئيس سليمان برفقة الرئيس ساركوزي والرئيسين بري والسنيورة إلى مدخل القصر لوداع الرئيس الفرنسي في طريقه إلى قصر الصنوبر.

 

في قصر الصنوبر
ومن بعبدا انتقل الرئيس ساركوزي والوفد المرافق الى قصر الصنوبر، حيث كان في انتظاره حشد من أبناء الجالية الفرنسية الذين ألقى فيهم ساركوزي كلمة شدد فيها على ان بلاده تريد ان تساعد «لبنان السيد والحر والمستقل".

وقال: "فرنسا تدعم لبنان وستستمر بدعمه، وفرنسا تريد ان تقول ان اتفاق الدوحة يشكل تقدماً أساسياً. طبعاً، كما دائماً في لبنان، لا شيء مُكتسَباً ولا شيء ميؤوساً منه. لكن انتخاب الرئيس سليمان يدعو الى الأمل. طبعاً ستتم مواجهة مشاكل جديدة في لبنان، لكن الآن هناك جو إيجابي في لبنان، وكان لا بد أن آتي إلى لبنان لأعرب عن دعمي."

 

أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان فرنسا لكل اللبنانيين من دون استثناء. وشدد خلال اللقاء الرئاسي الذي جمعه بكل من رئيس الجمهورية والرئيس بري والرئيس السنيورة على ضرورة قيام دولة فلسطينية، لكنه سأل: ما معنى السعي لإقامة دولة فلسطينية بلا شعب.. وما هي الفائدة من دولة فلسطينية طالما أنها لن تستوعب شعبها.. وما الجدوى منها، ولماذا تقوم أصلاً دولة كهذه؟
 

واختتم الرئيس ساركوزي زيارته الرسمية التي استمرت خمس ساعات، وغادر في الثالثة وعشر دقائق بعد الظهر عائداً الى بلاده في طائرة فرنسية خاصة. وكان في وداعه في المطار: الرؤساء سليمان وبري والسنيورة، والوزير صلوخ، والسفير الفرنسي باران وأركان السفارة الفرنسية.