بداية
أتوجه بالشكر إلى سعادة السفير وأركان السفارة اللبنانية على هذه الدعوة الجامعة
للجالية اللبنانية في بلدها الثاني الكويت.
في
البداية اكرر شكري الخالص لأخي وصديقي رئيس مجلس الأمة ومجلس الأمة على إتاحة
الفرصة لي لزيارة الكويت وفي إطارها لقاء الجالية اللبنانية فيها.
إنني
بمناسبة هذه الزيارة وهذا اللقاء أتوجه بالشكر إلى صاحب السمو أمير البلاد الشيخ
جابر الأحمد الصباح والى ولي العهد سمو الشيخ سعد الصباح عافاه الله ومجلس الأمة
والحكومة على الرعاية الكريمة المستمرة للجالية اللبنانية.
إن
هذه الجالية يجب أن تطلع على حجم الدعم الكويتي المعنوي والمادي للبنان.
فقد
أكدت الكويت على التزامها الدائم بدعم استعادة لبنان لسلامه ولإعادة بناء مؤسساته
الوطنية ولاستعادة دوره في نظامه العربي، وكان للكويت ولازال دور أساسي في مد يد
الأخوة النبيلة للبنان بمواجهة كل المحن.
لقد
كان للكويت حضور مميز في عملية النهوض والبناء التي شهدها لبنان عموماً والجنوب
خصوصاً والمنطقة الحدودية على وجه الخصوص ، حيث التزمت الكويت اعمار أربع بلدات
وقرى كانت إسرائيل قد هدمتها كلياً.
إن
الأهم في التزام الكويت في لبنان التفاتتها الصادقة نحو المشروع الأهم الذي يشكل
عموداً فقرياً للاقتصاد اللبناني وهو مشروع الليطاني.
كما
ان من الأهمية بمكان هو أن الأخوة الكويتيين كانوا أول من بادروا إلى إصلاح الأضرار
الكبيرة التي لحقت بمنازلهم في عاليه وبقية المناطق ، وكانوا أول من بادروا إلى
الالتزام المعنوي بلبنان ليس كسائحين وإنما كمقيمين في وطنهم الثاني لبنان.
أيها
الأعزاء،
أود
أن أؤكد لكم أن هناك ورشة وطنية قد انطلقت من اجل تأكيد التزام الجميع بالاتفاق
الوثيقة والدستور واقصد اتفاق الطائف، وان الجميع بات مقتنعاً بأنه ليس في مصلحة
لبنان إضاعة المزيد من الوقت والفرص.
إن
جميع القوى والاتجاهات باتت تعبر عن قناعة متزايدة بمشروع الدولة وبناء الثقة
بالدولة وبأدوراها .
إنني
متأكد أننا سنستطيع خلال العام القادم 2006 من إنجاز قانون حديث للانتخابات، وقانون
جديد للأحزاب وقانون اللامركزية الإدارية وفق التوجه والنهج الذي أكد عليه الطائف.
إنني
إذ اعبـر عن تفاؤلي بالخطوات التشريعية والسياسية المنتظرة، فإنني لا اخفي عليكم
تشاؤماً تجاه الوقائع الاقتصادية ليس بسبب الإهمال أو التقصير الحكومي، وإنما بسبب
التحديات المفروضة على المنطقة وبسبب الضغوط الممارسة على أقطارنا من اجل إخضاعنا
لمتطلبات مشاريع السيطرة.
إنني
متأكد أن لبنان لن يفرط بدوره وبموقعه تجاه قضايا أمته خصوصاً تجاه قضية فلسطين،
وان لبنان سيعبر عن مسؤولية وحرص متزايد تجاه سوريا دولة وشعباً، وتجاه كفاحنا
المشترك لتحرير أرضنا في الجولان ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا من دنس الاحتلال.
وأقول
بمنتهى الصراحة ان جعل المقاومة وسلاح المقاومة هدفا" هو انقلاب على الحقيقة، حيث
أن المطلوب كف يد سلاح العدوان.
إن
لبنان كما تعرفون ويعرف العالم لم يشارك في حروب المنطقة ولم يبادر إلى العدوان، بل
هو الذي تعرض لاعتداء إسرائيلي مستمر عبر الخروقات الجوية والاعتداءات على المياه
الإقليمية حيث كان آخر الضحايا البحار اللبناني محمد علي فران الذي ترفض إسرائيل
الكشف عن مصيره ، كما كان آخر ضحايا الألغام الإسرائيلية التي لا تزال تحتل مساحات
من أرضنا على امتداد الحدود المواطن اللبناني علي عيسى في بلده رامية الحدودية.
إن من
حق لبنان التساؤل عن استمرار الأطماع الإسرائيلية في أرضه ومياهه.
إن من
حق لبنان الذي لم تحترم سيادته وتعرضت للاجتياحات أن يسأل عن الضمانات الدولية التي
ستمنع إسرائيل من التهديد باستعمال القوة واللجوء إلى استعمال القوة.
إن من
حق لبنان أن يسأل عن مصير عشرات بل مئات المفقودين والأسرى الذين اختفوا في زمن
الاحتلال.
إن من
حق لبنان السؤال عن تعويضه جراء حروب إسرائيل على أرضه.
ومن
حق لبنان أن يسأل دائماً عن حق العودة للفلسطينيين، والى متى ستبقى العيون الدولية
مغمضة عن حقوقهم.
وبانتظار الأجوبة على الأسئلة فإن لبنان لن يقبل بترتيب القرارات الدولية اعتباراً
من القرار 1559 والقفز فوق كل القرارات التي تتناول لبنان والمنطقة.
وأقول
بصراحة أن ترتيب الاولويات الدولية انطلاقاً من القرار 1559 هو بمثابة وضع العربة
أمام الحصان أو السير بالمنطقة بالمقلوب، والإصرار على إبقاء إسرائيل استثناء لا
تطبق عليه القرارات الدولية.
أيها
الأعزاء،
من
نافل القول أن الجالية اللبنانية في الكويت بل ان الكويت على المستويين الرسمي
والشعبي، مهتمة بقوة كما كل لبنان بالتوصل إلى الحقيقة الكاملة في الجريمة
الإرهابية التي استهدفت دولة الرئيس رفيق الحريري.
إن
التحقيقات مستمرة وستستمر للفترة اللازمة ، واجزم أن الحقيقة باتت ضرورة عربية
وسورية كما هي ضرورة لبنانية وبالتالي دولية.
إن
هذه التحقيقات يجب أن لا تثنينا عن الاستمرار في القيام بواجباتنا على كل مستوى،
فالرئيس الشهيد رفيق الحريري وفي ذروة الأزمات وأمام المصاعب كان لا يتوقف عن
العمل.
لقد
كنا شركاء الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وعندما تعرض لبنان للعدوان الإسرائيلي عام
1996 انتقلنا من مكان إلى مكان وصولاً إلى دمشق حيث تمت صناعة تفاهم نيسان، الذي
شكل اعترافاً بالمقاومة وضمانة لحماية المدنيين بعد مجزرة قانا.
لقد
كان الرئيس الحريري يحمل دمه على كفه ولا يتوقف، ونحن كنا ولازلنا نحمل دمنا على
كفنا ولن نتوقف، لذلك فإننا ندعو اللبنانيين إلى استخدام الوقت والى كسب الوقت من
اجل ترسيخ قيامة وطنهم على قاعدة تأكيد التحول من السلطة إلى الدولة وبناء ادوار
الدولة وبناء الثقة بهذه الدولة.
إن
هذا التحول ينتظر تنازلات من جميع الفرقاء لمصلحة لبنان.
إن
لبنان ودون أن تتمكن الدولة من شق طريقها عبر غابات الطائفية والمذهبية والفئوية
والجهوية سيبقى معرضاً للتجارب وللتجاذبات وسيبقى قاصراً عن إدراك دوره.
إنني
أدعو اللبنانيين المغترين كما المقيمين إلى دعم فكرة الدولة ومشروع الدولة ودور
الدولة في لبنان، والانتفاض على واقع السلطات الراهن.
إني
اعترف بأن الجمهورية الثانية لم تستطع تحقيق القفزة النوعية باتجاه الدولة لأسباب
معرقلة كثيرة سياسية وطائفية، وان كان قد تحقق خلالها الانتقال السلمي من الحرب
الفتنة إلى السلم الأهلي، وتحقق خلالها إنجاز تحرير معظم أرضنا المحتلة من دنس
الاحتلال الإسرائيلي ، وتحقق خلالها إنجاز تشريعات كثيرة وتحديث الكثير من القوانين
وكذلك تحققت خططا" كثيرة لإعادة الاعمار.
لقد
قدم لبنان خلال هذه المرحلة الكثير من الشهداء لإنجاز تحرير الأرض.
وقدم
لبنان شهيداً كبيراً على طريق تحرير نفسه من الماضي الأليم والانتقال إلى مرحلة
الوفاق الوطني والاعمار وتحرير الأرض هو دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
إن
روح شهيد لبنان ورفاقه وأرواح الشهداء لبنان المقاومين وأرواح شهداء مجزرة قانا وكل
المجازر تنادينا من اجل الانتقال بلبنان إلى الجمهورية الثالثة إلى الدولة.
إن
هذه الدولة ستعبر عن التزام اللبنانيين بكشف حقيقة المجرمين الذين اغتالوا الرئيس
الحريري ورفاقه وتنفيذ العدالة بهم، واستكمال تحرير أرضنا من دنس الاحتلال
الإسرائيلي، وترسيخ النظام البرلماني الديموقراطي ومعالجة ألازمة الاقتصادية
الاجتماعية، ورسم السياسات المتنوعة التي تؤدي إلى ازدهار الإنسان في لبنان،
والسياسات التي تؤكد التزام لبنان بصناعة السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط.
أيها
الأعزاء،
مسؤولية اللبنانيين مقيمين ومغتربين كبيرة في المرحلة القادمة.
مسؤولية المجتمع الأهلي والقطاع الخاص هي بنفس حجم المسؤولية الرسمية.
إننا
معاً مدعوون لبناء الثقة بلبنان وبالدولة في لبنان ، وبالتأكيد أن أنموذج الوحدة
الوطنية والتعايش الوطني في لبنان هو الصيغة التي تشكل حلاً جوهرياً لكافة مشاكل
المنطقة.
مجدداً اكرر شكري لمجلس الأمة بشخص رئيسه على هذه الدعوة لزيارة هذه البلد العزيز ،
سائلاً الله أن يوفقنا لزيادة كل أوجه التعاون بين الكويت ولبنان.
عشتم
عاشت الكويت
عاش لبنــان