كلمة دولة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بّري أمام الجالية اللبنانية في قطر


 

لقطر حديقة البحر المكتوبة على ورق الفضاء لغة للحب، وابراجا" لهديل حمائم الحنين.

لقطر ملعب الشمس الصبية، التي ترتاح الى خريف الماء والرمل الشجي.

لدوحة الحب، وجه الماء الشفيفة كاللالىء الرقيقة كالاغاني، التي يضخها الصباح بالعبير، ويغسلها بالعطور الاثيرة.

" الخور والوكره " مواسم البر والبحر، ياسمين القلب والصدف المقيم.

لعيون قطر الحارسة الزيارة والكوت وام جلال محمد التي تحرس صباحات البلاد ومساءات الاحلام والكلمات.

لعرب هذه البلاد بناة الاساطيل للمبشرين بالاسلام، وللصيادين الذي درسوا في كتاب " صور " الشباك والشراع، وفي كتب الكنعانيين جهات الشمس وهلال الزهر ووعود البحر.

 

من بلادي في هذه الامسية اللبنانية في قطر، احمل اليكم كرز الحب واصطفاف النوارس في البحر، وهي تحمل من شواطىء لبنان همسا" الى شواطىء هذه البلاد، واحمل اليكم وعدا" بأن قيامة لبنان ستستكمل رغم العذابات والضغوط، رغم الزلزال الذي ضرب الوطن عبر اغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ورغم محاولات اسرائيل الانتقـام من لبنان بسبب الاندحار المذل لقواتها من معظم ارضنا.

احمل اليكم املا" كبيرا" بأن المخاض الذي يعيشه الوطن في هذه اللحظة السياسية، سيولد حقيقة صارخة هي ان لبنان قام حقا" قام، وان الحقيقة التي تتعلق بجريمة اغتيال رائد الاعمار الرئيس الحريري وسواه ممن تعرضوا للاغتيال من قادة رأي سياسيين واعلاميين ستتضح حتما"، لأن كل اللبنانيين المخلصين، وكل اللبنانيين مخلصون، ويريدون هذه الحقيقة.

ونقول ان ما واجهناه في لبنان خلال عام من الآن ليس آخر فصول العذاب، وان لبنان كما المنطقة يقع على منظار تصويب مشاريع الشرق الاوسط الكبير " التي تستهدف موارده البشرية والطبيعية، وان ضغط ظل التحديات والاخطار الذي ينبع الآن من الوقائع الجارية في فلسطين المحتلـة على خلفية محاولة تحويل غزة الى سجن كبير مضطرب، وعلى خلفية المخططات الاستيطانية التي تستهدف القدس، والتي تنبع ايضا" من الوقائع العراقية الدامية الناتجة عن استراتيجية الفوضى الخلاقة التي يتبعها الاحتلال، ومحاولة ايقاع الفتنة في هذا البلد وتصدير الفوضى والفتنة عبر الحدود بإتجاه دول عربية واسلامية.

 

بالنسبة الى الوقائع العربية فإنني اعلق أملا" كبيرة علىادوار تقوم بها اقطار عربية في الطليعة قطر، من اجل لجم التوترات وخفض سقف الانفعالات السياسية.

وارى ان التهويل بسياسات العزل ورفع سقف التوترات الطائفية والتي تقصد سوريا ولبنان ستفشل، لأن الاشقاء العرب لن يقبلوا برفع شبكة الامان العربية عن البلدين.

واقول ان عمقنا العربي واشقاءنا العرب وفي الطليعة قطر لن يتخلوا عن لبنان، فقد لعب هذا البلد الشقيق ادوارا"  هامة في دعم اقتصاد لبنان، وفي دعم السياسات العامة في لبنان، وفي دعم لبنان في مراحل المقاومة وصولا" الى تحرير معظم ارضنا.

وهذا الدعم عبر عن نفسه كذلك ليس فقط بالانفتاح الرسمي على لبنان ومن خلال تبادل الزيارات على اعلى المستويات، بل كذلك عبر افساح هذا البلد الشقيق المجال امام العمالة اللبنانية، وعبر الاستثمارات القطرية في لبنان والتي نأمل ان تزداد خصوصا" في المجال العقاري والسياحي.

 

اننا ندعو اللجنة العليا المشتركة لتنمية العلاقات ببين البلدين الى العمل بوتيرة اعلى من اجل زيادة العلاقات في مختلف المجالات، ونأمل ان تتحول مشروعات مذكرات التفاهم في مجالات الزراعة والطرق والجسور والمقاييس والمختبرات وانظمة الجودة وفي مجال الشؤون البلدية والقروية الى اتفاقات، والمجلس النيابي اللبناني ومجلس الشورى القطري لن يتأخرا في تصديق مثل هذه الاتفاقيات.

على نفس الصعيد فإنني اتوجه الى دولة قطر بشخص امير البلاد، والى كافة المسؤولين بالشكر على اتاحة الفرصة لشمول قطاعات الاختصاص في اطار العمالة اللبنانية في هذا البلد، وعلى امكانية قيام اساتذة لبنانيين بالتدريس في جامعات هذا البلد.

 

انني اخص هذا الموضوع بالشكر لأن اتاحة فرص العمل امام الشباب اللبناني في بلد شقيق وقريب امر يحفظ ابناءنا ويجعلهم تحت انظارنا ولا يؤدي بهم الى الضياع في مجاهل الغربة.

 

انني من الدوحة، من هذه العاصمة العزيزة اتوجه الى دول مجلس التعاون الخليجي وكلها محبة لبنان، لمنح نفس فرصة العمل للشباب اللبناني المتخصص، خصوصا" وان في لبنان اربعا" واربعين جامعة ومعهدا" للتعليم العالي تقوم كل سنة بإنتاج مئات الخريجيين في مختلف الاختصاصات، واسواق العمل اللبنانية غير قادرة على الاستثمار على طاقاتهم وامكانياتهم.

 

      ايها الاعزاء

 

في لبنان وفي اصعب الظروف وحين كنا نأكل في لحم بعضنا ويوم كانت اسرائيل تتجرأ على لبنان وتقوم بحروبها على ارضه كان في لبنان من يواصل صناعة الامل.

اليوم وفي هذه الشدة التي نعاني منها، وحيث اننا بلغنا سن الحكمة ولم يعد في لبنان من يريد العودة الى الوراء، ولم يبق في لبنان سوى من يتطلع الى المستقبل، وازدادت صناعة الامل، فإننا متأكدون من اننا سنعبر هذه الشدة، وان كل رهان على ان يبلغ التوتر في لبنان حد الفتنة سيكون رهانا" خاسرا"، كما ان كل رهان على امكانية ايجاد شرخ في العلاقات اللبنانية السورية هو رهان مستحيل، ونحن متأكدون بأننا سنتمكن من اعادة افضل العلاقات مع الجار العربي الاقرب من اجل ان نقدم انموذجا" للاخلاص المتبادل والمنتظم والمنسجم والملتزم بالاخوة والتنسيق والتعاون والاتفاقيات المعبرة عن ذلك.

 

انني من قطر اؤكد للبنانيين المقيمين في بلدهم الثاني قطر، وللاخوة القطريين وللبنانيين المنتشرين على مساحة العالم وللاشقاء وللاصدقاء، اننا سنحفظ لبنان كضرورة لبنانية وعربية ودولية، لأنه اذا سقطت تجربة لبنان التعايش والطموح والتاريخ ستظلم البشرية، ونؤكد ان لبنان سيبقى مساحة عربية مضيئة وحديقة للحرية.

 

اخيرا"، اجدد الشكر الخالص الى اخي وزميلي وصديقي سعادة السيد محمد بن مبارك الخليفي رئيس مجلس الشورى، الذي اتاح لي هذه الزيارة والفرصة للقاء صاحب السمو امير البلاد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وكافة المسؤولين، سائلا" الله العزة والمنعة والازدهار لهذه البلد وللبنان.