بسمه تعالى
دولة الأخ الحجة الشيخ مهدي كروبي
رئيس مجلس الشورى في الجمهورية الإسلامية الإيرانية
السادة أعضاء الوفد البرلماني المرافق
أصحاب الدولة والمعالي
أصحاب السعادة رؤساء البعثات الدبلوماسية للبلدان الإسلامية
زملائي النواب
المدعوون الكرام
مجازا" وقبل تقديم واجب الترحيب ، أود أن اثني على الحماس الرسمي في لبنان
والجمهورية الإسلامية الإيرانية لتوطيد أواصر العلاقة بين البلدين على كافة
المستويات ، والتي توجت بزيارات متبادلة لصاحبي الفخامة رئيس الجمهورية العماد اميل
لحود وسماحة حجة الإسلام السيد محمد خاتمي .
كما
أود أن اثني على تطلع الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى لبنان كأنموذج يحتذى في
التعايش الوطني، وعلى اعتبارها لبنان مساحات لحوار الأديان ورسالة للمحبة والتسامح
وبعد .
فإنني باسمي وباسم مجلس النواب اللبناني ارحب اشد الترحيب بضيف لبنان سماحة الأخ
الحجة الشيخ مهدي كروبي رئيس مجلس الشـورى في الجمهورية الإسلامية الإيرانية
والسادة أعضاء الوفد المرافق .
إن
هذه الزيارة تعبر عن النبض الصادق في العلاقة بين البلدين ، اللذين تجمعهما آمال
مشتركة لعالم افضل تسوده المحبة والتسامح، الصفتان التي تتبعان الموصوف لبنان
وإيران في جميع حالاتهما .
وهذه الزيارة تأتي في التوقيت الملائم الذي يستدعي في هذه اللحظة السياسية الضاغطة
على شعوبنا وأقطارنا بحث الوقائع الراهنة على مساحة المنطقة ، المستهدفة بحرب
السيطرة في سياق مشروع تمويه النوايا الأميركية الذي يحمل اسم الشرق الأوسط الكبير
، والمستهدفة بمشروع إسرائيل الكبرى ، تلك الحرب التي تستهدف مواردنا البشرية
والطبيعية ، والتي تضغط بكرة النار على الشعبين الفلسطيني والعراقي ، ولا توفر
المقدسات ولا الحرمات ، ولا تستثني الرضع والأطفال والنساء والشيوخ ، والتي تضغط في
الوقت عينه على المنطقة الممتدة من حدود الصين وحتى المغرب العربي امتدادا" إلى عمق
آسيا وأفريقيا بحروب إعلامية ونفسية واقتصادية وسياسية .
وهذه الزيارة تشكل فرصة ثمينة للتداول المعمق بكل الوسائل التي تمكننا من رفع الضرر
عن أقطارنا وشعوبنا ، وتعزز وسائل التنسيق والتعاون فيما بيننا لدرء الأخطار
المتصاعدة ، ومن اجل تصليب مقاومتنا وممانعتنا المشتركة على مساحة العالم ، ولا
أقول العالم الإسلامي فحسب بل كل العالم ، المستهدف بحرب ضد حضارته التي أرستها
الأديان السماوية المبنية على التوحيد والمناهضة للمظالم التي أنتجتها
الإمبراطوريات المناهضة لعالم الأسياد والأرقاء ، والمناهضة لكل محاولة للاعتداء
على حق الإنسان في الانتماء والعبادة والتعبير .
إن
هذه الزيارة مناسبة لتبيان حقيقة غائبة ، وهي أن صراع الحضارات المفترض ليس صراعا"
بين الإسلام والمسيحية، وليس من الممكن ان يكون هناك صراع بين الإسلام والمسيحية ،
حتى أن ما وصف بالحروب الصليبية كانت حروبا" ذات طابع إمبريالي هدفها السيطـرة على
مـوارد الشـرق والمسيحيـة بـراء مـن أهدافها ،
فما
بين المسيحية والإسلام مساحة واسعة لائتلاف المؤمنين ولحوارهم تحت خيمة الله سبحانه
وتعالى ، وما بين الإسلام والمسيحية اتفاق راسخ على مقاومة الاحتكارات سواء أكانت
احتكارا" لوسائل الحياة أو لوسائل التعبير ، أو لقوة العمل والإنتاج أو لحق السكن
والطبابة، وبالأساس رفض لكل احتكار مركزي للقوة من اجل بسط الأحلام الإمبراطورية .
إن
هذا الصراع هو في الواقع بين الذين يقبضون على حضارة التكنو - الكترونيك وبين
الحضارات التي راكمت المدنية عبر التاريخ واستندت في جوهرها على الأديان السماوية .
إن
حضاراتنا التي تخلص لله الواحد الأحد وتعتبر الإنسان رأسمالها الثمين تؤمن بالحداثة
والعصرنة ، وهي تريد الاستثمار على تكنولوجيا المعلومات والاتصال لتطوير برامجها
التربوية وتنمية مواردها البشرية وزيادة قوتها الصناعية والزراعية والمتنوعة ، عكس
الذين يرغبون بتحويل ذلك التطور النوعي في علوم الاتصالات والمعلومات إلى سلاح لقمع
البشرية وإدارة العالم بشكل آحادي .
دولة الرئيس
الحضور الكريم
إن
زيارتكم ستكون مناسبة هامة لبحث إطلاق فعاليات اتحاد برلمانات الدول الأعضاء في
منظمة المؤتمر الإسلامي التي كان لمجلسكم الكريم الدور الرائد في تأسيسها .
إنكم ونحن معكم لا نريد لهذه المؤسسة أن تكون مجرد شكل دون محتوى ومجرد إطار يجتمع
لمعالجة قضايا تقنية ولتكرار نفس البيانات السياسية .
إن
هذه المؤسسة يجب أن تكون إطارا" حاضرا" ناظرا" بمواجهة كل التحديات والقضايا
والمسائل المطروحة على الأمة الإسلامية ، ويجب أن تأخذ دورها كإطار جامع لممثلي
الشعوب الذين لا يخضعون لضرورات الحكام والحكومات ، ويجب أن تعبر عن مواقف شعوبها
في رفض التسلط الأحادي ومحاولة التحكم بمصيرها وبحاضرها ومستقبلها .
إن
هذه المؤسسة يجب أن تكون معنية بتلمس حقيقة ان هناك مؤامرة تستهدف الجميع ، وان تلك
المؤامرة بأبعادها ترمي إلى تبديد إمكانيات وطاقات الأقطار الإسلامية وإرهاقها
بصراعات متنوعة ، وإغراقها بالمصطلحات وزرع بذور الشك بين جهاتها وفئاتها ،
وبالتالي تحويل العالم الإسلامي إلى مساحات محكومة بالفوضى العارمة وبالعنف الدموي
الذي لا يذري ولا يبقي .
دولة الرئيس
الحضور الكريم
إنني أدعو للتنبه إلى محاولة استفراد كل قطر على حدة تحت ستار اتهامات متنوعة من
الإرهاب إلى أسلحة الدمار الشامل إلى الجريمة المنظمة إلى الديموقراطية الغائبة
والسلام المفقود ، إلى ما هنالك من توصيفـات واتهامات هدفها بالنتيجة تبرير
الاحتلال والانتداب على بلادنا.
إن
ما أصاب ويصيب المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي وكنيسة القيامة بالأمس واليوم ، وما
أصاب قانا التي كان السيد المسيح عليه السلام الشاهد على عرسها في مثل هذه الأيام
من العام 1996 على يد الإسرائيليين ، يستنسخه المحتلون في فلسطين وفي العراق .
إننا ننبه إلى أن تحالف الراغبين المقيم على صدر العراق ، والاحتلال الإسرائيلي
الذي يستوطن فلسطين ويحتل الجولان العربي السوري ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا
اللبنانية ، سوف لا يقتنع بعجز القوة عن تطويع وتطبيع الشعوب ، وان هذا الاحتلال
وبدل أن يتعلم من الدروس المستمرة التي تنتج المزيد من المقاومة بمواجهة تصاعد
العدوانية سوف يطور عدوانيته عبر الحدود الفلسطينية والعراقية .
إن
ما سمي بمشروع " فك الارتباط " الذي ابتدعه شارون هو مخطط شامل للتصفية السياسية
الشاملة لاماني الشعب الفلسطيني ، وفي طليعتها حق العودة وتقرير المصير وإقامة
الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف .
إن
ترحيب الرئيس بوش بهذه الخطة كتابيا" يمثل أعلانا" رسميا" أميركيا" بتخلي الإدارة
الأميركية عن ما أمل به بعض القادة العرب ، من قيام الولايات المتحدة الأميركية
بدور قيادي بوصفها شريكا" نزيها" يعول عليه في حل النزاع ، نتيجة اختيارها الكامل
عن سابق تصور وتصميم للانحياز الصارخ إلى جانب إسرائيل واقرارها سلفا" للنتيجة التي
تريدها إسرائيل من أية مفاوضات على المسار الفلسطيني .
كما
أن الرئيس الأميركي أعطى موافقة على سياسة العصا الإسرائيلية المتمثلة بالاغتيالات
والقتل والمجازر والتدمير والتجريف والاستيطان وجدار الفصل والتوطين مقابل التلويح
للفلسطينيين بالجزرة المتمثلة برؤية بوش لدولة فلسطينية فارغة من أي مضمون سيادي
ولا تملك أية مقومات لقيامها وديمومتها .
إن
ما لا تريد الإدارات الأميركية المتعاقبة أخذه بعين الاعتبار في أي حل هو أن القضية
الفلسطينية هي قضية شعب قبل أن تكون قضية ارض ، ونحن من جهتنا نقول للإدارة
الأميركية وللعالم أن اللاجئين من أبناء الشعب الفلسطيني سيمثلون على الدوام تحديا"
لا يمكن تجاوزه لا فلسطينيا" ولا عربيا" ولا دوليا" .
وفي
كل الحالات ، فإن خطة شارون ووعد بوش ليس نهاية المطاف فلسطينيا" ولا عربيا" ولا
إسلاميا" ، إنني هنا اوجه عناية الجميع إلى أن كلا" من بوش وشارون يكافحان من اجل
بقائهما السياسي وبقائهما في السلطة ، وكل منهما سيشتري بضاعة الآخر ، وكل منهما
سيحاول أن يبقي الآخر في دائرة الضوء وان يصنع له انتصارات ، وان يزيد من شعبيته
وان يرفع من نقاطه في الاستفتاءات خلال الأشهر السبعة القادمة .
إن
الكثير من المفاجآت الأميركية – الإسرائيلية المشتركة ستحدث خلال الفترة الفاصلة عن
الانتخابات الأميركية وستدخل المنطقة في الكثير من الامتحانات وقد بدأت .
والسؤال الآن ، أي خطة وأي هدف سيحمل شارون معه إلى واشنطن في غضون شهر ، حيث
سيشارك في مؤتمر ( الايباك ) ، وما هو الغرض من مؤتمر إيباك في الوقت الذي يحتدم
فيه السباق إلى البيت الأبيض .
الجواب على هذا السؤال هو برسم الجميع ، أما من جهتي فإني مقتنع بأن الإدارة
الأميركية ستواصل حروبها بالوكالة عن إسرائيل، وأنها ستعطي الموافقة على جميع
تراخيص القتل والاغتيال التي سيطلبها شارون ، وستعطي الضوء الأخضر للانتقـام من
لبنان ومن سوريا في لبنان .
إنني إذ انصح إدارة الاحتلال الأميركي والإسرائيلي اللذين يمثلان وجهين لعملة واحدة
بالاعتبار من دروس التاريخ والتسليم بدور الأمم المتحدة ومنظماتها ، وبدور مركزي
لهذه المنظمة الدولية التي انبثقت عن معاناة البشرية من آثار الحرب الكونية الثانية
.
ان
الأولى أن أدعو من موقع رئاسة مجلس اتحاد برلمانات دول منظمة المؤتمر الإسلامي
ورئاسة الاتحاد البرلماني العربي البرلمانيين في إطار المنظمتين ، إلى أن تكونا
الطليعة في استنهاض فعل شعوبهما وتحفيزها لمواجهة أي تحد .
دولة الرئيس
الحضور الكريم
على
المستوى البرلماني اللبناني – الإيراني فإننا سنشكل الأنموذج لعلاقات تفاهم وتعاون
في إطار اتحاد برلمانات دول منظمة المؤتمر الإسلامي حيث وقعنا قبل قليل مذكرة تفاهم
بين مجلس النواب ومجلس الشورى في البلدين ، تهدف لزيادة التعاون في المحافل
البرلمانية ، ولتبادل الخبرات في إطار الإدارة البرلمانية، ولتحفيز زيادة اوجه
التعاون المشترك بين البلدين لما فيه مصلحة الشعبين في الجمهورية الإسلامية
الإيرانية ولبنان .
عشتم
عاشت الجمهورية الإسلامية
الإيرانية
عاش لبنان