عقدت لجنة التربية الوطنية والتعليم العالي والثقافة، جلسة لها عند الساعة العاشرة والنصف من قبل ظهر يوم الاثنين الواقع فيه 20/6/2022 برئاسة رئيس اللجنة النائب حسن مراد وحضور مقرر اللجنة النائب إدغار طرابلسي والنواب السادة: إيهاب حمادة ،علي خريس، أشرف بيضون، علي فياض، أنطوان حبشي، سليم الصايغ، بلال حشيمي، غسان سكاف، أسامة سعد، بلال عبدالله وعدنان طرابلسي.
 
وذلك لبحث منهجية عمل اللجنة.

إثر الجلسة، قال النائب حسن مراد:
"اليوم، كان أول إجتماع للجنة التربية والثقافة. قدمنا خارطة طريق للقطاع التربوي وكيفية إنقاذه وتمت مناقشات إيجابية من جميع الزملاء داخل اللجنة، وتوافقنا بالإجماع على كيفية إنقاذ العام الدراسي الحالي. في الأسبوع القادم سنناقش مشاكل الجامعة اللبنانية والمدارس الرسمية والخاصة لنكون جاهزين للعام الدراسي ونستكمله، رغم الظروف الإقتصادية الصعبة لنستطيع الحفاظ على هذه الأجيال، فهي الركيزة الأساسية لهذا الوطن وعلينا الحفاظ على هذه الأجيال، وسنعمل لوضع خطة طوارىء لإنقاذ القطاع التربوي".

وقدم النائب مراد ورقة العمل للمناقشة في الإجتماع الأول للجنة التربية النيابية، وجاء فيها ما يلي:
 
"
ينعقد الإجتماع الأول للجنة التربية والتعليم العالي والثقافة النيابية في ظرف من أدق وأصعب الظروف التي تمر على التربية والتعليم في لبنان.
 

فقد امتاز التعليم في لبنان لعقود طويلة بجودته وتطوره، الأمر الذي جعل من الشباب اللبناني أهم قيمة إقتصادية للبلد واعتبارهم رأسماله الأغلى. خلال السنوات الماضية تفجرت قضايا تربوية عديدة لكن لم توضع لها الحلول المناسبة وغالباً ما كان يتم تجاهلها أو تمييعها أو الهروب الى الأمام.
 

بالمختصر، ما من قطاع من قطاعات التربية الا ويغرق في مشاكل لا حصر لها من التعليم الرسمي بجميع مراحله وأنواعه الى التعليم الخاص بكل تشعباته، ويمكننا القول أني وخلال أسبوع واحد تلقيت العديد من الشكاوى والمطالبات من أغلب القطاعات واكتشفت كم الصعاب التي يعاني منها قطاع التربية، وهي مشاكل على صعوبتها، زادت من حدتها الأزمة الإقتصادية والإجتماعية الحالية.
  

ويمكننا القول أن كل الإصلاحات التربوية لن تؤدي غرضها المنشود في حال خسارة السلاح التربوي العلمي الأقوى للبنان وهو الكادر التربوي الذي رفعت الأزمة الإقتصادية نسب الهجرة في صفوفه إلى حدها الأقصى.
 

هنا، وانطلاقاً من مسؤولية وطنية تجاه أجيال تعاني وأخرى لم تولد بعد، وجب علينا أن نطلق الخطة الوطنية لتحصين المعلم اللبناني وذلك من خلال دراسة يجريها المجلس النيابي بالتكافل والتضامن مع وزارة التربية والتعليم العالي، يجري خلالها إستجرار تمويل (عبر هبات خارجية ام من خلال ترشيد الإنفاق) من أجل تثبيت رواتب المعلمين بما يتناسب مع الحاجات المعيشية أولاً، وأهمية دورهم المجتمعي الوطني، وثانياً، مع التشديد على إيلاء هذه الخطة الدعم المطلوب لما لعدم تطبيقها من خطورة على المديين المتوسط والبعيد.
 

وبالفعل لا نبالغ إن قلنا أننا أمام إنهيار في القطاع التربوي والتعليمي وذلك يتطلب منا كمؤتمنين أن نبذل أقصى الجهود لمنع السقوط الكبير وإعادة وضع التربية والتعليم على سلم الصعود. وسنحاول في هذا الإجتماع أن نعرض عدد من المشاكل والتحديات التي تتطلب ان نتكاتف للعمل على إيجاد الحلول المناسبة من خلال سياسة تربوية واضحة تقوم على حماية المصلحة العامة:


على صعيد التربية:
1-إبرز تحدي هو إنقاذ العام الدراسي المقبل. فبعد سنتي وباء الكورونا كان العام الدراسي الحالي مثقل بالصعوبات ويمكن أن نقول بثقة انه لم يكن عاماً طبيعياً ولم يتلق فيه الطلاب في جميع المراحل ما يجب ان يتلقوه من علم ومعرفة.
 

2-إنحدار مستوى التعليم، ذلك أن جودة التعليم التي امتاز بها لبنان حين كان مدرسة للشرق وجامعته قد تعرضت لتراجع كبير بسبب الأوضاع الإقتصادية والوبائية في السنوات الثلاثة الماضية دون أن يكون للدولة مقدرة على مقاربة حلول تبقي هذا القطاع الحيوي الأساسي في سلم إهتمامها.
 
3-  جمود المناهج التربوية وعدم تطويرها، فمنذ العام 1997 حين وضع المركز التربوي للبحوث والإنماء المناهج التربوية لم يتم تعديلها وتطويرها لتواكب المراحل التي قطعتها الإختراعات والإكتشافات وطرائق التعليم واختلاف شخصيات المتعلمين الذين أصبح أكثرهم يفوق معلميه في استخدام التقنيات والبرمجيات
 

4- أزمة الرواتب لأساتذة الجامعة وأساتذة الملاك والمتعاقدين على مختلف تسمياتهم.
 

وبالمناسبة تبين بالتدقيق ان هناك أنواعاً متعددة من التعاقد، فهناك تعاقد على حساب الدولة وهناك تعاقد على حساب جهات مانحة وهناك تعاقد على حساب صناديق المدارس، بل ان هناك موظفين في وزارة التربية وربما غيرها على حساب صناديق المدارس وصناديق مجلس الأهل، وهذه الصناديق لم تعد قادرة على توفير أبسط مقومات العمل المدرسي، مع الأخذ بعين الإعتبار أن التعاقد المتعدد الأنواع ومصادر التمويل ضرب من ضروب الهروب إلى الأمام في عدم التوظيف وفقا للأسس المعتمدة للتوظيف سواء عبر مجلس الخدمة المدنية أو كلية التربية وفي ذلك ما فيه من خلل ينعكس على الإنتظام العام للتعليم وفقاً لاستقرار المعلم النفسي واطمئنانه الوظيفي ومكتسباته (الضمان - المنح المدرسية- نظام التقاعد).
 
5- الحوافز المالية التي لم تصل في مواعيدها للمعلمين، إضافة إلى عقود المتعاقدين التي لم يتم الإلتزام بها نتيجة الإضرابات المتلاحقة كما لعدم قدرة المعلمين إلى الوصول لمراكز العمل نظراً لتضاؤل قيمة الراتب وغلاء أسعار النقل والمواصلات.
 

6- مشاكل التعليم الرسمي المتعددة وضرورة معالجتها سريعاً والإهتمام بشكل إستثنائي بالمدرسة الرسمية وتعزيز دورها كي تكون على قدر الرهان والآمال بخاصة وأن القادم من الأيام سيزيد من أعبائها وستكون الملاذ الرئيسي للطلاب.
 
7- التعاون مع وزارة التربية لمعرفة وحصر ومواكبة الهبات والمساعدات والمنح والقروض  المقدمة من الجهات المانحة لوزارة التربية والتعليم العالي حرصاً على الشفافية.
 
8- العمل على تطوير هيكلية وزارة التربية بما يسمح بسهولة اتخاذ القرار من جهة والرقابة التامة من جهة ثانية.
 

9- مشكلة الشغور في المراكز الإدارية في الوزارة والمصالح والدوائر التربوية، ذلك أن اغلب المراكز في وزارة التربية تشغل بالتكليف سواء في المديرية العامة للتربية او مديرية التعليم العالي او مديرية التعليم المهني او المركز التربوي للبحوث والإنماء فضلاً عن رؤساء المصالح والدوائر وحتى على مستوى إدارات المدارس مما يستوجب العمل على ملء الشواغر بالكفاءات وفقاً لمعاير الوظيفة العامة.
 
10- هجرة وتسرب الكثير من الكفاءات التعليمية إما بطريقة الإستيداع أو الإستقالة، مما يؤدي إلى خسارة قسم كبير من المؤهلين تربوياً سيما وان هناك عروضات مغرية تأتيهم من الخارج في ظل الوضع الإقتصادي الصعب في البلاد
 

11- مشكلة النزوح السوري وتأثيره، فهناك حوالي ربع مليون تلميذ نازح من الإخوة السورين يستفيدون من المساعدات والمنح وهم يشغلون أبنية المدارس الرسمية ويستهلكون بنيتها التحتية.
 

12- مشاكل الجامعة اللبنانية وإيلاؤها الإهتمام الأقصى لناحية ضرورة معالجة قضايا التفرغ والملاك ورواتب الأساتذة وتطوير المباني ومراكز الأبحاث فيها
 

13-  مشكلة التعليم عن بعد وضرورة وضع التشريعات اللازمة لتشريعها بما يضمن جودة التعليم، ذلك أن التعليم عن بعد حق للطالب في ظل الظروف الإقتصادية والصحية الصعبة التي نعاني منها.
 

14-  ضرورة العمل على تعزيز موازنة وزارة التربية والتعليم العالي لمساعدتها على القيام بدورها
 

15-  معالجة مشاكل التعليم المهني المتعددة وضرورة تلازمه مع التعليم العادي أسوة بالعديد من الدول الأوروبية خصوصا في ظل ثورة الإتصالات والتقنيات الحديثة.
 

16- ضرورة العمل على تعزيز الحوكمة الرقمية في قطاع التربية بمختلف إطاراته، ذلك أن تكنولوجيا المعرفة وتحديداً الحوكمة الرقمية تشكل عامل لتعزيز الديمقراطية وتحقيق الشفافية ومكافحة الفساد كما تؤدي إلى تعزيز البحث العلمي وتحقيق جودة التعليم.
 

17- أهمية مواكبة قضايا التعليم الخاص وحل مشاكله المتنوعة لضمان جودة التعليم كما والعمل في إطاره على حماية حقوق الأساتذة وتأمينها
 
 
على صعيد الثقافة:
 

1- العمل على إيجاد سياسة ثقافية جامعة ضمن مشروع بناء دولة مواطنة حقيقي وفي ظل بناء مؤسسات جادة كما وتطوير مفهوم ثقافة المواطنة وتعزيزها في مختلف الأطر الثقافية والتربوية.
 

2-  ضرورة إعادة النظر بالتشريعات الناظمة لقطاع الثقافة في لبنان.
 

3-  أهمية تفعيل مختلف الأجهزة والمديريات التابعة لوزارة الثقافة وتضمين الموازنة العامة للدولة البنود المالية اللازمة للقيام بمهامها.
 

4-  إعادة النظر بالقوانين الضريبية المالية المتعلقة بالثقافة وتحديداً تلك التي تساوي بين العاملين بالقطاع الثقافي بالقطاعات الترفيهية.
 

5-  ضرورة حماية الممتلكات الثقافية المعرضة للخطر.
 

6- ضرورة الإهتمام بالأرشيف الوطني اللبناني وفتح هذا الأرشيف أمام جميع الباحثين والمهتمين.
 

7- أهمية العمل على تقديم إقتراحات وتعديل القوانين التي ترعى تنظيم قطاع الثقافة في لبنان تحديداً لناحية حماية الممتلكات الثقافية لحفظ الفضاءات العامة.
 

8- الإهتمام بالمكتبة الوطنية وتعزيز دورها وإزالة العوائق التي تحول دون إنتشارها في مختلف المناطق.
 

9- ضرورة العمل على تعزيز الحوكمة الرقمية في قطاع الثقافة بمختلف إطاراته.
 

10- التعاون مع وزارة الثقافة في سبيل تطوير هيكليتها وإقرار وتعديل التشريعات اللازمة لحماية الآثار وتطوير المتاحف الوطنية.
 

11- العمل على إقرار التشريعات اللازمة لحماية الثقافة الوطنية من الإعتداءات الصهيونية ومواجهة التطبيع الثقافي.
 

ختاماً، هذا غيض من فيض التحديات التي تواجهنا نضعه بين أيديكم للمناقشة كبرنامج عمل للجنة نسعى إلى العمل على إيجاد وإقتراح الحلول اللازمة لأكبر قدر من المشاكل المذكورة آخذين بعين الإعتبار الوضع الإقتصادي والإستثنائي الذي تمر به الدولة، مع التنويه أن كل ما ورد يحتاج منا إلى المبادرة لعقد خلوة تربوية وثقافية وعدد من ورش العمل يشارك فيها أعضاء لجنة التربية والتعليم العالي والثقافة وخبراء تربويون ومثقفون وممثلون عن أطياف الجسم التربوي والمؤسسات التعليمية لننطلق إلى رحاب عام دراسي جديد نحاول أن يكون بداية صحيحة لمسيرة التربية في وطننا، إنطلاقاً من القاعدة الجوهرية: "إذا كانت التربية بخير فلا خوف على الوطن لأنه ينهض من خلالها".