رعى
رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري الإثنين 6/10/2008، ورشة العمل التي أقامتها
لجنة حقوق الإنسان النيابية، لمتابعة عرض الواقع الميداني ونتائج الجهود المبذولة
لإزالة ومعالجة آثار الألغام والقنابل العنقودية جراء الإحتلال والعدوان
الإسرائيليين على لبنان، والبحث في سبل تعجيل الخطط وتمويلها لحل المشكلة الوطنية
الكبرى.
وغصت قاعة المؤتمرات في المجلس بالحضور والمشاركين والمتابعين والمختصين، وحضرت
عقيلة رئيس المجلس رئيسة الجمعية اللبنانية لرعاية العوقين السيدة رندة بري، وزيرا
الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ والاعلام الدكتور طارق متري والنواب: عبداللطيف
الزين، غسان مخيبر، انور الخليل، سمير عازار، حسن حب الله، علي بزي، علي خريس،
عبدالمجيد صالح، قاسم هاشم، انطوان خوري، علي عسيران، مروان فارس وعاطف مجدلاني ،
قائد القوة الدولية "اليونفيل" الجنرال كلاوديو غراتسيانو، وسفراء: بريطانيا،
الإمارات العربية المتحدة، اليابان، النروج، عمان، هولندا، تركيا، رومانيا،
نيجيريا، بلجيكا، اليمن، كوبا، اورغواي وجنوب افريقيا، وممثلون لعدد من السفارات
بينها: قطر، المانيا، الكويت، الهند، اوستراليا، المكسيك، إيطاليا، روسيا
والبرازيل.
كما حضر ايضا حشد من المنظمات الدولية المعنية والهيئات الأهلية والنقابية، ممثل
وزير الدفاع وقائد الجيش العميد محمد فهمي، رئيس مجلس الجنوب الدكتور قبلان قبلان،
نقيب الصحافة الاستاذ محمد البعلبكي، نقيب المحررين الاستاذ ملحم كرم، المدير العام
لوزارة الاعلام الاستاذ حسان فلحة، رئيس الصليب الاحمر اللبناني الشيخ سامي
الدحداح، وحشد من رؤساء الإتحادات البلدية والبلديات، وحشد من ممثلي وسائل الإعلام.
وزين مدخل القاعة (الورشة) بشتول التبغ وأشجار الزيتون والقنابل العنقودية والألغام
التي خلفها العدوان الإسرائيلي، وأسماء المواطنين الذين سقطوا ضحايا هذه الجريمة
المستمرة.
كما عرضت أعمال التنقيب ونماذج وإنشاءات تحذر من الإقتراب من حقوق الألغام والقنابل
العنقودية.
واستهلت الورشة بعرض فيلم وثائقي للمرحلة السابقة لعمليات نزع الأغلام وبعض ضحايا
الألغام والقنابل الإسرائيلية.
ووزعت على الحضور والمشاركين شارة او شعار أخضر يرمز الى حق الحياة والتنمية في وجه
ثقافة القتل التي جسدها الإحتلال والعدوان الإسرائيليان.
كلمة النائب الدكتور ميشال موسى
ثم
ألقى رئيس لجنة حقوق الانسان النيابية النائب ميشال موسى كلمة جاء فيها: "نجتمع
اليوم بدعوة من لجنة حقوق الإنسان، تحت رعاية دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه
بري، للتشاور في مسألة بالغة الأهمية وطنيا وإنسانيا وإجتماعيا وإقتصاديا، نتجت
بمعظمها عن الإعتداءات الإسرائيلية المتكررة على ارضنا وشعبنا، ولا سيما منها
العدوان الأخير في تموز 2006، ألا وهي مشكلة الألغام والقنابل العنقودية التي تمثل
بلا شك، إحتلالا من نوع آخر، بل عدوانا مستمرا يحصد يوميا الضحايا، قتلى وجرحى
ومعوقين، ويعطل مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، ويؤثر سلبا على البيئة والحياة
الإقتصادية والإنسانية".
واضاف: "هذا الإحتلال المقنع هو وجه من وجوه حروب إسرائيل الكبيرة والصغيرة على
وطننا، والمستمرة من خلال مئات ألوف القنابل العنقودية التي زرعتها في أرضنا، ضاربة
عرض الحائط بكل القوانين الدولية والإنسانية، مما يستدعي إدانتها من المجتمع
الدولي، ومطالبتها بخرائط لهذه الألغام والقنابل القاتلة، والتضامن مع لبنان الضحية
ومحاسبة المعتدي الذي لا يقيم وزنا للمعايير الدولية والإنسانية أي إعتبار. ان هذه
المشكلة التي تتفاقم آثارها السلبية يوما بعد يوم، وجدت صدى لدى بعض الأشقاء
والأصدقاء، كما لدى الأمم المتحدة، فساهموا منذ أعوام بالتعاون مع الجيش، في برامج
إزالة الألغام وتنظيف الحقوق من الأفخاخ القاتلة المتربصة بأطفالنا ومزارعينا
وأهلنا في الجنوب، لكن ما زال هناك الكثير من العمل في هذا المجال.
وقد رأى دولة الرئيس بري انه لا بد في ظل الأوضاع القائمة، من التوقف مليا عند هذه
المسألة الوطنية، من اجل مراجعة ما أنجز حتى اليوم، والبحث في سبل متابعة مكافحة
الموت المتنقل وتعزيز الدعم العربي والدولي، وتزخيم العمل الميداني، توصلا الى
تحرير ارض الجنوب وتطهيرها من هذه الأفخاخ، وتاليا تحرير إنسانه من خطرها القائم
والداهم".
وختم: "من هنا، كانت دعوتنا في لجنة حقوق الإنسان الى هذه الورشة الجامعة، والتي
يشرفنا ان يفتتحها دولة الرئيس نبيه بري.
بعد الجلسة الإفتتاحية، هناك جلسة عمل موسعة تتعلق بالمحور الميداني لواقع القنابل
العنقودية:
-المشاكل الإجتماعية والإنسانية الناتجة عن القنابل العنقودية ومواضيع التنمية
المتوجبة للمواقع المتضررة.
- محور الاتفاقات الدولية المانعة لتصنيع القنابل العنقودية واستخدامها. نخلص بعد
ذلك الى توصيات تتعلق بهذه المحاور".
كلمة الشيخة حصة آل ثاني
ثم ألقت المقررة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون الإعاقة الشيخة حصة بنت خليفة بن
حمد آل ثاني كلمة قالت فيها: "إسمحوا لي بداية أن أعبر عن شكري البالغ لدولة الرئيس
بري ولمجلس النواب اللبناني على تبني وتنظيم هذه الفعالية العامة في هذا الوقت وهذا
الزمان. لقد جاءت هذه الفعالية لتعكس إيمان لبنان بمبدأ المسؤولية الدولية، وسعيه
الدؤوب الى رفع الوعي المجتمعي بالأخطار والتهديدات التي تصاحب الصراعات وتنجم
عنها، والآثار البالغة والمدمرة التي تلحقها بحياة الأفراد وموارد الأمم، وصحة
المجتمع".
واضافت: "قبل أقل من ثلاثة شهور، سعدت ومعي العشرات من المنظمات الدولية والإتحاد
العالمي برعاية دولتكم الكريمة لحملتنا الإعلامية الثانية الهادفة الى اثارة
الإهتمام العالمي ورفع الوعي بالعلاقة بين الحروب والإعاقة، حيث أطلقنا ومن بيروت
مجموعة من الأفلام الوثائقية، والومضات التلفزيونية، والتسجيلات الدرامية لشهادات
ذاتية أدلى بها العشرات من الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم من المجتمعات التي عانت
الحروب الأهلية والصراعات الدامية في سراييفو، اليمن، السودان، العراق، فلسطين
ولبنان. وقد أسعدني، أيها الأخوات والأخوة، أن العالم إستقبل هذه المواد الإعلامية
بإيجابية عالية، بحيث تم نشرها وتوزيعها وإستخدامها من العديد من دول العالم في
آسيا، اوروبا واميركا اللاتينية في الكثير من المناسبات التوعوية، كما استخدمت مواد
حملتنا الأولى التي إحتفلنا بإطلاتقها من الدوحة في مطلع عام 2007".
وتابعت: "ان العمل على رفع الوعي وتغيير الإتجاهات والوقاية من الحروب والصراعات،
لا يقف عند حملة هنا وإحتفال هناك، وإنما هو جهد تراكمي تتعاظم آثاره بإلتزام
القائمين عليه، وإيمانهم برسالتهم، وإستعدادهم لتحمل أعباء العمل، في بيئة قد لا
تستجيب لدعواتهم ومبادراتهم بالمستوى الذي يطمحون اليه.
فقضايا الإعاقة قلما تجد مكانها على الصفحات الأولى للصحف ومقدمات النشرات المسائية
للأخبار. هذه الأماكن والمساحات التي بقيت حكرا لأخبار الصراعات، ومؤتمرات الساسة،
والتحولات الإقتصادية، وحتى الإحتفالات التي يشارك فيها الساسة وصناع القرار. مع ان
هذه القضايا سبب أساسي في إعاقتهم، وتدني مستوى نوعيةالحياة التي يعيشونها،
وإستمرارية تهميش أدوارهم، وحرمانهم المشاركة الكاملة التي هي حق من حقوقهم
الأساسية كأعضاء في الجنس البشري، وكمواطنين ورعايا تقتضي كرامتهم الوفاء
بالتزاماتنا تجاههم".
وقالت: "لقد كان لما خلفته الحروب والصراعات، في ما يزيد على خمس وستين بؤرة من بؤر
الصراع، من قنابل وألغام وذخائر، آثار بالغة في زيادة أعداد المعاقين، وتنامي
الأعباء التي تخلفها الإعاقة على إنتاجية العالم، وموارد الدول، ونوعية حياة الأسر،
والمعاناة الدائمة للأفراد الذين يقعون ضحايا مباشرة لهذه الألغام والقنابل
والأسلحة. وقد جاء إستخدامها، وزرعها ونشرها، وتركها في ميادين الصراع، ورفض
معالجتها، وإزالتها إنعكاسا واضحا لرغبة مستخدميها في إستمرار العدوان والتدمير،
والإصرار على مخالفة حقوق الإنسان الأساسية في الحياة، والسلامة والتنمية
والمشاركة، وتعبيرا عن فشل المجتمع الدولي في إلزام هؤلاء الأطراف تحمل مسؤولياتهم
القانونية والأخلاقية والدولية".
أضافت: "ان إزالة التهديدات التي تمثلها أدوات التدمير الجاثمة على أطراف القرى
والبلدات، وفوق حقول المزارعين، وفي المراعي التي تشكل ميدان العمل اليومي ومدخل
إعاشة لآلاف الأسر، لا يتحقق بتكرار ادانتنا لهذه الافعال او بالاكتفاء بالإشارة
الى وجودها والتحذير من الإقتراب منها، وإنما يتوقف ذلك على سلسلة من الخطوات
الإجرائية المفضية الى نتائج عملية تحد من الآثار المدمرة لإستمرار معايشة الأفراد
لشبح الموت، أو تهديدات الإعاقة الدائمة.
ان هذه الإجراءات التي ندعوكم الى الإسهام في إتخاذها وبشكل فوري ، تبدأ بـ :
- مطالبة الأطراف المسؤولين عن زراعة الألغام، والقاء القنابل، وترك الذخائر ببيان
مواقعها وخرائط توزيعها وآلية إزالتها (عملا بالإتفاقيات والعهود والمواثيق
الدولية).
- تجسيد مبدأ التعاون الدولي من خلال توفير الأموال والخبرات الفنية القادرة على
التعامل مع هذه الأخطار وإزالتها.
- السعي الحثيث معا الى تحريم إستخدام هذه الأسلحة وإلزام الدول والأطراف التي
تستخدمها أو إستخدمتها بالعمل الفوري على إزالتها.
وعليه، فإن المسؤولية تقع علينا جميعا، حكومات ومنظمات ووكالات أممية وأعضاء
مجتمعات محلية، منطلقنا في ذلك ميثاق الأمم المتحدة. والإلتزام الأممي السلم والأمن
للجميع، هذه المنطلقات التي أكدتها الإتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية، وسعت الى
تجسيدها قوى الخير في المجتمع الإنساني".
وختمت: "أناشدكم بإسم أكثر من 650 مليون شخص معوق في العالم، وملايين الأسر
والأشخاص الواقعين تحت تهديد هذه الأسلحة الفتاكة، ان نعمل بجد لإزالة هذه الأخطار
وضمان السلامة والحماية لكل من هم في حاجة اليها أينما كانوا".
أشكركم، مرة أخرى، وأتمنى للقائنا هذا ان يحقق الأهداف التي عقد من أجلها".
كلمة راعي الورشة الرئيس بري
ثم القى الرئيس بري كلمة قال فيها: "بداية، أشكر جميع من لبى دعوتنا الشخصية ودعوة
لجنة حقوق الانسان النيابية الى هذا الاجتماع الذي صمم للبحث في شأن وطني انساني
ملح، يتركز على متابعة الجهود المبذولة لازالة معالجة حقول الموت الاسرائيلية
وآثارهها المتمثلة بالالغام والقنابل العنقودية التي خلفها الاحتلال والاعتداءات
والحروب الاسرائيلية على لبنان خصوصا في تموز 2006.
ان جميع الوثائق الرسمية والدولية تؤكد ان الجيش الاسرائيلي لجأ، للمرة الاولى عام
1978، الى استعمال قنابل الكانسترا التي تتشظى الى مئات القنابل الصغيرة، والتي
تتخذ اشكالا متعددة تضلل بصفة خاصة الصغار الذين يسارعون الى لمسها ظنا من بعضهم
انها لعب، كما انها تشكل مانعا قاتلا معوقا ومهددا للزراعة والحياة الطبيعية
للسكان، حتى يمكنني القول من دون اية مجازمة ان الاحتلال طرد من لبنان وتحررت الارض
عام 2000 ولكن ما تحت الارض لم يتحرر".
واضاف: "في ذلك الحين، لم تكن هناك ثقافة ميسرة او وسائل لايضاح خطر هذه القنابل
العنقودية التي كان من اولى ضحاياها، على ما اذكر، ولدان شقيقان في الصرفند لمسا
اجساما غريبة فتفجرت بهما.
هذا العام وبفارق 40 عاما وفي تاريخ 29 حزيران 2008، ذهب فضل خريباني البالغ من
العمر تسعة اعوام والطفل علي خريباني البالغ من العمر سبعة اعوام الى ملاعب
طفولتهما في بلدتهما عدشيت -الشقيف، حيث كانت تنتظرهما القنابل العنقودية والتي
تركت على جسديهما علامات فارقة لبصمات الشظايا السوداء.
قبل ذلك بشهرين، كان احمد علي زريق البالغ من العمر احد عشر عاما وحسين علي المعلم
البالغ من العمر اثني عشر عاما، وهما من البلدة نفسها، يقعان ضحية القنابل
العنقودية.
بالعودة قليلا الى الوراء، الى ما بعد الحرب الاسرائيلية على لبنان، فان عددا كبيرا
من الضحايا من الاولاد الصغار الذين لا تتجاوز اعمارهم الاثني عشر عاما كانوا ضحايا
معلنين للقنابل العنقودية.
ومنذ الايام الاولى لتحرير المنطقة الحدودية في نهاية ايار عام 2000 الى اليوم، فان
زهاء سبعين شهيدا وستماية جريح كانوا ضحايا القنابل العنقودية فقط التي تجاوزت
اعدادها المليون قنبلة منتشرة بين المنازل وفي الحقول ومعلقة على الاشجار وكأنها
ثريات. وقد تسبب المطر وانزحال التربة في اخفائها وتمويه مكانها او دفنها على عمق
قليل تحت قشرة الارض والتي يمكن ان تبرز الى السطح بسبب اعمال الفلاحة او الاشغال
العامة او مجرد دوسها".
وتابع: "اما الخطر الآخر الكامن في ارضنا فيتمثل في نصف مليون من الالغام والقنابل
غير المتفجرة والمنتشرة في المناطق الحدودية الجنوبية ومحيط المواقع التي كان
يستخدمها جيش الاحتلال الاسرائيلي او في اماكن غامضة حولهاالجيش الاسرائيلي الى
حقول الغام بدعوى منع تسلل المقاومين"
وقال: "لقد شكلت الالغام والقنابل العنقودية والعاب الاطفال الاسرائيلية المفخخة
والعبوات التي يزرعها الكومندس الاسرائيلي في القرى والبلدات والابواب المفخخة
للسيارات، التي استخدمت في عمليات اغتيال قادة مقاومين والسيارات المفخخة التي هي
في اساسها اختراع اسرائيلي، شكلت كل ادوات الموت تلك هاجسا لي حيث كانت الانباء
تتناقل قصص الموت الكثير للمواطنين اللبنانيين من كل الاجيال.
وبصراحة، آنذاك لم اجد من كرسي اعتراف لي حول حجم هذه الكارثة سوى امام حكيم العرب
المغفور له صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الامارات العربية
المتحدة.
ذهبت اليه يومها لم اكد اكمل قصتي حول هول هذه الكارثة حتى اصدر، رحمه الله، اوامره
بتحويل هبة اذكر خمسين مليون دولار لمصلحة ازالة آثار هذه المشكلة ونشأت عملية
التضامن الاماراتية لتنظيف كل المناطق الملوثة والمعروفة جنوب الليطاني من الالغام
باستثناء "الخط الازرق"، وهو المشروع الذي اعتبر الانجح على الصعيد العالمي.
وهكذا، كان كل شيء يسير بشكل ممتاز، وتابع رئيس دولة الامارات صاحب السمو الشيخ
خليفة بن زايد بن سلطان خطى والده في دعم استكمال المشروع وتوسيع المساحات النظيفة
من الموروثات المتفجرة.
ولكن حرب تموز الاسرائيلية على لبنان عام 2006 اعادت الامور الى نقطة الصفر وغيرت
المعايير، واستحدثت مشكلة اكبر في ما يتعلق بالذخائر غير المتفجرة وخصوصا القنابل
العنقودية.
وهنا لا اريد ان اتوجه اليكم، ايها السيدات والسادة، هنا فقط، اريد ان اتوجه توا
الى من يسمع على الاقل، الى الامم المتحدة، لجنة حقوق الانسان في جنيف، كل المنظمات
الانسانية في العالم بالقصة البسيطة التالية التي عشتها انا شخصيا، واعتقد ان رئيس
الحكومة فؤاد السنيورة عاشها ايضا. لقد وضعت هذه القنابل العنقودية اكثر من مليون
قنبلة القتها الطائرات الاسرائيلية بعد صدور القرار 1701 حضر نائب وزير الخارجية
الاميركي السيد وولش الى مكتبي وكنا نصوغ القرار 1701، وبعد صدور القرار حدد وقت
لوقف الحالة العدائية وليس وقف النار. اذكر انه يسجل ان يكون نهار الاثنين صباحا
الساعة الثامنة. ومن الجمعة مساء بتوقيتنا، أي الأولى والنصف بعد منتصف الليل وحتى
الاثنين صباحا، اي خلال 36 ساعة بعد صدور القرار 1701، اسقطت اسرائيل هذه القنابل
المشكو منها، أي اكثر من مليون قنبلة لانها كانت كما دائما تريد استمرار الحرب على
لبنان، هذا لبنان الذي يشكل انموذجا بطبيعته وتكوينه انموذج اعتدال ضد الكيان
الصهيوني.
وكالعادة، وبعد صدور القرار 1701، رفضت اسرائيل اعطاء الامم المتحدة وقوات
"اليونفيل" معلومات عن المناطق التي استهدفت بالقنابل العنقودية، كما كانت ولا تزال
ترفض اعطاء الامم المتحدة خرائط الالغام. وعندئذ، كما ورد في التقرير، لو اعطت
الخرائط فورا لكان في الامكان، كنا لا نزال في شهر آب، كان في الامكان فعلا ان
نتخلص من الغالبية الساحقة منها، على الاقل لم تكن قد امطرت وردمت القنابل".
وتابع: "في الميدان، تم استنادا الى تقارير الامم المتحدة تحديد 1058 موقعا ملوثا
بالقنابل العنقودية، تغطي مساحة اثنين واربعين مليون متر مربع تم تنظيف اقل من نصف
المساحة من الموت المتربص فيها واستكمال انهاء هذه المشكلة يتجاوز امكانات لبنان
ويتطلب دعما عربيا ودوليا.
وعليه، فان الهدف من اجتماعنا اليوم هو تقديم التوصيات وتحديد المتطلبات لانجاز
مهمة نزع الالغام والقنابل العنقودية.
كما تعرفون فانه وللمرة الثانية يفتح المجلس النيابي اللبناني ابوابه من اجل القاء
الضوء على هذه المشكلة.
فقد كان مجلس النواب شاهدا العام الماضي في الخامس من تشرين الثاني على اجتماع
ترافق مع اجتماعات مماثلة في اربعين دولة من دول العالم تعمل ضمن الائتلاف العالمي
ضد القنابل العنقودية.
وقد اطلقنا في تلك الاجتماعات صرخة على مساحة العالم حملت صوتنا الذي قال: "لا
للقنابل العنقودية لا لتصنيعها لا للاتجار بها، لا لتخزينها ولا لاستخدامها".
وقال: "انني اذ استذكر تلك المبادرة، أتوجه بالتحية الى النروج التي قادت هذا
التحرك ضد القنابل العنقودية كذلك للشيخة حصة التي تشرفنا اليوم بحضورها بيننا
بعدما شاهد العالم بأسره المآسي التي خلفها استخدامها خصوصا في جنوب لبنان من الجيش
الاسرائيلي.
ان استكمال حل المشكلة الآن بات يتوقف على التمويل للحفاظ على عدد الفرق العاملة في
هذا الحقل بحسب الاولويات الانساني، قبل التمكن من تسليم المهام المتبقية الى الجيش
في السنة المقبلة.
انني، في الاطار الميداني، أناشد الدول العربية الشقيقة التي سبق ان أعطت وعودا
لدعم هذه العمليات والدول الصديقة خصوصا المساهمة في قوات الطوارىء الدولية العاملة
في جنوب لبنان الى المبادرة الفورية المساهمة المالية في انهاء هذه المسألة.
على المستوى الوطني، ادعو الحكومة اللبنانية الى عدم الاستمرار في دفن رأسها في
الرمل، وتجاهل مسؤوليتها تجاه هذه المشكلة وابعادها الانسانية والاجتماعية
والانمائية بدءا
من:
1 - تخصيص هذه القضية اسميا باعتمادات في موازنات الدولة.
2 - تحريك الحساب الخاص الذي افتتح لهذه القضية وتعميم رقمه والطلب الى المؤسسات
الدولية الخاصة والشركات والافراد والمغتربين والمنتشرين اللبنانيين في العالم
المساهمة في هذه العمليات للتبرع في هذا الحساب.
في الجانب الانساني والاجتماعي التنموي، اجدد مطالبة الحكومة بضرورة تعويض عائلات
شهداء الالغام والقنابل العنقودية ومتابعة شؤون الجرحى خصوصا المعوقين منهم، وكذلك
تعويض الملاكين والمزارعين الذين زرعت اسرائيل ارضهم بالموت المتربص. كما أدعو
الوزارات المختصة الى إنشاء مشاريع تنموية تشغيلية تأخذ في الاعتبار تحويل اعاقة
المصابين والمعوقين من ضحايا الالغام والقنابل العنقودية الى قوة عمل وانتاج.
في المجال التشريعي والقانوني، فاني أدعو الى أن يكون لبنان طليعة الدول التي توافق
على التشريعات الخاصة بمنع انتاج او استخدام او المتاجرة خصوصا بالقنابل العنقودية،
واعتقد ان الاتفاقية الدولية الخاصة بهذا الامر تنتظر بعض الملاحظات عليها قبل ان
تصبح جاهزة للتوقيع في اوسلو.
انني أدعو الحكومة اللبنانية ووزارة الخارجية بصفة خاصة الى قيادة حملة ديبلوماسية
دولية لإدانة اسرائيل لاستخدامها هذا النوع من الذخائر القاتلة والطلب الى المجتمع
الدولي الادانة والتعويض، وكذلك:
- المطالبة بآلية لتعويض المتضررين وتقديم الشكاوى الى لجنة مختصة على غرار لجنة
الامم المتحدة للتعويضات UNCC.
مع العلم فقط للتذكير في العام 1996، لجأ اكثر من مئة شخص الى بيت الامم المتحدة،
قيادة قوات "اليونيفيل" في قانا وقصفتهم اسرائيل، واستشهد مئة واثنان من المواطنين
بينهم من هم من الجنسية الاميركية واطفال من كل الطوائف. لبنان لم يطالب بالتعويض
عن استشهادهم، وليس هذا الموضوع هو الذي اتحدث عنه. ما أتحدث عنه هو ان البيت الذي
تهدم جراء القصف الاسرائيلي كان بيت الامم المتحدة وقد اتخذت الجمعية العمومية
للامم المتحدة قرارا بالاجماع ما عدا ما عدا ما عدا علامة النصر، اخذت قراراً او
توصية بان يدفع تعويض ثمن هذا البيت نحو مليون وخمسين الف دولار. الاسرة الدولية
كلها طالبت بذلك ،ومع ذلك ، لم يدفع المبلغ".
واضاف: "انني وباسم مجلس النواب اللبناني وباسم المواطنين اللبنانيين الذين يقعون
وتقع ارزاقهم في دائرة الخطر جراء هذه المشكلة، اذ اكرر الشكر لدولة الامارات
العربية المتحدة على دورها، فانه لا يفوتني شكر منظمات الامم المتحدة وفرنسا التي
جددت أخيرا مطالبتها اسرائيل بخرائط الالغام والقنابل العنقودية وفقا لقرار مجلس
الامن الدولي، والنروج والدول المهتمة.
اتوجه بالتحية الى ذكرى الشهداء المدنيين ضحايا الالغام والقنابل العنقودية، وشهداء
جيشنا الباسل الثمانية وفي طليعتهم الرائد سمير مرعب الذين سقطوا خلال عمليات تنظيف
حقول الموت، وكذلك ثمانية وثلاثين جريحا من افراد الفرق التي عملت وتعمل في مجال
نزع الالغام والقنابل العنقودية والقنابل غير المفتجرة من الاراضي اللنانية، كما
اخص بالتحية والتقدير ضحايا الالغام التابعين للامم المتحدة الخبير وقائد فريق نزع
الالغام البلجيكي ستيفان فان بيتيغان والنقابين البريطاني كريغ ابلبي والفرنسي
ايريك الوي والنقاب من زيمبابوي مونيار تزي زوز.
كما أخص بالتحية والشكر:
- مركز تنسيق مكافحة الالغام التابع للامم المتحدة بالتعاون مع اليونفيل.
- الجيش، قائدا وضباطا ورتباء، خصوصا النقابين والخبراء المتخصصين بعملية نزع
الالغام والقنابل العنقودية، والمركز اللبناني للاعمال الشعبية النروجية، و"كشافة
الرسالة الاسلامية" والرؤية للتنمية والتأهيل والرعاية ووحدة تعزيز الوقاية من
مخاطر الالغام، واللجنة الوطنية لمساعدة ضحايا الالغام، وكلية الصحة العامة في
جامعة البلمند والجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين.
اخيراً ، أسأل الله ان يوفقنا الى الانتهاء من هذه الجريمة الجماعية لنتصالح مع
ارضنا بتنظيفها من الملوثات الاسرائيلية المتربصة بأطفالنا وبلبنان".
* التوصيات
وبعد الظهر، أنهت ورشة العمل أعمالها، وتلا رئيس لجنة حقوق الإنسان النائب
الدكتور ميشال موسى توصياتها، وجاء فيها:
"1- إعتماد ما ورد في كلمة دولة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري وثيقة أساسية في
توصيات هذه الورشة.
2- دعم جهود المكتب الوطني لنزع الألغام والمؤسسات المعنية، المركز اللبناني
للأعمال المتعلقة بالألغام وإستكمال جهود تأمين التمويل اللازم من الجهات المانحة
والصديقة والحكومة اللبنانية.
3- دعوة الحكومة اللبنانية الى معالجة المشكلة عبر توفير الإعتمادات المالية
اللازمة لجهة أعمال النزع وأيضا لجهة مساعدة الضحايا وتعويض أهالي الشهداء.
4- وضع إستراتيجية عامة تهدف الى العمل على تأمين كل مستلزمات المساعدة من لحظة
الإصابة حتى نقطة إعادة الدمج في المجتمع، إخلاء، إسعاف، نقل، خدمات طوارىء، طبابة
وعلاج، تأهيل جسدي ونفسي، فرص إنتاجية ومشاريع تنموية وخطة إستصلاح للأراضي.
5- على مستوى المعاهدات والإتفاقات الدولية، دعوة لبنان الى التصديق على الإتفاقية
الدولية لحقوق المعوقين وكل المعاهدات التي تحظر إنتاج القنابل العنقودية ونقلها
وتخزينها وإستخدامها.
6- إعتبار المناطق الموبوءة بالألغام مناطق منكوبة وحث الدول المانحة الفردية على
زيادة دعمها لمصابي الألغام.
7- الطلب الى وسائل الإعلام وضع إستراتيجية وطنية توعوية تشمل برامج بث الوعي
(وإثارته بالآثار والأضرار التي تخلفها مشكلة الألغام) وعلى كل المستويات، مؤسسات
حكومية ومنظمات غير حكومية ومنظمات إقليمية ودولية ذات العلاقة.
8- مطالبة إسرائيل بتحميل نتائج ألغامها والتعويض عما نتج من أذى جراء هذه الألغام
والقنابل العنقودية وتسليم خرائط الألغام والقنابل العنقودية.
9- المطالبة بتنفيذ قرار الأمين العام للامم المتحدة الذي نص على ضرورة دفع إسرائيل
مبلغ مليار دولار جزءا من تعويضات التلوث.
10- حث الدول المانحة على تقديم الدعم اللازم لنزع الألغام في الأراضي اللبنانية من
خلال جامعة الدول العربية والمنظمات الإقليمية والدولية وهيئة الأمم المتحدة.
11- إعتبار هذه الورشة تأسيسية ومتابعة الجهود والتحضير لمؤتمر دولي يعقد في لبنان
لكونه الضحية الكبرى لمعالجة موضوع القنابل العنقودية إنتاجا وضررا".
كلمة
عقيلة الرئيس بري
ثم كانت كلمة رئيسة "الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين" السيدة رندة بري قالت
فيها :" ان الغاية
الرئيسية من الورشة هي حماية الانسان والاهتمام والرعاية في وضع القوانين وتوجيه
المجتمع المدني بعناية فائقة لحماية الانسان. وشددت على وجوب توافر التوعية في
المجتمع للوصول الى المعالجة من آثار الاصابة من الالغام. واعتبرت ان "الهدف
الرئيسي للقنابل العنقودية التي وصفت بانها "ذكية" واضح وجريء ووقح وهو قتل
المدنيين. فمثل هذه القنابل لا تنشر لاهداف عسكرية ، بل تستهدف المزارع والحقول
وداخل
القرى".
وطالبت بدور فاعل لوسائل الاعلام، ولا سيما الخاص، وتحديدا تلفزيون
لبنان
"المطالب بان يدفع المال اللازم ليقدم البرامج الضرورية". وسألت "لماذا
استثناء اسرائيل من النداءات المتتالية للعمل على نزع الالغام التي زرعتها هي
جنوبا؟ ان اسرائيل تقتل التنمية وتحول ارضنا صحراء سوداء وتحدد للبشر الذين يتحركون
عليها
اقتصادهم واملاكهم، لانها زرعت هذا الموت حولنا".
وشككت
بعدم "وجود تلوث
"يورانيوم"،
مؤكدة ان "التلوث نسبي ولربما لا يكون ثمة تلوث "اورانيوم" انما تلوث
نسبي
على المدى الطويل. اطالب الحكومة بان تصدر قرارا ومرسوما لمتابعة البحث البيئي
والابحاث حتى تتبين نظافة التربة في الجنوب من اي آثار مدمرة على البيئة في لبنان.
وذكرت
بأن "اضاءة شمعة افضل من لعنة الظلام".
ولفتت
السيدة بري الى "تقصير الحكومة اللبنانية بعدم المطالبة وعدم ملاحقة هذه القضية
الخطيرة أمام المحافل الدولية". وسألت: "لماذا لا يحضر لبنان ملف الألغام والقنابل
العنقودية التي زرعتها إسرائيل في أراضينا، لعرضها وإثارتها أمام الهيئات الدولية
وامام 111 دولة، ولماذا لا يرفع دعاوى ضد إسرائيل من على هذه المنابر وأن يظهر حقه
وحق ضحاياه، فالتقصير في موقع ومناقشة الإتفاق والموافقة عليه في موقع آخر، ويجب
الا نخلط الأمور ببعضها لأن من شأن ذلك تملص حكومتنا وهروبها من مسؤولياتها.
وأضافت: "لا شك ان هذا الموضوع على أهميته سيناقش أمام الحكومة اللبنانية، وسيدرج
في جدول أعمال مجلس الوزراء لأن لبنان سيوافق على الإتفاقية الدولية لحقوق المعوقين
وكل المعاهدات التي تحظر إنتاج القنابل العنقودية ونقلها وتخزينها وإستخدامها،
خصوصا ان كل فئات المجتمع اللبناني وهيئاته ممثلة في هذه الحكومة الوطنية، وأتمنى
وأرجو الا ينضم لبنان الى الدول المصنعة لآ لة الدمار الإنساني".