عقدت لجنة الإعلام والاتصالات جلسة ظهر اليوم في مجلس النواب برئاسة رئيسها النائب حسن فضل الله وحضور وزير الاتصالات شربل نحاس ووزير الداخلية والبلديات زياد بارود والنواب: عمار حوري، باسم الشاب، زياد القادري، سامر سعادة، كامل الرفاعي، نبيل نقولا، عقاب صقر وهاني قبيسي.
كذلك حضر من خارج أعضاء اللجنة النواب: معين المرعبي، انطوان زهرا، عباس هاشم، قاسم هاشم، علي عمار، علي حسن خليل وغازي زعيتر، والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي.
بعد الجلسة قال النائب فضل الله: "استكملت اللجنة الملف المتعلق بالطلب من وزارة الاتصالات تعبئة استمارة، هكذا بدأ الموضوع، ثم تطورت القضية لتصبح اتفاقا فملحقا، وصولا الى ما نشر اليوم في جريدة "السفير" والذي كان موضع نقاش. وسأحاول الآن أن أتحدث عن هذا الموضوع برمته، ثم سأخلص الى النتيجة التي خرجت بها اللجنة. لقد بدأنا في هذه القضية من استمارة المعلومات التي طلبتها السفارة الأميركية من قوى الامن الداخلي، ثم طلبتها قوى الأمن من وزارة الاتصالات عبر وزارة الداخلية، وقيل الكثير عن هذه الاستمارة سواء داخل اللجنة أو خارجها، وقد تكون هذه المعلومات موجودة على "الغوغل"، وربما يقال ان لا أهمية لها، أو العكس".
أضاف: "وزعنا اليوم تقرير اللجنة الفنية، وقد أعدته وزارة الاتصالات التي شكلت هذه اللجنة من الخبراء الموجودين في الهيئة الناظمة وفي الوزارة، وكان هناك اقتراحات عديدة منها تأجيل البحث في هذا التقرير، لأن النواب تسلموه اليوم ليتسنى لهم قراءته، ومنهم من اطلع عليه، وكان هناك آراء متعددة حول هذا التقرير الذي يجيب عن التساؤلات والأسئلة التي كانت مطروحة داخل اللجنة وخارجها في موضوع الاستمارة. وشرح وزير الاتصالات بعض التساؤلات عن التقرير الذي انتهى الى توصية حول التعامل مع المعلومات الواردة في الاستمارة. ويقول التقرير إن البيانات المطلوبة حساسة جدا، ويجب عدم إتاحة الوصول اليها للعموم، كما يشير الى أن بعض المعلومات كانت توفر لأسباب معينة، ولكن ضمن اتفاقات تحافظ على سريتها، وبعضهم في دول أخرى يقول إن ثمة هوائيات تشير الى تأثيرها على السلامة العامة أو ما شابه. ومن يملك المعلومات يعرف كيف يمكن ان يقوم بأعمال عدائية ويستعملها ضد مستخدمي الهواتف الخليوية، وضد جميع المواطنين الذين يملكونها، وأنا قلت إن هذا موضوع تقني وفني ويحتاج مستقبلا ربما الى الدرس بين لجنة الإعلام والإتصالات والهيئة الناظمة ووزارة الإتصالات، والجهات الأمنية المعنية سواء أكان من الجيش اللبناني أم من قوى الأمن الداخلي، لنرى كيف تستخدم هذه المعلومات لأعمال عدائية ضد أصحاب الهواتف الخليوية. ويتضمن التقرير أيضا إمكان استخدام البيانات مع أجهزة أخرى، ومعلومات هذه الإستمارة مع معلومات أخرى تتيح لمن يحصل عليها استخدامها، من خلال مراقبة الإتصالات دوريا، والتعرف الى الجهات التي تتصل والإطلاع على المضمون وإمكان اعتراض الإتصالات وما شابه. وهناك ايضا برنامج ال"بن لينك" الذي تحدثت عنه السفارة الأميركية. وهنا أذكر بما طرحه أحد الزملاء النواب أن هذا البرنامج له علاقة بالرصد والتعقب والتنصت وما شابه، وهو معمول به في الولايات المتحدة الأميركية، ولكن الإستمارة مبنية على هذا البرنامج الذي لم يتح استخدامه من الإستخبارات الأميركية، أو من هيئة مكافحة المخدرات إلا بإجازة من الكونغرس لأنه حساس ويتعلق بالحرية الشخصية. وخلصت اللجنة الفنية الى التوصية باتخاذ الإجراءات والتدابير لحماية هذه المعلومات، والموضوع بات ملك وزير الاتصالات ليرى ما إذا كان سيلتزم توصية اللجنة الفنية أو يتخذ إجراءات خاصة، ولكن هناك آراء مختلفة من أعضاء اللجنة مفادها أن هذا الأمر يحتاج الى وقت لمناقشة طبيعة المعلومات وما إذا كانت فنية ودقيقة وحساسة، وفي النهاية أصبح لدينا تقرير فني أعدته وزارة الإتصالات واستعانت بالهيئة الناظمة، وهما الجهتان الرسميتان المعنيتان بالاتصالات في لبنان، وبتطبيق بنوده وتوصياته في المستقبل. وهنا أود الإشارة الى ان التقرير أوصى بدورات تدريبية".
أضاف: "انتقلنا من الإستمارة الى الإتفاق، ونقاش هذا الاتفاق يرتبط بأن الدورات التدريبية التي بدأتها قوى الأمن الداخلي، وعلى أساسها طلبت الاستمارة من وزارة الاتصالات، مستندة الى اتفاق، وبحثنا في ما إذا كان هذا الاتفاق يتيح التعامل مع وزارة الاتصالات بهذه الطريقة، وحرصنا في اللجنة على أن نضع هذا الملف في المسار الصحيح ونناقشه بطريقة هادئة وجادة وبموضوعية، وتوصلنا الى نقاش دستوري وقانوني، وكان هناك تباين في وجهات النظر، فهناك نواب استندوا الى رأي قانوني ودستوري وحقوقي يقول بأن هذا الاتفاق، بما أنه يستند الى المادة 53 من الدستور، فهو يحتاج الى أن يفاوض بشأنه رئيس الجمهورية، ولان الحكومة الماضية، أي حكومة عام 2007، استندت الى المادة 52 من الدستور، فهي تخالف الدستور. وهناك وجهة نظر أخرى تقول بأنها مجرد هبة، وحتى لو كانت مشروطة، فهي لا تنطبق عليها صفة المعاهدات الدولية. في أي حال، نحن لم نتبن أي وجهة نظر، ونذكر بما قاله فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لإحدى وسائل الإعلام القطرية عن هذا الموضوع، وبأن رئيس الجمهورية وفقا للمادة 52 من الدستور هو من يسهر على احترام الدستور وصونه وحمايته، وهو المعني بأن من يفاوض، وهذا هو الشق الدستوي والقانوني الذي كان هناك تباين حوله في وجهات النظر، ونحن نعتبر ان لرئيس الجمهورية الدور الأساسي".
وتابع: "أما في موضوع الحصانات والإعفاء من الضرائب، وفي ما يتعلق بالتزامات الدولة المالية، فإذا اخذنا بوجهات النظر التي تقول بأن ذلك يحتاج الى موافقة مجلس النواب، فمعنى ذلك ان هذا الإتفاق كان يحتاج الى موافقة المجلس، لكن هناك وجهة نظر أخرى مناقضة، لأن هذه الحصانات ليست كتلك التي تعطى عادة للالتزامات المالية ولا تحتاج الى مجلس النواب، وهنا أحتدم النقاش حول الشق القانوني، علما أن دور رئيس الجمهورية أساسي، كما أن هناك دورا أساسيا لرئيس مجلس النواب، واتفقنا في اللجنة على وجهة نظر واحدة في ما يتعلق بالسيادة والأمن والشأن العام، وكل البنود التي تسمح للاميركي بالتدخل في أي وقت يشاء مرفوضة، ومرفوض ان يعرف الجانب الأميركي من يشرف على هذه الأجهزة، وكذلك ما حكي عن توقيع تعهد والتزام من الضباط بأنهم لا يتاجرون ولا يتعاطون المخدرات على مدى عشر سنوات. والمستوى الثاني المرتبط بالإرهاب، موضوع غير قابل للنقاش بالنسبة الينا، فالأميركيون يدفعون ملايين الدولارات لتعميم مفهوم الإرهاب، وفي هذا الإتفاق تحديدا هناك بندان واضحان يتعلقان بالصلة بالمنظمات التي تصفها الولايات المتحدة بالإرهابية، فهذا موضوع اساسي وحساس. وإذا كان الجانب الأميركي استطاع التسلل بطريقة أو بأخرى لإمرار هذا البند سواء في هذه الإتفاق أو في أي اتفاق آخر، فهذا الموضوع غير قابل بالنسبة الينا، لا للنقاش ولا للأخذ والعطاء، ولا أعتقد أن في لبنان من يرضى بالتصنيف الأميركي للارهاب، وهذا مرفوض داخل الحكومة وخارجها وداخل المجلس وخارجه وعلى مستوى الرئاسات، لأن له علاقة بالأسس والثوابت المتعلقة بالبلد، وكان موقفنا حاسما بشأنه، وقلنا إن هناك متونا شاهدناها يتدرب عليها ضباط وعناصر، وقد وجه المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي رسالة في 29/3/2010، ثم أرفقها بتعميم نهاية هذا الشهر بشأن الدورات التدريبية وحقيقتها، وكان واضحا أنه سيتصدى لهذا الأمر، ولكن في مرحلة سابقة من عام 2007 الى 2010 نسأل كيف كان يتم هذا التدريب ووفق أي مفهوم وأي عقيدة؟ وقد أكد اللواء ريفي أن عقيدة قوى الأمن لا تتغير، ولا يمكن المس بها، وانه سيتابع هذا الموضوع، لكن هناك لغطا حول السنوات الثلاث الماضية على المفاهيم التي تشربها الضباط والعناصر، وسنرى كيف يمكن معالجتها، وقد طرح بعض النواب اقتراحات إعادة التأهيل ثم التدريب".
واردف: "انتقلنا بعد ذلك الى الملحق الذي أرفق بالإتفاق، وكنا طلبنا كل المستندات المرتبطة بالملف من أول جلسة للجنة، وتسلمنا جزءا منها، وقبل ان نكتشف الملحق كنا في الجلسة الماضية طلبنا من وزير الداخلية زياد بارود توضيحا عن الملحق المرفق في 12/2/2009 بإضافة 12 مليون دولار، وهل هناك ملاحق لهذا الإتفاق؟ وطلبنا كل الرسائل المتبادلة بين قوى الأمن الداخلي والسفارة الأميركية، والعكس، أو مع وزارة الإتصالات وشركات الخليوي، وكان الوزير بارود متعاونا ومتجاوبا بكل جدية، وقد وصلتنا بعض المستندات متأخرة بما فيها الملحق، لكن ما استجد اليوم هو الأمر المرتبط بالمتون التي ذكرت لصحيفة "السفير"، وبالرسالة التي ذكرت من المسؤول الأميركي الى قوى الأمن الداخلي عن الخطة الموضوعة في منطقة العبدة وفي محيط بيروت. ونفى وزير الداخلية علمه بهذا الأمر، وقال انه اطلع عليه في جريدة "السفير"، علما ان الملحق لم يتضمن هذا الأمر. أما المدير العام لقوى الأمن الداخلي فنفى هذا الأمر بداية، لكنه قال: نحن بدأنا ندقق في هذا الأمر، وطلب المزيد من الوقت للتدقيق في هذه المعلومات ليكتشف من أين مصدرها، خصوصا ما قيل عن الخطة الأمنية في محيط بيروت، وهذا الأمر متروك لوزير الداخلية والمدير العام قوى الامن الداخلي، ولمجلس الوزراء، إذا اراد مناقشة هذا الأمر".
واضاف: "هذه هي العناوين العامة، أما ما ذكر وما له علاقة بالمقابلة التي قيل ان المدير العام لقوى الأمن الداخلي اجراها مع احدى الصحف الكويتية، وقد اكد لنا وزير الداخلية اليوم انه استشار عددا من القانونيين، وانه في صدد الادعاء على الصحيفة التي نشرت هذه المقابلة ومدى حيثياتها، وبعض القانونيين قال له بضرورة الزام الصحيفة نشر النفي، لأن هذه الصحيفة، حتى الآن، لم تنف هذه المقابلة، علما ان هناك نفيا من مديرية قوى الامن الداخلي وستلزم الصحيفة نشره، وإذا لم تنشره فسيصار الى إقامة دعوى من وزارة الداخلية على هذه الصحيفة لأنها تسيء الى جهاز امني أساسي في البلد".
وتابع: "هناك بعض النقاط التي أحب أن أضيء عليها منها في موضوع التدريب، فقد شاهدنا بعض الإجراءات التي بدأتها مديرية قوى الأمن الداخلي، صحيح نحن نتفهم التدرب على بعض التقنيات نظرا الى غياب الخبرات العالية لدينا، ومن هنا أعطيت لنا بعض التقنيات وبعض التجهيزات، ولكن أنا لا أفهم لماذا في لبنان نحتاج الى من يثقف قوانا الأمنية، ولماذا ننتظر المدرب من الخارج؟ هذا سؤال برسم الجميع. والشيء الآخر، أنا قلت ان الولايات المتحدة الاميركية حاضرة ان تنفق مئات ملايين الدولارات حتى تعمم ثقافتها، ونحن نعرف كم دفعت من مبالغ على وسائل الإعلام، وكنا في غنى عن الخمسين مليون دولار لقاء كل هذا الموضوع حتى نأتي بالمدربين الأميركيين لتثقيفنا على بعض المفاهيم السياسية التي تخالف دستورنا وميثاقنا وثوابتنا الوطنية وعيشنا المشترك. وهذا لم يعد موضوع سجالي، فبمجرد ان المدير العام لقوى الأمن الداخلي اتخذ هذه الإجراءات وقال لنا انه يقوم بخطوات منذ 23/1/2010 أي منذ بداية هذه السنة لأنه اكتشف هذا الأمر، وأعتقد ان هذا الموضوع في حاجة الى معالجة، ونحن في بلد نفاخر بأننا بلد ابداع وبلد ثقافي ونحن من صدر الحرف الى العالم. وأعتقد اننا لسنا في حاجة الى من يثقفنا ويعلمنا، هذا ما أحببت أن اشير اليه في موضوع التدريب والتقرير الفني والإستمارة والإتفاق والملحق وما شابه".
وقال: "خلصت اللجنة بعد كل النقاش الذي جرى وبعد اختلاف الآراء، بين ان هذا الإتفاق غير ميثاقي وغير قانوني وغير دستوري وغير نافذ وباطل وكأنه لم يكن، ورأي آخر طالب بالغائه كليا لانه يمس بالسيادة والأمن الوطني والثوابت الوطنية، وكرامتنا الوطنية لأننا كحكومة لا نستطيع أن نتعهد للاميركيين أننا لا نتاجر بالمخدرات ولا يمكن ان نلزم ضباطنا وجنودنا أن يتعهدوا ألا يتاجروا بالمخدرات. وفي هذا الموضوع، أقول ان المعتقل اللبناني في معتقلات العدو الإسرائيلي كان المحتل يحاول اقناعه بتوقيع تعهد كأن لا يقوم بأي انشطة ضد الإحتلال فكان يفضل البقاء في المعتقل ولا يقبل على نفسه أن يوقع التزاما كهذا، فكيف يمكن ضابطا أو جنديا أن يوقع التزاما كهذا؟".
وختم: "في الخلاصة، هناك من طالب بالغاء كل الإتفاق، وهناك من رأى ان فيه بنودا اشكالية سواء كانت هبة أو مساعدة، وتحتاج الى تعديل ويفترض بالتالي على مجلس الوزراء أن يعدله، ورأي آخر اقترح اصدار توصية تطلب من الحكومة إعادة النظر في هذا الإتفاق، وهناك رأي أخير يقول بأن ترفع كل هذه الوجهات النظر المختلفة وحصيلة المناقشات الى دولة رئيس مجلس النواب وهو يتصرف بما يراه مناسبا. وهذه هي الصيغة التي تم التوافق عليها داخل اللجنة ولم نصوت عليها، لكن قلنا بضرورة رفع كل هذه الإقتراحات الى رئيس المجلس النيابي ليبني على الشيء مقتضاه، وأبلغنا الرئيس بري ذلك، وطلب منا أن نرفع اليه تقريرا مفصلا يعكس وجهة نظر كل هذه الآراء، وخلال أيام قليلة مقبلة سأسلم الرئيس بري هذا التقرير ليرى ما هو مناسب ليطلب من الحكومة القيام به".