كلمة الرئيس بري ممثلاً بالشيخ المصري في ذكرى مجزرة قانا الأولى حذّر فيها من خطرين إسرائيلي وداخلي


 

أحيت حركة "أمل" و"كشافة الرسالة الإسلامية" ولجنة "تخليد شهداء قانا" الذكرى السنوية لمجزرة قانا وشهداء المجازر الإسرائيلية خلال عملية عناقيد الغضب في عدوان نيسان 1996 برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلا بعقيلته رندة بري.
 

وفي المناسبة، أقيم احتفال خطابي عند أضرحة شهداء المجزرة في قانا الأربعاء 18/4/2007، في حضور النائب علي خريس، المدير العام للشباب والرياضة زيد خيامي، رئيس أساقفة صور للموارنة المطران شكرالله نبيل الحاج، عضو المكتب السياسي لـ"أمل" الشيخ حسن المصري، وفد من مشايخ حاصبيا ومرجعيون، رئيس اتحاد بلديات صور عبد المحسن الحسيني، رئيس الحركة الثقافية في لبنان بلال شرارة، رئيس بلدية قانا صلاح سلامي، ممثلين عن أحزاب لبنانية وفصائل فلسطينية وقيادات حركية، حشد من رؤساء المجالس البلدية والاختيارية في المنطقة، وذوي الشهداء والأهالي.
 

وألقى المطران الحاج كلمة قال فيها: "أصبحت قانا أمثولة في الوفاء والعطاء وواحدة من تلك الأمكنة المميزة التي تسهل عملية وعي الوجود الوطني في الكثافة الرمزية لسياقه التاريخي".
 

وألقى الشيخ المصري كلمة الرئيس بري وحركة "أمل" جاء فيها:

"أيها اللبنانيون لا تجتهدوا كثيراً في التفتيش عن عدوكم وعدو بلدكم، فسؤالنا لكم بعدما كبرنا في قبورنا وخبرنا أساليب القتل الإسرائيلي وجراحاتنا لا تزال ترعف نجيعاً يروي الأقحوان وشقائق النعمان. من كانت إسرائيل عدوه أليست عدواً كافياً؟
ان ما جرى في قانا قبل عشر سنوات وما أعقبه قبل تسعة اشهر من الآن على مساحة لبنان ومساحة جنوبه على وجه الخصوص من حجم للقتل والتدمير الإسرائيليين، والذي فاق كل تصور وما قابله من تضحية وصمود وثبات وتحقيق للنصر أيضاً وصل إلى حد المعجزة. كل ذلك يجب ان يدفعنا أكثر من أي وقت مضى إلى التوقف ملياً عند الطبيعة العدوانية التي تنتهجها إسرائيل في عدوانها المستمر على لبنان وعلى كل مقومات الحياة فيه. وأقول عدوانا مستمراً واعني ما أقول. فإسرائيل عندما توقف عدوانها تكون مستوياتها العسكرية والسياسية في الدوائر المقفلة منكبة على التخطيط لجولة أخرى من جولات قتلها وتدميرها للحجر والبشر في هذه البقعة المباركة والمقدسة من لبنان.
ومع الأسف البعض في الداخل اللبناني اما عن قصد او عن جهل، وفي كلا الحالين تلك مصيبة حتى بات هذا البعض يرى في هذا العدو ان هناك إمكاناً للتعايش معه في ظل صيغ يراد منها غسل أيدي القاتل من الدماء البريئة التي أريقت والآلاف من الاوراح التي أزهقت مع سبق الإصرار والترصد بطريقة غير مسبوقة لهؤلاء نقول: من هنا، من الأرض التي وطأتها أقدام السيد المسيح، واجترح فيها معجزته الأولى، وفي أسبوع قيامته عن الجلجلة على أيدي قتلة الأنبياء ولصوص الهيكل ان القتلة هم أنفسهم منذ تلك الحقبة التي حاولوا فيها صلب المحبة والسلام المتجسد بالسيد المسيح عليه السلام يحاولون صلب الإنسانية من اجل منع قيامتها في لبنان والعالم العربي. فلا يظنن احد في لبنان ولأي طائفة انتمى ان إسرائيل تميز في استهدافاتها المسلم عن المسيحي او انها تحيد طرفاً عن آخر.
وفي هذه اللحظة السياسية والتاريخية التي يعيشها لبنان من استهداف لإنسانه ولموقعه ودوره وانتمائه وتراثه، من حقنا ان نسأل الغيارى على السيادة والحرية والاستقلال، اليست السيادة تبدأ من الحفاظ على سيادة دمائنا التي استبيحت بالقنابل الذكية والعنقودية كهدية من الحريصين على صناعة الديموقراطية في لبنان؟
ومن حقنا ان نسأل أيضاً، هل مفاهيم السيادة الجديدة على مجمل مساحة الجمهورية اللبنانية هي ان تستقيل الدولة من مسؤولياتها الإنمائية كافة وتعفي نفسها من واجبها في التعويض على المتضررين الذين تهدمت منازلهم وأحرقت حقولهم ودمرت متاجرهم؟ ام ان المطلوب هو قتل الجنوبيين مرتين ومعاقبتهم على فعل الصمود والاستشهاد وفعل النصر الذي انتزعه اللبنانيون واقر به العدو والصديق، وانكره بعض اللبنانيين ثلاثا قبل صياح الديك؟
ان الخطر الحقيقي الذي يتهدد لبنان ووحدته ليس فقط متأتياً من الجانب الإسرائيلي فحسب، وقد خبرنا مواجهة هذا العدو جيداً بالوحدة التي هي أفضل وجوه الحرب معه. لكن ثمة خطراً لا يقل شأناً يتهدد لبنان ووحدته وسلمه الأهلي يكمن في عقلية بعض الداخل اللبناني الذي ينكر على مكونات أساسية من الشعب اللبناني حقهم في المشاركة والشراكة في كل ما يصنع حياة الدولة والمجتمع.
ان تجنيب لبنان هذين الخطرين هي بالعودة إلى لغة العقل، وتقديم مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح آنية وطائفية او مذهبية.
وان حفظ لبنان هي بادراك الحريصين المستجدين على لبنان والديموقراطية وعلى الأرز وثوارها، بأن الديموقراطية اما ان تكون صناعة وطنية او لا تكون، وهي لا تسوق على متن حاملات الطائرات وليس عبر فوهات المدافع. وان خشب الأرز لا يهدى للملوثة أيديهم بدماء الأطفال، ولمن أطال أمد الحرب ومدد فترة القتل الجماعي بحق المدنيين والأبرياء في لبنان، ولا يهدى الأرز وخشبه أيضاً لمن لا يستطيع التمييز بين حق الشعوب في الدفاع عن نفسها وحقها في المقاومة لتحرير أرضها وإنسانها. وبين إسرائيل التي تمثل أنموذجا حياً لإرهاب الدولة المنظم. ان مقياس الوطنية الحقة والانتماء يبدأ من هنا".
 

وفي الختام، تم وضع حجر الأساس لبناء صرح الشهادة الممول من المشروع القطري لإعادة اعمار الجنوب.