استهل
الحديث بالسؤال التالي:
- بعد
عام على انسحاب القوات السورية من لبنان، دخلت البلاد فترة انتقالية تأسيسية جديدة
وبعد سلسلة العثرات والنكسات القلق يكبر ويلامس حدود الخوف على مصير الكيان والوطن
والشعب.
ماذا
يقول الرئيس نبيه بري اليوم عن المرحلة الجديدة كمسؤول ومواطن ومراقب يمثل اليوم
الذاكرة الحية لأسرار ثلاثة عقود مرت سواء خلال زمن الحرب أو خلال الحقبة السورية
لتطبيق اتفاق الطائف من العام 1990 وحتى العام 2004.
هل
نحن على أعتاب مرحلة استقرار وأمن وحرية وسيادة واستقلال ناجز أم تجدنا في خضم
(الفوضى الخلاقة) التي رسمها الأميركيون للمنطقة؟
- عبرت
في أكثر من خطاب وموقف سياسي عن أننا نمر بمرحلة من القلق والشك والاضطراب وقلت
أننا أمام فرصة.
هذه
الفرصة أيضاً معلقة على مدى استعداد الأطراف آو الأطياف أو الفئات أو الجهات أو
الطوائف والمذاهب لتقديم تنازلات من أجل نقل لبنان من مرحلة السلطة أو السلطات الى
مرحلة الدولة بغض النظر عن ما يضغط على لبنان من تحديات واستحقاقات تستهدف المنطقة.
نحن
نؤكد ان لبنان شأنه شأن كل دول المنطقة الواقعة ضمن مشروع الشرق الأوسط الموسع يقع
على دائرة التصويب ولبنان كما كل الدول تمارس عليه (الفوضى البناءة والخلاقة) وقد
سبق لأكثر من إشارة وردتنا ان لبنان يجب ان يعيش في حالة من التوترات السياسية
والطائفية والمذهبية ولكن ليس هذا الأمر هو ما يعرقل عبور لبنان من مرحلة الى
مرحلة.
المشكلة ان كل الأطراف تعتبر ان لديها إمتيازات وإنها غير مستعدة لخطوة الى الوراء
للتراجع عن امتيازاتها من اجل السير بالبلد خطوتين الى الأمام.
والمشكلة الأساس هي انه لا يوجد ثقافة مصطلح ولا توجد ثقافة تتعلق بشروط توقيع هذا
المصطلح.
السؤال يتحدث عن استقرار وحرية وسيادة واستقلال.
في
لبنان هناك مفاهيم مختلفة لكل مصطلح ان مفهوم الوطن والمواطن والمواطنية والعاصمة
والحدود ملتبسة.
ربما
نحتاج الى مؤتمر من أجل الوصول الى مفاهيم موحِّدة وموحَّدة لهذه المصطلحات جميعها
والوصول الى هذا الهدف يحتاج الى دولة والى بناء الثقة لهذه الدولة وبأدوارها.
من
جهتي على رأس حركة أمل اعبر عن أملي بأن لبنان سيتجاوز الوقائع الضاغطة عليه بالوقع
الهائل لجريمة اغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري واستتباعاتها وما أصاب
العلاقات اللبنانية –
السورية من نكسات والمخاوف والهواجس التي حكمت وتحكم مواقف الفرقاء.
أنا
لا أخاف على لبنان ولا على تجربة لبنان.
لبنان
ما زال يشكل ضرورة لبنانية لأبنائه المقيمين والمغتربين وضرورة عربية وضرورة دولية.
الحوار وجمع الجان
-
الاستاذ غسان تويني اعتبر مبادرتكم للحوار الفرصة الأخيرة للبنان وبعض المراقبين
ذهبوا الى ما هو ابعد من ذلك عندما وصفوك بأنك (أب الحوار الوطني اللبناني) وفي
الحالتين كانت الآمال اكبر بكثير مما تحقق حتى الآن على الأقل.
كونك
صاحب الدعوة للحوار ومقرر جلساته والناطق باسمه والمؤتمن على محاضره هل فشل الحوار
حتى الآن في إقرار (ستاتيكو) لإدارة التناقضات، أم انه محاولة لملء الوقت بدل
الضائع توطئة لمبادرة خارجية عربية أو دولية تواكب ما هو منتظر من ترتيبات في ملفات
المنطقة الساخنة.
- لست
ادري ما الذي يدفعك الى القول ان الآمال كانت اكبر بكثير مما تحقق حتى الآن.
الكثيرون لم يصدقوا ان الحوار سيحدث وزعموا ان الدعوة الى الحوار تشبه عملية جمع
الجان وذهب بعضهم الى حد القول ان جمع عناصر متناقضة على طاولة حوار تشبه عملية
كيميائية لجمع مواد دون دراسة مسبقة، أي خلطة عجيبة يمكن ان تؤدي الى انفجار.
ولكن
ما ان انعقد الحوار حتى بدأ وصف هذا العقل الوطني بأنه فلكلور لبنان أو حوار طرشان
الخ.
ولكن
عندما أخذنا نتوصل الى نتائج بدأ البعض يقلل من أهميتها ويستبق الأمور. الآن أنت
تقول ان الآمال كانت أكثر بكثير مما تحقق حتى الآن.
والبعض يدعو في هذه اللحظة الى تحميل الحوار ألازمة الاقتصادية
–
الاجتماعية، أنا أقول ان الحوار حقق حتى الآن أكثر مما هو متوقع ولامس أموراً لم
يكن احد في لبنان يتجرأ على مقاربتها لا من بعيد ولا من قريب وميزة الحوار اللبناني
–
اللبناني انه لم يقبل اعتبار أي عنوان من محرمات السياسة.
نحن
انحزنا اتفاقاً وطنياً بما يخص جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه
وبالتحقيقات الدولية.
وأنجزنا اتفاقاً وطنياً حول العلاقات اللبنانية
–
السورية واللبنانية –
الفلسطينية وحول لبنانية مزارع شبعا، ونوقشت هذه العناوين بصراحة وبالعمق وبقيت
مسألة أزمة الحكم أو رئاسة الجمهورية واستراتيجية الدفاع أو ما يختصره البعض بسلاح
المقاومة.
قبل
ان اعرض للحوار نفسه أود ان أقول انه مع احترامي وتقديري لرأي الصديق والزميل غسان
تويني أنا لا أقدم فرصة أخيرة للبنان ولكني أقدم مخلصاً مشروعاً هو الحوار وأنا لا
أنكر أنني أب هذه المبادرة وعرابها ولكني حملت هذه الفكرة من عاصمة الى عاصمة عربية
وتشاورت بها مع الجميع قبل إطلاقها.
الحوار كان سباقاً مع التوترات التي كانت وكادت تأخذ البلد الى حد المجابهة.
الحوار ينجح الآن في تأسيس ثقافة حوار على المستوى الوطني من أعلى قمة الهرم
السياسي للقوى الى قاعدة الهرم السياسي للشارع الوطني.
نحن
جميعاً نتعلم على إدارة اتفاقاتنا وعلى إدارة اختلافاتنا.
وأقول
ان أحداً في لبنان سوف لا يختلف مع الآخر على مشروع بناء استراتيجية دفاعية وعلى
موقع ودور المقاومة في هذه الاستراتيجية ونجزم ان أحداً من المتحاورين لا يريد ان
يترك لبنان مكشوفاً ودون دفاع وجميعنا متفقون انه إذا لم نواجه العدوانية
الاسرائيلية على الحدود فإننا سنضطر الى القتال عند حدود العاصمة كما حدث عام 1982.
وأختصر في هذا المجال لأقول ان أحداً من المتحاورين لم يعد يصدق ان قوة لبنان في
ضعفه.
بالنسبة الى موضوع الرئاسة فإن الإجماع ما زال مفقوداً وهذا الأمر معروف، إذن
الحوار الوطني لم يكن يسعى الى إقرار (ستاتيكو) لإدارة التناقضات بدليل انه توصل
الى اتفاقات حول عشر نقاط من اثنتي عشرة نقطة وأنه
–
الحوار –
ليس في أية حالة من الحالات محاولة لملء الوقت الضائع أو محاولة لتمهيد الأجواء
لمبادرة عربية أو دولية.
مع
ترحيبنا بأي جهد عربي وتوجسنا من أي مبادرة دولية.
حول مفهوم صنع في لبنان
- كنت
عضواً في لجنة الإنقاذ الوطني التي شكلها الرئيس الياس سركيس عام 1982 وعضواً في
اجتماعات الحوار الوطني في جنيف ولوزان ومنتصف الثمانينات ثم عضواً في مجلس الوزراء
الحواري برئاسة الرئيس الشهيد رشيد كرامي في عهد الرئيس أمين الجميل الذي عقد في
ميدان سباق الخيل وتابعت عن كثب جلسات الحوار الوطني في الطائف وقبلها الاجتماعات
مع اللجنة العربية السباعية ومن ثم اللجنة العربية الثلاثية العليا وغير ذلك من
حوارات وفي كل مرة كان لبنان أمام منعطف كبير ما الفرق بين حوار اليوم وتلك
الحوارات، وهل تتوقع دخول لبنان في منطعف جديد؟
-
الفارق ان الحوار اليوم هو لبناني لبناني صرف ومصنوع في لبنان مئة في المئة.
وان
اللبنانيين اثبتوا أنهم لا يحتاجون الى من يجرهم بأيديهم الى طاولة حوار وأنهم لا
يحتاجون الى قفازات ليصافح بعضهم بعضاً وان هذا الحوار كان يحتاج الى من يتجرأ
للدعوة إليه والى طاولة مستديرة دون رأس تنتخب مديرها بطريقة ديموقراطية وان تقر
وترتب جدول أعمالها المقترح وهذا ما حصل.
أنا
كطرف في هذا الحوار وكعراب له إذا جاز التعبير ازعم انه
–
الحوار –
هو الأكثر صراحة وعمقاً في مسلسل الحوارات المتعلق بالأزمة اللبنانية.
بالنسبة للشق التخير من السؤال، أنا أرى لبنان يسلك طريق الحوار وهو طريق واضح عليه
علامات سير وإشارات ضوئية وان أحداً لا يرتكب مخالفات على هذا الطريق، المشكلات
تأتي من ملفات اخرى ومنها: ملف الأزمة الاقتصادية الاجتماعية وملف الصلاح السياسي
والإداري وملف القضاء واستقلالية القضاء وكما اشرط ضرورة الاتفاق على مفاهيم تخص
المصطلحات ومنها الأمن والمفهوم الجديد للأمن لا مجرد استبدال ولاءات وتغيير أهداف
لأن هذا الأمر لا يؤدي الى إبدال النظام الأمني بنظام آمن.
- من
الثنائية المارونية–السنية
عام 1943 الى الثنائية السنية
–
الشيعية بين عام 1990 و1998 مروراً بمحاولات صياغة ثنائيات متعددة ووصولاً الى تعثر
صيغة طوائفية مثلثة سنية
–
مارونية –
درزية عام 2005، بأرجحية سنية واضحة ومدعمة بتفويض اميركي
–
دولي دخل لبنان اتون مركبات مرضية لتستبيح شياطين العصبيات والعنصريات الطائفية
والمذهبية والمناطقية والعائلية الحياة العامة تطبيقاً ربما لقول الشاعر (وداوني
بالتي كانت هي الداء) هل نحن أمام (عرقنة)، لبنان وتكريس صيغة من صيغ الكونفدرالية
على حساب اتفاق الطائف الذي كرس سوء تطبيقه الطائفية والمذهبية بدلاً من السير
باتجاه إلغاء الطائفية السياسية كما جاء في احد نصوصه؟
-
أود
بداية ان انفي وجود ثنائية سنية وشيعية بين عامي 1990 و 1998.
أنا
نفسي كنت تول من تمرد على الترويكا ورفض الدويكا.
أنا
لا انفي وجود تفاهمات وكنت وما أزال أقول انه طالما لا توجد سلة واحدة للإصلاحات أو
للتعيينات فأنا مجبر على مراعاة مصالح الجهات والفئات التي أمثلها.
أنا
شخصياً كنت وما أزال أجد نفسي مجبراً على سلوك هذا الطريق خصوصاً عندما يضغط
الآخرون لمسك مفاصل السلطات والإدارات ويضعون أيديهم على موارد البلد هذا طبعاً إذا
بقي منها شيء.
وأنا
لا انفي ان الجميع أضاع الفرص والوقت وهو كان يعتقد انه يكسب الفرص والوقت حتى لذا
فجع البلد باستشهاد الرئيس الحريري في جريمة كان لها وقع الزلزال اكتشفنا جميعاً ان
لبنان لم يكن محصناً وان الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والتمني
كان هشاً.
أذكر
مثلاً عندما التقينا الرئيس الحريري وأنا ووضعنا ورقة تحتوي سلة إصلاحات اقتصادية
وإدارية أنني لاحظت ان الرئيس الحريري بدأ تنفيذها بالمقلوب أي من النقطة ما قبل
الأخيرة وعندما سألته لماذا هذه الاستنسابية قال: يا نبيه كل طائفة وكل جهة وكل حزب
له تحفظات على نقاط وأنا وجدت بنداً لا أب له ولا أم فبدأت به.
أذكر
وتذكرون عندما طرح الرئيس الحريري رحمه الله مسألة إلغاء الوكالات الحصرية كيف قامت
الدنيا ولم تقعد.
-
الآن كيف ترانا سنجد حلولاً للأزمة الاقتصادية الاجتماعية دون إلغاء الوكالات
الحصرية ومكافحة الاحتكار؟
-
طبعاً
إذا بقي كل طرف على موقعه وفي متراسه السياسي واستدعى الطائفة أو المذهب أو الجهة
كلما دق الكوز بالجرّة فلبنان مهدد بصيغته.
نحن
نقول ان التعايش لا يعني فقط الاندماج الوطني.
التعايش يعني التنازل من أجل قيام الدولة.
في
غياب الدولة وبناء الثقة بالدولة العصرية وبأدوارها نقول بصراحة ان لبنان الحالي هو
لبنانيات ولن أقول إسرائيليات وأنا لا أتخوف من (العرقنة) بل أتخوف من نسخ الواقع
اللبناني الراهن واستمرار لبننة العراق.
في
اللحظة التي يقرر الجميع السير فيها باتجاه الدولة فإن الجميع يكون قد أسقط من
حسابه الطائفية السياسية.
-
صحيفة (البعث) السورية تحدثت مؤخراً عن ان الرئيس إميل لحود قد يكون آخر الرؤساء
الموارنة. هذا التحذير يبدو واقعياً في ظل الانقسامات السائدة وفشل هيئة الحوار
الوطني في معالجة البند المتعلق بأزمة الرئاسة هل ترى فعلاً ان لحود سيكون آخر
الرؤساء الموارنة؟ وهل تستطيع الأكثرية النيابية بـ71 نائباً اختيار رئيس بعد
انتهاء ولاية لحود بمعزل عن كتل (التحرير والتنمية) و(الوفاء للمقاومة) و(التغيير
والإصلاح) وماذا تعدون من بدائل وآليات لمنع وقوع لبنان في الفراغ إذا تعذر إجراء
الانتخابات الرئاسية في موعدها؟
- اعتقد
أولاً ان صحيفة (البعث) السورية لا تقصد إعادة تشكيل لبنان على أي نحو.
المصادر السورية تعبر عن مخاوف على لبنان وليس من لبنان.
سوريا
تريد الحفاظ على تجربة لبنان لأن سوريا تقدم لبنان التعايش كنقيض لإسرائيل
العنصرية.
ثانياً الحوار الوطني لم ينته لنقول انه توصل أو لم يتوصل إلى كذا، فالبند المتعلق
بالرئاسة أو أزمة الحكم ما زال على طاولة النقاش.
ثالثاً لو لم يكن رئيس الجمهورية مارونياً فإننا كنا على طاولة الحوار سنتفق على
مارونيته لأن الموارنة هم ميزة حضارية لبنانية مسيحية ولهم بصمات هائلة في إعادة
تشكيل وإنتاج لبنان.
وبالنسبة إلى موضوع الرئاسة فإننا نريد رئيساً لكل لبنان لا رئيساً لفئة أو رئيساً
ينسجم مع مصالح فئة وينفذ سياسات وبرامج فئة.
نحن
نقبل بالمواصفات التي وضعها غبطة البطريرك الكاردينال صفير للرئيس القادم وهي: رئيس
قادر وغير تابع.
- جان
عبيد كان مرشحك الدائم والمفضل لرئاسة الجمهورية وبطرس حرب تعجبك فيه مزايا وخصال
طالما تحدثت عنها، ونسيب لحود لا تمانع في وصوله لسدة الرئاسة رغم بعض التحفظات
وفارس بويز يذكرك بمحاسن عهد الياس الهراوي معك والمرشح الأقوى ميشال عون هو الآن
حليفك المستجد.. واللائحة تطول وأنت تتمترس خلف موقفك بأنك تنتظر كلمة البطريرك
الماروني مار نصرالله بطرس صفير.
الكل
يعلم ان معادلة صنع الرئيس ليست محلية بحتة، وان اسم الرئيس الجديد يتحدد في ضوء ما
هو مرسوم للبنان، ما هي برأيك مستجدات معادلة صنع الرئيس في هذه المرحلة وما هي
مرتكزاتها وأي دور للبنانيين في هذه المعادلة؟
-
في
السؤال الأول أنت تحدثت عن مرحلة جديدة ثم ها أنت في السؤال السادس تجعل هذه
المرحلة مبهمة وتجعل دور اللبنانيين ملتبساً فيها ومهمشاً.
نحن
كتيار سياسي وكحركة شعبية نقول ان الرئيس القادم يجب أن يكون رئيساً لكل لبنان أي
رئيس الجمهورية اللبنانية.
ونحن
نعتقد أننا وحلفاءنا سنؤدي دوراً في اختيار رئيس لكل لبنان يتصف بالقدرة وعدم
التبعية وهناك في لبنان شخصيات مرشحة أو لم تعلن ترشيحها تتحلى بالوطنية والمقدرة
والاستقلالية وعندما تدق الساعة سنقول كلمتنا وسيكتشف الجميع ان الطريق إلى بعبدا
معبدة برضى الشعب اللبناني وليس السفارات والأقطاب وان الرئيس سيحمل علامة وحيدة
(صنع في لبنان).
حول
مكامن
الخلل في القرار 1559
-
تتمسكون بسلاح المقاومة رغم القرار 1559 وتبدل الأوضاع الداخلية التي كانت تعبر عن
إجماع وطني متمسك به ألا تخشون من أن يكون الاستمرار بالتمسك به فادحاً في السياسة
داخلياً وفي عزلكم بما تمثلون مع حزب الله خارجياً؟
-
عندما
صدر القرار 1559 بعثت برسالة ملاحظات على هذا القرار إلى رئاسة الاتحاد البرلماني
الدولي واتحاد برلمانات دول منظمة المؤتمر الإسلامي ورئاسة البرلمانات الآسيوية
ورئاسة الجمعية البرلمانية الفرنكوفونية ورئاسة البرلمان الأوروبي ورئاسة برلمانات
الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وإلى البرلمانات العربية وطبعاً إلى
الأمين العام للأمم المتحدة.
في
هذه الملاحظات أشرت إلى مكامن الخلل في القرار ونبهت إلى ان لبنان لم يشارك في حروب
المنطقة وان المقاومة حملت السلاح كنتيجة للعدوان وان الأجدر كان تضمين البيان فقرة
عن سحب سلاح العدوان وإعطاء ضمانات للبنان حول دعوة إسرائيل لاستكمال سحب قواتها من
الأراضي اللبنانية المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ووقف الخروقات الجوية
والبحرية والبرية.
وقد
ذهبت شخصياً في زيارة رسمية إلى بلجيكا وعرضت موقفي أمام البرلمان البلجيكي وأمام
لجنة مشرق في البرلمان الأوروبي.
في
لبنان للأسف هناك قوى سياسية تنسى وتقفز فوق المبادىء وأخذت بعد استشهاد الرئيس
الحريري تتعامل مع المسائل انطلاقاً من معاداة ومخاصمة سوريا وكانت تستبق التحقيق
في الاتهام والاستنتاج.
نسيت
هذه القوى مثلاً ان هناك قرارات وتوصيات تتعلق بالتوطين صدرت عن الكونغرس الأميركي
وعن البرلمان الأوروبي وان مجلس النواب تحرك على مختلف الجبهات البرلمانية وعبر
أوروبا والعالم الغربي متصدياً لهذه المسألة في عهدها.
اليوم
الضغط على لبنان بهذا القرار هو ما يسبب التوتر الداخلي ويعطي لإسرائيل الفرصة
للانتقام من هذا السلاح ودوره في دحر الاحتلال.
لقد
تناسى العالم ان لبنان كان هدفاً للعدوان اليومي منذ عام 1948 وصولاً إلى
الاجتياحات في 16 و17 أيلول 72 وعملية الليطاني في آذار 1978 والاجتياح الأوسع في
حزيران 1982 والاجتياحات الجوية والمدفعية في 1993 و1996 و1999 و2000.
الآن
المطروح هو ان سلاح المقاومة يشكل تهديداً.
أنا
أسأل هل لدى المقاومة أسلحة نووية وأسلحة دمار شامل؟
هل
لديها أسلحة فتاكة ومحرمة دولياً؟
هل
لجأت المقاومة ذات يوم إلى قصف المستوطنات بقنابل النابالم والقذائف المسمارية؟
هل
عبرت المقاومة الحدود وهاجمت أهدافاً؟
المقاومة كانت ابتكاراً شعبياً وطنياً لبنانياً وهي تستجيب لمبادىء القانون الدولي
والقرارات الدولية ليست أعلى من القانون الدولي.
هذا
القرار يشبه القانون غير الدستوري فيما يختص بسلاح المقاومة تحديداً.
القرار 1559 تحدث عن سلاح الميليشيات ولم يتحدث عن سلاح المقاومة.
بعض
التفسيرات وصمت سلاح المقاومة بسلاح الميليشيات ومن هنا كان الطلب من الحكومة إعلان
ان المقاومة ليست ميليشيا.
توأمة مع حزب الله.. وقوة ردع
- على
مدى ثلاثة عقود تغير موقع نبيه بري وتبدل. وبمعزل عن الأبعاد الوطنية لهذا الموقع
يمكن القول انه من منظور شيعي بحت فإن التغيير في موقع نبيه بري تمثل في الانتقال
من موقع الزعيم الشيعي الأوحد إلى موقع الشريك اللدود لحزب الله شيعياً إلى المرحلة
الحالية وعنوانها الثنائية الشيعية، يؤخذ على نبيه بري اليوم انه تحول إلى تابع في
هذه الثنائية لا بل ان البعض يرى انه أصبح رهينة في يد حزب الله مع ان هناك في حزب
الله من يأخذ على أمينه العام السيد حسن نصرالله بأن نبيه بري هو نقطة ضعفه؟
- الحمد
لله ان الموقع تبدل من وجهة نظركم وليس نبيه بري وثوابته الوطنية والقومية.
نحن
في حركة أمل عبّدنا الطريق بدمائنا من أجل عودة الدولة واستنـزفنا مواردنا البشرية
والمادية وعشنا في حروب ومواجهات دائرية فيما كنا نتصدر المقاومة حتى إنجاز تحرير
عواصم الجنوب صيدا وصور والنبطية.
وطبعاً نحن وحلفاؤنا في انتفاضة السادس من شباط وحلفاؤنا في المقاومة وفي إعادة
تشكيل تحالفاتنا الآن لمقاومة الأخطار الإسرائيلية على حدود الوطن ولمقاومة وقائع
الأزمة الاقتصادية الاجتماعية ومشاريع الاستفراد والاستئثار الفئوي على حدود
المجتمع نحن وهؤلاء الحلفاء دفعنا الكثير من أجل بناء مشاركتنا كل ما يصنع حياة
المجتمع والدولة.
التغيير الوحيد هو ان المشروع التنظيمي لحركة أمل تأثر وضعف ونحن نعترف ان جسمنا
التنظيمي أصيب بالوهن وإننا لفترة من الوقت ركبنا في قطار الدولة بالكامل على حساب
شعاراتنا وأهدافنا.
بعد
المؤتمر الأخير للحركة نعيد التأسيس على مشروعنا التنظيمي ونعمل على إعادة بناء
وترميم هيكلنا التنظيمي وأنا ألمس مدى التقدم الذي يحدث.
هذا
بالنسبة إلى موقعنا ومشروع (أمل) التنظيمي بالنسبة إلى ما يذهب إليه السؤال ويحاول
إيصالنا إليه نقول بالنسبة لنا حزب الله ولد من رحم أمل وأنا لي الشرف أن أكون في
مقدمة صفوف هذا الحزب عندما تستهدف المقاومة لأن فكرة المقاومة ومشروع المقاومة
ومجتمع المقاومة هي فكرة ومشروع سماحة الإمام السيد موسى الصدر مؤسس حركة أمل كما
ان توقيع عقوبة الحرمان السياسي أو أي نوع من الحرمان على فئة سياسية أمر مرفوض
ويدفعنا فوراً إلى الانحياز إليها فور استهدافنا.
نحن
وحزب الله قرأنا المرحلة في كتاب واحد منذ صدور القرار 1559 والتمديد واستتباعاتها
ثم اغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأبعاده وخروج القوات السورية من لبنان
وصولاً إلى الانتخابات النيابية.
نحن
رأينا ان كل ما جرى كان فصولاً في مشروع السيطرة الذي يستخدم وسائل التفتيت والفتنة
والفوضى العابرة للحدود ولمسنا انه يجري الاستثمار على لبنان لتجريد الشعبين
اللبناني والفلسطيني من عنصر قوتهما المتمثل بالمقاومة وتجريد سوريا من إمكانية
استمرارها في الممانعة.
لذلك
كانت الانتخابات النيابية الأخيرة فرصة لإعلان تحالفنا الاستراتيجي. وأنا أقول:
تحالفاً استراتيجياً وليس انتخابياً أو مرحلياً.
وقد
تحول هذا التحالف إلى قوة ردع لكل محاولة لإعادة إنتاج لبنان متحللاً من التزاماته
العربية وإعادة تشكيل نظام لبنان على صورة النظام الذي أوصل لبنان إلى الحرب
الأهلية ومكن إسرائيل من اجتياح ثلثي بلدنا بما في ذلك العاصمة بيروت.
منذ
ان تمكن هذا التحالف من إثبات حضوره القوي والبارز في الانتخابات النيابية وأثبت
انه حاجة انتخابية للآخرين ثم بعد ان خاض التحالف سياسياً معركة رئاسة المجلس بدأ
الحديث عن ثنائية شيعية أنا أتطلع إلى هذا الأمر على انه توأمة وليس ثنائية وهذه
التوأمة هي التي تحفظ اتفاق الطائف وتحفظ عروبة لبنان.
البعض
الذي يرى ما أشرت إليه هو بعض يرى بعين واحدة وكأنه يصوب على نبيه بري أو على السيد
حسن نصرالله.
-
السفيران السعودي والمصري يقومان بجهود كبيرة لمنع التدهور وإقرار حد أدنى من
التوافق والتهدئة، هل تطالب بمبادرة أوسع خصوصاً وان المواضيع المختلف عليها
داخلياً تتصل بالجملة والمفرق بالعلاقة مع سوريا وتحتاج إلى جهد عربي لتقريب
المسافات بين لبنان وسوريا؟
-
نحن
باسمنا وباسم الأطراف المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني نشكر لسفيري مصر والعربية
السعودية جهودهما المعبرة عن ان الرئيس مبارك والملك عبدالله وجميع المسؤولين في
جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية يريدون ترسيخ سلام لبنان والمساهمة
في بناء وصنع استقراره وازدهاره.
ان
هناك جهداً هاماً يومياً يبذله السفيران بل ان هذا الجهد يحتاج أحياناً إلى تحرك
ساعة بساعة.
هذا
الجهد عبر في بدايته عن مبادرة عربية لإعادة تطبيع العلاقات اللبنانية
–
السورية وترميم جسور الثقة في العلاقة بين البلدين.
ولكن
بعض القادة اللبنانيين تبرعوا للتصويب على هذه المبادرة التي تراجعت قليلاً.
ما
يجب ان يعرفه الجميع ان مصر والعربية السعودية استعادتا المبادرة وهما يواصلان
جهودهما باتجاهين:
دعم
الحوار الوطني.
تطبيع
العلاقات اللبنانية –
السورية.
كما
اننا هنا يجب ان لا ننسى المبادرة السودانية والتحرك السوداني النبيل الذي يعبر عن
عاطفة أخوية صادقة.
- ملك
الأردن عبدالله الثاني كان أول من تحدث عن هلال شيعي والرئيس المصري حسني مبارك
اعتبر ان ولاء الشيعة العرب ليس لأوطانهم وبين الكلام الأول والثاني هناك حديث يتسع
نطاقه عن استراتيجية أقليات نشأت في المنطقة من إيران إلى لبنان مروراً بالعراق ما
صحة وجود مثل هذه الاستراتيجية؟ ألا يضع هذا الحديث الشيعة العرب أمام مسؤوليات
وتحديات تأكيد هويتهم الوطنية والعربية؟
- في
حديث لمجلة (الحوادث) اللبنانية بتاريخ 26/10/1973 يقول الإمام السيد موسى الصدر
الشيعة يدركون ان الحفاظ على عروبة دول الخليج هو واجب أساسي وعنصر حاسم في مستقبل
الوطن العربي.
أستعيد الإمام الصدر في الجواب على هذا السؤال لأن ما لم ينتبه له العرب هو ان هذا
الإمام العظيم ونحن على نهجه ناضلنا منذ نصف قرن من أجل كسب إيران إلى جانب الحق
العربي.
ما
حدث انه بمجرد انتصار الثورة الإسلامية وإسقاطها لنظام الشاه الذي كان منحازاً إلى
جانب إسرائيل والغرب وإعلان هذه الثورة انحيازها إلى جانب الحق العربي وإلى جانب
أماني الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها
القدس، بمجرد ذلك وقبل ان تلتقط الثورة أنفاسها وتتمكن من بناء سلطتها وعلاقاتها شن
نظام صدام حسين الحرب عليها.
نحن
نرى ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي قوة للعرب وقوة للحق العربي وتصويرها على
أنها خطر على العرب خطأ استراتيجي كما ان الاعتقاد بوجود مخطط لإنشاء هلال شيعي أو
اتهام الشيعة العرب بعروبتهم وبوطنيتهم هو تقدير موقف خاطىء.
نحن
نقول ان أهم إنجاز في الشرق تحقق خلال القرن الماضي هو انتصار الثورة الإسلامية في
إيران وأهم ما تحقق عربياً هو تحول إيران من موقع الانحياز إلى إسرائيل إلى
الانحياز إلى العرب وقضاياهم وفي الطليعة القضية الفلسطينية.
إننا
نذكر انه عندما اتحد العرب والإيرانيون والأكراد تمكنوا من إنقاذ الأراضي المقدسة
من أيدي الصليبيين.
أود
هنا أن أذكر بهذا الرأي الاجتهادي للإمام الصدر الذي يقول:
الشيعة في رأيي هي رؤية خاصة للإسلام وهذه الرؤية تعكس عالمية الإسلام ونظرته إلى
العقيدة باعتبارها الوطن الذي ينتمي إليه المؤمن وهذا لا ينفي ان الشيعي كمواطن في
بلد بعينه ملتزم لأن يرد عطاء هذا الوطن حباً وانتماء وصيانة لكرامته وذوداً عن
حريته واستقلاله ولذلك فهو ملزم بالولاء وملزم بأداء واجبات المواطنة الصحيحة.