اليوم الأول ـ الأحد 25/12/2005
وصل
رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري بعد ظهر السبت 24/12/2005 إلى سلطنة عمان في
زيارة رسمية استمرت يومين.
استهل
الرئيس بري نشاطه الأحد بزيارة مقر مجلس الشورى وعقد لقاء مع نظيره العماني ثم
انضما إلى جلسة مع أعضاء في مجلس الشورى استهلت بالترحيب ببري الذي تحدث عن زيارته
ملاحظاً ان عمان هي نسيج وحدها في الطبيعة والجمال والبيئة و"هذا ما نفتقر إليه في
عالمنا العربي.
وقال:
"كنا نحلم بالوحدة العربية والتضامن والتكامل العربي في الأربعينيات والخمسينيات،
فإذا هي أضغاث أحلام. وإذا استمررنا كذلك، فقد لا نستطيع البقاء.
لا
أريد التكلم على الوحدة والأخوة عند العالم العربي وإنما على المصلحة التي توجب ان
يكون هناك تنسيق بين العرب اقتصادياً على الأقل في مواجهة الكارتيلات الجديدة
والعولمة". وشدد على "ان الديموقراطية صناعة وطنية لا يمكن فرضها من الخارج، وإنما
تتأتى من الداخل. إنها تختلف بالممارسة والتقاليد بين دولة وأخرى".
وتطرق
إلى البرلمان العربي، فأشار إلى "أن هناك عشرات المشاريع المشتركة بين الدول
العربية توجد اللحمة بين هذه كقوانين البيئة والعقوبات والسوق العربية المشتركة
وإنشاء مناطق حرة خارج نطاق الجمارك ومقاومة الإرهاب" يمكن تطبيقها على كل الدول
العربية من غير ان تمس سيادة أي منها". ودعا إلى ديبلوماسية برلمانية تساعد الحكام
العرب ولا تقيد الأنظمة.
ولفت
إلى "ان القرن الجديد هو قرن المياه بعدما كان القرن الماضي قرن البترول". وأسهب في
الكلام على الأطماع الإسرائيلية في المياه اللبنانية وخصوصاً مزارع شبعا التي فيها
224 نبعا بررت استمرار الاحتلال الإسرائيلي لها، ملاحظاً "ان القاعدة الدولية
الجديدة هي ان المياه حاجة إقليمية وان تكن من صنع وطني لأنها سلعة حياتية"
وتحدث
القتبي عن التعاون الثنائي بين البلدين، وتطرق إلى التجربة الديموقراطية في عمان،
مرحباً باقتراح الرئيس بري تبادل الخبرات وتعاون برلماني لبناني ـ عماني من خلال
دورات تدريب.
بعد
ذلك زار الرئيس بري والوفد المرافق "جامع السلطان قابوس الأكبر" مشيداً بعمارته
الهندسية المميزة وبضخامته. من ثم انتقل إلى ديوان نائب رئيس الوزراء فهد بن محمود
آل سعيد، وأجرى معه محادثات. وقال الرئيس بري انه يدعو إلى حوار حول طاولة مستديرة
لا يمكن إنجاحها من دون مؤازرة ومساعدة عربيتين، وإلا فإنها ستواجه عرقلة، وأضاف:
"لا أظن ان هناك من يعتقد ان أي بلبلة في أي بلد عربي تجعل البلد الآخر في منأى
عنها. وما حدث أخيراً في لبنان هو من نتائج تشظي ما يحدث في العراق. ان لبنان ضرورة
عربية ودولية".
وتحدث
آل سعيد، وهو الرجل الثاني في السلطنة، فأوضح ان علاقات السلطنة مع الخارج هي
كعلاقات لبنان " قائمة على احترام الآخر وعدم التدخل في شؤونه او التأثير عليه. ان
بيننا هذه الروح ونأمل في ان تسود في عالمنا العربي، فلا يتدخل أحدنا في شؤون الآخر
بعدما تملكت بعضنا الغيرة". وأيد المسؤول العماني الرئيس بري في ان الحجم التجاري
بين البلدين هو أقل من مستوى علاقاتهما ورأى ان زيارة رئيس الحكومة فؤاد السنيورة
لعمان أخيراً كانت "موفقة". وقال: "لكم أصدقاء في العالم يحترمون استقلال لبنان
وسيادته، ولبنان يكاد يصل إلى كل أنحاء العالم".
فرد
الرئيس بأن " اللبناني هو أهم من دولته، وان هذا من أهم ميزات اللبناني وعيوب
الدولة اللبنانية".
وحض
على تبادل الزيارات بين القطاعات الفاعلة بين البلدين، ولا سيما منها التجارية
والمصرفية والاقتصادية، وقال " ان لبنان انتصر على إسرائيل بوحدة أبنائه وإزال
الاحتلال بلا أي تفاوض.
ان ما
حدث منذ زلزال اغتيال الرئيس الحريري وحتى اغتيال النائب جبران تويني أعاد خوفي من
زعزعة البنيان".
وقال
المسؤول العماني ان لبنان "دفع الثمن، والخطأ هو خطأ الحرب وكان الثمن غالياً ولا
تزال هناك بقايا. إن تمسكنا بالشعارات جعل العالم لا ينظر إلينا بجدية. نبرز
مشاحنات على السطح ونستخدمها بدل ان تكون ثمة حلول لقضايانا التي أصبحت مأساة
تقدمنا.
علينا
التعامل بواقعية مع الأوضاع. وإذا شككنا في الديموقراطية، فإننا لا نستطيع ان نشكك
فيها في لبنان وفي ممارسته الحرية".
غداء السفير اللبناني أيوب للرئيس بري في حضور الجالية اللبنانية
ولبى
الرئيس بري دعوة السفير اللبناني عفيف أيوب إلى غداء تكريمي في حضور أركان الجالية
اللبنانية في عمان. وألقى كلمة قال فيها:
"ان
تركيزي على السلام الأهلي في لبنان والسلام في المنطقة ينطلق من ان السلام كقيمة
عليا لدى جلالة السلطان قابوس يشكل محور السياسات العمانية، ولأن بناء السلام في
هذا البلد الشقيق يشكل أنموذجاً يحتذى ويتطلب من اللبنانيين بشكل خاص أخذ الدروس
والعبر من استراتيجيا هذا البلد للاستفادة منه في لبنان.
وأنا
كما تعلمون أطلق الآن وأعمل ليل نهار كي يكون هناك حوار إلى طاولة مستديرة في لبنان
لجمع اللبنانيين حيث يجب الا يتفرقوا، لجمعهم حول الحقيقة وضد الجريمة، ولجمع
اللبنانيين أيضاً على مصلحتهم وكي يعلموا ويعلموا ويعلموا انه إذا كانت وحدتهم هي
التي حررتهم من إسرائيل، فإن تفرقهم يعيد إليهم إسرائيل وهي لا تزال في لبنان.
أقول
ان امتحان الحقيقة الذي يتعرض له لبنان هو امتحان لجوهر وجوده باعتباره وطن الرسالة
والتسامح والمحبة، ومختبر التعايش وحديقة الحرية، ومدرسة الديموقراطية وعنواناً
أوحد للمقاومة في الأمة العربية والإسلامية.
انني
أوجه عنايتكم إلى ان امتحان الحقيقة هذا يراد منه جعلنا نعيش حالاً من القلق
والاضطراب والشك والغموض، ويراد منه دفعنا لنفقد ثقتنا بأنفسنا وثقتنا بأشقائنا.
وقد
ننسى من خلال ذلك الحقيقة، وقد ننسى ونتلهى مرة أخرى في العودة إلى وحدتنا. انني
أؤكد مجدداً ان كشف الحقيقة المتصلة بالجرائم منذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق
الحريري وصولاً إلى اغتيال الزميل الشهيد جبران تويني يشكل ضرورة لبنانية كما يشكل
ضرورة سورية وضرورة عربية ودولية. وأؤكد في هذا المجال ان احداً في لبنان او في أي
مكان لا يمكنه الا ان يدعم التحقيقات الخاصة لكشف النقاب عن تلك الجرائم. ان مجلس
النواب اللبناني الذي اتخذ صفة الإدعاء الشخصي في هاتين الجريمتين بالتحديد سوف لن
يسكت بعد الآن، مع الإشارة إلى اننا سكتنا في المرة الماضية كي يترك التحقيق في
سريته ومحافظة عليها كما تنص القوانين المرعية الإجراء، لكننا من الآن سنراقب
وسنراقب كثيراً كي نصل إلى هذا الأمر الذي يتعدى إلى خطر عام في لبنان.
ان
التوصل إلى الحقيقة يحتاج كما قال الكاتب الكبير والإنسان الكبير غسان تويني إلى
دفن الأحقاد، وأضيف: ان الانطلاق لترسيخ الثقة في ما بيننا وجعل أولويتنا الانتقال
من مرحلة السلطة إلى مرحلة الدولة. أؤكد لك ان استراتيجيا الفوضى التي هي الهدف
الأول الذي كان وراء الاغتيالات المستمرة في لبنان زادت مناعتنا في الوحدة
اللبنانية. كذلك أؤكد لكم ان الاستراتيجيا المعادية التي ترمي إلى جعل لبنان يعيش
حال أزمة مع سوريا هي فاشلة. وأنني في هذا المجال استشهد بما قاله دولة رئيس
الحكومة فؤاد السنيورة عندما أتى قبل مدة والتقاكم ان العلاقات اللبنانية ـ السورية
لا يجوز ويجب الاتكون في المريخ الاقتصاص يكون من المجرمين ونحن لا نقبل الاقتصاص
من سوريا او ان تفرض عليها عقوبات.
ودعا
الجالية اللبنانية في عمان إلى الاستثمار في لبنان "وفي أي نقطة من العالم العربي"،
معتبراً ان الاغتراب "إلى أي بلد عربي، عمان او سواه، ليس ابتعاداً عن لبنان، بل
العكس هو تقرب أكثر من لبنان، وكما قال ميخائيل نعيمة: ابتعدت عن الناس لأقربهم
مني". وأكد ان مجلس النواب سيجيز للحكومة الموافقة على كل اتفاق وقع بين السنيورة
والمسؤولين العمانيين.
اليوم
الثاني ـ الاثنين 26/12/2005
لقاؤه السلطان قابوس
اختتم
الرئيس بري يومه الثاني من زيارته الرسمية لسلطنة عمان بسلسة لقاءات كان أبرزها
الاجتماع بالسلطان قابوس بن سعيد في مقر استراحته في مدينة صحار على مسافة 300 كيلو
متر من مسقط. وقد انتقل إليها والوفد المرافق في طائرة هليكوبتر عسكرية. وفي ما بدا
خروجاً على تقليد سلطاني استقبله السلطان قابوس عند مدخل قصره. وبعد حديث عام في
حضور الوفد اللبناني اختلى السلطان قابوس والرئيس بري لأكثر من نصف ساعة. وكان رئيس
المجلس أبدى أمام سلطان عمان رغبته في توأمة صور اللبنانية وصور العمانية وكذلك
أبدى إعجابه بمظاهر التنمية في عمان والطرق والعمران. وشكر لقابوس موقف السلطنة
"الداعم دائماً للبنان سياسياً قبل تحرير الجنوب وبعده"، وكذلك موقفه المؤيد في
مزارع شبعا، مثنياً على الدعم المالي من خلال وديعة عمانية في مصرف لبنان التي عدها
رئيس المجلس عنواناً لثقة السلطنة بنهوض لبنان، ناهيك باستعداد قابوس لبناء مركز
للثقافة والفنون في بيروت والاستعداد للمساهمة أيضاً في مؤتمر دعم لبنان.
وقدم
الرئيس بري عرضاً للبرلمان العربي ومهماته وما يعوّل عليه من أهمية، مشيراً إلى
التجربة الأوروبية في هذا المضمار،الا انه أشار إلى "ان صور القديمة كانت السباقة
في التاريخ إلى إنشاء أول مجلس تمثيلي لا يزال يجسده فيه الملعب الروماني بإبداء
استعداد السلطنة لدعم مشروع بناء مقر البرلمان العربي والاتحاد البرلماني العربي في
دمشق.
إلى
مزيد من التنسيق والتضامن والعمل المشترك. ولاحظ الرئيس بري ان سلسلة الجرائم في
لبنان رمت أيضاً إلى "ضرب العلاقات اللبنانية ـ السورية التي كانت نموذجاً بين
بلدين عربيين جارين"، وان اغتيال الحريري اتى في سياق "مخطط رمى كذلك إلى ضرب
العلاقات بين الشعبين والبلدين".
ورافق
الرئيس بري إلى صحار رئيس مجلس الشورى العماني عبدالله بن علي القتبي ونائبيه
والسفير العماني عامر بن حمد الحجيري والسفير في عمان عفيف أيوب.