بدأ
رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري الثلاثاء 16/9/2003 محادثاته الرسمية في إطار
زيارته إيطاليا والفاتيكان. فزار وزير خارجية الفاتيكان المونسنيور جان لوي توران
في حضور النائبين روبير غانم وفايز غصن والسفير اللبناني في الفاتيكان فؤاد عون
والقائم بالأعمال هنري اسطون.
ولقي
الرئيس بري ترحيباً حاراً من توران. وقدم له بدوره رئيس المجلس هدية رمزية في
المناسبة .
بعد
الاجتماع قال الرئيس بري:
" ان
اللقاء بحضور الزميلين الكريمين روبير غانم وفايز غصن انحصر بالموضوع الأساسي العام
في لبنان والمنطقة، لم يوفر سواء الموضوع الأساسي موضوع فلسطين أو الموضوع العراقي
أو ما يجري في المنطقة ولا سيما ان الرأي كان متفقاً انه لم يعد هنالك لا خريطة ولا
طريق بحسب تعبير المونسنيور توران. كان هناك شبه توافق على الحلول التي يجب ان
تعتمد وان يعمل من أجلها، وكان في رأينا كوفد لبناني ان الحل في ما يعود للعراق هو
بإعطاء كل يوم دور أكبر للأمم المتحدة ليستطيع الشعب العراقي تسلّم زمام أمره بيده
.
العودة إلى مؤتمر مدريد
أضاف
الرئيس بري:
أما
بالنسبة إلى الموضوع الفلسطيني فلا نرى بدا من العودة إلى مؤتمر مدريد بمعنى ان
يصار السير على المسارات الثلاثة أي المسار الفلسطيني والمسار اللبناني والمسار
السوري. وكانت مناسبة أيضاً لتوجيه الشكر والتقدير لموقف قداسة البابا الذي وقف
حائلاً كبيراً دون ما سموه صراع الحضارات. وكان فعلاً هناك موقف يترجم هذا الأمر
للمونسنيور توران بأنه يجب المحافظة على لبنان ويجب العمل دائماً على إنقاذ لبنان
من أجل إنقاذ المسيحيين في لبنان وفي المنطقة لا العمل من أجل إنقاذ المسيحيين لأجل
إنقاذ لبنان. هذا الموقف يعبر بشكل آخر عن الموقف الذي صدر في لبنان عن مجمع
المطارنة برئاسة غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير عندما قال انه يوجد في كل
مسلم جزء من المسيحية وفي كل مسيحي جزء من الإسلام. وكانت فرصة أيضاً لأن نوجه دعوة
باسم مجلس النواب والشعب اللبناني للمونسنيور توران لزيارة لبنان حيث قبلها ووعد
بتلبيتها في أسرع وقت ".
حوار
مع الصحافيين
:
ودار
بين الرئيس بري والصحافيين الحوار التالي :
سئل :
هل تناول اللقاء الوضع في لبنان ؟
فأجاب: " الحقيقة ان الجزء الذي يجعل الفاتيكان يهتم أكثر بالموضوع هو الشق
الاقتصادي وهذا أيضاً ما يشكل الهم اللبناني الأكبر ولا سيما ان لدى الفاتيكان
معلومات بأن الطبقة المتوسطة في لبنان تضمحل يوماً بعد يوم مما يشكل خطراً على
الاقتصاد اللبناني فعلاً. هذا الموضوع لا يمكن تجاهله. ولكن بالرغم من ذلك أبديت كل
التفاؤل بمستقبل لبنان باعتبار ان اللبناني كان دائماً القوي في سبيل بلده عند
الملمات ".
وهل
تعتبر ان الحل ليس سياسياً بالنسبة إلى الوضع الاقتصادي ؟
ـ
الحل طبعاً، هو اقتصادي وسياسي. لا يوجد شيء اسمه اقتصاد مستقل عن موضوع الأمن أو
السياسة، كله يتبع بعضه البعض .
من
يتحمل مسؤولية الوضع ؟
ـ نحن
اللبنانيين أولاً قبل ان نلوم كل الناس، علينا ان نرى أنفسنا ووحدتنا السياسية
وعملنا السياسي لإنقاذ الاقتصاد. الإنقاذ الاقتصادي لا يتم فقط بالدعاء حتى في
الفاتيكان .
وخلال
اللقاء الذي كان " ودياً للغاية " عبر المونسنيور توران عن محبته ومحبة الفاتيكان
للبنان وقال : " انه يحمله في قلبه وعقله ". كما أعرب عن سعادته للقاء الرئيس بري
مجدداً وقال له : " منذ التقيتكم قبل أربع سنوات، وأنا أتذكركم دائماً، وأنتم في
قلبي ".
وشكر
الرئيس بري موقف الفاتيكان والموقف الكبير لقداسة البابا أبان حرب العراق وقبلها،
ووقف حائلاً في وجه مقولة " صراع الحضارات "، معتبراً " ان هذا الموقف حفظ
للمسيحيين والمسلمين جوهر حقيقة لبنان ".
وكان
تأكيد " ان الحل اللبناني هو الأنموذج للحل الممكن لأزمات عدة بدءاً بيوغوسلافيا
مروراً بالعراق وانتهاءً بفلسطين ".
وعن
الوضع في فلسطين المحتلة كان الرأي متفقاً حول التشاؤم في شأن مصير " خريطة الطريق
" وعبر توران صراحة عن ذلك بالقول:
"طارت
الخارطة وطار الطريق" . وعبر أيضاً صراحة عن رفض الفاتيكان لقرار إسرائيل طرد السيد
ياسر عرفات من الأراضي الفلسطينية.
أما
بالنسبة إلى العراق فجرى التأكيد على تعزيز دور الأمم المتحدة وأنه يجب ان يعطى دور
أكبر لها كل يوم، وان هذا هو الحل للوضع في العراق .
وأبدى
المونسنيور توران اهتمامه بالوضع الاقتصادي اللبناني ووجوب معالجته، وجرى الاتفاق
على " ان لبنان أحد أكثر البلدان استقراراً في المنطقة، لكن الوضع الاقتصادي
الداخلي من جهة وما يدور حوله من جهة ثانية واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية عليه
سواء جواً أو على مياهه تنعكس على لبنان ".
مأدبة غداء تكريمية:
بعد
الظهر أقام القائم بالأعمال اللبناني في روما فادي الحاج علي مأدبة غداء تكريمية
للرئيس بري والوفد المرافق في حضور وزير الخارجية الإيطالي بالإنابة الفريدو
مانتيكا، رئيس لجنة الصداقة اللبنانية ـ الإيطالية في القوة المتعددة الجنسية التي
عملت في لبنان عام 1982 النائب أنجوني، والمستشار الديبلوماسي لرئيس الوزراء
الإيطالي باولو دونيزي.
وفد
أكاديمي:
التقى
الرئيس بري في مقر إقامته في روما وفداً أكاديمياً ضم رئيس جامعة لاسبييزا في روما
ومنسق لجنة العلاقات الدولية البروفسور دينو غواريتوري، رئيس الجامعة اللبنانية
الدكتور إبراهيم قبيسي، نائب رئيس جامعة القاهرة ممتاز خورشيد، ممثل جامعة السوربون
مارك دامبير، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية ريمون حداد والمدير
العام لـ " يونيميد " فرانكو ريدي في حضور المستشار الديبلوماسي لوزير التربية
الإيطالي ماريو بولغريني .
وأطلع
الوفد الرئيس بري على المشروع الأكاديمي الذي تشارك فيه جامعات أوروبية ومتوسطية
وعربية لإطلاق حوار أوروبي ـ عربي ومسيحي ـ إسلامي من خلال العمل الجامعي وفي إطار
التعاون المتبادل .
وأكد
الرئيس بري للوفد " أهمية إطلاق الحوار الإسلامي ـ المسيحي والعربي ـ الأوروبي من
خلال الجامعات، داعياً إلى " إطلاق هذه المبادرة من بيروت ".
وقد
تقرر ان تكون العاصمة اللبنانية المركز المنسق لهذا المشروع الذي تبنته الرئاسة
الأوروبية، وتعمل على ترجمته الرئاسة الحالية للاتحاد الأوروبي، أي إيطاليا .
وتحدث
الرئيس بري للوفد، شاكراً مبادرته، وقال : " لا ننسى إننا نعيش الآن فترة 11 أيلول
. وقبل أحداث 11 أيلول في نيويورك كانت تعم " الجلوزية " في العالم حول صراع
الحضارات.نحن نعلم انه ليس من نظرية تطرف في التاريخ، إلا كان لها أساس في الجامعة،
حتى النازية كان لها فلاسفة ومنظرون. ولفت إلى " ان الهدف الأساسي من كل المحاولات
التي جرت في إطار تعميم " الجلوزية " المذكورة هو الإيقاع بين أكبر ديانتين في
العالم، الإسلام والمسيحية ".
أضاف:
صدّق بعض المتطرفين من المسلمين هذا الأمر، كما صدّقته بعض الإدارات السياسية في
العالم، وعرف البعض الآخر المؤامرة من دون معرفة كيفية الخروج منها. وفي رأيي ان
موقف قداسة البابا وتصريحاته إبان حرب العراق وقبلها هي التي وقفت في وجه مثل هذه
المحاولات. استنفد قداسته قبل ذلك هذا الأمر لدى زيارته لبنان حين تكلم عن الاندماج
والانفتاح. وأقول ببساطة ان لبنان مرآة صغيرة تعكس الكثير من واقع البلدان العربية
وغير العربية. ولو انفجر لبنان لكان انفجر العالم العربي. وإذا استثنينا موقف
البابا في مقاومة مؤامرة صراع الحضارات، فان كل ما يقال هو كلام عاطفي. مقاومة هذه
المؤامرة يجب ان تنطلق من الجامعات وهذه هي أهمية عملكم ودوركم وأنا معكم وسأساعدكم
لأنني بذلك لا أخدم لبنان فقط، بل المسيحية والإسلام. وستكون أولى خطوات هذا
المشروع تخصيص سنتي ديبلوم دراسات عليا متعددة في هذا المجال في الجامعة اللبنانية
في بيروت ".