أحيت
حركة "أمل" في الساعة الخامسة من عصر الأحد 31/8/2008 ، الذكرى الثلاثين لتغييب
الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه فضيلة الشيخ المجاهد محمد يعقوب والصحافي الأستاذ
عباس بدر الدين في مهرجان جماهيري ضخم، في ساحة عاشوراء في النبطية، ضم مئات الألوف
التي احتشدت من الساحة الى مداخل المدينة، وحضره حشد من الوزراء والنواب والقيادات
السياسية، حيث شكل لقاءً وطنيا جامعا المعارضة والموالاة على حد سواء في هذا الذكرى
الوطنية الجامعة.
حضر الاحتفال ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان رئيس مجلس النواب الاستاذ
نبيه بري، ممثل رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة الوزير خالد قباني، ممثل رئيس تكتل
"التغيير والإصلاح" النائب العماد ميشال عون نائب رئيس مجلس الوزراء اللواء عصام
أبو جمرة، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان،
الوزراء: محمد فنيش ممثلا الأمين العام لـ"حزب الله"، فوزي صلوخ، زياد بارود، علي
قانصوه، غازي زعيتر ومحمد خليفة، النواب: روبير غانم، أنور الخليل على رأس وفد كبير
من مشايخ البياضة، حسن فضل الله، محمد حيدر، أمين شري، بيار سرحال، حسن حب الله،
نوار الساحلي، علي بزي، علي عسيران، علي خريس، عبد اللطيف الزين، عبد المجيد صالح،
نادر سكر، ناصر نصر الله، أسعد حردان على رأس وفد من الحزب السوري القومي
الاجتماعي، مروان فارس، أغوب بقرادونيان ووفد من حزب الطاشناق، أسامة سعد ووفد من
التنظيم الشعبي الناصري، قاسم هاشم، سمير عازار، أنطوان خوري، ميشال موسى، أيوب
حميد، ياسين جابر، ممثل الوزيرة بهية الحريري نجلها أحمد الحريري، ممثل رئيس
"اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط النائب أيمن شقير وعضو اللقاء النائب إيلي
عون، ممثل رئيس كتلة المستقبل النيابية النائب سعد الحريري النائب جمال الجراح، وفد
من "لجنة متابعة قضية الإمام الصدر" في مجلس الشورى الإيراني برئاسة النائب غلام
رضا مصباحي، نجلا الإمام موسى الصدر السيد صدرالدين الصدر وحميد الصدر، ممثل قائد
الجيش العماد جان قهوجي اللواء الركن حسن محسن على رأس وفد من القيادة، وفد من
قيادة قوى الأمن الداخلي ضم العميدان عدنان اللقيس ومحمد قاسم، العقيد منذر
الأيوبي، العقيد اسعد الطفيلي، وفد من قيادة اليونفيل في الجنوب، وفود من قيادات
الأمن العام وامن الدولة والجمارك وحشد كبير من الضباط، ممثل البطريرك الماروني مار
نصر الله بطرس صفير المطران شكرالله نبيل الحاج، ممثل مفتي الجمهورية الشيخ حسن
دلة، ممثل الكاثوليكوس أرام الأول المطران كيغام خاجريان، ممثل البطريرك غريغوريوس
الثالث لحام الأرشمندريت نبيل واكيم الذي مثل أيضا المطران إيلي حداد، ممثل شيخ عقل
الطائفة الدرزية القاضي غاندي مكارم، ممثل عن بطريرك الروم الأرثوزكس اغناطيوس
الرابع هزيم، مدير مكتب المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيستاني الحاج حامد خطاف،
المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، رئيس المحاكم الجعفرية الشيخ حسن عواد،
ممثل العلامة السيد محمد حسين فضل الله نجله السيد علي، وفد من هيئة علماء عكار
برئاسة الشيخ مروان الرفاعي وحشد كبير من رجال الدين والعلماء عدد كبير من السفراء
وأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي في لبنان، منهم وفد من السفارة الإيرانية برئاسة
القائم بالإعمال مجتبى فردوسي، وفد من السفارات الفرنسية، الباكستانية،
الاندونيسية، سفيرة فنزويلا، سفير نيجيريا، سفير ليبيريا، سفير اليابان، القائم
بالأعمال الكويتي، وحشد من الوزراء والنواب السابقون، ممثل منظمة التحرير
الفلسطينية في لبنان عباس زكي على رأس وفد من المنظمة وعدد من مسؤولي وممثلي
الفصائل الفلسطينية ورئيس المجلس الفلسطيني الإسلامي في لبنان الشيخ الدكتور محمد
زغموت وحشد كبير من الوفود الحزبية منهم وفد الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة
الدكتور شبلي المصري وفد من الحزب الشيوعي اللبناني برئاسة امينه العام خالد حداده،
رئيس حزب التضامن إميل رحمة، المحامي رشاد سلامة، النائب السابق زاهر الخطيب على
رأس وفد من رابطة الشغيلة، وفد حزب البعث العربي الاشتراكي برئاسة امينه القطري
الوزير السابق فايز شكر، وفد المشاريع الخيرية الإسلامية برئاسة النائب السابق
عدنان طرابلسي، النائب السابق فيصل الداوود على رأس وفد من راشيا، النائب السابق
عدنان عرقجي، وفد من حركة الناصريين الديموقراطيين برئاسة امينه العام يوسف صفوان،
رئيس المركز الوطني في الشمال كمال الخير، نجل الصحافي عباس بدرالدين الزميل زاهر
بدرالدين، رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن على رأس وفد من الاتحاد، ووفود من
الهيئات الاقتصادية والتربوية والجامعات وعدد كبير من المديرون العامون.
كلمة الرئيس بري في المهرجان
كانت البداية بعزف النشيدين الوطني وحركة "امل" ثم كلمة تعريف لعضو المكتب السياسي
لحركة "أمل" الشيخ حسن المصري حيث قدم رئيس مجلس النواب رئيس حركة "أمل" الاستاذ
نبيه بري الذي القى كلمة شاملة، هذا نصها:
بسمه الله،
"سيدي الأمام، لهذا المساء العاملي الرمضاني الذي يأتي، حاملا اليك كل هذا الحضور
الوفي من:
- بيروت عاصمة العروبة والمحبة والتسامح والمقاومة والمجد.
- الجبل الذي يزدهر بمحابس الرهبان وصوامع الإيمان وخلوات الزمان وأشجار الأشجان
والعشق والتفاح.
- الشمال منزل الأرز وبيت بيوت الحنين، حيث تقوم الشهباء مدينة مضاءة على تل.
- البقاع سهل الأسرار الممتنعة وموطن اللون ورغيف الخبز من عين البنية، حيث كان
الطلق لولادة أمل ومن استراحة الشمس من بعلبك ومن المرج حيث ساحة القسم.
- الجنوب مشتل الرياحين وخليج القمر وميناء الحرف ومواسم المقاومة والعناوين
الأنجم، صيدون وصور اللتان منذ كانتا قبل كل الأسماء تذهبان الى الحياة ومنذ كانتا
تغرفان الماء قبل المرايا، كان تجار الهيكل وأصحاب الرؤى المزعومة يحاولون اغتيال
حضورهما المستمر كما اغتيال النبطية كتاب ذاكرتنا وجمرة أنسابنا وانتسابنا وأبجدية
ألواننا وساحة كربلائنا.
أذن للنبطية التي تحلي ترابها ببذار الأمل تحية أمل.
ليديك اللتين مرتا على القرى المنسية فأضاءتها وأشعلت حضورها، فسمع العالم بكفرشوبا
وعيتا الشعب وكفركلا ورميش وعيناتا ويارون ومارون وعيترون ويارين وحانين وكونين
وأصبحت منطقة الحدود مزدهرة بأسماء العلم الشهيدة والشاهدة.
ليديك اللتين كسرتا أصنام الاقطاع وفتحتا حناجرنا على مدى أصواتنا لنردد خلفك القسم
بأن نحفظ لبنان وفي قلبه الجنوب، وان لا نهدأ طالما هناك محروم واحد وان لا نتوقف
حتى نرفع الظلم عن فلسطين.
وبعد، ليس لنا ان ننسى كيف وجدتنا يا سيد، عندما كنا ظلالا لتراب أجساد تمشي دون
هدف وقد فقدت عناصرها حواسها وعطل النظام الطائفي مواطنيتها ومشاركتها، وكنا لا
نعرف كيف نكون وكنا نخاف من خوفنا، فدنوت منا ولمست وجودنا وأيقظت الله في قلوبنا
وأيقظت فينا الإنسان وأيقظت فينا الحياة، فقمنا من سكتنا وخرسنا وألمنا ومعاناتنا
واستعبادنا وحرماننا الى ندائك: "أمل" لنكون حركة اللبناني نحو الأفضل.
ثم ها نحن يا سيدي لا نخطىء الوقت والمكان والموقف في سلوك االطريق اليك والى ضوء
صوتك الذي لا يخبو والذي لا يكف ينزع عن قلوبنا وأعيننا النعس.
ها نحن نرسم المعادلة، ثلاثون عاما من الإخفاء، ثلاثون عاما من الوفاء. إذ ان
وفاءنا وإخلاصنا والتزامنا وعهدنا بتحريرك ورفيقيك لا بنضب له معين. أما انتظارنا
فإنه لا يمل، يتعب الحاكمون ولا نتعب، ونحن على ما يعرف الحاكون وما تعرفون نتوارث
الانتظار، وهذه الساحة ساحة كربلاء تشهد على ذلك ثقافة ومعنى جيلا بعد جيل، لذلك
فلا يحلمن احد ان يضيع إمامنا في النسيان أو ان يتيه في الغربة آو ان يذوب في
الاختطاف أو ان يخضع للمساومة، لأننا في كل يوم سوف ندق على باب صمت العالم وعلى
مسامع العالم بإسمه الذي هو كلمة سر أمواج ناسه وأفواج مقاومته الى ان تفتح الأبواب
لعودة قامته والحكمة التي استودعت نفسها في خزانة عمامته.
اننا في الذكرى الثلاثين لإخفاء امامنا وامام الوطن والمقاومة، سماحة القائد السيد
موسى الصدر ورفيقيه فضيلة الشيخ المجاهد محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين، نعلن:
اننا اسقطنا آخر محاولة ليبية لطمس القضية قضائيا عبر احدى المحاكم الايطالية، وقد
بانت معالمها مؤخرا وتبرئة نظام الغدر في ليبيا من جريمة اختطافه، حيث اننا نؤكد
مجددا في هذا المجال ان محكمة شعب موسى الصدر قد حكمت باخفائه ورفيقيه اثناء زيارة
رسمية الى طرابلس، يا لغيرة العرب والغرب في نهاية آب 1978، وهذا الحكم المبرم غير
قابل للجدل او التفاوض وباعتراف القذافي نفسه عام 2005.
4ونقول ان العدالة اللبنانية، ولا يخشى على لبنان طالما يوجد قاض ولو واحد يتمتع
بالنزاهة، قد تحركت بقوة منذ موعد لقائنا العام الماضي الى اليوم وهي لن تألو جهدا
في ممارسة دورها على هذا الصعيد وقد حققت تقدما في تحديد المسؤوليات وفي عمليات
الاختطاف والاخفاء. ونقول ان نجاح النظام الليبي مؤخرا في توقيع اتفاقية مبادلة
دماء ضحايا الارهاب المتبادل في خليج سرت بدماء ضحايا لوكربي مقابل حفنة من
الدولارات مع الإدارة الاميركية، سوف لا يقدم أو يؤخر شيئا في سمعة وصورة النظام
الليبي، بل يؤخر طبعا في صورة النظام الاميركي في العالم تجاه قضية اختطاف واخفاء
الامام الصدر عام 1978، والتي سبقت عمليات الإرهاب المتبادل في سرت عام 1986 وفوق
بلدة لوكروبي الاسكتلندية عام 1988. واسأل لماذا نسوا محاولات خطف وزاراء النفط في
النمسا عام 1985.
ومجددا نقول لرأس النظام الليبي معمر القذافي: ان اخفاء الامام الصدر ورفيقيه
مسؤوليتكم الشخصية ولن يسقط هذه المسؤولية كما لمست، وكما جربت كل سياسات الانغلاق
أو الانفتاح، الثورة أو تصدير الثورة أو تصدير الوحدات أو أدواركم العربية أو
الافريقية الملتبسة، واخر تقليعة ان القبائل الافريقية سمته ملك الملوك واكبر قبيلة
افريقية جاءتني وبالهام منها وقالت ان هذا الكلام غير صحيح وكل مناوراتكم
وتكتيكاتكم وما تفعل لان المطلوب واحد: اماطة اللثام وكشف الحقائق في قضية الإمام
الصدر ورفيقيه، عدا ذلك فإننا سنتابع هذه القضية كما نفعل وستكون هناك أيام مشهودة
في قضية الامام الصدر التي ستطاردكم صورته في قيامكم وقعودكم ونهاركم وليلكم
وكوابيسكم، حيث لن يبقى لكم احلام حتى في آخرتكم ان كان لكم آخرة.
وبعد، ها نحن كما في كل عام نقف على منبر الامام الصدر مسؤولين أمامكم لا عنكم،
لنقدم جردة حساب حول الوقائع الوطنية وما يرتبط ببلدنا اقليميا ودوليا.
وبادىء ذي بدء، أستطيع التأكيد انه كان لحركة "أمل" الفضل الكبير في قطع الطريق على
الفتن والتوترات وإيصال لبنان عبر مختلف مبادراتنا الحوارية والوفاقية الى ميناء
الأمان.
اننا في ما قمنا به كنا ملتزمين خط ونهج الامام الصدر في ايجاد قطر وأميرها وأركان
دولته على اتخاذ المبادرة اللازمة وصولا الى اتفاق الدوحة الذي يستوجب الشكر على ما
تضمنته كلمة كلمة وقطرة قطرة. وشكرا قطر على الاتفاق الذي فتح الباب على قيامة
لبنان بدءا بإنتخاب رئيس للجمهورية (العماد ميشال سليمان) الى عودة المؤسسات لتحمل
مسؤولياتها.
الا انني ومن على منبر الامام الصدر اقول: كما تعرفون وخلال السنتين الماضيتين كان
يكفي لبنان ازماته السياسية لذلك لعبنا دور الفادي وتحملنا "ثلثي القتلة" على ما
يقول المثل، ولم نسلم حتى من بعض المعارضة، في وقت كانت الاكثرية تضربنا على الخدين
الايمن والايسر، وهكذا تحملنا كل الوجع والكلام المر والاتهامات ولم نرفع بيدنا سوى
الدستور، ولم نسلم من هنا ولا من هناك وكنا "لا مع ستي بخير تقريبا ولا مع جدي
بخير" تحملنا التضليل والتشكيك والتشويش والسبب اننا ببساطة رفضنا الخضوع للفتنة
ورفضنا الوقوع في ما يخطط له، رفضنا ان يبقى لبنان ساحة للتوترات السياسية
والطائفية والمذهبية وكنا في كل مرة نحاول ونسعى للحوار ونطرح افكارا وكنا نحاول ان
نملأ قلوب الناس بالامل، حتى وصل الامر بالبعض وحتى ببعض وسائل الاعلام الى القول
ان نبيه بري يبيع الامل وهو يهون الامور على الناس، وكان اكثر المتفائلين يعتقد
اننا ربما نملك معلومات الى آخره. والحقيقة كنا نملك ايماننا بالله والوطن وثقتنا
بأنفسنا وبحركة الامام الصدر وبالتزام المقاومة والجيش ودعم مبادراتنا وصداقتنا
التي ارتكزت على الالتزامات المشتركة للقوى التي شاركت انتفاضة السادس من شباط عام
1984.
الان وفي هذه اللحظة السياسية اقول للبنانيين لا تناموا على حرير، بل ناموا بعين
مفتوحة واسمحوا لي عكس الماضي ان استبدل بيع الامل بيع الحذر، وان اصارحكم ان
اسرائيل والارهاب وهما وجهان لعملة واحدة يريدان النيل من لبنان ومن نظامه الامني
ومن قطاعاته المتنوعة خصوصا السياحية والمصرفية والاستثمارات والتدفقات المالية
التي تستعد للتوجه الى لبنان.
انني في هذا المجال ابدي خشيتي وقلقي مما يحصل على حدود الوطن وعلى حدود المجتمع.
في هذا الإطار فإننا ندعو الى اخذ مختلف التهديدات الاسرائيلية على محمل الجد
والحذر والانتباه من ما تروجه وزارة الحرب الاسرائيلية بشخص وزيرها ورئيس أركانها
حول حركة منظومات أسلحة للدفاع الجوي وغيرها عبر الحدود الى المقاومة في لبنان،
خصوصا ان ذلك ترافق مع مناورات عسكرية، إذا كنتم خائفين من الصواريخ ان تأتي الى
حزب الله والمعارضة فالأمر بسيط، أوقفوا طائراتكم وخرقها لأجوائنا أما ان تتكرر
طلعاتكم فهذه قسمة ضيزى.
أنني أنبه من أي تحد قد تفرضه إسرائيل على حدود الوطن لتحويل الانتباه عن صراع
الذئاب في كاديما والليكود والعمل وبينهم عدد من الجنرالات على تركه اولمرت.
كما أنني احذر من ان إسرائيل تسعى الى تغيير مهمة قوات الطوارىء الدولية وقواعد
الاشتباك التي تلتزم بها وهي تريد أما تحويل اليونيفيل الى حراس لحدودها أو تطيير
القرار الدولي 1701.
إنني إذ أرحب بالقرار الدولي 1832 الذي يجدد تفويض قوات اليونيفيل حتى نهاية آب
2009، فإني أنبه محليا من تقديم الخدمات المجانية لإسرائيل عبر تناول التزامات
لبنان تجاه تنفيذ القرار 1701 ودور اليونيفيل. وأقول باختصار ان العلاقة القائمة
بين الجيش اللبناني واليونيفيل في إطار القرار 1701 ممتازة وأهالي الجنوب
واليونيفيل لا زالوا يتقاسمون الحلو والمر وليس لدينا اي التباس تجاه دور هذه
القوات ومهماتها.
بالعودة الى التهديدات الاسرائيلية أؤكد وبكل ثقة ان مقاومتنا وجيشنا وشعبنا
سيتمكنون من ردع أي عدوان. وهنا لا بد لي من ان أجدد القول أو اذكر:
1- ان المقاومة كانت ولا تزال وستبقى حاجة وضرورة لبنانية لأننا إزاء إسرائيل التي
جعلت من لبنان على الدوام حقل رماية بالذخيرة.
2- ان المقاومة كانت نتيجة للعدوان الاسرائيلي الذي لم يتوقف يوما منذ عامي 1948
وخصوصا منذ عام 1978 رغم اتفاقية الهدنة، والذي يستمر الآن عبر الخروقات اليومية
للاجواء والمياه الاقليمية اللبنانية، رغم عطش ما يسمى بالشريط الحدودي وعبر حقول
الموت المتمثلة بالألغام، ودائما عبر استمرار احتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.
ويكفي ان اذكر حتى لا يقولوا ان المقاومة تأتي بالدب الى كرمنا، بان أكثر من سبعة
وستين اعتداء حصل على لبنان قبل حلول عام 1965، اي قبل نشوء اي مقاومة لبنانية كانت
أم فلسطينية.
3- ان المقاومة كانت نتيجة تقاعس الدولة وترك الجنوب وكل لبنان دون دفاع، وأبلغ
صورة لمرحلة السبعينات العدوان الاسرائيلي على مطار بيروت الدولي والذي دمرت خلاله
الطائرات المدنية على أرضه، والعدوان على عاصمته التي انتهكها وزير الدفاع ذاته
الاسرائيلي اليوم ايهودا باراك الذي قاد عملية اغتيال القادة الفلسطينيين الثلاثة
في بيروت.
4- ان المقاومة كانت نتيجة التقاعس العربي عن دعم لبنان وعن الوفاء بالالتزامات
العربية تجاه لبنان، وعن العجز العربي عن التزام اتفاقية الدفاع العربي المشترك ليس
تجاه لبنان فحسب بل تجاه كل القضايا المتعلقة بالامن القومي.
5- في إطار مسألة وفكرة ومشروع وسلاح المقاومة، لا بد من توجيه انتباه وعناية
الجميع الى ان فشل الحرب الاسرائيلية على لبنان صيف عام 2006 في القضاء على
المقاومة وإسقاط نظرية الردع الاسرائيلية، أدى الى إطلاق مخطط الفوضى البناءة عبر
مشاريع الفتنة الطائفية والمذهبية وإثارة التوترات الطيارة بهدف التضييق على
المقاومة وإضعافها، وإيجاد الشرخ بينها وبين الدولة وبينها وبين شعبها وطوائفه
ومذاهبه وجهاته وفئاته، وصولا الى تحديد أقامتها إذا جاز التعبير ووضعها في المتحف.
ان الحل لهذه المسألة هو بالدولة التي تقوم على شعار الوحدة الوطنية، والتي تتبنى
فعلا كل أهداف التحرير التي وردت في البيان الوزاري والتي هي أهداف المقاومة.
إما كيفية عمل المقاومة وأسلوب عملها وموقعها في استراتيجية الدفاع كي لا يتكرر أو
يقع حادث، فانه يحتاج الى وضع صيغة تتضمن وجود: لجنة بين الجيش والمقاومة لمتابعة
الامور الميدانية وتنسيق الخطوات، بما يحفظ السيادة ويؤمن تحرير الأرض والحقوق سواء
بالديبلوماسية أو بالمقاومة تماما.
أننا في هذا المجال نقول بكل صراحة، لم يحصل في التاريخ ان شعبا استطاع ان يحرر
أرضه من غاصب محتل إلا وتلقى مؤازرة من صديق أو حليف.
والسؤال ليس لماذا الجمهورية الإسلامية في إيران أو هذا البلد آو ذاك يساعد في
التحرير، بل فالشكر لكل بلد ساعد ويساعد في التحرير، بل السؤال لماذا لم تعط الدولة
اللبنانية والجيش إمكانيات التحرير. بل لماذا لا تعطى إمكانيات الدفاع ولماذا يجب
ان تمر الطلبية على إسرائيل وعلى رضى إسرائيل قبل ان تصل الى لبنان وبالتالي لا يصل
شيء للبنان ألا ما يشعل الداخل ويطفى جذوة التحرير.
أننا في مسألة المقاومة نقول: ان ما من مقاومة في الدنيا إلا وسعت لإيجاد الدعم
المالي والمساندة المعنوية ومصادر التسليح، ولكم في أمثولة المقاومة الفرنسية التي
كان احد العظماء الفرنسيين الجنرال ديغول العظيم احد رموزها دروس وعبر، حيث ان
المشكلة لم تكن في مصادر الدعم الانكليزية للمقاومة الفرنسية النظامية وشبه
النظامية، بل كانت المشكلة هي (الجنرال بيتان) الذي اخذ المساعدات وتلقى الدعم من
المحتل والذي خان معنى ان يكون.
هذا على حدود الوطن، أما بالنسبة الى ما يحصل على حدود المجتمع، فاني أجدد تحذيري
من العودة الى خلق عصبيات طائفية أو مذهبية مسلحة، عبر التوترات الطيارة المتنقلة
من العاصمة الحبيبة بيروت الى البقاع الغربي، الى محاولة جعل الشمال وخصوصا عاصمته
الشهباء طرابلس ساحة لتصفية الحسابات المحلية الطائفية أو المذهبية أو السياسية
وكذلك ساحة لتصفية السياسات الإقليمية.
أننا نعرف حجم الأموال التي تدفع ذات اليمين وذات الشمال، ونعرف كما يعرف جميع
القادة في لبنان على المستويين الرسمي والحزبي، ان هناك حركة للأسلحة والعتاد
الحربي تتدفق على شوارع وأحياء الشمال، كما باتجاه ميلشيات في غير منطقة لبنانية.
إننا ندعو الشماليين من كل القوى الى تفويت الفرصة والتزام ما اتفق عليه مرتين، في
منزل سماحة المفتي الشيخ الشعار، ونقول انه في تلك الحروب الصغيرة التي جرت على بعض
خطوط تماس الأحياء ان لا احد يمثل المعارضة ولا احد يمثل الموالاة أو الأكثرية، وان
ما يجري هناك حرب بين الفقراء على حد وصف صحيفة "السفير" وان أهالي باب التبانة كما
أهالي جبل محسن والقبة ومخيم البداوي، يحتاجون الى الخدمات ودور الدولة التنموي،
لذلك فانني ادعو الى حالة طوارىء انمائية للمدينة والى عكار وبعلبك - الهرمل
حديقتها الخلفية.
هنا أود ان يسمعني الجميع جيدا الغائب قبل الحاضر، إننا في ما جرى ويجري من أحداث
وتوترات ومحاولات لتحويل لبنان الى جغرافيا متقاطعة لطوائف ومذاهب، نقول ان لا احد
لا طائفة ولا مذهب ولا فئة يمكنها احتكار اي بقعة جغرافية في لبنان، ونقول نعم لا
احد يمكنه احتكار الحدود أو مسألة الحرب أو السلم أو المقاومة، كما ان لا احد يمكنه
احتكار العاصمة أو اي مدينة وتطويبها وجعلها منزوعة من المواطنين الذين لا ينتمون
الى الأكثرية فيها.
وأذكر ان العديد من المدن الكبرى من طرابلس الى أعالي جبل لبنان الى بيروت الى
البقاع وجزين وغيرها غيرت عبر مراحل تاريخية لبوسها الطائفي آو المذهبي لأسباب
تتعلق بأمن وحياة الناس، وما شهدوه من الأطماع الهادفة لمحاولة توسيع جغرافيا
الأمارات.
انني لذلك أود ان لا تتواصل عملية التكاذب حول إمارات تأسيسية للبنان ومحاولة جعل
ذكاء اللبنانيين رهينة الشرنقة ودودة القز التي استوردت من ايطاليا، لبناء اقتصاد
إمارة الوهم التي اتسعت على حساب المجازر المرتكبة ضد جغرافيا الجوار وضد حسن
الجوار، والتي كانت كلها تقع تحت سقف سيف السلطنة الطويل الدولة آنذاك، أو كانت
تخدم سياسات القناصل، بينما المقاومون أطلق عليهم آنذاك رجال العصابات كما يطلقون
علينا اسم الميليشيات. صدقوني لولا هذه الميلشيات لما كان احد في العالم ينظر الى
لبنان.
لقد بات واجبا علينا ان نرحم ذاكرة اللبنانيين، إذا لم نقل نعيد بناءها لحساب
لبنان، الفكرة ولبنان الرسالة الذي يمثل ضرورة لبنانية أولا وضرورة وحاجة عربية
ثانيا، وثالثا ضرورة وإنموذجا دوليا للتعايش في القرية الكونية. هذا الذي كان يؤمن
به الامام الصدر.
انني في هذا الإطار أدعو الى تشكيل هيئة وطنية تعمل على تحديد مفهوم موحد وموحد
للوطن والمواطن والمواطنية والعاصمة والحدود، وأجزم ان إنجاز مثل هذه المهمة يمثل
معجزة لبنانية شبيهة باتفاقي الطائف والدوحة معا، لأنها تزيل كل شك أو قلق أو
اضطراب في عملية بناء ثقة المواطنين بعضهم ببعض وببناء ثقة المواطنين بالدولة
وبأدوارها وهي تكون الهيئة الوطنية التي تدرس السبل الآيلة لإلغاء الطائفية
السياسية التي نص عليها اتفاق الطائف وهي طبعا غير الهيئة الوطنية التي نص عليها
الاتفاق.
اننا في المسألة الاقتصادية - الاجتماعية ننبه الى ان عدد اللبنانيين الذين يقعون
تحت خط الفقر آخذ بالارتفاع، وان مساحات المناطق المحرومة آخذة بالاتساع، واننا
نتخوف على أبواب العام الدراسي وفصل الشتاء من مواجهة أزمة كبرى ناتجة من عدم قدرة
الشريحة الكبرى من المواطنين، خصوصا في المناطق الجبلية من الحصول على وسائل تدفئة
سواء عبر المشتقات النفطية: المازوت والغاز، وكذلك عدم قدرتهم على شراء الحطب
والفحم الذي هو في الغالب ثمرة كبرى للاعتداءات على الثروات الحرشية في لبنان وثمنا
للحرائق المفتعلة كل عام، لذلك فان كل ما تقدم يستدعي الاهتمام المسبق والمعالجات
الحكومية الضرورية.
في نفس المجال وعلى مستوى المعالجات القطاعية للازمات وفي الطليعة أزمة المياه في
البقاع وعكار والجنوب وأزمة الكهرباء، وطالما ان الدولة تثبت يوما بعد يوم أنها
منتج فاشل للكهرباء، وطالما ان شركة كهرباء لبنان تواصل استنزاف موارد الدولة على
النحو الذي جرى حتى انطلاقة هذه الحكومة، فإننا نتساءل وأنا لست من مؤيدي الخصخصة
بشكل مطلق، لماذا تتأخر خصخصة قطاع توليد وإنتاج وبيع الطاقة الكهربائية.
أيها الأعزاء
على المستويين الدولي والإقليمي وما ينعكس على لبنان، لا بد من الإشارة الى
التطورات الدولية التي تسير بوتيرة عالية والتي أشعلت أحد محاور الحرب الباردة
انطلاقا من اوسيتيا وابخاسيا على الحدود الروسية. والحقيقة انه ليس انطلاقا من هنا
بل الى كوسوفو.
ان المسؤولية في ما جرى ليست بعيدة عن التدخلات الاميركية والإسرائيلية في شؤون تلك
المنطقة، حيث اعترفت مصادر إسرائيلية انه حتى يوم اندلاع الحرب في اوسيتيا كان أكثر
من عشرين ضابطا إسرائيليا في الاحتياط يعملون في مجال بيع الخبرات الحربية اي
باختصار يعملون في مجال تصدير الحرب، إضافة الى وزيرين يحملان الجنسية الاسرائيلية
في حكومة جورجيا أحدهما وزير الدفاع.
ان اخذ روسيا للخيار العسكري في تلك المنطقة أظهر ان العالم ضج من الدرع الصاروخية
ومن الأحادية الاميركية في صناعة السياسات الدولية.
ان الوقائع العسكرية التي جرت في تلك المنطقة وخطط التهدئة والتسوية المقترحة
ستنعكس حتما من الآن فصاعدا على صناعة القرارات الدولية، خصوصا المتصلة بالشرق
الأوسط والملف النووي الإيراني، لذلك فإننا ندعو اللبنانيين بصفة خاصة الى مواصلة
كسب الوقت والفرصة التي التقطها لبنان في اللحظة الأخيرة والمتمثلة باتفاق الدوحة
واستكمال تنفيذه كاملا وصولا للعلاقات الديبلوماسية مع سوريا التي نرحب بها آملا ان
تفتح صفحة جديدة ليس بين البلدين بل بين الشعبين أيضاً.
انني هنا أحذر من ان أي خطأ في الحسابات أو في الوقت أو في المكان أو في الموقف سوف
يؤدي الى جعل لبنان ساحة من ساحات تصفية آثار الحرب الباردة.
ونقول لمن لا زال يراهن على ضربة عسكرية ساحقة لإيران، أو يراهن على عمل لتغيير
النظام السوري أو يراهن على ضربة نار كبرى للمقاومة في لبنان تقيمها ولا تقعدها
وتجعل الرأي العام اللبناني يعتبرها مصدر تهديد لوجوده وأرزاقه ومصالحه، نقول
لهؤلاء كفى رهانات خاطئة كفى مراهنة على حركة الأساطيل فبرويز مشرف كما شاه إيران
لم يجد من يعطيه لجوءا سياسيا. ولعل إسرائيل وجدت من اجل النفط وشعار من الفرات الى
النيل هي طرق الإمداد لهذا النفط.
أخيراً في يوم الوفاء للإمام الصدر، لا بد من ان أتوجه الى أشقائنا وإخوتنا في
الألم أبناء الشعب الفلسطيني العظيم. يا من فيكم حب الحياة كلما حاصركم الحديد
والنار الاسرائيلي بالموت الكثير، أناشدكم باسم كل لبنان الذي لا زال الساحة الأكثر
امانا لقضيتكم، وباسم الجنوب الذي يقف عند حدود التاريخ والجغرافيا مع امانيكم،
باسم كل شهداء شعبنا من اجل فلسطين، باسم المقاومين من كل العناوين، اناشدكم ونحن
احفاد من حلفوا يمينا على السيف والمصحف في جبل عامل والجليل ان يكونا معا وشعبهما
حتى النصر أو الشهادة، اناشدكم هذه المرة ان تنتصروا لأنفسكم وان تنتصروا لوحدة
أرادتكم التي يجب ان تعود للانبعاث كقمر الصيف الذي لا ينطفىء وأقول ان فتح وحماس
هما وجهان لقضية فلسطين الواحدة وانه يحز بالنفس هذا الصراع المبكر على السلطة وان
بقيتم هكذا يصح قول فريدمان وخشيته من ان تظل إسرائيل الى الأبد، حبلة بالدولة
الفلسطينية التي لن تولد أبدا للوحدة والتوحد. أني اناشدكم باسم كل اللاجئين باسم
المخيمات باسم المحرومين في ترضهم ومن أرضهم ان تتوحدوا فمن كانت إسرائيل عدوه
نعتقد أنها عدو كاف.
أخيراً عام بعد عام ونحن يا سيدي الامام الصدر لن نكل أو نتعب أو ننسى ولن تنتابنا
الظنون والهواجس أو ننحني في الصمت أو يضيعنا خرس النظام العربي والإسلامي والدولي
عن محنة اختطافك التي طالت ثلاثين عاما، ولن نسلم قلوبنا للأسى والمرارة بل أننا
على عهدك بنا سنسمو فيك ونقترف جرائم الوفاء والشجاعة والصدق والحقيقة والوطنية
والمواطنية في عالم الخطايا من حولنا ولن نكون إلا كما أردت: لبنانيين مسكونين
بالتعايش عربا مسكونين بالعزة مسلمين مسكونين بالوحدة سنة وشيعة مسكونين بالتمرد
على الظلم ومقاومة الشر المطلق إسرائيل، وسنبقى دائما مجندين لمقاومة العدوان ورفع
الحرمان من لبنان، عشتم يا سيدي الامام عاش رفيقاك عاش شعب الامام الصدر عاش
لبنان".