كلمة رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري في المؤتمر العام لكشاف الرسالة الإسلامية - 27/11/2005


 

لفرحنا الصبي وأقمارنا الصبية : أشبال وزهرات كشافة الإسلامية.

 

لأكبادنا وغدنا الذي يمشي على الأرض.

 

للنحل الذي يجني حلاوتنا والذي يضرس من حصرم مراراتنا.

 

للشبـاب الـذي يحمل مشعـل (أمل) وشعـار (أمل) و ميثاق (أمل) وقسم (أمل) وعلم (أمل)، للشبان – الكشاف الذي لا ينكسر من الألم والخوف والتهديد، الذي يسكن في هوائنا ومائنا وترابنا وبحرنا وبرنا.

 

لكشافة الرسالة الإسلامية الذين يزينون نهاراتنا ببراءتهم، والذين يحرسون ليلنا والذين يسعفون جراحنا، والذين يطفؤن حرائقنا.

 

لعائلة الكشافة: أفواج المقاومة اللبنانية (أمل) ولأسرة الرسالة: 

جمعيتي الكشافة والمرشدات وجمعية الرسالة للإسعاف الصحي والجمعية اللبنانية للتنمية والتأهيل والرعاية ولجمعيتي: جيل الشباب وجيل الرواد.

 

لكل هذه الوجوه التي تسطع في عتمة الضوء وهي تشع بأسماء الشهداء.

 

ولكل هذه القلوب التي تدق على أبوابنا ساعة الشدة وحين يجن الليل.

 

ولكل هذه الأيادي التي تحمل قمح الفرح إلى خبزنا وملحنا، ألف تحية وتحية وبعد:

 

بداية أقدم التهاني لأسرة كشافة الرسالة الإسلامية على أنشطتها المتنوعة، وفي الطليعة صيفيات الأولاد التي استوعبت أكثر من أربعين ألف طفل على مساحة مئتي مدينة وبلدة وقرية، وعلى تجربة أندية الفتيات والتي ضمت نحو ستة ألاف فتاة وركزت برامجها على رفع القدرة الثقافية وزيادة مهارات المشاركات، وكذلك على برامج وحدة المعلومات المتنقلة والتي شملت تدريب أكثر من ألفي مواطن على الكمبيوتر.

 

كما أقدم التهاني لكشافة الرسالة الإسلامية بصفة خاصة، على دورها الطليعي في إطار برنامج التوعية من مخاطر الألغام ضمن المكتب الوطني لنزع الألغام في الجيش اللبناني، واحيي مساهمات الدفاع المدني في حملات التلقيح ضد شلل الأطفال بالتعاون مع وزارة الصحة.

 

وأود أن انوه بالدور العربي الذي اضطلعت به جمعية كشافة الرسالة عبر اللقاءات المتواصلة مع المنظمة الكشفية العربية والتي ركزت على مواضيع التوعية من :

   - مخاطر الإدمان

   - عدوى السيد

   - رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة

   - عمالة الأطفال

   - محو الأمية

 

إنني بالمناسبة أدعو الحكومة عامة والوزارة المختصة، إلى إعطاء المزيد من الاهتمام والرعاية للجمعيات الكشفية، من خلال إيجاد مدن كشفية في المحافظات، لأن تحقيق هذا المطلب يساعد اتحاد كشافة لبنان والمنظمات الكشفية في إطاره على توسيع برامجها التطوعية والتدريبية والمهنية والمتنوعة.

 

أيها الأعزاء

يا أبنائي الكشافة المجتمعين إلى افياء هذا المؤتمر العام ؟

أرى من المناسب أن أجدد العبارة التي توجهت بها إلى مؤتمركم الحادي عشر والثاني عشر والتي تضمنت القول:

"إنكم وحدكم تقبلون شهادتنا عندما نتكلم بما نعلم، ونشهد بما رأينا لأنكم تعرفون الحق وقد حررتكم المعرفة".

 

أيها الأبناء الأعزاء

 

لا اكشف سراً حين أقول أن سبب ثقتي الزائدة بالنفس حين أتطلع إلى الأمور الوطنية بتفاؤل رغم الوقائع القلقة والمضطربة والمتوترة، هي انتم في كشافة الرسالة الإسلامية الذين تشكلون طليعة الحركة الكشفية في لبنان وأنا في ذلك لا أبالغ.

 

وانتم الاستشهاديون عندما يرتدي الخوف ملابسه ودروعه وطاسته الحربية ويركب عربته المدرعة.

 

وانتم عناصر الدفاع المدني عندما يحاولون تقطيع الأوصال فيما بين المدن والبلدات والقرى، وعندما يشعلون النار في أطراف منازلنا وأشجارنا، ويدمرون البنى التحتية لوسائل حياتنا اليومية.

 

وأؤكد أيضاً وأيضاً أن سبب ثقتي الزائدة بالنفس وبالوطن وأنا أتنقل من بلد آخر حاملاً لبنان: رسالة المحبة والتسامح وداعياً إلى الاستثمار على لبنان غدا"، هو انتم الكشافة من كافة الجمعيات خصوصا" كشافة الرسالة، لأنكم اخترتم مهمات استثنائية في زمن السلم عبرت عنها خطتكم الخمسية في احتفالكم باليوبيل الفضي لجمعيتكم في التاسع من آذار عام 2002، وأكدت خلالها مسؤولياتكم على المستوى الوطني عن:

 

   - تعزيز السلم الأهلي

   - تنمية الموارد اللازمة لنمو الاقتصاد

   - تقوية النسيج الاجتماعي في إطار ترسيخ التعايش الوطني

   - التربية على الديموقراطية

   - حماية البيئة

   - بناء علاقة عصرية بين التكنولوجيا ومؤسساتكم وأجيالكم.

 

أيها الأعزاء،

أؤكد لكم أساساً أن سبب ثقتي الزائدة بالنفس وبالوطن وان احمل لبنان الوطن والمواطن والمواطنية والعاصمة والحدود من بلد إلى بلد هو انتم، الكشافة من كافة العناوين خصوصاً كشافة الرسالة الإسلامية، لأنكم أثبتم أنكم طليعة المقاومة يوم استهدفت إسرائيل وطنكم انطلاقاً من الجنوب ويوم هددت عاصمتكم، فكنتم خط المقاومة الأول على أبواب خلده، وكنتم طليعة الاستشهاديين عندما نادى مؤذنكم بلال فحص: حي على الجهاد. وكنتم عين الوطن الحارسة وانتم تسيرون خلف أسماء العلم من قادتكم: محمد سعد ومرشد النحاس وزهير شحاده.

 

وها انتم اليوم أيها الأعزاء تجتمعون في إطار مؤتمركم الثالث عشر الذي افتتحه بسم الله الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، وبسم الله الذي فضل المجاهدين على القاعدين أجراً عظيماً وافتتحه بإسم الإمام القائد السيد موسى الصدر مؤسس حركتكم ومؤسس جمعيتكم وافتتح مؤتمركم بدعوتكم بداية إلى:

   - الحفاظ على لبنان كضرورة لبنانية لأبنائه المقيمين كما المغتربين وكضرورة عربية دولية.

   - الحفاظ على صيغة التعايش الوطني لأنها تمثل صيغة لبنان الفريدة ولأنها تجعل من لبنان أنموذجاً لحوار الأديان والحضارات مقابل الدعوة إلى صدام الأديان والحضارات.

 

وافتتح مؤتمركم بدعوتكم لأن تكونوا طليعة التحرك الشبابي في العمل من اجل

   - صناعة مستقبل لوطننا لا ينتمي إلى ما انتهى إليه الماضي من فتنة داخلية واحتلال إسرائيلي. 

   - إن صناعة هذا المستقبل يجب أن تتأسس أولاً على استعدادنا جميعاً من اجل الخروج من عصر السلطات المتخلف إلى عصر الدولة ارتكازاً إلى اتفاق الطائف.

   - إن إنتاج قانون عصري وحديث للانتخابات النيابية ينص على خفض سن الاقتراع يشكل جسر العبور إلى عصر الدولة، لأنه يؤسس لإطلاق أوسع عملية مشاركة للمواطنين في كل ما يصنع حياة الدولة والمجتمع في بلدنا.

 

هنا أؤكد لكم أنني عندما أدعو إلى تعزيز وزيادة المشاركة فإنني اعني مشاركة المرأة كما مشاركة الرجل.

 

إن المستقبل الذي يجب أن نسعى لصناعته هو كما أكدنا في مؤتمركم الثاني عشر، وكما نؤكد اليوم هو المستقبل الذي يتمكن الوطن فيه من الوقوف بوجه أطماع ونوايا إسرائيل المبيتة تجاه لبنان، والمستقبل الذي نتمكن فيه من تحرير الأجزاء العزيزة من أرضنا وفي الطليعة مزارع شبعا وتلال كفر شوبا.

 

إن هذا المستقبل يستدعي نشر وعي وطني حول الأخطار المحدقة بوطننا ويستدعي بناء رأي عام لبناني مقتنع بأن الحفاظ على صيغة لبنان وعلى سيـادة لبنان، وعلى حرية لبنـان وعلى النظام الديموقراطي في لبنـان، وردع أي تهديد تمثله إسرائيل، يحتاج إلى بناء: مجتمع المقاومة.

 

إن دعوتنا إلى بناء مجتمع المقاومة تتأسس انطلاقاً بمواجهة الخطر الذي تمثله إسرائيل على وطننا لأنه يمثل نقيضها العنصري، ولأنه يمثل المنافس الحقيقي لإسرائيل في نظام المنطقة على مستويات مختلفة خصوصاً:

   - المصرفية والتجارية والسياسية والثقافية والعلمية.

 

إن دعوتي في هذه اللحظة السياسية إلى بناء مجتمع المقاومة تنطلق من أن إسرائيل تبيت نوايا خبيثة ضد لبنان، فليس من قبيل الصدفة أن تعبر قذائف المناورات العسكرية الأخيرة للجيش الإسرائيلي ما يسمى بالخطر الأزرق، وليس من قبيل الصدفة تصاعد عمليات المسح الجوي للأراضي اللبنانية، وليس من قبيل الصدفة تكثيف الخروقات المتنوعة للسيادة اللبنانية.

 

إنني ومن الجنوب احذر من جعل لبنان موقعاً لتحويل الانتباه عن إعادة إنتاج الوقائع الحزبية في إسرائيل وإجراء انتخابات مبكرة.

 

إن إسرائيل باتت تسعى للاستفادة من المناخات الدولية التي أنتجت القرار 1559، ذلك القرار الذي عبر عن انقلاب على الوقائع بحيث بات سلاح المقاومة مستهدفاً بدلاً من سلاح العدوان.

 

إنني أدعو أبناء حركة أمل عامة وكشافة الرسالة الإسلامية بشكل خاص، إلى الاستعداد من اجل مواجهة الأخطار القادمة والمترتبة على الخطط العدوانية الإسرائيلية.

 

أيها الأعزاء:

 

أمامكم مهام كبيرة أساسها خلق أجيال كشفية مؤمنة بلبنان الوطني الرسالي لا الوطن الطائفي ولا الوطن المذهبي، وتربية أجيال تسهم في ترسيخ النظام البرلماني الديموقراطي، الذي يضمن الحرية والثقة المتبادلة والعدالة بمعناها الشامل المتطور في جميع المجالات القانونية والاقتصادية والسياسية والثقافية وحتى المعنوية.

 

إن رسالتكم الكشفية يجب أن تركز على بناء أجيال مؤمنة بتحرير الإنسان من الغبن والحرمان كما من الهواجس والمخاوف، أجيال تثق بنفسها وتعترف بالآخر.

 

إن جمعيتكم يجب أن تتحول في خططها وبرامجها وآليات عملها إلى مدرسة للحوار ومدرسة للتربية على الديموقراطية.

 

إن جمعيتكم يجب أن تقدم الخطط والدراسات للسلطات المحلية التي تعبر عنها البلديات.

 

إن جمعيتكم يجب أن تسهم في بناء شبكة أمان صحية وشبكة أمان اجتماعية وشبكة أمان بيئية.

 

أيها الأعزاء،

 

إن جمعيتكم يجب أن تركز في ثقافة المنتمين إليها على أن وقوع لبنان على خط تماس التاريخ والجغرافيا مع قضية فلسطين، يستدعي من لبنان موقفاً اخوياً وأخلاقياً ملتزماً بصورة دائمة بالعمل على دعم الشعب الفلسطيني لتحقيق أمانيه الوطنية وفي الطليعة تحرير أرضه وعودة اللاجئين من أبنائه وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

 

إن جمعيتكم يجب أن تعمل على توسيع قاعدة الوعي والمعرفة على مساحة اتحاد كشاف لبنان، وعلى مساحة المنظمات الشبابية حول الحقوق الأساسية للمواطن، وحول تمكين المواطن من المساهمة في صنع السياسات العامة والرقابة على أعمال السلطات، وسبل مكافحة الفساد والهدر والاحتكار، والتأكيد على الشفافية في تطبيق القانون ورفض كل تعسف أو إساءة لاستخدام السلطة.

 

أيها الأعزاء،

 

خلال المرحلة الفاصلة بين مؤتمرين حصلت جملة تطورات على مساحة الأمة وعلى مساحة لبنان عكست نفسها سلباً أو إيجاباً على واقعنا السياسي.

 

فقد أقرت قمة الدول الصناعية في حزيران 2004 مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي وضع نظام المنطقة على منظار التصويب، وتفاعلت المسألة العراقية لتترك بصماتها على واقع المنطقة السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وحاولت إسرائيل أن تكسب الوقت لزيادة ضغوطها وصولاً إلى محاولة تطويع الموقف الفلسطيني وتطبيعه على حساب اللاجئين من أبناء هذا الشعب الشقيق.

 

كما استهدفت سوريا وإيران لأكبر حملة ضغوط عبرت نفسها من خلال إطلاق الكونغرس الاميركي لقانون محاسبة سوريا، ووضعها على منظار التصويب على خلفية احتضانها لمنظمات المقاومة، كما استهدفت الجمهورية الإسلامية الإيرانية لأوسع حملة ضغوط على خلفية ملفها النووي.

 

لقد تعرض لبنان وسط هذه الأجواء لأقسى امتحان سياسي وطني عبر الزلزال الذي استهدفه بجريمة اغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري. 

 

إن جمعية كشافة الرسالة معنية ببناء وعي يهدف إلى جعل الشرق الأوسط الكبير منطقة خالية من الاستعمار والاحتلال وأسلحة الدمار الشامل.

 

إن جمعيتكم معنية بدعم الشعب الفلسطيني في نضاله من اجل تحقيق أمانيه الوطنية في تحرير أرضه وعودة اللاجئين من لبنائه وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

 

إن جمعيتكم معنية بالتأكيد على رفض حصار أي بلد عربي أو إسلامي، ومعنية بتعزيز حالة المقاومة والممانعة على مساحة الأمة لكل محاولة تستهدف السيطرة على مواردنا البشرية الطبيعية.

 

إن جمعيتكم معنية بالحفاظ على علاقة الأخوة والتنسيق والتعاون مع سوريا التي تشكل عمق لبنان العربي، والتي يربطها مع لبنان في الماضي والحاضر والمستقبل علاقة كفاح مشترك من اجل صنع وبناء السلام العادل والشامل.

 

إن جمعية كشافة الرسالة الإسلامية معنية بصفة أساسية بكشف الحقيقة المتعلقة بجريمة اغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتوقيع العدالة على الجناة.

 

إن الانتصار للحقيقة والعدالة في هذه القضية الوطنية الكبرى أمر يشكل ضمانة لترسيخ الوحدة الوطنية وحفظ صيغة العيش المشترك وحفظ مشروع المقاومة، ويعطي دفعاً كبيراً لمشروع الدولة وبناء دورها وبناء الثقة بالدولة في لبنان ارتكازاً إلى اتفاق الطائف.

 

أيها الأعزاء،

 

إنني إذ أتمنى النجاح لمؤتمركم في تحديد برامج العمل المتنوعة لمؤسسات أسرة الرسالة وخصوصاً كشافة الرسالة الإسلامية، فإنني بإسم حركة أمل أؤكد لكم أن اولوياتنا الحركية ستنطلق من الاستثمار على تعزيز مؤسساتكم، وعلى إفساح المجال أمام جيلكم الرسالي لأخذ موقعه على مستوى مشاركة الحركة في كل ما يصنع حياة الوطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

 

وفي الختام فإنني بإسمكم وبإسم مؤتمركم، أجدد العهد لمؤسس جمعيتنا سماحة الإمام القائد السيد موسى الصدر بأن نستمر في اخذ مواقعنا على حدود الوطن وعلى حدود المجتمع لحمايتهما من أي عدوان ومن أي استئثار.

 

كونوا أيها الكشافة حملة رسالة التسامح والمحبة والتعايش والمقاومة والحرية والعدالة التي هي رسالة لبنان.

 

                             

                                                                    عشتم عاشت كشافة الرسالة الإسلامية

                                                                    عاش الإمام القائد السيد موسى الصدر

                                                                    عاش لبنــــان