بسمه تعالى
ًصنع
في لبنانً كل هذا التاريخ التليد، تاريخ المقاومة لكل الغـزاة، عبر التاريخ وآخرهم
الصهاينة الذين اندحروا عن معظم أرضنا، وخرجوا يرددون : وداعاً للبلد الذي يستهلك
محتله .
"صنع
في لبنان" هذا الحب الدائم بين البر وبين البحر، والذي صنعنا له الأبجدية الأولى،
من اجل أن تكون هناك لغة تشتعل بالحنين وتعطر الأنفاس بالكلمات، ومن اجل أن تكون
للماء أغاني، وللطين أغاني، ومن اجل أن تكون هناك تواريخ للوقت .
"صنع
في لبنان" كل ما نلمسه من حقيقة للأشياء وللأسماء، للمقتولين وللقاتلين، للمظلومين
وللظالمين، للمحرومين وللحارمين، للصوت وللسكت وللصدى، للألوان ولظلالها .
"صنع
في لبنان" بعض هذا العجز الرسمي الذي نحن فيه، وحوار الطرشان الذي يدور في طواحين
الكلام المر .
"صنع
في لبنان" هذا الواقع الأليم، هذا التنابذ، هذه التعبئة الطائفية، المذهبية،
الفئوية، الجهوية 000
"صنع
في لبنان" هذا الإصرار على الاتفاق على المفاهيم، هذا الالتباس وهذا الشك، وهذا
الاضطراب والقلق والخوف والهواجس .
"صنع
في لبنان" كل ما يدبر في ليل، وكذلك كل كلام ليل يمحوه نهار .
و"صنع
في لبنان" ما يجب أن تصنعه على مساحة لبنان، اعتباراً من التاسع والعشرين من أيار،
الموعد الأول للاستحقاق الانتخابي في بيروت، ثم في المواعيد المقررة في الجنوب
والشمال والجبل والبقاع .
فهل
ترانا على مساحة لبنان، سنتمكن من أن نصنع في لبنان إثبات قدرتنا على صناعة
ديمقراطيتنا، عبر إنتاج مجلس نيابي يكون صمام الأمان لاستمرار لبنان كضرورة لبنانية
وعربية ودولية ؟
تلك
الصناعة وطنياً، هي الامتحان التحدي الذي نحن مقبلون عليه ولكن اسمحوا لي بداية أن
أتوجه بالشكر الخالص إلى الهيئات الاقتصادية ومكتب النقابات والمهن الحرة في حركة
أمل، على هذه المبادرة لعقد هذا اللقاء الطيب، الذي يتيح لي الاجتماع بنخب متعددة
من الصناعيين ورجال الأعمال والاتحاد العمالي العام السابق والحالي بعد النجاح
الهائل أيضاً في المطاردة، والعاملين أو المستثمرين في قطاعات متنوعة صناعية
وزراعية وتجارية ومالية، بكل الفئات المتصلة بأسواق العمل وأسواق الإنتاج الوطنية
إضافة إلى السادة رؤساء البلديات وطبعاً الزملاء الكرام .
وبداية، اسمحوا
لي أن أوجه عنايتكم إلى مسألة غاية في الأهمية، وهي البعد الاقتصادي لجريمة اغتيال
الرئيس الشهيد رفيق الحريري .
إن
الذين خططوا لهذه الجريمة قصدوا دون شك بعض ما قصدوا وأكثر ما قصدوا، قصدوا دون شك
الانتقام من لبنان على التحسن في معظم المؤشرات الاقتصادية، في العام المنصرم 2004
والذي عكس ارتفاعاً في مستوى النشاط الاقتصادي اللبناني،
حيث
أشارت معظم التقديرات المحلية والدولية، إلى أن معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي
قد وصل إلى خمسة بالمئة في ذلك العام، وكان متوقعاً أن يستمر النمو بالوتيرة
المتسارعة ذاتها هذا العام، إلى أن وقعت الجريمة الزلزال، حيث تراجعت كما تعلمون
مختلف الأنشطة. إلا أني اليوم وفي هذا اللقاء، لا بد أن أتوجه بالشكر إلى مصرف
لبنان، وجمعية المصارف، لتمكنهما عبر تعاونهما الوثيق، من احتواء الانعكاسات
السلبية للجريمة الكبرى، على الصعيدين النقدي والمصرفي .
وبداية ومن اجل مواجهة الوقائع الراهنة، لا بد من التأكيد على جملة ثوابت وهي :
أولاً: إن الاستحقاق الوطني المتمثل بالانتخابات النيابية، يجب أن لا
يحجب الوقائع الاقتصادية – الاجتماعية الضاغطة على المواطنين خصوصاً أرباب الأسر
وذوي الدخل المحدود، وبصفة خاصة الخط العريض من الشباب العاطلين عن العمل، والذين
يحمل اغلبهم للأسف شهادات جامعية عليا .
ثانياً: إن الانتخابات يجب أن لا تحجب عن الحكومة الاهتمام بالوضع
الاقتصـادي، واتخاذ الإجراءات الهادفة إلى إعادة الثقة للمستثمر .
ثالثاً: رغم المشاغل الضاغطة على الحكومة وتحديد مهامها خلال هذه الفترة
الانتخابية، إلا أن وجود الرئيس ميقاتي على رأسها، وهو رجل أعمال ناجح، يدفعنا إلى
مطالبته بتكليف الوزراء المختصين، مع فريق وطني من الخبراء، على الأقل بإعداد رؤية
إصلاحية للوضعين المالي والاقتصادي .
إنني
في هذا المجال، أدعو إلى الأخذ بعين الاعتبار، الدراسة التي كان قد أنجزها المجلس
الاقتصادي والاجتماعي، والتي وضع خلالها إطاراً لمعالجة ألازمة الاقتصادية
والاجتماعية منذ تشرين الأول عام 2000 .
رابعاً : في القطاع الصناعي : الضغط على أول حكومة بعد إنجاز الانتخابات
النيابية، من اجل أن يتضمن بيانها الوزاري وآليات تنفيذه : إنشاء مناطق صناعية حرة،
والعمل على خفض كلفة الإنتاج، وفي الوقت نفسه العمل على رفع وتيرة الإنتاجية وتحسين
نوعية الإنتاج والأداء الاقتصادي .
خامساً: في القطاع الزراعي :
إن
هذه اللائحة المرشحة لأخذ وكالة الناخبين في جنوب لبنان، ستأخذ على عاتقها تبني
مطالب غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب وفي طليعتها :
- التمســك
بمبدأ الدعم عن طريق ( ايدال ) ومشروع ( اكسبورت بلاس )، لأن القـدرة على التصدير
مرتبطة اشد الارتباط بهذا الدعم.
أما
في مجال تطور الصناعة السياحية :
فإننا
نؤكد التزامنا وحلفاءنا بتوفير العوامل والآليات المساعدة لإبراز المعالم الأثرية
بصورة أفضل، وإنشاء المزيد من المدارس المهنية المتخصصة التي تواكب المستجدات .
أخيراً إنني على المستوى الوطني العام، وعلى مستوى الجنوب والبقاع بصفة خاصة، أؤكد
التزامنا بالعمل لتوفير القروض الميسرة لكافة القطاعات، خصوصاً الصناعية والزراعية
والسياحية، وكذلك العمل لإنشاء مصارف متخصصة أسوة بالبلاد المتقدمة .
أيها
الأعزاء
بالعودة إلى صناعة الصناعات :
صناعة
الديموقراطية محلياً، وإنتاج مجلس نيابي يكون صمام الأمان لاستمرار لبنان كضرورة
لبنانية وعربية ودولية نقول :
إن
العالم وخصوصاً العالم الثالث، وعلى وجه الخصوص ما أصبح يوصف ما يسمى بالشرق الأوسط
الكبير، يقع الآن تحت ضغط حرب كبرى للسيطرة على موارده البشرية والطبيعية .
إن
إدارة هذه الحرب تستخدم حالياً الديموقراطية والحرية والاستقلال والحكم العادل،
كعناوين لتمويه الأهداف الحقيقية لهذه الحرب .
إننا
نقول لشعوبنا، إن كل تغييـر أو إصلاح حقيقي، لا يمكن إلا أن يكون صناعة وطنية .
لذلك
فإن لبنان مطالب الآن، بأن يأخذ فرصته بإنجاز هذا الاستحقاق، والانطلاق من ثم
لتحقيق جميع المطالب لجميع الفرقاء، من الجنوب إلى الشمال إلى الجبل والبقاع
والعاصمة، هذه المطالب التي تتلخص في كلمة واحدة هي : "العدالة" .
هذه
العدالة تتطلب الانتقال من مرحلة السلطة إلى مرحلة الدولة .
وهذه
العدالة، تعني أن على الدولة، أن تؤمن لجميع المواطنين ودون استثناء وبقطع النظر عن
الانتماءات، العيش الكريم والفرص المطلوبة المتكافئة .
وبوجه
تفصيلي، نريد أن يشعر كل مواطن منذ ولادته وعند دراسته وبعد تخرجه، انه غير مصنف،
وانه مواطن عادي، وليس من الدرجتين الثانية والثالثة أو الرابعة الخ .
إننا
نريد الدولة التي تؤمن حدود الوطن وحدود المجتمع .
إنني
أركز على حدود المجتمع، لأن هناك الكثيرين من أبناء شعبنا الذين يقعون تحت خط الفقر
والتجاهل والحرمان، بل والأمية أيضا.ً
لذلك
لا بد من اعتماد العدالة في التنمية وفي الفرص أولاً .
أما
على المستوى السياسي والثقافي، فلا بد من مصارحة وطنية شاملـة، ولا أقول مصالحة،
فاللبنانيون لا يقفون على متاريس الخصومة، بل إن الطائفية تجعلهم يفقدون البصر
والبصيرة، لذلك لا بد من مصارحة لبنانية بعد التجارب المريرة، ولا بد لنا من وضع حد
للصراع السياسي والتأثيرات الأجنبية على بلدنا، عن طريق توعية شاملة، تستعمل كل
وسائل الإعلام والأندية الثقافية، مع مشاركة المؤسسات الدينية ورجال الدين بشكل
فعال في التوعية .
وبكلمة مختصرة، فإن المرحلة القادمة هي مرحلة إنقاذ لبنان وتأكيد وجوده، وهذه
العملية الشاقة تحتاج إلى تظافر الجهود، وتنازلات داخلية لمصلحة الدولة، وبناء
الثقة بالدولة، وبناء ادوار الدولة .
إن
هذه العملية الشاقة، تصبح عملية ممكنة بشروط التنازل لمصلحة الوطن، ويجب أن ينخرط
في هذه العملية كل من يحب لبنان، وفي الطليعة أشقاؤه، ويجب أن تتركز كل الطاقات لكي
لا تنطفىء هذه الشعلة الحضارية التي يحتلها لبنان في الشرق الأوسط .
الحضور الكريم،
إن
هذا اللقاء يقع بين تاريخين: السابع عشر من أيار، والخامس والعشرين من أيار .
اللقاء يقع إذن بين اختيارين : العصر الإسرائيلي أو عصر المقاومة .
إن
هذا الأمر، يستدعي أن لا ندفن رأسنا في الرمال، ونجعل من المقاومة وسلاح المقاومة
موضوع بحث في هذه اللحظة السياسية الوطنية والشرق أوسطية قبل البحث في سلاح العدوان
والاحتلال.
نحن
نقول، إن على لبنان أن يدافع عن الجنوب رسمياً وشعبياً، ولأجل ذلك، ونظراً لحروب
إسرائيل على أرضه واستمرار احتلالها وعـدوانها، فإن على لبنان ان يؤسس منظمات
مقاومة إذا لم تكن موجودة، فكيف بالأحرى إذا كانت موجودة، وقد صنعت كل هذه
الانتصارات التي نقف على أبواب الاحتفال بالمرحلة الثانية من تحرير معظم المناطق
الحدودية وعواصمها الأربعة بنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا وجزين، بعد أن حررت المقاومة
أيضاً عواصم الجنوب في المرحلة الاولى، بدءاً من عاصمة الجنوب صيدا وصولاً إلى
النبطية وصور.
أيها
الأعزاء،
إنني
ادعوكم بكل ثقة إلى المشاركة الحقيقية في الانتخابات ونقول لمن يحاول أن يهول على
الجنوبيين بالمقاطعة، وهو الذي لفظه الشعب، مذكرين أن الجنوب عام 1992 أي بدء
العملية الديموقراطية بعد الأحداث ـ الفتنة في لبنان، الجنوب هو الذي أعطى شرعية
الانتخابات آنذاك، فكيف يمكن أن يكون نقطة ضعفاً الآن في هذه المرحلة الخطيرة والتي
للمقاومة السياسية، إضافة للمقاومة التي حررت الأرض، الدور الأكبر في إنقاذ لبنان،
بعد هذا أقول لمن أسس هذا اللقاء شكراً والذي نريد تحويله بعد الانتخابات إلى ورشة
دعم من أجل وضع الاقتراحات التي تفتح الساحة اللبنانية كلها على الاستثمارات، وعلى
كل فرصة عمل ممكنة، وكذلك تؤسس لوضع إطار المعالجة للازمات الاقتصادية والاجتماعية
على مستوى بلدنا ونفتح نافذة من الضوء في هذه الظلمة من اجل تجديد الأمل بقيامة
الإنسان وقيامة لبنان .
عشتم
عاش لبنـــان