بسمه
تعالى
في
العام 1974 وعلى مسافة ايام قليلة من اليوم، كانت مدينة صور على موعد مع الامام
الصدر لتردد الجماهير التي احتشدت من كل لبنان خلفه خطاب القسم ولتعلن انتماءها الى
(الامل) بقيامة لبنان.
لذلك
من دواعي فرحي الشديد في هذه اللحظة السياسية الضاغطة، ان تواصل حركة امل وبعد واحد
وثلاثين عاماً تجديد دمها والاستجابة الى متطلبات مشروعها التنظيمي، وان تقوم الأطر
المسؤولة في إطار هيكلية الحركة بإنجاز دورات الكوادر المتقدمة التي نحن بصدد
تخريجها اليوم.
لذلك،
وبداية أتقدم بالتهاني إلى الكوادر الخريجين الذين تمكنوا من إنجاز هذه الدورات،
وأقدم الشكر إلى كل من أسهم في إتمام هذه الدورات إدارياً وفكرياً وتنظيمياً.
أيتها
الأخوات والأخوة،
بداية
لا بد من التأكيد على جملة ثوابت أرساها سماحة الإمام القائد السيد موسى الصدر تشكل
بالنسبة لحركة أمل عنوانها خط حركتها وهي :
أ
- إن
لبنان بلد عربي، سيد، حر مستقل.
ب- انه
مهد الدعوات التي شعت مشرقة على العالم العربي.
ج
- انه
صاحب صيغة فريدة للتعايش بين الطوائف والأديان وان المسيحيين هم أخوان لنا في
الإيمان وفي الوطن وفي العروبة نتمسك بأخوتهم ونلتزم بالعلاقات المواطنية الصادقة
معهم، ونعتبر ان وجودنا المشترك جنباً إلى جنب هو تمايز لبنان وهو ضرورة عربية وانه
لو لم يكن على هذه الصورة لكان من الواجب على العرب إيجاده.
د - إن
لبنان ملتقى حضارات العالم، ومختبر إنساني فذ.
ه
-
انه صوت العرب في الدنيا على يد أبنائه المقيمين والمغتربين.
ولا
يغيب عن الأشقاء العرب ان من حق لبنان، ان يبقى سيداً ليبقى ذلك اللسان الأمين،
فيبقى وجه الحق العربي مشرقاً وخير الأشقاء المصون متألقاً.
لذلك
فإننا ودائماً عندما ينادي الوطن المخلصين من أبنائه تكون أمل السباقة الى تلبية
نداء الوطن.
هكذا
كان الحال منذ ان قدمت أفواج المقاومة اللبنانية (امل) الباقة الحمراء من زهور
الفتوة والفداء في عين البنية من اجل حماية الوطن وصون كرامته الى هذه اللحظة
السياسية.
ودائماً تثبت (امل) ان الوطنية ليست شعارات ولا ارباحاً او مكاسب ولا متاعاً
للمساومة وللعرض والطلب، بل ان الوطن ابعاد وجود الإنسان، وأساس كرامته، ومجال
رسالته.
وها
نحن في موقع أمل وعلى منبر أمل وفي يوم من أيام أمل، نقف بمناسبة تخريج دورات ثلاث
للكوادر الذين سيأخذون مواقعهم التنظيمية، ولتكريم من أسهم في أعدادهم من اجل هذه
اللحظة السياسية الوطنية التي عادت لتضغط فيها العصبيات والقناعات شبه العنصرية.
في
السابق كما اليوم وضعت المناخات المحلية والإقليمية والدولية الأكثرية المحرومة
أكثرية المواطنين امام الاختيار الصعب :
فإن
القول بالامتيازات السياسية والعودة الى نظام الامتيازات وما وراءه من استمرار
الحرمان الاجتماعي والسياسي ومن عزل لبنان عن العرب ومن إبعاده عن مسؤولياته
القومية، وإما الفوضى.
في
السابق كما اليوم فإن خيارنا هو : رفض الخيارين الامتيازات كما الفوضى، وقرارنا هو
ان نحفظ لبنان وفي قلبه الجنوب.
إننا
أيها الأخوة الأعزاء يا أبناء أمل وأبناء الإمام الصدر، وفي هذه اللحظة السياسية
نقف بمواجهة تحديات داخلية وخارجية كثيرة تضغط على بلدنا وعلى المنطقة.
إننا
على المستوى الداخلي نتحمل المسؤولية الأساس بمواجهة محاولة إعادة إنتاج نظام
الامتيازات، النظام الفئوي الذي أضعف لبنان وجعل الجنوب حقل رماية للعدو، والذي فتح
لبنان امام الاجتياحات الاسرائيلية وصولاً إلى اجتياح بيروت واحتلال مساحات عزيزة
من أرضنا ومحاولة فرض اتفاق 17 ايار على لبنان.
إننا
بالمقابل نتحمل المسؤولية الأساس إزاء حفظ أنموذج التعايش الفريد الذي يمثله لبنان،
عبر دولة عادلة وقادرة وعبر حفظ حدود الوطن وحدود المجتمع وسلوك الطريق الأصيل الذي
يعتمد على الدقة وحسن الظن والتسامح والأمانة وخصوصاً عدم التضليل، ورفض محاولة
تقزيم لبنان وتشتيت أبنائه وتحويله إلى سلعة، وعبر الاستمرار في محاولة بناء جبهة
البناء لغد أفضل، جبهة الصيانة لحاضر لبنان وماضيه، جبهة تريد الحياة وكرامة الوطن
جبهة تصون الأديان وان تصدت لها الطائفية.
إنني
ومن على هذا المنبر أدعو جميع القوى الحيّة في لبنان وفي الطليعة حلفاؤنا في الماضي
والحاضر من اجل وضع استراتيجية للمرحلة الراهنة تلزم الجميع التحرك عبر إطار
جبهوي
ينطلق من : نقل لبنان من مرحلة السلطة الى مرحلة الدولة وأدوارها القانونية
والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدفاعية، استناداً إلى اتفاق الطائف بشقيه
الدستوري والإصلاحي.
ان
هذه الجبهة ستتبنى صناعة الديموقراطية وطنياً وجعل التربية على الديموقراطية اساساً
في النظام التربوي، وجعل لبنان حديقة للحرية وليس للاحتكارات، وستعمل على التأسيس
لدور لبنان العربي ورفض مشاريع تحييد لبنان وإقصائه عن هموم أمته، وستعمل على جعل
لبنان المساهم الاساس في بناء التضامن العربي والعمل العربي المشترك وتحويل الحلم
بالسوق العربية المشتركة الى حقيقة واقعة.
أيها
الأعزاء،
اننا
نستعد لخوض الاستحقاق الوطني المتمثل بالانتخابات النيابية.
انكم
مدعوون لإلتزام لوائح العمل التنظيمي في اطار هذا الاستحقاق والانخراط بشكل فعال
وملموس في المهمات المتعلقة بهذا الاستحقاق وحشد الطاقات الشعبية وتنظيم مشاركتها.
ان
هذا الاستحقاق يمثل بالنسبة لنا مفصلاً اساسياً في ترسيخ النظام البرلماني
الديموقراطي وفي السير خطوات نحو تعميم وتكريس مفهوم العدالة الاجتماعية والإنماء
المتوازن والحكم الصالح واحترام المؤسسات الدستورية، مما سيعطي زخماً ودفعاً هاماً
لإلغاء الطائفية السياسية من النصوص والنفوس.
اننا
في هذا الاستحقاق نبني حضورنا على قاعدة تزخيم المشاركة في الانتخابات وعدم الاتكال
على ان التحالفات القائمة ستحقق النتائج المطلوبة، وانه " بالزايد صوت او بالناقص
صوت " فإن النتيجة لا تختلف.
ان
الصوت الانتخابي هو سلاح المواطن الذي يجب ان ندفعه بإتجاه استخدامه ليس في هذا
الاستحقاق فحسب بل وفي كل استحقاق على مستوى الحياة الحزبية والنقابية والمنظمات
الشعبية، بما يعني تحويل الديموقراطية الى نهج حياة وليس مجرد عملية روتينية تجري
كل بضع سنوات.
انكم
مطالبون الآن وفي المستقبل بالنضال الحثيث من اجل صناعة رأي عام ضاغط لإقرار قانون
انتخابات عصري على أساس النسبية، يتيح تمثيل كل أطياف المجتمع في المجلس النيابي
وفي جميع المؤسسات الرسمية والأهلية وإسقاط النظام الأكثري الذي يمثل نظام غلبة
لجماعة او لفئة على الآخرين.
أيها
الأعزاء،
ان
حركة امل ستخوض الانتخابات النيابية القادمة في اطار تحالف بين القوى الحريصة على
بناء لبنان المستقبل خارج الوصاية الأجنبية.
ان
أساس هذا التحالف سيكون القوى التي اتحدت معاً في الاستحقاقات المماثلة في أعوام
1992 و1996 و2000 وفي الطليعة حركة امل وحزب الله.
اننا
سنتقدم سوياً مع ائتلاف واسع بلوائح على المستوى الوطني العام وسندعم مرشحي هذا
الائتلاف بأصواتنا وبمواقفنا وبكل قوة حضورنا الشعبية.
انكم
مدعوون للتعبير عن قوة الالتزام بهذا التحالف وبهذا الائتلاف وأيضاً إبراز انضباطكم
في اطار ادارة العملية الانتخابية.
ان
هذا التحالف وهذا الائتلاف الوطني سيتداول خطاباً وشعارات مشتركة تنطلق من ان :
لبنان الذي نريده هو نقيض إسرائيل العنصرية.
اننا نريد لبنان القوي بمقاومته وبممانعته وبجيشه وأولاً ودائماً بوحدته الوطنية.
إننا نريد لبنان العربي الذي يتصرّف بمسؤولية تجاه قضايا منطقته ولا ينعزل عن
أشقائه او يقترب منهم لأسباب مصلحية فقط.
إننا نريد لبنان، دولة القانون والائتمانات والضمانات الاجتماعية وفرص العمل ورفض
الامتيازات والاحتكارات.
انني
بإسم هذا التحالف وهذا الائتلاف أقول :
اننا
معنيّون بسير العملية الانتخابية على مساحة لبنان بنزاهة شديدة ودون تدخّلات او
ضغوط.
اننا
معنيون بإنتاج مجلس نيابي منتبه الى حاجة لبنان الى سوق العمل العربية والى سوق
عربية مشتركة، والى قوى العمل والانتاج العربية، ومنتبه الى ان سوريا تمثّل عمق
لبنان العربي وعمقه الاستراتيجي، والى انها أصبحت تمثّل الجوار الاوروبي للبنان.
أيها
الأعزاء،
اننا
بمناسبة الحديث عن سوريه فإننا لن نقبل بالمقارنة او المقاربة بين الشقيقة سورية
والعدو الاسرائيلي، وبين اندحار قوات الاحتلال الاسرائيلية عن معظم أرضنا وبين
الانسحاب السوري من لبنان.
بالنسبة إلينا نحن مقتنعون بما قاله السيد الرئيس الدكتور بشار الاسد من ان سورية
في لبنان كانت عنصر وحدة وهي لا تقبل بأن تكون عنصر انقسام، وبأن انسحاب قواتها من
لبنان تم لأنها أنجزت مهمتها وتم بقرار سوري صادق ومخلص تجاه لبنان.
ان
تصوير هذا الانسحاب على انه نصر وتحرير وادعاء الكثيرين لابوته، امر غير واقعي وغير
صحيح، لأن سورية كانت وستبقى الشقيق وقت الضيق
وهي
ليست عدواً حتى يدعي احد البطولة بمواجهتها او في تحقيق انسحابها من لبنان.
وفي
كل الحالات فإننا باسم حركة أمل إذ نتوجه بالشكر الى سوريا رئيساً وحكومة وبرلماناً
وجيشاً وشعباً على أدوارها القومية التي أسست لقيامة لبنان وسلامة وتحرير معظم أرضه
من دنس الاحتلال الإسرائيلي، فإننا نؤكد اننا سنكون الاكثر حرصاً على تعزيز علاقات
الاخوة والتنسيق والتعاون بين البلدين، وعلى ضمان الأمن القطري والمشترك، وعلى
استمرار البلدين في العمل لصناعة وبناء سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط إرتكازاً
على القرارات الدولية وبما يضمن إستعادة الأراضي والحقوق العربية.
أيها
الأعزاء،
انكم
مثل كل حركي مطالبون بإبراز صورة حركة امل على انها التنظيم الرسالي، وانها حركة
اللبناني نحو الأفضل وانها المؤسسة التي تعتبر ان الانسان هو رأسمال لبنان.
انني
إستناداً الى هذه المثل أدعوكم الى الانطلاق نحو مهامكم الحركية الوطنية، فكونوا
القدوة وكونوا الرواد، وكونوا القادة في المقدمة من اجل ان نحفظ لبنان، ونزيل
الحرمان، ومن اجل ان نحقق ازدهار الانسان في لبنان.
عشتــــــم
عاشت
حركة أمل
عاش
لبنـــان