بداية ارحب بالزميلات والزملاء البرلمانيين العرب المشاركين في أعمال هذه الندوة
حول تعزيز دور البرلمانيات العربيات في الإصلاح التشريعي"، كما ارحب بممثلي منظمات
الأمم المتحدة التي تنعقد أعمال هذه الندوة بالتعاون معهم، وكذلك بالسيدات والسادة
المدعوين إلى الجلسة الافتتاحية .
في
الثالث عشر من كانون الأول 1999 وبمناسبة انعقاد الاجتماع الأول للهيئة البرلمانية
لتطوير صيغ التعاون العربي ومن على منبر مجلس النواب اللبناني أعلنت العام 2000
عاما" للمرأة العربية، والأول من شباط من كل عام يوما" للمرأة العربية، وما عنيته
هو أن يكون هذا اليوم مخصصا" لإطلاق البرامج التي تمكن المرأة العربية وتزيد من
خياراتها، وتؤسس لمشاركتها الفعلية في كل ما ينتج حياة ومجتمعات الدول العربية .
قبل
أن ادخل صلب الموضوع اعبر كرئيس لمجلس النواب اللبناني وكرئيس للاتحاد البرلماني
العربي عن شكري الخالص للذين تشاركوا على إعداد هذا اللقاء الذي كان من المفترض أن
يقتصر على مشاركة خمسة برلمانات عربية لتشكيل نواة لشبكة النساء البرلمانيات
العربيات، إلا أنني اتفقت مع رئيسة لجنة المرأة في الاتحاد البرلماني العربي
الزميلة السيدة بهية الحريري على توسيع الدعوة لتشمل جميع البرلمانات الأعضاء في
الاتحاد لنشر وعي حول أهداف هذه الشبكة، والتي تركز على حث السيدات للمشاركة في
الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المستوى الوطني والعربي
المشترك، ودعم مكانة ودور المرأة في البرلمانات العربية والأحزاب والنقابات
والمنظمات الوطنية والعربية والدولية، وأيضا" من اجل تعميم آلية لتبادل الخبرات،
وكذلك للاستفادة من إمكانيات وطاقات المرأة العربية في إطار جهودنا العربية لإقرار
شرعة حقوق الإنسان العربية.
أيتها السيدات والسادة،
بمناسبة هذا اليوم وهذا اللقاء يسرني أن أعلن على المستوى الوطني اللبناني، انه
وإذا كانت الآراء متباينة بل ومتشاكسة حول قانون الانتخابات في لبنان إلا أن الجامع
المشترك الذي لا نختلف عليه هو إعطاء كوتا في المقاعد النيابية للمرأة اللبنانية،
وأتوقع أن تصادق الحكومة والمجلس النيابي اللبناني بامتياز على هذا الاقتراح.
إنني في إطار الحديث عن الانتخابات النيابية أدعو جميع المؤسسات الأهلية النسوية
المهتمة بحقوق المرأة، إلى المشاركة الفاعلة في النقاش الدائر حول قانون الانتخابات
ليخرج هذا القانون إلى حيز الوجود وهو يتمتع بالمواصفات التي تمكنه من تمثيل كل
أطياف الشعب اللبناني.
كما
يسرني أن أعلن على المستوى الإسلامي أن الشعبة البرلمانية اللبنانيـة في اتحاد
برلمانات الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، قد تقدمت بطلب لتشكيل لجنة
للمرأة في الاتحاد، وان هذا الاقتراح الذي اقر خلال اجتماع اللجنة التنفيذية
للاتحاد في بيروت سيعرض على اجتماع مجلس الاتحاد الذي سينعقد في التاسع والعاشر من
الشهر الجاري وأتوقع تأييدا" لهذا الاقتراح .
اني
اعبر عن تفاؤلي لأن سلطة القرار في العالم العربي سواء في الموالاة أو المعارضة،
أصبحت شديدة الانتباه إلى اعتبار أن مشاركة المرأة ضرورة وطنية ومشتركة، وانه لم
يعد بالإمكان إقصاء أدوارها عن المشاركة في كل ما يصنع حياة الدولة والمجتمع .
في
هذا الإطار اعبر عن فرحي الشديد لأن الاتفاق بين الحكومة السودانية وتجمع المعارضة
قرر تضمين احترام حقوق الإنسان المواد الملزمة في الدستور، وكذلك تخصيص مكان للمرأة
في مواقع اتخاذ القرار على كافة المستويات .
كما
اعبر عن دعمي لزيادة مشاركة المرأة اللبنانية في الحكومة، وقد تجرأ لبنان على هذه
الخطوة، وبالمناسبة اوجه التحية إلى ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة على استحداث
وزارة جديدة للشؤون الاجتماعية وعلى إشراك اثنتين من السيدات في الحكومة الجديدة،
كما اوجه التحية إلى قطر تعيين ست نساء في مجلس الشورى مع التنويه بالمبادرة
القطرية في نيسان 2003 تعيين أول وزيرة في منطقة الخليج ومنح المرأة القطرية الحق
أن تنتخب وان تُنتخب، ومبادرة سلطنة عمان إلى تعيين سيدة بدرجة وزير وإفساح المجال
أمام امرأتين لدخول مجلس الشورى .
واعبر عن سروري لأنني علمت خلال زيارتي الرسمية الأخيرة للمملكة العربية السعودية
أن نسبة خمسة وثلاثين بالمئة من الوظائف العامة تقوم بها السيدات، وانه خلال زيارتي
لغرفة الصناعة والتجارة في الرياض علمت أن إدارة الغرفة هي بصدد إنشاء إطار لسيدات
الأعمال، وان هناك مخططا" لإقامة مدينة صناعية نسائية .
إلا
أن ما تقدم ورغم انه يشكل نقاطا" مضيئة، فإن المطلوب ليس رشوة المرأة من قبل كل
أنماط السلطات العرية سواء ببعض التشريعات أو ببعض المناصب وانما الإقرار بمشاركة
المرأة الكاملة في كل ما يصنع الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية
العربية .
إن
هذا الأمر يتطلب رصد الاعتمادات في الموازنات لإزالة الإجحاف والحرمان الذي لحق
بالمرأة العربية، عن طريق برامج سريعة لمحو الأمية ومحو الأمية الوظيفية، حيث أننا
لا نكشف سرا" إذا قلنا أن نصف السيدات في الوطن العربي تعاني من الأمية، وان
مسؤولية هذا الأمر تقع على عاتق القيادة في المجتمع الذكوري العربي بالمرأة وتقديم
الأضحية على مذبح حبها والإقرار أن الجنة تحت أقدام الأمهات، ثم تجاهل إمكانيات
وطاقات النصف الآخر من المجتمع العربي .
إن
ما يجب أن لا يتجاهله أحد هو دور وبطولات المرأة العربية التاريخي وخلال مراحل
الكفاح الوطني من اجل الاستقلال، وخلال المراحل المستمرة لمقاومة الشعب الفلسطيني
لتحقيق أمانيه الوطنية، وخصوصا" ما تعانيه المرأة الفلسطينية جراء حرب الاقتلاع
والتدمير والتهجير والتجريف الإسرائيلية، وما عانته وتعانيه المرأة اللبنانية وخلال
المراحل المستمرة لمقاومة الشعب اللبناني لاستكمال تحرير أرضه التي تحتلها إسرائيل
.
كما
أن ما يجب أن لا يتجاهله أحد معاناة المرأة العراقية في ظل قمع النظام العراقي
السابق وما ألحقه هذا النظام من أذى تجاه الجوار ومجتمعاته وخصوصا" النسوة .
وما
يجب أن لا يتجاهله أحد الآن معاناة الشعب العراقي والمرأة العراقية تحت ضغط ظل
الاحتلال واستتباعاته، والموت المجاني الذي يضرب كل أشكال الحياة في العراق، وما
يجب أن نرحب به في هذه اللحظة السياسية هو الدور الملموس الذي تلعبه المرأة
العراقية في عملية التحول الديموقراطي الراهنة .
إن
كل ما تقدم يستدعي الانتباه إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة العربية في تحقيق
السلام والتنمية القطرية والمشتركة، وفي هذا المجال لا يفوتني أن اوجه التحية إلى
نشطاء المجتمع الأهلي من السيدات في الصومال اللواتي يشاركن بفعالية في تقديم منظور
واقعي لعملية السلام وفي طرح قضايا المرأة .
أيتها السيدات والسادة،
في
هذا اللقاء لا بد أن انبه أن المجتمعات العربية لم تكن تنتظر ظهور المشاريع
المتنوعة أو المشروع الموحد للشرق الأوسط الكبير، وما يحمله من عناوين تتعلق بتمكين
المرأة وزيادة مشاركتها ومهاراتها، من اجل أن يدب فيها الحماس والنخوة لإطلاق
فعاليات المرأة، ولا هي مجتمعاتنا كانت تنتظر رصد بعض الاعتمادات من بعض الوزارات
العربية، لأن المشكلة ليست مادية بل أن لدى عدد من المجتمعات العربية فائضا" من
المال يكفي لتنفيذ خطط للتنمية المستدامة على مساحة العــالم العربي وربما جواره
الآسيوي والإفريقي، فالمشكلة كانت في تشكيل قناعة ووعي، بأن ديمومة النظام العربي
وتحديثه ترتبط بوعي سلطة القرار العربي ومنظومته الحكومية والإدارية لأهمية تنمية
الموارد البشرية العربية دون تمييز، وتخلف سلطة القرار العربي عن إدراك تلك الحقيقة
كان بسبب الاستعمار واستثماره في بعض جغرافيا الوطن العربي على الموارد الطبيعية
وتحويل بقية الجغرافيا الفقيرة بمواردها الطبيعة إلى مُصدر للموارد البشرية .
إنني هنا اجدد التأكيد أن الديموقراطية تكون صناعة وطنية أو لا تكون، وان الحـرية
تكون ثمرة طيبة إذا كانت بذارا" في الأرض الطيبة، وان حقوق الإنسان العربي وضمنا"
حقوق المرأة العربية ومحو الأمية وبناء العلاقة بين النظام التربوي ونظامي
الاتصالات والمعلومات والتدريب على القيادة والتدريب السياسي، وتعلم إقامة المشاريع
وإتاحة الفرص الاقتصادية، كل ذلك يكون صناعة وطنية أو صناعة عربية مشتركة، ونحن لا
ننكر أننا بحاجة إلى دعم الأمم المتحدة ومنظماتها وخبرات دولية يقدمها الاتحاد
البرلماني الدولي والدول الصديقة التي تمتاز ببرامجها الخاصة، بزيادة تمكين المواطن
وتوسيع خياراته والتي حققت تقدما" ملموسا" في برامج الضمانات الصحية والاجتماعية .
أيتها السيدات والسادة،
لا
بد لنا رغم التفاؤل والآمال التي نعلقها على المستقبل أن نشير إلى عقبات لا بد لنا
كطليعة برلمانية ولا بد للقوى السياسية والنقابية والأهلية التي نتفاعل في وسطها من
العمل على إزالتها وفي الطليعة:
1 -
دمج قضية مشاركة المرأة في برنامج عمل كل الحكومات العربية، ووضع هذه القضية على
سلم الأولويات .
2
-
التوعية بأهمية التخطيط الذي يأخذ في الاعتبار مشاركة المرأة في جميع مراحل التنمية
.
3
-
إشراك المرأة بصورة رئيسية كما في موقع القرار التشريعي والحكومي العربي، كذلك في
موقع القرار والتخطيط الإعلامي، نظرا" لأهمية دور مؤسسات الرأي العام الإعلامية
العربية في مساندة قضايا المرأة وإبراز قدراتها الفكرية، ونشر فكرة المساواة بين
الجنسين والحد من الصورة النمطية عن المرأة .
4
-
تمكين النساء من المشاركة في وضع السياسات البيئية .
في
كل الحالات، وحتى لا نبقى نعمل من اجل اخذ الحقوق بالمفرق كما يقولون، فإن
استراتيجية النهوض بالمرأة العربية هي الأساس الذي يتطلب تشكيل قوة ضاغطة على
الحكومات العربية لاقرارها وإعداد برامج عمـل وطنيـة وعربية مشتركة لتنفيذها في
إطار هذه الاستراتيجية .
إن
مجالات المرأة والفقر والمرأة والاقتصاد، والمرأة والأمية، ومجال حقوق الإنسان
للمرأة ومجال العنف ضدها والتعديلات التشريعية لصالح المرأة وحقوقها الأسرية
وحقوقها المدنية، يجب أن تحتل سلم الأولويات في نشاط هذه الشبكة البرلمانية العربية
وفي نشاط البرلمانات العربية .
كما
أن التزامات هذه الشبكة البرلمانية يجب أن تركز على زيادة التزام صانعي القرار في
الوطن العربي بالمتابعة الجدية والمنتظمة لتطبيق السياسات والخطط الاستراتيجية التي
جرت الموافقة الرسمية على مقتضياتها .
كما
أن هذه الشبكة يجب أن تلتزم العمل لتوسيع محاور الالتزام الرسمي العربي في إطار رسم
السياسات العامة بمنظور التوازن بين الجنسين في الخطط والبرامج والمشاريع واثناء
رصد الميزانيات، والعمل على ترجمة مفهوم التوازن في الهياكل التنطيمية لمختلف
مؤسسات الدول العربية .
أيتها السيدات والسادة،
لقد
أطلت قليلا"، إلا أن مسألة حقوق المرأة العربية كانت وستبقى تحتل سلم أولوياتي،
وأعاهد بصفتي كمحام وكرئيس لقوة سياسية حية وكبرلماني ورئيس لمجلس النواب اللبناني،
وكذلك من خلال رئاستي للاتحاد البرلماني العربي واتحاد برلمانات منظمة المؤتمر
الإسلامي على العمل المستمر لإعلاء شأن المرأة العربية وإبراز مكانتها ودورها
وتحقيق مشاركتها الفعلية .
أخيرا" اجدد ترحيبي بانعقاد هذه الندوة في مجلس النواب اللبناني، شاكرا" جهود من
سهر على إنجاحها، متمنيا" لأعمالها النجاح وتحقيق مصلحة المرأة على مساحة الوطن
العربي ولبنان .
عشتم
عاش لبنان