رئيس مجلس النواب خلال استقبال تكريمي له أقامه السفير أيوب والجالية:  
أشك في أن أحد جوانب الأزمة الاقتصادية هو المس بالقفزات المالية للعرب، المصالحة في لبنان على قدم وساق والمهم ان نحتكم دائما للديموقراطية
ما يثار هو غبار ناتج من رؤوس حامية تطلق تصريحات لخلق عصبيات انتخابية،

متفائل بأن لبنان ذاهب الى الانتخابات ولمزيد من الديموقراطية والحوار لتشكيل حكومة مقبلة على قاعدة الحالية تعبيرا عن الديموقراطية التوافقية


 

أقام السفير اللبناني في سلطنة عمان عفيف أيوب و الجالية اللبنانية مساء أمس في الصالة الكبرى لفندق غولدن توليب حفل إستقبال حاشد تكريما لرئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري والوفد المرافق.
 

بعد كلمة ترحيبية من السفير أيوب ألقى الرئيس بري الكلمة الآتية:


"لعمان التي تسبح حورية في كأس الخليج والتي جللّها التاريخ والزمان ، والتي سكنت الى السكوت الذهب بعيدا" عن ثرثرة الفضة.

لعمان قبلة الصيف اللطيفة على خد الخليج وغمازة النخل ، ومصابيح المساءات الجملية وقفير النحل

لعمان لحظة الشمس وسارية البحر، ورمح الازمنة وسيف الوقت ، وقصيدة النهار ومملكة الليل المسكونة بالحنان.

لعمان من لبنان مهرجانات المطر المسكوب ريا" مهمهما" فوق دفاتر التراب.

ومن لبنان لكم يا ابناء لبنان تحية الاخضر وزهر اللوز الذي يمتد على مد العين والنظر من الشمال الى الجنوب ، والذي يلبس سهل البقاع ، والذي يصعد بالازرق والابيض ثلجا" وفيروزاً وازهاراً على جبل لبنان.

لكم من لبنان انتفاضات امواج الحب الرقيقة والاحلام المتدفقة في رحاب النوم ، والمواسم المبرعمة على امتداد الوطن تحية ألف سلام و سلام

بداية اتوجه بالشكر الجزيل الى اخي معالي الشيخ احمد بن محمد بن سالم العيسائي رئيس مجلس الشورى ، الذي اتاح لي فرصة زيارة هذا البلد الشقيق للمشاركة في اعمال المؤتمر الخامس عشر للاتحاد البرلماني العربي ، وهو الامر الذي مكنني من لقائكم والاجتماع بكم .
وبداية اود ان اتوجه بالشكر الى سلطنة عمان على تمويلها بناء دار للثقافة والفنون في عاصمتنا الحبيبة بيروت حيث سمحت الهبة الكريمة من صاحب الجلالة السلطان قابوس وقيمتها عشرون مليون دولار لوزارة الثقافة بإنشاء اول مركز من هذا النوع في لبنان.

وهذا اللقاء مناسبة للتوجه بالشكر الى سلطنة عُمان على الجسر الجوي الانساني لنقل المساعدات العمانية الى دمشق ومنها الى لبنان ، خلال مراحل العدوان الاسرائيلي على لبنان صيف 2006 وكذلك الشكر موصول على المنحة المالية لازالة آثار العدوان الاسرائيلي ، وعلى الوديعة العمانية لدعم الثقة بالاقتصاد اللبناني ، وعلى المشاركة في مؤتمر باريس 2 و 3 لدعم الاقتصاد اللبناني وعلى مشاركة السلطنة في مؤتمر المانحين لاعادة اعمار مخيم نهر البارد.
وهنا لا يفوتني توجيه التحية لصاحب الجلالة السلطان قابوس على المنحة الخاصة لشراء ارض لاقامة جامعة الثقافة الاسلامية ، وكذلك منحته السامية لاقامة مركز الحوار العالمي للحضارات ولبنان أما أن يكون مركزا للحوار والحضارات و أما ان لا يكون.
و كما اود بالمناسبة ان اعبر عن بالغ تقديري لمدرسة الدبلوماسية الهادئة التي تتبعها السلطنة ، وللسياسة الواقعية الحكيمة لجلالة السلطان قابوس بن سعيد التي مكنته من تسوية مختلف المشاكل الحدودية البرية والبحرية مع الجوار العربي والاقليمي ، وعلى دور السلطنة الهادف لبناء الثقة في العلاقات العربية - العربية وتعزيز العمل العربي المشترك . واعبر في هذا الاطار عن شكري الخالص للمساهمة العمانية من خلال اللجنة الوزارية العربية في التوصل الى اتفاق الـدوحة ، وهنـا لا بد وان انوه بموقـف السلطنة خـلال الازمـة
السياسية التي عصفت بلبنان المبني على اساس أن الجهد العربي يجب ان يركز على الضغط المتوازي على الأفرقاء جميعا وعلى فريقي الموالاة والمعارضة في نفس الوقت ونفس القوة ، بحيث يقدمان تنازلات تؤدي الى الاتفاق على صيغة الحل ، هنا لا بد ان اشير الى ان مجلس النواب ومنذ عام 1992 وبعد عودة الحياة التشريعية الى لبنان صادق على ثماني اتفاقيات مع السلطنة في اطار تنمية وتوسيع التعاون الثنائي في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية والاعلامية والسياحية والرياضية وفي مجال الخدمات الجوية والتشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات.


ايتها السيدات والسادة،

اود بإسمي وبإسم الوفد الذي أتشرف بمرافقته ان اعبر عن شكري الخالص لسعادة سفير لبنان عفيف ايوب على الجهد الذي يبذله في اطار مهامه وفي سبيل اجتماعنا اليوم و أؤكد لكم حبه الخالص لكم لأنني كنت قد حاولت أن ينتقل ألى أهم بلد دبلوماسي فرفض و أصر أن يبقى بينكم.

وبادىء ذي بدء اود ان اطمئن من خلالكم جميع اللبنانيين الى ان بعض التوترات وما يقض مضاجعهم من اسئلة قلقة ومخاوف وهواجس وشكوك حول الانتخابات النيابية والمستقبل ، كلها مضخمة و في غير محلها ، وان كل ما يثار لا يعدو كونه غبارا" ودخانا" ناتجا" عن بعض الرؤوس الحامية التي تطلق تصريحات بقصد خلق عصبيات انتخابية عائلية او جهوية او فئوية او مذهبية او حزبية ، وهذه التصريحات تقع بمجملها في سوق المضاربات الانتخابية التي تقصد الربح على حساب صورة لبنان.
اقول لكم بكل صراحة : نعم ان هناك خلافات حول الخيارات السياسية ، وحول الانتقال من مشروع الدولة مع من يريدون الاستمرار في احتكار السلطة ، وهناك خلاف على الكثير من السياسات العامة ومها السياسات الدفاعية والمالية والانمائية ، وعلى موقع ودور لبنان في نظام منطقته ، وهناك خلاف تاريخي مع الخط الذي يريد للبنان ان يسلك خط عروبة مصلحية وان ينعزل وينأى بنفسه عن قضايا الامة وان يكون حياديا" وميت الاحاسيس وان لا ينتبه الى ان بلدنا يقع على خط التاريخ والجغرافيا مع فلسطين ومع نكبة فلسطين ومع نكسة فلسطين ومع جـرائم الحرب الاسرائيلية التي لا تنتهي والتي كان آخرها محرقة غزة ، وبين اللبنانيين الذين يعتبرون انفسهم معنيين بالاماني الوطنية للشعب الفلسطيني وفي الطليعة حقه بالعودة الى ارضه وتقرير مصيره و منع التوطين في لبنان واقامة الدولة الفلسطينية على أرض فلسطين.
الا ان ما اود تأكيده هو ان وجود اختلاف في الرأي لا يفسد في الامر مودة ، ولا يعني ان لبنان ذاهب الى صدام او مشكلة او اشتباك او خطوط تماس.

طبعا" هناك جهات واشخاص واجهزة تحاول الاستفادة من اي توتر ولكن اجزم ان قادة الرأي في لبنان يتحكمون بالوقائع.

انني من جهتي متفائل بأن لبنان ذاهب الى الانتخابات والى المزيد من الديموقراطية والى مزيد من الحوار حول نقاط الاختلاف ، وان الجميع بات متفقا" ان لا سبيل آخر غير التوافق والتفاهم.
اؤكد على ذلك لأن هناك اشاعات حول تأجيل الانتخابات وهناك مخاوف من عدم قدرة الاجهزة والمؤسسة العسكرية على حفظ امن الانتخابات في يوم واحد ، نحن نترك هذا الامر لتقدير القادة الامنين المعنيين وعندها لكل حادث حديث ، الا ان الاهم ان الانتخابات ستجري وفي موعدها السابع من حزيران.

بالنسبة الى مراقبة الانتخابات فإن الاطراف التي تتحدث عن الشفافية وعن التزوير هي المتهمة بالرشوة وبتعطيل المجلس الدستوري حتى لا يبت في الطعون السابقة و الدول الآن التي تطالب و نحن نرحب بها من أوروبا و غيرها أن تأتي الى لبنان لمراقبة الإنتخابات النيابية ،مرة ثانية نحن نرحب بها و لكن نسألها : ألست أنت من طلبت من الفلسطينيين ان تجري إنتخاباتهم و قد جرت ،فماذا فعلت؟لماذا رئيس المجلس التشريعي و 42 نائبا و وزيرا في السجن؟هل هذه هي مراقبة الإنتخابات أم النتائج على الله؟.
بالنسبة الى المشاركة في الحكومة في اليوم التالي للانتخابات أيا كانت النتائج ، فإني ادعو الى تشكيل اي حكومة مقبلة على قاعدة تشكيل الحكومة الحالية ، لأن هذا الامر يعبر عن الديموقراطية التوافقية التي ارتضيناها طبعا" و من يقول أنها ليست ديمقراطية فهو لا يعرف من الديمقراطية شيئا على الإطلاق،الديمقراطية الأساس و الأكبر هي الإجماع فإن لم يكن هناك من إجماع فالتوافق و إذا لم يكن هناك من توافق عندئذ تنتقل لمرحلة أخرى، مع الاشارة الى ان المرحلة الحالية والمقبلة تحتاج الى ادارة مختلفة للملاءمة مع التحولات الدولية والاقليمية.

واقول ان عقدة الثلث الضامن هي عقدة سياسية قائمة وليست عقدة بنيوية ، فالاعتراض على عمل الحكومة يمكن ان يتم من داخلها ومن خارجها ويمكن ان يكون في الشارع او على طاولة الحكومة ، ونحن نفضل التفاهم على الطاولة وسلوك الطريق الاقصر للتفاهم المباشر على جدول اعمال سياسي او انمائي.
على المستوى اللبناني فإن هناك الكثير من الكلام الذي يقال على المنابر وهو كلام يضع لبنان في مناخات سلبية مثل القول ان لبنان يتحرك منذ سنوات اربع في حقول الغام والمقصود حقول الغام سياسية وامنية.

انني ارى ان الواجب ان نقول ان لبنان يتحرك فعلا" منذ أكثر من اربعين سنة في حقول الغام وقنابل عنقودية اسرائيلية وامام وسائل موت مفخخة بالسيارات وبأبواب السيارات والعاب الاطفال وغيرها، وان الواجب الانتباه اكثر واكثر الى الحرب الامنية الاستخبارية الاسرائيلية المتصاعدة ضد لبنان التي تنتظر الفرص للاصطياد بالمياه العكرة.

اني انبه الى النتائج السلبية التي تترتب على كل خطاب سياسي يحاول ان يضع لبنان امام خيار إما الفوز او الفوضى ، والاستبداد ، والعودة الى حكم الوصاية.
نقول ان شروط الفوز إما ان تتفق مع النتائج في الصناديق او لا تتفق وسوف لا ينفع التهويل على الناس بالفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي وتهديد العيش المشترك.

اننا من جهتنا نريد ان يكون لبنان الفائز في هذه الانتخابات ، ان يكون مشروع الدولة هو الفائز في الانتخابات ، ونحن هنا نؤكد على الدولة المسؤولة عن حدود الوطن وحدود المجتمع ، الدولة المسؤولة عن حقوق الانسان وعن ازدهار الانسان ، الدولة المسؤولة عن الإغتراب كما عن المواطن، الدولة التي لا تستدين على المستقبل ، الدولة التي توقف تصدير الموارد البشرية وتعمل على استعادة الابناء المغتربين الى اصقاع الارض ولا تعمل على تفرقتهم من أجل الإنتخابات خارج الحدود اللبنانية.
ان الرابح في هذه الانتخابات يجب ان يكون لبنان وطوائف لبنان و الفرق كبير بين الطائفة و الطائفية ، لا ان تربح الطائفية والمذهبية والفئوية ، ولا ان نعيد انتاج النظام الذي قمع الحركة المطلبية طيلة ثلاثة عقود ، النظام الذي مارس الحرمان والغبن على المناطق والضواحي ، النظام الذي اوصل لبنان الى الحرب الاهلية ، النظام الذي جعل قوة لبنان في ضعفه وتصرف كيهوذا وسلم لبنان من حدوده الى عاصمته الى الاعداء ، النظام الذي قصف شعبه والنظام الذي استنزف موارد الدولة على صفقات الاسلحة وفتح لبنان على الديون.

نعم نحن نقول لبعض الاكثرية كما للمعارضة ، نحن نريد لبنان الديموقراطية ولبنان الحوار ولبنان السيادة ولبنان الاستقلال.

نحن نريد لبنان القضاء المستقل.
نحن نريد لبنان النظيف من الفساد والمفسدين .
ونؤكد استنادا" الى تلك المعادلات ان الانتخابات ليست بين مشروعين متناقضين بل هي بين تجربتين : تجربة لبنان الضعيف امام العدو ولبنان الحرمان ، وتجربة لبنان القوي بمقاومته وبجيشه ولبنان المشاركة السياسية ، ونؤكد في كل الحالات ان لا عداوات في الداخل ولسنا اخوة اعداء وان من كانت اسرائيل عدوه فهي عدو كاف .

لذلك ايها الاخوات والاخوة

اريدكم ان ترتاحوا الى مستقبل لبنان الى مستقبل العلاقات العربية - العربية التي تتطور نحو بناء الثقة وهذا امر يصب في مصلحة لبنان ومصلحة فلسطين ، لأنني اشهد امامكم وامام العالم ان كل ضعف في جسد الامة وكل نقص للمناعة السياسية في دفاعاتها سيصيبها بالالام في المنطقة الضعيفة او البطن الرخو ، وللاسف فإن لبنان وفلسطين يمثلان هذا الموقع .
يبقى اخيرا" انه طالما يوجد اشقاء لبنان واصدقاء لبنان كما سلطنة عمان يغارون عليه وعلى مصالحه ، ويرعون شؤونه ويعتبـرون انه ضرورة عربية وضرورة دولية فإنه لا خوف على لبنان .

يبقى ان يعتبر اللبنانيون ان وطنهم ضرورة ليس للاكثرية وليس للاقلية بل لجميع اللبنانيين ، وانه سيكون على صورة الدولة وليس على صفة صورة المزرعة.

ويبقى اننا جميعا" مسؤولون عن بناء المستقبل وعن تأكيد الاستقرار وترسيخ الوحدة والعمل لبناء الازدهار في لبنان.
عشتم
عاشت سلطنة عمان
عاش لبنان".