رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري وصل إلى فيينا على رأس وفد نيابي وإداري وإعلامي
استقبال رسمي وإشادة بعمق العلاقات اللبنانية النمساوية وضرورة تطويرها


 

الأحد 22/9/2002

 

وصل رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري بعد ظهر الأحد 22/9/2002 إلى فيينا في زيارة رسمية تلبية لدعوة من نظيره النمساوي هاينز فيشر الذي استقبله عند سلم الطائرة برفقة السفير اللبناني في فيينا سمير شما. ويرافق الرئيس بري عقيلته السيدة رندة بري والنائبان فايز غصن ومحمد علي الميس ووفد إداري وإعلامي، وعند مدخل المطار رفع العلم لبناني كبير، كما أقيم للرئيس بري والوفد المرافق استقبال رسمي.

 

وأدلى رئيس مجلس النواب النمساوي في صالون الشرف بتصريح رحب فيه بالرئيس بري وعقيلته والوفد المرافق، مؤكداً على عمق الصداقة اللبنانية النمساوية، وقال : نأمل ان تشكل هذه الزيارة دافعاً قوياً لتعزيز العلاقات بين بلدينا، وقد خطت العلاقات الاقتصادية بين لبنان والنمسا مؤخراً خطوات جيدة جداً على صعيد الاستيراد والتصدير.

وعن الوضع في الشرق الأوسط قال فيشر : يهمنا جداً وأنتم في وسط الأحداث، ونريد ان نسمع آرائكم حول الوضع لنفهمه أكثر.

 

ثم أدلى الرئيس بري بتصريح قال فيه : مع الشكر العميق لهذا الاستقبال الحار خصوصاً أنني أعرف ان سيادة رئيس المجلس النيابي يخوض الآن معركة انتخابية، وانه لشرف كبير جداً لي ان أكون أول رئيس مجلس نيابي لبناني يزور النمسا. طبعاً كشخص كان لي دائماً علاقة متينة مع فيينا ولكن هذا الأمر كما تفضل كان مستقلاً، وهذه هي أول زيارة رسمية لي إلى فيينا. علاقة النمسا بلبنان ليس علاقة حديثة، وهي إحدى أهم البلدان الأوروبية القابلة فعلاً لفهم موضوع الشرق الأوسط من خلال لبنان أكثر من أي بلد آخر، تقريباً مثل فرنسا، وأعتقد في ظل " مترنيخ " وزير الخارجية النمساوي الشهير أسست القائمقاميات في لبنان عام 1840، ومع الأسف ان هذه العلاقة مع بلدينا لم تتقدم بمقدار العلاقة القائمة بين شعبينا، صحيح انه حصل توقيع بعض الاتفاقات الاقتصادية بين لبنان وبين النمسا حديثاً، ولكن هناك اتفاقات أخرى نحن بحاجة لها، وأيضاً هناك ميادين عمل عبر توسيع حجم التبادل الاقتصادي.

رغم كل الأهمية التي أعلقها على هذه الزيارة اقتصادياً وثقافياً وبيئياً إلى الموضع السياسي خصوصاً لأن فيينا هي مركز لعدة مراكز للأمم المتحدة، منها مركز حول موضوع الإرهاب، كما ان فيينا تلعب أيضاً دوراً خصوصاً في ما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، ان زيارتكم للبنان كانت زيارة قصيرة جداً ولكن كانت كلها لحظات سعادة. وسيشرفني مع الأخوة الزملاء ان أقوم بهذه الزيارة وان شاء الله ستكون مكللة بالنجاح أكثر حتى من زيارة لبنان، حتى لا تكون خاتمة، بل تكون بداية لزيارات أخرى على مستوى حكومي وعلى مستوى نيابي.

 

لقاءات الرئيس بري

ومن المقرر ان يلتقي الرئيس بري خلال زيارته رئيس الجمهورية النمساوية الفيدرالي توماس كليستيل ويعقد اجتماعات عمل مع رئيس مجلس النواب الأول، ورئيس مجلس النواب الفيدرالي، ووزير الخارجية، ورئيس لجنة الصداقة اللبنانية النمساوية، والأمين العام للأمم المتحدة السابق كورت فالدهايم، ورئيس المجلس الأوروبي الحالي. ويبحث الرئيس بري في لقاءاته سبل تعزيز العلاقات بين البلدين على الصعد كافة لا سيما تطوير التعاون البرلماني، وكذلك في الشرق الأوسط والتهديدات الإسرائيلية الأخيرة للبنان بشأن مياه الوزاني، والتعاون بين الاتحاد البرلماني العربي والبرلماني الأوروبي، ودفع الشراكة اللبنانية – الأوروبية.

يذكر ان رئيس مجلس النواب النمساوي هاينز فيشر زار لبنان في أيار عام 2001 وقد أتاحت تلك الزيارة المجال لبحث فرص تعزيز التعاون والانفتاح بين لبنان والنمسا وإيجاد أرضية للتعاون أيضاً بين برلماني البلدين في المحافل الدولية.

 

اليوم الثاني 23/9/‏2002

 

 

رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري واصل زيارته إلى النمسا وأجرى محادثاته مع الرئيس النمساوي ورئيس مجلس النواب ووزيرة الخارجية:

 

الرئيس بري نقل عن الرئيس كليستيل دعمه للحق في لبنان وفلسطين والعراق :
نفتقد إلى الدور الأوروبي في لبنان والظلم يولد الإرهاب

غياب العدالة في الشرق الأوسط يجعل المنطقة في وضع خطير ولا يجوز تطبيق القرارات الدولية عشوائياً وانتقائياً


لقاء فيشر

بدأ الرئيس نبيه بري صباح الاثنين 23/9/2002 محادثاته الرسمية في إطار الزيارة التي يقوم بها للنمسا. وعقد في مبنى البرلمان النمساوي جلسة عمل في التاسعة صباحاً بتوقيت فيينا ( العاشرة بتوقيت بيروت ) بين الرئيس بري ونظيره النمساوي فيشر بحضور النائبين محمد علي الميس وفايز غصن والسفير سمير شما عن الجانب اللبناني وعدد من أعضاء البرلمان النمساوي.

 

وبعد الترحيب قال فيشر:

" أعتقد ان علاقاتنا جيدة جداً وأمينة وصادقة وهي من حسن إلى أحسن، وبالنسبة للناحية الاقتصادية فإن الصادرات والواردات زادت بشكل جيد. أما على الصعيد السياسي فكثير من الأحيان يكون تصويت لبنان والنمسا في الأمم المتحدة متطابقاً. أما بالنسبة للوضع الاقتصادي في أوروبا فأعتقد انه ليس جيداً في الوقت الحالي وقد أثر على الانتخابات الألمانية، فالسماء في أوروبا ليست زرقاء مئة في المئة وهناك بعض الغيوم ولكن لدينا أمل أن يتحسن الوضع في المدى المتوسط ".

 

ورد الرئيس بري فقال :

" أشكركم على هذا الترحيب والحفاوة البالغة رغم انشغالكم بالتحضير للانتخابات وأتمنى عليكم بعد هذا اليوم ألاّ تجعلوني أحس بأنني ضيف عليكم نريدكم ان تعملوا للانتخابات وتنجحوا، ولقد تابعت البارحة نتائج الانتخابات الألمانية وكنت سعيداً جداً وكان الفرق قليلاً جداً ولكن الأكثرية في الديمقراطية هي الأكثرية وهذا ما قاله السيد شرودر ".

أضاف : " أنني آمل في ان تشكل هذه الزيارة حلقة من حلقات تعزيز العلاقات في شتى الميادين خصوصاً بالنسبة لعلاقاتنا السياسة التي عمرها حوالى قرنين فقد كانت النمسا دائماً مؤيدة للبنان في حقه بوجه إسرائيل وفي تأييدها للقرار 425 الذي صدر يوم كان السيد فالدهايم أميناً عاماً للأمم المتحدة ولعب دوراً كبيراً في تكريس هذا القرار، وهذه العلاقة يجب ان تترجم في شتى الميادين حتى نترجم هذا الكلام فلا يكون حباً أفلاطونياً ".

وإذ تحدث عن حاجات لبنان للبنى التحتية بعد الحرب الفتنة وحروب إسرائيل ضد لبنان أشار إلى إمكانية النمسا في المساهمة بتقديم كثير من الأمور في هذا المجال.

وتابع الرئيس بري :" في المجال السياسي نحن في الشرق الأوسط عموماً وفي لبنان بصورة خاصة نفتقد الدور الأوروبي الذي كنا دائماً ننظر إليه عبر الزمن، أنني أعلم ان الضغط الأميركي موجود على العالم كله، وعلى افتراض ان أوروبا هي صديقة لأميركا فأنا أعلم ان الصديق من يحسن نصح صديقه ولا يبصم دائماً على ما يقوله الصديق الآخر ".

وتحدث الرئيس بري عما يمكن أن يساهم به التعاون بين الاتحاد البرلماني العربي والبرلمان الأوروبي في تعزيز دور الاتحاد البرلماني الدولي.

وتناول ما حصل في 11 أيلول في نيويورك فقال : " ان العرب جميعاً دانوا الإرهاب وهذا العمل ووقفوا ضد الإرهاب. وفي المقابل فإننا نعاني من إرهاب إسرائيل منذ العام 1948 وكل العرب لا يملكون قنبلة ذرية واحدة بينما تملك إسرائيل حسب آخر الإحصاءات 220 رأساً نووياً، ولقد ارتكبت مجازر عديدة بحق العرب كان آخرها مجزرة قانا، وهي ترتكب كل يوم مجزرة بحق الشعب الفلسطيني ".

وتطرق الرئيس بري إلى التهديدات الإسرائيلية الأخيرة للبنان وجر مياه الوزاني إلى القرى الحدودية العطشى وقال : " ان إسرائيل تهدد بالحرب إذا أخذ لبنان كمية ضئيلة من حقه، وحتى في هذا الأمر نرى الولايات المتحدة الأميركية تتفهم إسرائيل بدلاً من أن تتفهم لبنان أكثر، والمشكلة لا تزال عالقة، أما بالنسبة للوضع الفلسطيني فإنهم يحاصرون السيد عرفات ويدخلون إليه من غرفة إلى غرفة ".

وحول التهديدات الأميركية ضد العراق قال الرئيس بري :" لا يجوز لأي بلد على الإطلاق ان يقول انه هو الذي سيغير النظام في العراق وهذا الأمر يخص شعب العراق ".

أضاف : " وحول الجولان فإنه لا أحد داخل إسرائيل وخارجها يقول ان الجولان أرض الميعاد ومع ذلك لا تزال إسرائيل تحتله بالإضافة إلى مزارع شبعا اللبنانية منذ العام 1967. ان مجموع القرارات الدولية لصالح لبنان وفلسطين وسوريا هي كثيرة للغاية، ولقد صدر عدد من القرارات بحق العراق فلماذا تطبق هذه القرارات بحق العراق ولا تطبق القرارات بحق إسرائيل؟ لماذا إسرائيل دائماً هي الاستثناء على القرارات الدولية والحظر النووي؟، ولماذا منذ ان جاء الرئيس بوش نشعر ان هناك نظرة للعرب وكأنهم عبيد ؟ ".

 

وتحدث رئيس مجلس النواب النمساوي مرة أخرى فأكد الاهتمام بزيارة الرئيس بري وقال :

" من المعروف تقديرنا ومحبتنا للشعوب العربية خصوصاً عندما يزورنا أحد مثلكم ، ونحن نحبكم من كل قلبنا، وبالنسبة للمشاكل الفلسطينية – الإسرائيلية فلقد زرت شخصياً مطلع هذه السنة السيد ياسر عرفات ورأيت كيف تحيط الدبابات بمقره، وكذلك منزل رئيس المجلس التشريعي أبو علاء، كان الوضع سيئاً للغاية ولقد أصبح اليوم أسوأ مما يتوقعه المرء. وصدقوني إننا نحاول نحن الأوروبيين ان نفكر في إيجاد حل ولكننا لا نعرف حتى الآن كيف هو الحل ولكن للأسف فإن الأميركيين يعتبرون أنهم هم معلمو المنطقة ولا أحد يجب ان يتدخل بها، وحتى قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة لا تأثير لها. كما ان الكلمة الأخيرة في الحلف الأطلسي هي للأميركيين، وبإمكاننا نحن الأوروبيين فقط ان نصرخ بصوت عال أو نقدم بعض المساعدات الاقتصادية وهذا يبعث على الحزن واليأس، الوضع مأساوي وصعب، ولا أريد ان أقول ان كل ما فعله الأميركيون سيئاً، ولكن وصلنا إلى وضع أصبحنا محتارين فيه ".

أضاف رئيس مجلس النواب النمساوي :" أما بالنسبة لمياه الحاصباني والوزاني فإن هذه المشكلة معروفة لدي وقد وصلتنا تقارير ومعلومات حول ذلك من سفارتنا في بيروت وهي تقارير محايدة تتحدث عن حاجة لبنان في هذا المشروع لقسطل مياه بقطر يتراوح بين ثلاثين وأربعين سنتيمتراً، فلماذا أقام شارون هذه الضجة الكبيرة حول هذا الموضوع؟ أما في موضوع العراق فنحن وان كنا لسنا مع سياسة الرئيس صدام حسين لكن السؤال الرئيسي الذي يطرح من يحق له وتحت أي ظرف ان يقوم بأعمال عسكرية ضد من؟ يجب احترام القوانين الدولية من قبل كل الأطراف ".

 

وأوضح الرئيس بري من جهته قائلاً :

" صحيح ان أميركا اليوم تمثل دور القوة والفيل في الغابة ولكن أعتقد ان الفيل عليه خطر من الفأرة وهذا الذي يخلق توليد الإرهاب. ان الظلم يولد الإرهاب عند المحرومين والمستضعفين، ان عدم إيجاد عدالة في الشرق الأوسط سيجعل المنطقة في وضع خطير للغاية. وأريد ان أسجل ان الولايات المتحدة لا تريد الخلاص من الرئيس صدام حسين بقدر ما تريد وضع يدها على البترول من كازاخستان إلى العراق ".

 

وسأل رئيس مجلس النواب النمساوي الرئيس بري عن علاقات لبنان بسوريا فأجاب :

" ان ما يربط لبنان وسوريا من علاقات هو تماماً كما بين النمسا وألمانيا، وعلى مر التاريخ لم يحصل اعتراف بلبنان من قبل سوريا إلاّ في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد عندما قال " نحن شعب واحد في دولتين " وقد خطا الرئيس الدكتور بشار الأسد خطوة أخرى في هذا المجال، فقد أتى إلى لبنان في زيارة رسمية، مؤكداً أكثر فأكثر على استقلال لبنان وبالرغم من وضع سوريا الاقتصادي حيث هي بحاجة إلى المساعدة، فقد قدمت سوريا مساعدات اقتصادية للبنان بسبب وضعنا الاقتصادي الدقيق وحجم الدين الذي نعاني منه، يوجد تركيز من قبل إسرائيل على ان لبنان كأنه تحت السيطرة السورية وهذا الإعلام الإسرائيلي موجود في الولايات المتحدة وأوروبا والسبب في كل ذلك هو أمر واحد ليس الحرص على استقلال لبنان بل لأن سوريا دعمت المقاومة اللبنانية في سبيل تحرير لبنان ولا تزال، وإني أقول لكم هذا الكلام من الداخل باعتبار انه كان لي الشرف في تأسيس المقاومة وسوريا هي التي قدمت لنا الدعم الكامل في هذا الموضوع حتى استطعنا ان نحرر أغلب الأراضي اللبنانية، ولو كانت سوريا لا تدعم لبنان لما مانعت إسرائيل من ان تحتل سوريا لبنان ".

أضاف : " وسيلاحظ العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط والعالم كله ان إسرائيل كانت دائماً استثناءً دولياً لا تطبق عليها القرارات لا بالنسبة للبنان ولا بالنسبة لسوريا ولا بالنسبة لفلسطين، حتى معاهدة الحظر النووي حدودها هي حدود إسرائيل، وفي الوقت الذي يساعد العالم كله وأوروبا خاصة والنمسا بصورة أخص لبنان كي يقيم التنمية في المنطقة التي كانت تحتلها إسرائيل في الجنوب تحاول إسرائيل ان تمنع حتى المياه عن اللبنانيين وهي مياه لبنانية. وفي هذا الجو انتهز هذه الفرصة لأوجه تهنئة إلى الشعب الألماني بالانتخابات التي حصلت في ألمانيا والتي يؤمل كما لاحظنا عودة الصديق شرودر إلى الحكم".

 

وقال رئيس مجلس النواب النمساوي :

" اسمحوا ان اقدم التهاني للسيد شرودر ولوزير الخارجية فيشر وان الخط السياسي الألماني الأوروبي سيتابع كما هو لأنهما من أهم السياسيين في ألمانيا. وقد سئلت يوم السبت الماضي من الإذاعة النمساوية فقلت للصحافيين انه إذا نجح الاشتراكيون في ألمانيا فهذا يعني بالنسبة لنا في النمسا دفعة إلى الأمام، وأنا سعيد بأن ما حصل يشكل لنا هذه الدفعة في الانتخابات التي سنخوضها في نوفمبر ".

وبعد الاجتماع صرح رئيس مجلس النواب النمساوي فقال :" يسعدني ان أؤكد بأن العلاقات بين البلدين والبرلمانين هي علاقات ممتازة جداً والعلاقات الاقتصادية لا سيما على صعيد حركة التصدير والاستيراد أيضاً جيدة وتتحسن، وهناك إمكانيات لتوسيع ذلك في المستقبل، كما تكلمنا عن موضوع نتائج الانتخابات الألمانية، لكن قبل كل شيء تحدثنا عن الوضع في الشرق الأوسط وقلنا بأن الوضع خطير جداً والحل الوحيد والممكن هو تنفيذ قرارات الأمم المتحدة التي تقول ان لإسرائيل الحق في البقاء والعيش ولكن في نفس الوقت من حق الفلسطينيين كل الأشياء الأخرى. أما بالنسبة للعراق فقسمنا الموضوع إلى نقطتين :

النقطة الأولى من حق كل إنسان ان يبدي نقده أو شعوره تجاه الرئيس العراقي والحكم العراقي، والنقطة الثانية هي انه من غير المسموح به القيام بأعمال عسكرية لحل المشاكل السياسية إلاّ بإذن من الأمم المتحدة أو باتفاقات خاصة من الأمم المتحدة".

 

وقال الرئيس بري :

" كانت فرصة جيدة لتبادل الحديث حول العلاقات النمساوية – اللبنانية سواء منها السياسية أو الاقتصادية وان حجم الاستثمارات النمساوية في لبنان لا بأس بها وهي تبلغ نحو 400 مليون دولار ولكننا نطمح في ان تكون أكثر لمصلحة النمسا ولبنان وسنوجه دعوات عديدة لعدد من الوزراء وأيضاً من اللبنانيين ليتم هذا التعاون . على الصعيد السياسي جرى التركيز على الاستثناءات الدولية بالنسبة لقرارات الأمم المتحدة إذ لا يجوز ان تطبق القرارات الدولية بصورة عشوائية أو بصورة انتقائية ".

 

لقاء وزيرة الخارجية

ثم التقى الرئيس بري وزيرة الخارجية النمساوية الدكتورة بنيتا فيريرو والدنر وعرض معها التطورات في الشرق الأوسط والعلاقات الثنائية وقضية مياه الوزاني، وأكدت الوزيرة النمساوية على إرسال خبراء دوليين وأوروبيين .

 

لقاء الرئيس النمساوي

بعد ذلك زار الرئيس بري والوفد المرافق رئيس الجمهورية النمساوية الدكتور توماس كليستيل واجتمع معه على مدى ساعة كاملة في حضور رئيس مجلس النواب النمساوي فيشر.

بعد اللقاء قال الرئيس بري :" كان لقاء مع رجل مميز وفريد بشخصيته ، وهو متى يتكلم تشعر بأن ضميراً إنسانياً يتكلم ، سياسي لامع بصراحته وبصدقه، وبشجاعته شجاعة يستمدها من النمسا وتاريخ النمسا العظيم، يقف إلى جانب الحق، كنت أتمنى ان يكون أغلب الزعماء العرب في مثل هذا المستوى ".

أضاف : " لقد نقلت إلى فخامة الرئيس، تحيات رئيس الجمهورية العماد إميل لحود، وكذلك السلام الذي حملني إياه الرئيس بشار الأسد الذي زرته قبل أسبوع، وقد حملني فخامة الرئيس بدوره، رسالة شفوية وسلاماً إليهما إلى فخامة الرئيس لحود وإلى سيادة الرئيس الأسد ".

 

سئل : ما هو الموقف الذي أكده الرئيس النمساوي حول موضوع المياه اللبنانية والتطورات في المنطقة؟

أجاب الرئيس بري : " عندما وصفت بأن موقفه أفضل من موقف الزعماء العرب، كان يجب ان يفهم ان موقفه من العراق وموقفه من المياه ومن مزارع شبعا، ومن مسألة الألغام الإسرائيلية، ومن كل القضايا المطروحة في المنطقة، هي فعلاً موقف الحق، وهو بمقدار ما هو ضد الإرهاب، فهو ضد ان يستعمل هذا الإرهاب لإرهاب الآخرين، وخاصة ما يحصل في فلسطين، وما يحصل من الاحتلال في الجولان وجنوب لبنان، وكذلك ما يحصل بالنسبة إلى العراق وغير العراق ".

 

غداء تكريمي

وبعد الظهر، أقام فيشر مأدبة غداء تكريماً للرئيس بري والوفد المرافق في حضور الأمين العام للأمم المتحدة كورت فالدهايم، ونائبة رئيس برلمان المقاطعات، ورئيس مجلس الصداقة الدكتور بار وبعض المسؤولين.
وفي الثالثة (الرابعة بتوقيت بيروت) التقى الرئيس بري الدكتور كورت فالدهايم لبعض الوقت.

 

اليوم الثالث: الثلاثاء 24/9/‏2002‏

 

رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري واصل زيارته إلى النمسا والتقى رئيس مجلس المقاطعات ورئيس لجنة الصداقة النمساوية – اللبنانية لم تكريماً للوفد اللبناني

 

تابع رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري زيارته الرسمية للنمسا لليوم الثالث على التوالي عدداً من المسؤولين النمساويين.

 

رئيس برلمان المقاطعات

واجتمع الرئيس بري صباح الثلاثاء 24/9/2002 مع رئيس برلمان المقاطعات لودويك بيرينجر، ثم في إشارة لافتة لتكريم الرئيس بري والوفد المرافق اصطحب رئيس مجلس النواب هاينز فيشر الرئيس بري وعقيلته السيدة رندة بري والنائبين فايز غصن ومحمد علي الميس والوفد الإداري والإعلامي المرافق إلى متحف كاتدرائية كلوسترنبرغ ومتحف الفن المعاصر خارج مدينة فيينا الذي يزوره فيشر للمرة الأولى والذي يفتح أبوابه أيضاً للمرة الأولى أمام الزوار على شرف الرئيس بري، وفيه ثياب الكرادلة والمطارنة الكاثوليك في الحقبات الأولى للمسيحية.

ورغب الرئيس بري، من خلال هذا اللقاء الثنائي في ان يتعرف إلى النظام الداخلي النمسوي في موضوع برلمان المقاطعات. فأوضح بيرنجير، ان المقاطعات النمساوية تتمثل بنواب يراوح عددهم بين 3 للمقاطعة الصغيرة و12 للمقاطعة الكبيرة، وأشار إلى ان المقاطعات حالياً تنتخب أعضاءها بحسب الحزب الأقوى، وهو راهناً " حزب الشعب " ولفت إلى ان هناك تسع مقاطعات، تتولى واحدة منها كل ستة أشهر رئاسة برلمان المقاطعة بالتسلسل الأبجدي.
وقال ان لا دور لبرلمان المقاطعات بانتخابات رئاسة مجلس النواب النمسوي، وان ليها الحق في التدخل في كل ما يمس حقوق المقاطعة. ولفت إلى انه دستوراً، ثمة جلسات مشتركة للمجلسين وذلك لدى انتخاب رئيس الجمهورية أو إذا كان قرار بعزله أو في حال إعلان الحرب. وتكون هذه الجلسات برئاسة رئيس المجلس. أما في حال حل مجلس النواب نفسه فيتابع مجلس المقاطعات عمله بشكل طبيعي، مشيراً إلى ان المدة النيابية لكل نائب في هذا المجلس هي خمس سنوات، فلا يحصل تالياً أي فراغ فيه. وقال: " لا يمكن أحداً ان يحلنا ". وعلّق الرئيس بري : " هذا طبيعي، لأنهم يعتبرون ان انضمام الولايات إلى برلمان المقاطعات هو أساس وحدة النمسا.

وأراد الرئيس بري، عبر هذا التوضيح، ان يتعرف إلى النظام المتبع في جمع الولايات النمساوية في مجلس واحد، على غرار مجلس الشيوخ الذي ينص عليه دستور الطائف" حتى تكون لدينا فكرة إذا وصلنا إلى فقرة تأسيس مجلس الشيوخ للطوائف الـ 18 في لبنان وإلغاء الطائفية السياسية ".

ورد رئيس المجلس بدوره على أسئلة بيرنجير عن عدد النواب ومدة ولايتهم وهل ان ثمة من يتدخل في شؤونه، وقال " لا أحد يؤثر في عمل مجلس النواب ما عدا شئ واحد هو المجلس الدستوري الذي يراقب دستورية القوانين التي يصدرها بمعنى انه إذا صدر قانون تجاوز الدستور، يمكن عشرة نواب على الأقل أو رئيس المجلس وحده ان يطعن أمام المجلس الدستوري بقانونية القانون. وان المجلس الدستوري محكمة عليا مؤلفة من عشرة أشخاص، ومثل هذا المجلس موجود في غالبية الدول الديموقراطية مع فارق في طريقة التعيين ".

 

لجنة الصداقة النمساوية – اللبنانية

وبعد الظهر أقام رئيس لجنة الصداقة النمساوية – اللبنانية ويليبالد بار وأعضاء اللجنة مأدبة غداء للرئيس بري والوفد المرافق في حضور الأمين العام السابق للأمم المتحدة والرئيس النمساوي السابق الدكتور كورت فالدهايم.

 

فالدهايم

وبعد الغداء، سئل الأمين العام السابق للأمم المتحدة عن تطورات في الشرق الأوسط فقال :" أعتقد ان الوضع صعب ومعقّد للغاية، وللتوصل إلى معالجة هذه الصراعات علينا ان نكون حذرين جداً لأن هذه الصراعات تؤدي إلى تدهور الأوضاع بحيث تصبح خارجة عن السيطرة. علينا ان نفكر ما هو المقبول من الطرف الآخر في عملية التفاوض، ولكن قبل كل شيئ فإن أسس القانون الدولي يجب ان تحترم وبذلك تصبح الحلول مفتوحة ".

 

سئل : ماذا ترى في السياسة الأميركية وماذا يجب عمله في شأن الصراعات ؟

أجاب : " بنظري ان المفاوضات هي العنصر الأكثر أهمية في هذا الخلاف، ويجب ان ترتكز المفاوضات على قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ".

 

سئل : هناك تهديدات إسرائيلية وجهت للبنان في شأن مياه الوزاني ما هو رأيكم بذلك ؟

أجاب : " أتذكر أنني واكبت في السنوات الماضية تلك الجهود التي بذلت في شأن لبنان والتي أدّت إلى تحرير الجنوب والاحتلال الإسرائيلي، لذلك أعتقد ان هناك إمكانية للتوصل إلى حل سلمي لهذه القضية بالمفاوضات من خلال متابعة الجهود وتعاون الطرفين مع الأمم المتحدة ".

 

سئل : ألا تعتقد ان للبنان الحق في مياهه ؟

أجاب : " علينا ان نتحمل بالصبر، فالأمور لا تسير بسرعة وعلينا ان لا نستسلم أبداً ".

 

رئيس لجنة الصداقة النمساوية – اللبنانية الدكتور بار

من جهته تحدث رئيس لجنة الصداقة النمساوية – اللبنانية الدكتور بار حول نتائج زيارة الرئيس بري قال :" أعتقد، كما شاهدتم ولاحظتم، فقد كانت الزيارة ناجحة جداً، وكانت الاستقبالات على أعلى المستويات بدءاً من استقبال السيد رئيس الجمهورية النمساوية، ثم السيد رئيس البرلمان النمساوي طبعاً، ثم وزارة الخارجية، وبالإضافة إلى ذلك استقبال وحديث مطول مع الأمين العام السابق والرئيس السابق للنمسا الدكتور كورت فالدهايم. ولاحظنا في شتى النقاشات ان هناك تقارباً، ويمكن ان أقول تقريباً مئة في المئة في الآراء ووجهات النظر".

 

سئل : كيف تنظرون إلى المواضيع التي يمكن ان تساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين ؟

أجاب : " أود ان أقول بأن المشكلة التي تهم النمسا ولبنان وكل الشرق الأوسط هي الوضع المأساوي الخطير بما يخص العراق. وأود ان أقول أيضاً انه من المهم جداً في هذا الوضع ان تتوافق آراء عدد كبير من البلاد الصغيرة وان تتحد مع بعضها كما شاهدنا الآن بين لبنان والنمسا حيث ان الآراء متطابقة جداً ".

 

سئل : " كيف تنظرون إلى التهديدات الإسرائيلية الأخيرة للبنان في شأن مياه الوزاني ؟

أجاب : " كل مشكلة في العالم ان كانت مشكلة مياه أو غيرها لا يجب ان تحل عن طريق التهديد ولا يجوز أو لا يستحق بلد ان يهدد من البلد الآخر، ومن الأحسن ان نحاول حل المشاكل دون تهديدات من هذا الشكل ".

 

السفير اللبناني

وقال السفير اللبناني في النمسا سمير شما عن زيارة الرئيس بري ونتائجها : " للنمسا دور في العالم كما لبنان، فهم صلة الوصل بين أوروبا الغربية وأوروبا الشرقية، وقد كانت النمسا إمبراطورية كبيرة ولديها أفق مستقبلي، ولديها علاقات خاصة ومتميزة بالنسبة للبنان، وفي كل لقاءاتنا كان موضوع " مترنيخ " الذي يقول ان لبنان مفتاح السلام في الشرق الأوسط، والشيء الجيد بالنسبة للنمسا ان لديها مواقف موزونة للغاية بالنسبة للشرق الأوسط وبالنسبة للعالمين العربي والإسلامي، والنمسا هي على الحياد، ونحن لا نطلب من الدول سوى ان تكون حيادية وان تعطينا حقنا وان تكون مع تنفيذ كل قرارات الأمم المتحدة ونحن لا نطالب إلاّ بتطبيق القرارات الدولية.

أضاف :" وفي الحقيقة كان دولة الرئيس بري والوفد مرتاحين للقاءات التي تمت وطبعاً مع رئيس الجمهورية الذي اكتفي بالقول ان الرئيس بري وفي تصريحه لدى خروجه من اللقاء أمس قال : ان موقف النمسا أفضل من دول عربية كثيرة، ولا أجد جملة معبرة أكثر من هذا التعبير، والزيارة كانت مناسبة عرض خلالها الرئيس بري لرئيس الجمهورية ورئيس البرلمان الفيدرالي ورئيس برلمان المقاطعات ووزيرة الخارجية للأوضاع والتطورات ووضعهم في قضية مشكلة الوزاني وعدالة هذه القضية وكيف كانت إسرائيل عندما كانت تحتل لبنان تأخذ الكمية الكبيرة من المياه وان لبنان يطالب بأقل من حقه، لقد كنا مرتاحين لردة فعل المسؤولين النمساويين حول قضية الوزاني وكانوا متفهمين ومؤيدين لموقفنا بالنسبة لهذا الموضوع ".

وتابع : " وبالنسبة للشرق الأوسط لديهم تخوف كبير من تطور الأحداث، وكانت جلسة عميقة مع الدكتور فالدهايم حول هذا الوضع وقد وضعنا في صورة ما يترقبه من تطورات. وأستطيع القول لقد كان هناك ارتياح تام لنتائج الزيارة ولرد فعل المسؤولين النمساويين ومواقفهم من كل قضايانا بما في ذلك تطبيق القرارات الدولية وقضية الألغام ".