كلمة الرئيس نبيه بري في بلدة بيت ليف بمناسبة عيد التحرير
إفتتاح مدرسة ووضع حجر الأساس للمستشفى


 

قام رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي السبت 25/5/2002 بجولة واسعة على المنطقة الحدودية بمناسبة الذكرى الثانية للتحرير واندحار العدو الإسرائيلي، دشن خلالها ثلاث مدارس رسمية في حولا وبيت ليف ويارين وفرع لجامعة الكسليك في بلدة رميش.

 

ورافق الرئيس برّي في جولته وزير التربية والتعليم العالي الأستاذ عبد الرحيم ممثلاً رئيس الحكومة الشيخ رفيق الحريري. وعدد كبير من نواب وحشود كبيرة من أهالي المنطقة ورئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان.

 

بعد حولا انتقل الرئيس بري إلى بلدة بيت ليف حيث دشن المدرسة الرسمية للبلدة فألقى الوزير مراد كلمة في المناسبة، كما تحدث رئيس مجلس الجنوب ورئيس البلدية حسين حمود الذي تمنى الإسراع في بناء المستشفى المقررة في البلدة.

 

 وألقى الرئيس برّي كلمة برزت فيها المواقف التالية:

  • أهل الجنوب عانوا الحرمان من فرص التعليم والطبابة ومن فرصة الماء الذي يتدفق إلى البحر، كان هذا كله قبل أن يشارك المحرومون في إنتاج السلطة ويفتحون شهوة الماء من وادي جيلو وبرك رأس العين وأبار فخر الدين ولوسي، وأخيراً عبر المبادرة الكويتية ـ يفتحون شهوة الماء على عطش الأرض الحلال.

  • ان صناعة بيت ليف الأولى هي صناعة البارود، وصناعة المقاومة وصناعة الأمل. فكان أبناؤها بذار " أمل" الأولى وكانوا طليعة المقاومة الإسلامية وكانت بيت ليف المحرومة حتى من الطرقات السباقة إلى سلوك طريق المقاومة.

     

    حول الأزمة الاقتصادية والمعيشية:

     

  • أؤكد ان إدارة المشكلات تتسم بالحكمة والمسؤولية وحرص الجميع على بناء الثقة بالدولة، وعلى تأمين الحد الأقصى لحقوق الدولة وتعزيز وضع الخزينة.

  • ان في لبنان ما يكفي من الخبراء والاختصاصيين الذين بإمكانهم وضع برنامج اقتصادي – مالي، يمكن بلدنا من توجيه اقتصاده وبناء سياسة مالية تخرجنا من إدارة الأزمة إلى التخفيف من أعبائها، وتخرجنا من الجدل البيزنطي حول فوائد الخصخصة وخطاياها، وتزيل المحاور وخطوط التماس حول مشكلة الخليوي، خصوصاً وان دولاً شقيقة وصديقة سبقتنا إلى التجربة، وبإمكاننا دراسة الحلول والقوانين المعتمدة في هذا المجال لضمان حقوق الدولة وعدم استغلال المستهلك.

  • ان أحداً في لبنان لا يختلف على تحصين الجنوب ودعم صموده بمواجهة أي تهديد إسرائيلي.

     

    حول الوضع في الشرق الأوسط بدءاً من فلسطين:

     

  • إنني أوجه عناية الجميع في لبنان والوطن العربي إلى إننا نقف بمواجهة مخطط يهدف إلى زعزعة العالم العربي، وهذا المخطط وان استهدف الآن الشعب الفلسطيني وكما سيستهدف لبنان وسوريا لا يستثني مصر والأردن ويستهدف العراق، كما أطلق يد الموساد الإسرائيلي لاستهداف المملكة العربية السعودية، وهذا المخطط يضغط أساساً " من أفغانستان باتجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتركيا.

     

    حول المؤتمر الدولي المزمع عقده هذا الصيف:

     

  • إننا ننبه سلفا "إلى ان المشروع الأميركي يتعارض سلفا" مع مبادرة قمة بيروت العربية في جملة عناوين أبرزها:

    1. تجاهل حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة

    2. تبني مشروع " تينت " لإنتاج إدارة فلسطينية وفق معايير تلبي ضرورات الأمن الفلسطيني

    3. تجاهل موضوع القدس

    4. تجاهل تفكيك المستوطنات
      يقابله:

      أ – تبني حكومة شارون نشر المزيد من وحدات الاستيطان
      ب- البدء بتنفيذ خطة جديدة لإقامة حوالى ألف وحدة استيطانية في حيفا على أملاك الفلسطينيين.
      ج- تأكيد السيطرة الاستيطانية على 8و41 من أراضي الضفة الغربية.
      د- تشجيع إسرائيل للفلسطينيين على الرحيل من خلال المغريات.

    5. تجاهل إسرائيل القرارين 242و338.

    6. استخدام المؤتمر الدولي لتوطين الفلسطينيين حيث هم وتمويل العملية.

     

  • ان انعقاد المؤتمر الدولي المزمع على القاعدة التي سبقت، يعيد الأمور إلى نقطة الصفر ويطيح بأسس الحل العادل والشامل تحت مظلة القرارات الدولية، وبمبدأ الأرض مقابل السلام.

نص الكلمة كاملاً:

 

بسمه تعالى

جاء في صفحات كتاب السيرة، ان بيت ليف كانت ولازالت كما كل جبل عامل تشترط على ابنائها ان يبنوا منازلها على صخر، وكان الرجال ولازالوا يقدون الصخر ويحاولون العيش على الزراعات البعلية، فإذا كبرت العائلة وناء رب العائلة بما حمله الزمان من احجيات الحرمان، حمل عائلته بأسنانه ومشى لتأخذه طرق الى طرق الى بيروت والى اصقاع العالم، لعل برداً وسلاماً يطفىء نار حاجته والعائلة، فإذا تم ذلك اشتعلت في قلبه نيران الشوق الى بلدته فيسارع اليها ليجدد البوح لها بحبه، ويعلن توبته عن هجرته ويعود، ولكنه يجد ان شيئاً يكمل شيئاً وان الاحتلال والحرمان يتناوبان الحراسة على اوجاعنا وعلى فضاء اعمارنا وعلى اغتيال ضحكتنا الصريحة، فيجد انه لا بد ان يعود الى صناعة بيت ليف الاولى : صناعة البارود، وصناعة المقاومة وصناعة الامل.

يضيف كتاب السيرة : كان اهل بيت ليف مثل جميع اهل جبل عامل قبل ان تأخذهم الطريق بيدهم الى بيروت في مطالع الخمسينيات، كانوا يحفظون عن ظهر قلب الطريق الى حيفا لعلهم يبيعون غلة مواسمهم او يشترون غلال الضوء لفصل العتمة، وكانـوا اذا سدت الابواب في وجوههم يذهبون الى الاوطان البعيدة فتأخذ الارجنتين منهم زهرة اعمارهم وتترك لنا اسماءهم الحبيبة التي منها احمد حسن حمود الـذي بنى مسجد وحسينية هذه البلدة.

ليس من قبيل الصدفة انني اقرأ صفحات من كتاب السيرة العاملية في كل الامكنة، حيث انني اريد ان انبه ونحن نحتفل بعيد المقاومة وبإفتتاح مشروعات جديدة هي ثمرة جهد مجلس الجنوب والتأسيس لمشاريع جديدة، ان كل هؤلاء الشهداء والجرحى والاسرى هم الذين صنعوا هذه الاعراس، وان ابناء هذه البلدة كانوا السباقين الى سلوك طريق المقاومة منذ منتصف السبعينيات من القرن المنصرم، عندما اطلق الامام الصدر افواجه المقاومة وكانوا بذار "أمل" الاولى، التي اينعت على تلال الطيبة ومسعود وشلعبون في بنت جبيل، وكانوا حراس الدكتور مصطفى شمران ورفاقه وكانوا كذلك طليعة المقاومة الاسلامية.

وفي كتاب سيرة المكان، نذكر ان بيت ليف التي كانت السباقة الى سلوك طريق المقاومة كانت محرومة من الطريق اليها حتى عام 1972 كإبن تبنين فقط أذكر ان هذه البلدة أضربت عن الانتخابات عام 1972 لأنه لم يكن هناك طريق توصل اليها فإذا كان النائب لا يصل اليها لماذا الوصول الى صناديق الاقتراع. أما بالنسبة لموضوع الكهرباء والهاتف والطرقات أقول من الآن وحتى آخر الشهر سنبدأ بتزفيت كل البلدة أما بالنسبة لموضوع مبنى البلدية فلتؤمن من قطعة أرض وأؤمن الأسمنت من الأخوة السوريين، وبالنسبة لحجر الأساس للمستشفى نعلن عنه الآن، وكان أهلها يحملون زادهم وزوادتهم وحجارة منازلهم سيراً لعلهم يصلون في موعد العيد وها قد وصلوا.

 

ايها الاعزاء،

 

رغم اننا نلتقي في مناسبة عزيزة صنعناها بتضحياتنا هي عيد التحرير، الا ان فرحنا يكاد يعبر عن سعادة شقائنا بسبب الازمة الاقتصادية ـ الاجتماعية، وبسبب القلق على المصير المتأتي من :

  • اولاً : التحدي الذي تمثله اسرائيل جراء سياستها العدوانية التي تهدد بتفحير الموقف في المنطقة وهذا ما سأعرض له لاحقاً.

  • ثانياً : الوقائع الداخلية.

في هذا المجال لا تخفي وسائل الاعلام المحلية المعلومات المسربة عن اختلافات حول بعض العناوين ولا اريد ان اجافي الحقيقة حول وجود وجهات نظر متعددة ومختلفة، بل ومتناقضة حول الكثير من العناوين، وحول طريقة ادارة المشكلات وربما حول طريقة ادارة الازمة برمتها.

الا اني اؤكد ان ادارة الاختلاف تتسم بالحكمة والمسؤولية وحرص الجميع على بناء الثقة بالدولة، وعلى تأمين الحد الاقصى لحقوق الدولة وتعزيز وضع الخزينة.

ومن جهتي، فإني اتحرك من موقعي كرئيس للسلطة التشريعية لا يمكنه ان يرى مشكلة الا ويبادر الى علاجها، او ان يرى اختلافا" في وجهات النظر الا ويبادر الى تعزيز الحوار سعياً لتقريب المسافات، ولا يمكنني الا ان اتحرك من موقع مسؤوليتي توصلا" الى الاحتكام للمؤسسات في معالجة القضايا واصدار التشريعات التي تضع الامور في نصابها.

انني من جهتي لم اكن وسيطاً وليس هذا دوري ومهمتي، فأنـا اتصرف دائماً من موقع المسؤولية عن استقرار النظام العام، رافضا" منطق التهويل على اللبنانيين بإعلان الافلاس السياسي او الاقتصادي.

انني في اطار ما تقدم اعود للتأكيد على ما ذهبت اليه خلال كلمتي في عيد العمال، وهو ان في لبنان ما يكفي من الخبراء والاختصاصيين الذين بإمكانهم وضع برنامج اقتصادي ـ مالي، يمكن بلدنا من توجيه اقتصاده وبناء سياسة مالية تخرجنا من ادارة الازمة الى التخفيف من اعبائها، وتخرجنا من الجدل البيزنطي حول فوائد الخصخصة وخطاياها، وتزيل المحاور وخطوط التماس حول مشكلة الخليوي، خصوصاً وان دولاً شقيقة وصديقة سبقتنا الى التجربة، وبإمكاننا دراسة الحلول والقوانين المعتمدة في هذا المجال لضمان حقوق الدولة وعدم استغلال المستهلك.

عدا ذلك، فإني اؤكد لاهلي في الجنوب ان بعض الاختلاف عند اهل الحكم على بعض العناوين لا يفسد في الود قضية، وان الاساس الذي يحكم الجميع ينطلق من ترسيخ الوحدة الوطنية ومأسسة الدولة والاحتكام الى القانون، وان احداً في لبنان لا يختلف على تحصين الجنوب ودعم صموده بمواجهة اي تهديد اسرائيلي. وإذا تأخرنا عن تنفيذ ما وعدنا به فلبتأكدوا تماماً بأن كل الذي تقرر في جلسة بنت جبيل قبل عامين من تعويضات للاصول والفروع والبناء المنجز قد تقرر بقانون وسينفذ لان القانون هو القانون وعلى الجميع تنفيذه.

هذا على المستوى الداخلي، اما على مستوى الوقائع الشرق اوسطية بدءاً من فلسطين، فإنني اوجه عناية الجميع في لبنان والوطن العربي الى اننا نقف بمواجهة مخطط يهدف الى زعزعة العالم العربي، وهذا المخطط وان استهدف الان الشعب الفلسطيني وكما سيستهدف لبنان وسوريا لا يستثني مصر والاردن ويستهدف العراق، كما اطلق يد الموساد الاسرائيلي لاستهداف المملكة العربية السعودية، وهذا المخطط يضغط اساساً انطلاقاً من افعانستان بإتجاه الجمهورية الاسلامية الايرانية ولا يعتقد الاتراك انهم بمنأى عنه.

لقد حاولت الولايات المتحدة الاميركية ترسيخ قناعة لدى البعض، مفادها ان ادارة الرئيس بوش تبنت سياسة (رفع اليد) عن الشرق الاوسط لتتفرغ لمهمة مكافحة الارهاب الدولي على خلفية احداث 11 ايلول (سبتمبر)، ثم وفجأة القت الولايات المتحدة بثقلها على خلفية العمليات الممرحلة للجيش الاسرائيلي، التي استهدفت في مرحلتها الاولى الضفة الغربية وعادت لتتبنى سياسة (وضع اليد) مهولة بالعصا الاسرائيلية اذا اخفقت في دفع الموقف بإتجاه مؤتمر دولي يتبنى مشروع سلام شارونياً. تصوروا آخر هذا الزمن أن شارون صار بطل سلام وفي هذين اليومين يقترحون لنا أن ينال جائزة نوبل. على كل حال إن الذي قبله "بيريز" الذي ارتكب مجزرة قانا قد نال جائزة نوبل ولم يصبح شارون رجل سلام فحسب، بل صار يقترح مؤتمراً للسلام وهو الذي يقترح الاشخاص الذين يدخلون ويخرجون منه. تصوروا هذا الزمن الذي يدعي فيه العرب انهم لا زالوا يتكلمون بالقيم والمؤتمرات والمبادرات ولجنة متابعة انعقدت أخيراً في بيروت ولم تستطع أن تصدر بياناً مشتركاً على الأقل.

اننا ننبه سلفاً الى ان المشروع الاميركي يتعارض سلفاً مع مبادرة قمة بيروت العربية في جملة عناوين أبرزها :

  1. تجاهل حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة.

  2. تبنـي الـدعوة الى انسحاب القوات الاسرائيلية مـن المناطق التـي احتلتها بعد ما سمي بعملية السور الواقي في 29 اذار 2002، دون الاشارة حتى الى الرؤية في اقامة دولة فلسطينية بما يعني تبني مشروع "تينت" لانتاج ادارة فلسطينية وفق معايير تلبي ضرورات الامن الاسرائيلي.

  3. تجاهل موضوع القدس.

  4. تجاهل المطالبة بتفكيك المستوطنات وتبني موقف تجميد الاستيطان. وعندما يتكلمون عن تجميد الاستيطان فيعني ذلك أن لا تفكيك للمستوطنات هناك.

    وفي هذا المجال يكفي الاشارة الى :

    أ - تبني حكومة شارون لقرار بنشر المزيد من الوحدات الاستيطانية في الجولان.
    ب - البدء بتنفيذ خطة جديدة لاقامة 975 وحدة استيطانية في حيفا على ارض تعود ملكيتها لمواطنين فلسطينيين.
    ج - تبني اسرائيل لسلة امتيازات ومغريات لتشجيع الفلسطينيين على الرحيل.
    د - تأكيد السيطرة الاستيطانية على 41.8 من اراضي الضفة الغربية.

  5. تجاهل الخطة لقرار مجلس الامن 338 وتجزئة تنفيذ القرار 242 على مختلف المسارات وعلى كل مسار على حدة، وتبني التفسير الاسرائيلي المتعلق بالانسحاب من اراض محتلة بدل الانسحاب الكامل من الاراضي العربية المحتلة حتى حدود 1967.

  6. استخدام المؤتمر الدولي كغطاء لتمويل عملية توطين اللاجئين الفسطينيين حيث هم. لقد طلعوا علينا بشعار جديد الآن هو تحسين أوضاع المخيمات. انظروا الى هذا العطف بعد خمسين سنه، إن الهدف هو التوطين.

اننا بناء على ما تقدم من معلومات، نرى ان انعقاد مثل هذا المـؤتمر على هذه القاعدة لا يعيد الامور الى نقطة الصفر فحسب، بل انه يطيح بأسس الحل العادل والشامل تحت مظلة القرارات الدولية. فليطيحوا بالقرارات وبمنظمة الامم المتحدة نفسها.

اننا في السياق نفسه نرى ان اسرائيل تحاول ان تستثمر على عامل الوقت حتى انعقاد هذا المؤتمر وما بعده من اجل هضم الضفة الغربية، بما يمكنها على ابواب الانتخابات التشريعية الاميركية من استغلال الموقف لتوسيع عدوانها وايضاً الاستثمار اسرائيلياً على سياسات اشد تطرفاً على خلفية المواجهة المحتملة بين شارون ونتنياهو على زعامة الليكود.
ما تقدم قليل عليكم ولا يعوض الجزء اليسير لحرمانكم وكلنا أمل أننا سنتمكن سوياً من جعل بلدتكم انموزجاً يحتذى به على مستوى لبنان.

 

عشتــــم
عاش لبنـان