كلمة الرئيس نبيه بري في بلدة رميش الجنوبية بمناسبة عيد التحرير

وإفتتاح فرع لجامعة الروح القدس


 

قام رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي السبت 25/5/2002 بجولة واسعة على المنطقة الحدودية بمناسبة الذكرى الثانية للتحرير واندحار العدو الإسرائيلي، دشن خلالها ثلاث مدارس رسمية في حولا وبيت ليف ويارين وفرع لجامعة الكسليك في بلدة رميش.

 

ورافق الرئيس برّي في جولته وزير التربية والتعليم العالي الأستاذ عبد الرحيم ممثلاً رئيس الحكومة الشيخ رفيق الحريري. وعدد كبير من نواب وحشود كبيرة من أهالي المنطقة ورئيس مجلس الجنوب قبلان قبلان.

 

بعد حولا وبيت ليف و يارين انتقل إلى بلدة رميش حيث دشن افتتاح فرع لجامعة الروح القدس.

 

في الخامسة عصراً رعى الرئيس بري حفلة تدشين فرع جامعة الكسليك في بلدة رميش وتحدث في الاحتفال رئيس دير سيدة البشارة الأب شكر الله شوفاني، ورئيس بلدية رميش إبراهيم الحاج ورئيس جامعة الكسليك الأب كرم رزق، ثم ألقى رئيس الرهبانية المارونية الأباتي أثنايوس جلخ كلمة قال فيها: بقاء أهلنا وأبنائنا في مناطقهم، إسهاماً في إنماء هذه المنطقة وتعزيزاً لتجذرهم فيها واختلاطهم وتفاعلهم مع جميع أبنائها. ونطلق نداء من هذه المنطقة الحدودية بالذات إلى أبنائنا الشبان والشابات أن يتمسكوا بأرضهم التي عانى أهلها الأمرين في سبيل الحفاظ عليها والبقاء فيها.
وتحدث الوزير مراد فقال انه حين يفتح فرع لجامعة الكسليك في رميش، فإنما هو تأكيد على ان العلم للجميع، وان العلم للمجتمع، وان الجامعات لم تعد أبراجاً عاجية لا يرتادها إلا المترفون وإنما أصبحت رؤية مستقبلية لاستكمال بناء الإنسان.

 

وكانت كلمة الختام للرئيس بري وقد برزت فيها المواقف التالية:

  • جئنا لنشهد أن هذا الجنوبي الصلب الذي لم يهاجر ولم يتاجر، تجرأ حيث يتجّرأ صناع القرارات ورجال الساسة وأصحاب رؤوس الأموال على فتح الأبواب أمام فرع لجامعة الروح القدس – الكسليك، التي نشهد لها في مجال التعليم العالي بالفضل على رجالات لبنان في مختلف قطاعات العلوم والمهن.

  • إننا نوجه انتباه العالم إلى قوة التصميم وإلى الروح المعنوية العالية وإلى الإيمان الشديد الذي يتجلى به أهل الجنوب وأهل المنطقة الحدودية بصفة خاصة.

  • إن مثل هذا الإيمان الذي يحمي ثغورنا ، ليس بالسلاح وحده، بل بالعلم، سوف لا يمكن لأحد أن يكسر صمودنا أو يطبع إرادتنا.
    وأوجه هذا الكلام إلى سلطة القرار في إسرائيل وعلى رأسها شارون.
    وأقول: بأننا لن نخاف التهديدات ولن ترهبنا عروض القوة، بل اننا اليوم رغم العدوان الدموي الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، أصبحنا أكثر قناعة بعجز القوة الإسرائيلية عن كسر إرادة الشعب الفلسطيني، مؤكدين سلفاً إيماننا بأن القوى الحية لهذا الشعب قادرة على استنهاض فعل انتفاضتها ومقاومتها وصولاً إلى تحقيق الأماني الوطنية للشعب الفلسطيني، وفي الطليعة حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف. ان حكومة شارون تخالف حقوق الإنسان وفي طليعتها حقه في السكن على أرض وطنه كما تخالف القانون الدولي الإنساني ـ رغم تلم النتيجة ـ فإنه من المؤكد ان كنيسة المهد تبشر بقيامة الشعب الفلسطيني الذي سيتمكن دون شك من إثبات عجز القوة عن كسر إرادته وبالتالي طرد التجار من الأرض المقدسة كما تمكنا من طردهم من أرض القداسة من الجنوب.

  • إنني على خلفية التهديدات الإسرائيلية لبلدنا أؤكد ولأهلنا الذين طال صبرهم والذين يتوجسون من تجربة جديدة، انه مهما اتجهت الأمور بظل الوضع المفتوح حتى على الانفجار الكبير، فان أحداً غير الله لن يستطيع ان يأخذ منا ما حققناه بشهادتنا، وإننا جميعاً، جميع قوى لبنان الحية وجميع فئات وجهات وطوائف لبنان، وجميع معاهد التعليم العالي في لبنان وخصوصاً جامعة الروح القدس التي تؤسس لهذا الموقع المتقدم، سنكون في موقع المقاومة، ان إيماننا الذي تجسد اليوم بإعلاء هذا الصرح التربوي سيتجسد في تلك اللحظة وفي كل لحظة في مدرسة المقاومة التي أسس لها رسول التعايش في لبنان الإمام السيد موسى الصدر وأخوته، وفي طليعتهم المرحوم غبطة البطريك خريش.

  • نقول بضرورة تحقيق الربط بين صناعة التربية أي العلم والتعليم والتكنولوجيا وبين العمل المنتج كمطلب لازم.

  • أدعو إلى إعادة النظر في معتقداتنا التربوية وفي أسلوبنا وإدارتنا وفي مناهجنا.

ص الكلمة كاملاً:

 

بسمه تعالى

 

…ها نحن في رميش، نشهد لهذا الجنوبي المقاوم بإمتياز وفي عرس التحرير، هذا المقاوم الذي عاد ليكّرز في بلدته، والذي تمكن بإيمانه ان يفسر حلمه ببناء هذا الصرح الذي جئنا كلنا اليوم، من اجل ان نكون اول التلاميذ فيه على مقاعد كتاتيب اللغات والعلوم، ولنصعد من صف الى صف حتى مراحل التعليم العالي، ولنشهد كذلك ان هذا الجنوبي الصلب الذي لم يهاجر ولم يتاجر، تجرأ حيث لم يتجّرأ صناع القرارات ورجال السياسة واصحاب رؤوس الاموال على فتح الابواب امام فرع لجامعة الروح القدس ـ الكسليك، التي نشهد لها في مجال التعليم العالي بالفضل على رجالات لبنان في مختلف قطاعات العلوم والمهن حتى في العروبة.

 

أيها السادة،

 

ليس من قبيل الاطراء ان اوجه انظاركم الى صاحب الفضل في بناء هذا الصرح، فقد اردت من وراء ذلك توجيه انتباه العالم الى قوة التصميم والى الروح المعنوية العالية، والى الايمان الشديد الذي يتحلى به اهل الجنوب واهل المنطقة الحدودية بصفة خاصة، ولاقول ان مثل هؤلاء الرجال الذين يسيجون حدودنا، ومثل هذا الايمان الذي يحمي ثغورنا، ليس بالسلاح وحده بل بالعلم، سوف لا يمكن احداً في الارض من ان يكسر صمودنا وان يطوع او يطبع ارادتنا.

انني اوجه هذا الكلام الى سلطة القرار في اسرائيل وعلى رأسها شارون، التي ما تنفك تطلق التهديدات ضد لبنان بمناسبة ودون مناسبة، ولا تنفك تستعرض كل يوم طائراتها في مجالنا الجوي وسفنها الحربية في حرمة مياهنا الاقليمية، والتي لاتزال تحتـل اجـزاء عزيزة من ارضنا مباشرة في مزارع شبعا وتـلال كفر شوبا وغير مباشرة بواسطة حقول الموت التي تمثلها الالغام، بأننا لن نخاف التهديدات ولن ترهبنا عروض القوة، بـل اننا اليوم رغم العدوان الدموي الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني، اصبحنا اكثر قناعة بعجز القوة الاسرائيلية عن كسر ارادة الشعب الفلسطيني، مؤكدين سلفاً ايماننا بأن القوى الحية لهذا الشعب قادرة على استنهاض فعل انتفاضتها ومقاومتها وصولاً الى تحقيق الاماني الوطنية للشعب الفلسطيني، وفي الطليعة حق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف. حق العودة لأن لا وطن بلا إنسان وإذا كانوا يعتبرون أن قضية فلسطين قضية أرض أو قطعة أرض فهم مخطئون. انها قضية الانسان وليس التوطين مجال لبنان، بل العودة مجال فلسطين.

ومن أعراس قانا الى بيت لحم وكنيسة المهد ورغم النتيجة المؤلمة للاعتصام التي صفت وفرزت المعتصمين حسب مقتضيات الامن الاسرائيلي ووزعتهم حسب رغبة حكومة شارون على السجون والمنافي خارج ملعب طفولتهم وارض وطنهم في سابقة تخالف حقوق الانسان وفي طليعتها حقه في السكن على ارض وطنه كما تخالف القانون الدولي الانساني ـ رغم تلك النتيجة ـ فإنه من المؤكد ان كنيسة المهد تبشر بقيامة الشعب الفلسطيني الذي سيتمكن دون شك من اثبات عجز القوة عن كسر ارادته وبالتالي طرد التجار من الارض المقدسة كما تمكنا من طردهم من ارض القداسة من الجنوب.

انني على خلفية التهديدات الاسرائيلية لبلدنا اؤكد ولاهلنا الذين طال صبرهم والذين يتوجسون من تجربة جديدة، انه مهما اتجهت الامور بظل الوضع المفتوح حتى على الانفجار الكبير، فان احداً غير الله لن يستطيع ان يأخذ منا ما حققناه بشهادتنا، واننا جميعاً، جميع قوى لبنان الحية وجميع فئات وجهات وطوائف لبنان، وجميع معاهد التعليم العالي في لبنان وخصوصاً جامعة الروح القدس التي تؤسس لهذا الموقع المتقدم، سنكون في موقع المقاومة، ان ايماننا الذي تجسد اليوم بإعلاء هذا الصرح التربوي سيتجسد في تلك اللحظة وفي كل لحظة في مدرسة المقاومة التي اسس لها رسول التعايش في لبنان الامام السيـد موسى الصدر واخوته، وفي طليعتهم المرحوم غبطة البطريك خريش.

 

أيها السادة،

 

ان من حقكم ان تسألوا عن عائد التحرير وان تلمسوا المشروعات وان يجري على الاقل اعادة تعبيد الخط العام من الناقورة الى بنت جبيل ومن رميش الى يارون.

من حقكم ان تسألوا عن مشروعات الوزارات والادارات المختلفة. من حقكم أن تسمعوا ان تأييد المقاومة يجب أن يترجم اعمالاً. من حقكم ان تشعروا ان الدولة تتصرف تجاهكم كالام الملهوفة على اولادها بعد طول فراق.

من حقكم ان لا تكتفوا بأخذ دفتر السواقه من دون السيارة، هذا أمر واضح من حقكم أن تشاهدوا على الأقل مثل ما شاهدتم رئيس وزراء العدو وحكومات العدو زاروا الجليل ومناطق محاذية للبنان على أثر شغلة بسيطة. من حقكم أن تروا دولتكم كلها تكد كدة واحدة نحو لبنان الجنوبي والجنوب.

من حقكم ان تلمسوا وجود فرص للعمل ومن حق ابناء هذه المنطقة ان لا يجدوا انفسهم مضطرين الى شراء مياه الشفة والى استهلاك مواردهم على الهاتف النقال.

ان كل ذلك من حقكم، نعـــم.

ان من حقكـم ان يجري التعـويض عليكم عن خمسين عاماً من العذابات المترتبة على العدوان والاحتلال الاسرائيليين، نعــم،

إن من حقكم على الوطن ان يدللكم، نعــم،

ولكن من حق الوطن عليكم ان تصمدوا وان تصبروا حتى يتمكن البلد من تجاوز المحنة الاقتصادية والحصار الاقتصادي، وانا اعرف بل انني متأكد انكم ستمنحون الدولة الوقت الكافي لاعادة ترتيب الوقائع الاقتصادية، وساعتئذ فإنكم ستحتلون الموقع الاول في ترتيب الاولويات الوطنية التنموية. سيما وأن هذا الامر قد تكرس بقوانين ملزمة ونافذة.

وبالعودة الى هذا الصرح التربوي ودوره ودور التربية، فإنني لن ازيد على من سبقني في تمجيد العلم، الا انني اجدد توجيه عناية جميع المعنيين بالنظام التربوي الى ان التربية اضحت صناعة من كبريات الصناعات، وان هذا الامر يتطلب ضرورة تحقيق الربط بين هذه الصناعة او بالاحرى بين العلم والتعليم والتكنولوجيا وبين العمل المنتج، لأن هذا الامر اصبح مطلباً لازماً لتحقيق التكامل العضوي بين التعليم والتعليم العالي على وجه الخصوص وبين حاجات تنمية الموارد البشرية.

اني اذ ادرك ان هذا الصرح التربوي بكل مراحله وصولاً الى التعليم العالي هو حاجة لبنانية ماسة وهو حاجة جنوبية، لا يعبر ولن يعبر عن توسع كمي بل عن توسع نوعي، والحاجة الملحة ليست لتعويض من لا يستطيعون الوصول الى الجامعات ومعاهد التعليم العالي المتمركزة في العاصمة او بعض المواقع فحسب، وانما كذلك تلبية حاجة الريف والاطراف الى الاختصاصات التي تنبع من الارض والطبيعة وفرص العمل الممكنة.

كما اني في مجال التربية والتعليم اود انطلاقاً من هذا الصـرح التربوي، ان اؤسس لحوار فاعل خدمة لنظامنا التربوي، ينطلق من تعليق كل معتقداتنا حول ان للمدارس وظيفة محددة، ونطرق باب جملة مفيدة هي ان اطفالنا وابناءنا هم اهم مورد طبيعي للدولة في لبنان، ولأن اطفالنا وابناءنا كذلك فمن الطبيعي ان لا يبقى دور المدرسة في كل هذا العالم الحديث كما كان عليه منذ خمسين عاماً، وان نعتقد اننا حققنا قفزة عبر ما سمي المنهاج التربوي، في حين ان ما حققناه تعقيد تفصيلي لواقع التربية.

أليس من الحكمة والواجب ان نعيد النظر في معتقداتنا التربوية وفي اسلوبنا وادارتنا التربوية وفي مناهجنا، وكيف ستخدم هذه المناهج في صناعة مستقبل اطفالنا ووطننا ؟

أترك السؤال معلقاً، واعرف تماماً ان معالي الوزير الصديق عبد الرحيم مراد والاسرة التربوية الحاضرة، واسرة جامعة الروح القدس سوف لا يفوتهم تماماً الاهتمام بالجواب، في عالم يكاد يصل فيه عدد مستخدمي الانترنت الى المليار، وتصل فيه نسبة الاطفال والشبان دون العشرين من مستخدمي الانترنت الى الخمسين بالمئة نصفهم من اطفال العالم النامي.

هنا اود ان اوجه عناية كل التربويين الى دراسة نشرها مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بعنوان مدارس المستقبل تقول : انه خلال فترة ثمانية اوعشرة اعوام من الان، ستكون اللغة الاكثر استخداماً في التخاطب عبر شبكة الانترنت هي اللغة الصينية، وليست الانكليزية، وستكون الانكليزية هي اللغة الرئيسية الثانية. الا يستحق ذلك ان نبحث عن موقعنا ولغتنا في عالم الانترنت. أين اللغة العربية في عالم الانترنت فهل أن اللغة العربية تلحق السياسة العربية.

هل ترانا يجب ومن اجل المستقبل ان نؤسس لانقلاب على التدريس لصالح التعليم ابتداء من الصفوف الابتدائية ؟

أترك هذا الجواب معلقاً على تقييمكم وعلى خطواتكم اللاحقة.

وبعد وبعد، وبالعودة الى مساء رميش والى هذا الصرح، فإنني اتنبأ بأن عالم التقنية الرقمية الذي نعيش سيمكن ان يكون الانتماء والبقاء في الريف هو الذي سيوفر نمط حياة جديدة، وهو الذي ستتوافر فيه الوظائف الجيدة والرعاية الجيدة، وعليه فإن هذه المدرسة / الجامعة ستكون الانموذج الاكثر عصرية للمستقبل في لبنان.

 

عشتــــم
عاش لبنـان