ورشة عمل بعنوان: وطن ذوي الإرادات الصلبة
الإثنين 11 شباط 2019
ورشة عمل حوارية حول دور المجلس النيابي في تحريك عجلة الإقتصاد في لبنان
الأربعاء 30 كانون الثاني 2019

لقاءً حوارياً حول دور مجلس النواب في متابعة تنفيذ قانون حماية النساء وسائر افراد الأسرة من العنف المنزلي

home_university_blog_3

             

نظمت الأمانة العامة لمجلس النواب ولجنة حقوق الإنسان بالتعاون مع مؤسسة وستمنستر للديمقراطية لقاءً حوارياً حول "دور مجلس النواب في متابعة تنفيذ قانون حماية النساء وسائر افراد الأسرة من العنف المنزلي"، ودلك عند الساعة العاشرة من قبل ظهر يوم الإثنين الواقع في 4 شباط 2019 في قاعة المكتبة في مجلس النواب.

 

وتركز النقاش على دور البرلمانات في الرقابة اللاحقة على التشريعات، ومناقشة النتائج التي أفرزتها اللائحة المعدة لتقييم مدى تطبيق وفعالية تنفيذ قانون حماية النساء وسائر افراد الأسرة من العنف المنزلي. وتخلل اللقاء عرض عن أبرز التحديات التي حالت دون التطبيق الفعال لهذا القانون بالإضافة الى اقتراح توصيات لضمان تطبيقه.


حضر اللقاء رئيس لجنة حقوق الإنسان النائب ميشال موسى، والنواب السادة: رولا الطبش، فؤاد مخزومي، شامل روكز، ياسين جابر، نواف الموسوي، علي بزي، سيمون ابي رميا، علي عمار، إدي ابي اللمع، جان طالوزيان وقاسم هاشم.

 

كما حضر:

- رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز.

- الأستاذة الجامعية الدكتورة أوغريت الحلو.

- ممثلون عن وزارتي العمل والشؤون الإجتماعية ومنظمتي "كفى" و"أبعاد" ومؤسسات وهيئات اجتماعية.

 

بداية قدمت السيدة حسنة منصور مسؤولة مكتب بيروت لمؤسسة وستمنستر للديمقراطية، ثم كانت كلمة للنائب ميشال موسى قال فيها:

يسعدنا أن نلتقي على مناقشة مسألة بالغة الأهمية في مجتمعنا ألا وهي العنف المنزلي الذي يشكل آفة خطيرة، للتشاور في السبل الكفيلة معالجته بشتى أشكاله بطريقة ناجعة.

 

هذه المكافحة المنشودة، ترجمت في خطوة أولى أساسية، بإقرار مجلس النواب الكريم قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري في 7 أيار 2014، والذي نحن اليوم في صدد البحث في توصيات من شأنها أن تفعّله وتعزّز الرقابة البرلمانية على تنفيذه.

 

أيها السيدات والسادة،

 

لقاؤنا اليوم بدعوة من الأمانة العامة لمجلس النواب ولجنة حقوق الانسان، بالتعاون مع مؤسسة "وستمنستر للديموقراطية"، يهدف الى إبراز الدور الذي يضطلع به مجلس النواب في مراقبة تنفيذ هذا القانون، والتحديات التي تحول دون تطبيقه بطريقة فعّالة تجعله يؤدي الغاية المرجوة منه وهي حماية أفراد الأسرة ولاسيما منهم الأكثر ضعفاً. فحماية الأسرة وتحديداً المرأة والطفل، أمر في غاية الأهمية، وهي في صلب حقوق الانسان البديهية.

 

ولقد شكل إقرار هذا القانون الذي أبصر النور بعد جهد كبير مشكور، والذي جاء خلاصة تعاون برلماني مع الادارات الرسمية وهيئات المجتمع المدني المعنية، خطوة متقدمة على صعيد التشريعات المتعلقة بحماية المرأة والطفل، وعلى صعيد تنفيذ لبنان التزاماته الدولية في ما يتعلق بالحد من التمييز ضد المرأة، وإعلان الأمم المتحدة للقضاء على العنف ضد المرأة، ومؤتمر بيجينغ.

 

غير أن الممارسة، أظهرت ثغرات في هذا القانون ينبغي معالجتها، نظراً الى أن حماية المرأة المعنّفة المتوخاة منه غير كافية، والاحالة على قانون العقوبات غير ملائمة، وضرورة أن يكون القرار لدى المدعي العام وليس لدى قاضي الأمور المستعجلة، إضافة الى مضاعفة العقوبة في حال تكرار العمل العنفي، فضلاً عن إيجاد جهات مختصة لتأهيل المعنِّف للحؤول دون جنوحه مجدداً الى المخالفة.

 

أيها السيدات والسادة،

 

نعلم جميعاً أن الحياة السياسية اللبنانية شهدت في الأعوام السابقة، سلسلة أزمات انعكست على أداء المؤسسات الدستورية، الأمر الذي أثار حالاً من التقاعس في تنفيذ القوانين. لذلك، شكل دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري لجنة من أجل متابعة تنفيذ القوانين برئاسة النائب الزميل ياسين جابر، والأمر مرتبط تالياً بتشكيل الحكومة.

 

وعلى الصعيد البرلماني، تقدم عشرة نواب يمثلون سائر الكتل النيابية، وأنا منهم، باقتراح قانون الى مجلس النواب في 26 تشرين الثاني الماضي، يرمي الى تعديل قانون العنف الأسري، وأعلن عن ذلك في مؤتمر صحافي، في حضور الهيئة الوطنية لشؤون المرأة وجمعية "كفى".

 

وأبرز ما يتضمنه هذا الاقتراح من تعديلات: إعادة تعريف  الأسرة، إعادة تعريف العنف الأسري، اعتبار جريمة العنف الأسري جريمة قائمة في ذاتها، اعتماد مبدأ القاضي المتخصص في قضايا العنف الأسري، تخصيص أمر الحماية للنساء، شمول الحماية الأطفال، تكريس حق الضحية في إخراج أولادها معها حكماً، إلزامية جلسات التأهيل للمعنِّف وغيرها.

 

إن استمرار التعاون بين البرلمان والادارات الرسمية وهيئات المجتمع المدني في هذا المجال، من شأنه أن يؤتي ثماره حماية للأسرة من جرائم العنف التي تهدد بتفكك الأسر وجنوح أفرادها المعنّفين الى سلوكيات مؤذية لهم ولمجتمعهم. لذلك، نأمل في مناقشات تثري لقاءنا الحواري، في ضوء مطالعة الدكتورة مرغريت الحلو، سعياً الى توصيات موضوعية تعزز تطلعاتنا الى أسرة محصّنة من العنف.

 

ثم عرضت الدكتورة أوغريت الحلو لنموذج قائمة ولائحة مراجعة تنفيذ القوانين وتطبيقه على قانون العنف ضد المرأة وسائر أفراد الأسرة (القانون رقم 293/2014)، مشيرة الى أن لبنان ومعه بعض الدول العربية شهد في الآونة الأخيرة تقدماً ملحوظاً في اعتماد تشريعات جديدة تحمي المرأة من العنف، وإلى إقرار البرلمان اللبناني للقانون 293 في العام 2014.

وأشارت الدكتورة الحلو الى أن العنف يتزايد عالمياً وإقليمياً، ودعت الى إعادة النظر في التشريعات وتعديلها. وقالت: إن ملاحقة ومراجعة تنفيذ القوانين والعمل الرقابي على عمل السلطة التنفيذية جزء من العمل التشريعي وان من اهداف الملاحقة والمراجعة التأكد من ان القانون يطبق فعلياً والمساهمة في تحسين التشريع وتحديد العقبات للعمل على تخطيها.

ولفتت الى أن العديد من البرلمانات يقوم بالمراجعة اللاحقة للقوانين، إما من قبل لجان برلمانية او من قبل لجنة خبراء، وأن لبنان لم يكن بمنأى عن هذه الإهتمامات عندما شكل رئيس المجلس النيابي لجنة برلمانية مؤقته لمتابعة تنفيذ القوانين.

وأكدت الدكتورة الحلو  على أهمية العمل على ملاحقة وتقييم تطبيق القوانين، مشيرة الى ان هناك اسباباً جوهرية تلزم البرلمان بالقيام بهذه المهمة، منها ضمان معالجة وتبرير الآثار العكسية للقانون الجديد وتعزيز نظام موحد لتقييم مدى فعالية قانون معين. كما اكدت أن هناك عوامل جوهرية اخرى تزيد من تعقيد عملية الملاحقة والتقييم للقوانين التي تتعلق بالأسرة والمرأة تحديداً في بلد غير متجانس في تركيبته الإجتماعية، كلبنان خصوصاً وانها مواضيع تكون انعكاساتها على مفهومي الهوية والبقاء ومحاولة تحقيق تغيير في الثقافة والتقاليد المترسخة. كما تحدثت عن اشكال العنف المبلغ عنها لدى جمعيتي كفى وأبعاد.

 

ثم أعلنت عن أهم النجاحات في مسار تطبيق القانون، أبرزها التعاون الوثيق بين منظمات المجتمع المدني وجهات دولية مانحة، بناء قدرات الجهات المعنية بتنفيذ القانون، فضلاً عن تدريب محامين وقضاة وإعلاميين وقوى الأمن الداخلي والأمن العام، إضافة الى عمل وزارة الشؤون الإجتماعية على إصدار وتطوير وتعميم أدوات الرصد وحملات التوعية الوطنية التي أطلقت بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي ووزارتي الشؤون الإجتماعية ووزارة الصحة العامة.

 

وتحدثت عن النجاحات على صعيد القضاء، والمتعلقة بالقرارات القضائية التي استندت الى المعاهدات الدولية للتوسع في تطبيق القانون وتجاوز بعض نواقصه.

 

وخلصت الى الحديث عن التحديات، منها غياب الإدارة السياسية الجادة في التعاطي مع قضايا المرأة والضغوط الطائفية على العملية التشريعية في كل ما يتعلق بالمرأة والثقافة الذكورية السائدة على جميع الصعد وتدخل بعض النافذين في عمل الجهات المولجة تطبيق القانون وافتقار صناع القرار للوعي لأهمية الإحصاء في التخطيط، فضلاً عن تحفظ لبنان على "سيداو" ووضع الإستراتيجيات والخطط، وتأمين الموارد اللازمة وانكار حق الطعن بدستورية القوانين على الفئات المعنية المتضررة.

 

ثم كانت مداخلات لعدد من النواب،

وقال النائب نواف الموسوي في مداخلته:

ونحن نسعى إلى حماية المرأة علينا أن لا نغفل كل القطاعات التي يمكن الإستفادة منها إيجاباً. وبالنظر إلى ما تشير إليه بعض الدراسات في فرنسا من تعرض إمرأة للإغتصاب كل 6 أو 7 دقائق، فحالة العنف ضد المرأة لا يمكن أن تلجمها القوانين والتشريعات، ويبدو أننا بحاجة إلى شيء آخر، قد يكون ثقافياً، أو بسيكولوجياً، يمكن أن يتعاضد مع القوانين والتشريعات. وبما أن المجتمع اللبناني مجتمع طائفي كما يعرف عنه، فمن المفترض أنه مجتمع متدين، لذا ينبغي أن تستخدم المرجعيات الدينية الفكرية والسلوكية نحو ترشيد الإنسان لتأهيله إلى مراتب السمو الإلهي.

 

إن أكبر إعتداء على الشريعة في لبنان هو أن يتصرف بعض الناطقين باسمها وكأنهم يدافعون عن العنف، أو عن الإغتصاب، أو عن الجرائم التي ترتكب بحق المرأة، وهذا ليس صحيحاً، فنبينا قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

 

إن الأسرة تتأسس قرآنياً على مفاهيم أساسية منها السكن القائم على المودة والرحمة. فكيف يمكن لمفاهيم المودة والرحمة والسكن أن تشرع بأي شكل من الأشكال عنفاً يمارس ضد المرأة، أكانت زوجةً أو أماً؟. فليس صحيحاً أنه عندما يتقدم بعض الناطقين باسم الشريعة بأطروحات تتنافى مع الأطروحة القرآنية والنبوية، بل على العكس من ذلك يجب أن نقدم هذه المسائل.

 

إني أدعو ألا تبقى قضية حماية المرأة من العنف أسيرة الجدل حول المادة 9 من الدستور لجهة أنه هل يحق للقانون المدني التدخل أم أن القضية خاصة بقانون الأحوال الشخصية. فحتى في قانون الأحوال الشخصية من قال أن هناك تبريراً للعنف، أو تبريراً للحرمان من رؤية الأولاد، أو تبريراً للإضطهاد؟ لذلك، إني دعوت دائماً إلى تطوير الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية بما يعيد لها صيغتها الحقيقية المتسمة بالطابع الإنساني الإلهي وليس الإنساني العادي.

 

كما تحدث النائب فؤاد مخزومي، فقال:

ليس العنف ضد المرأة بقضية حديثة النشأة، بل تعود إلى أيام الجاهلية حينما كان الرجل يلجأ إلى وأد بناته متى شعرت القبيلة بضعف قد يتيح لأعدائها فرصة غزوها والنيل من شرفها من خلال التعدي على إناثها. وكان هذا عائداً إلى اعتبار العجز صفة ملازمة للأنثى التي يضحى بحياتها من أجل عزة الجماعة وعنفوانها.

 

للأسف لا تزال بيننا حتى في القرن الواحد والعشرين رواسب من هذه المعادلة المشؤومة غيرِ المنصفة. فالمرأة نصف المجتمع وأحد أركانه الرئيسية وهي جزء لا يتجزأ منه. وتستحق أن تأخذ مكانتها التي تليق بها في المجتمع وأن تحصل على حقوقها كاملة في العلم والعمل من غير نقصان، وأن تتبوأ أعلى المراكز وأن تعطي الجنسية لأبنائها. وجميعنا يعلم بالإحصاءات التي تتناول العنف ضد المرأة. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإن العنف ضد النساء هو مشكلة صحية عالمية ذات أبعاد وبائية. لذا فإننا بحاجة فعلياً إلى استراتيجيات جديدة من شأنها أن تعالج الأسباب الجذرية لهذه الآفة المجتمعية وتسمح للمرأة بالعيش بسلام من دون تهديد بالعنف.

 

لقد حصل تقدم ملموس في السنوات الماضية في مجال القوانين التي تحافظ على حقوق المرأة ودورها في المجتمع، لكن ذلك لم يمنحها حقوقها كافة لأن الأمر تتم مقاربته بطريقة طائفية ومذهبية. كما أن التعديل يطاول جزءاً بسيطاً من المادة القانونية ويغض النظر عن المواد المرتبطة بها والتي يلزمها إما تعديل أو إلغاء لتكتمل صورة الدفاع القانوني عن المرأة وبالتالي منع استباحة شأن المرأة أو التعدي عليها بأي صورة كانت باسم القانون.

 

إني أثني على الإنجاز الذي حققه المجلس النيابي بإلغائه المادة 522 من قانون العقوبات الذي ينص على عدم ملاحقة المعتدي قانونياً في حال تزوج من ضحيته. إلا أن هذا الإنجاز يبقى منقوصاً إذ لم يتم إلغاء مفاعيل المادة 522 وما يتبعها من مواد بالكامل.

 

كما أدعو إلى إلغاء الطائفية السياسية من النفوس والنصوص، والإنفتاح على بعضنا البعض والتعاون كشركاء يعيشون تحت سماء بلد واحد كي لا يبقى هذا الكلام حبراً على ورق. فمن الضروري حماية المرأة من العنف الأسري وإحقاق العدالة الإجتماعية ودعمها لأنها تبقى أساس المجتمع وعنوان نهضته. ولا شك أن وجود 4 نساء وزيرات في الحكومة الجديدة يجب أن يشكل دافعاً إضافياً لإنصاف المرأة. إذ يجب أن تكون المرأة اللبنانية قادرة على إعطاء الجنسية لأبنائها، خصوصاً أولئك الذين يولدون ويعيشون في لبنان، وهذا حق لا فصال فيه ويجب أن تحصل عليه أسوة بالرجل.

 

ونحن في مجموعة مخزومي، وفي المؤسسة التي ترأسها زوجتي مي هي عضو في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة والتي تمثل لبنان اليوم في اجتماع المجلس الإجتماعي والإقتصادي لجامعة الدول العربية. وفي جمعية بيروتيات التي ترأسها السيدة هدى قصقص وتمثلنا في المجلس البلدي لبلدية بيروت، وفي مختلف مؤسساتنا نحترم المرأة، ولطالما كنا من داعمي المرأة في مختلف المجالات، ونعاهد المرأة اللبنانية بأننا لن نتراجع عن دعم حقها في العلم والعمل والمساواة والتمكين. ونتطلع إلى أن تتبوأ المرأة أعلى المواقع والمراكز وأن تتساوى في المراتب والرواتب.

 

يجب أن نقوم نحن في مجلس النواب بدورنا في تحديث القوانين الخاصة بوضع حد للعنف ضد المرأة والعنف الأسري عموماً فلا يبقى المذنبون والجناة من غير محاسبة لأن القانون قاصر عن محاسبتهم.

 

وأخيراً، نجد أن الحل الدائم الوحيد لمشكلة العنف ضد المرأة يكون ببناء مجتمعات تحترم وتمكن المرأة وتعطي الأولوية لتأمين حقوقها كافة وجعلها على رأس السلطة، فمن رحم المرأة يولد الرجل.

 

من جهتها، أكدت السيدة كلودين عون روكز على أهمية وجود قانون يحمي النساء من العنف وعلى متابعة هذا الموضوع. وأعلنت أن الهيئة تعد قانوناً نموذجاً للعنف يشمل التوعية والوقاية.

 

بدوره، شدد النائب سيمون ابي رميا على تطبيق القوانين، مشيراً الى قانون منع التدخين. ودعا الى القيام بحملات إعلامية وإعلانية للتوعية من العنف، معتبراً ان الأرقام المتصلة بحالات التعرض للعنف لا تمثل الواقع.

 

أما النائب إدي أبي اللمع فقد شدد على دمج بعض المواد المتصلة بالعنف حتى لا يأتي القانون متشعباً.