الرئيس نبيه بري افتتح ندوة "البرلمان في الحوار الوطني" بتأكيده: "لن يتمكن أحد من تهديد السلم الأهلي"


 

افتتح رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري الاثنين 6/2/2006 في المجلس النيابي أعمال ندوة حول "دور البرلمان في الحوار الوطني" بحضور حشد كبير من النواب وأعضاء السلك الديبلوماسي في لبنان وممثلي النقابات والهيئات والمنظمات الدولية بالكلمة التالية:

 

"طبعاً الكلمة غيرتها أحداث الأمس،

 بداية وإزاء الوقائع الأليمة التي جرت بالأمس أقول بكل الثقة بالنفس وثقة باللبنانيين أن:

 

       لبنان بخير

       بل إن لبنان بألف خير

       وان أحداً لن يتمكن من إعادة عجلة الأمور إلى الوراء.

       وان أحداً لن يتمكن من تهديد السلم الأهلي.

       أقول ذلك باسم المجلس النيابي وكتله النيابية وما تمثل في حياة المجتمع والدولة.

       وأقول ذلك باسم الأحزاب والاتحادات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني.

       وأقول ذلك باسم المقاومة.

 

       وأقول ذلك وباسم جورج حاوي (أبو أنيس) وباسم جبران تويني الزميل والصحافي وباسم سمير قصير وكل من أصابهم الموت المفخخ بالشظايا والآلام،

       وكذلك، باسم الفتى الشاب إبراهيم رحيل الذي استشهد في مزارع شبعا اللبنانية.

       وأقول ذلك بصفة خاصة باسم الرئيس الشهيد رفيق الحريري

       أقول وليسمع العالم:

       لبنان سيتقدم خطوات إلى الأمام نحو الدولة وبناءها وبناء الثقة بها وبأدوارها ولن يتمكن أحد من إعاقة هذا الهدف ولن تكون صورة المشهد اللبناني كما ظهرت عليه بالأمس سوداء مشوهة ومعاقة ومكسورة الخاطر وقلقة ومضطربة.

 

       إنني وأشدد على القول :

 

إن المسلم لن يكون مسلماً إذا لم يكن مسيحياً متسامحاً كما هو محب يسكن الله في قلبه.

وان المسيحي لن يكون مسيحياً إذا لم يكن مسلماً محباً ومتسامحاً يتمكن من الصفح والغفران ليتمكن من المحبة.

إن المجلس النيابي اللبناني وكل اللبنانيين لن يقبلوا وسيقاوموا كل محاولة لتشويه صورة الرسول الأكرم (محمد صلى الله عليه وآله وسلم) كما كل محاولة للإساءة إلى الأديان أو لتشويه رموزها أو استغلالها أو إدارة حروب باسمها.

 

إنني إذ أنوّه بالتحرك الفوري الشجاع والمسؤول لدولة رئيس الحكومة بالأمس فإنني أعبر عن دعمي لمضمون البيان الذي صدر عن الاجتماع الاستثنائي للحكومة والذي استمر حتى ساعة الفجر الأولى محتفظاً بحق مجلس النواب في مساءلة الحكومة حول جميع مسؤولياتها تجاه ما حصل وكذلك حول تنفيذ مضمون بيانها.

إن أي اختلاف بالرأي وأي كلام على اختلافات مني ومنك لا يؤديان إلى شيء إطلاقاً إنما إلى هجمات تؤدي في شكل أو في آخر إلى أن نفهم أن الأمن في أي بلد وخصوصاً في لبنان هو أمن سياسي وليس أمناً أمنياً. عندما نطرح حواراتنا في الصحف وفي تبادل الاتهامات ، تكون النتيجة ما حصل في الأشرفية الأحد. أما إذا عدنا بالحوار إلى مكانة الطبيعي ، فإن المحصلة هي الأشرفية التي تمثل لبنان كله".

 

إنني باسم مجلس النواب أتوجه بالشكر إلى المجلس الشرعي الإسلامي لموقفه المسؤول تجاه ما جرى واتخاذه صفة الادعاء بحق المسؤولين عن العنف كما أتوجه بالشكر إلى أصحاب السيادة المطران عودة والمطران مطر والكهنة المسؤولين عن دور العبادة التي تعرضت للاعتداء على حكمتهم في معالجة ردود الفعل.

كما أتوجه بالشكر إلى سكان الأشرفية والتباريس بشكل خاص والى القوى السياسية في المنطقة على تحملهم ما وقع من اعتداءات وعدم انجرارهم إلى رد فعل.

 

ثم بدأت أعمال الندوة، فتحدث أولاً مدير مشروع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مجلس النواب ايلي خوري الذي ينظم الندوة بالتعاون مع مجلس النواب، فقال:

" يخصص الخبيران العالميان في حل النزاعات الوطنية البلجيكي جان جاك فيزور والايرلندي اللورد جون الدرديس اليوم بكامله من التاسعة والنصف حتى الثامنة مساء للاجتماع بالكتل النيابية في محاولة للخروج بنتيجة.

ليست الندوة من فراغ، إنما هي استكمال لندوة عقدت في مجلس النواب في 31 كانون الثاني 2005 عن النظام الانتخابي الأكثر ملاءمة للوضع اللبناني وشارك فيها عدد من الخبراء الدوليين، "وتشكل تنفيذا للوعد الذي قطعناه على أنفسنا في الكلمة التي ألقيت في البرلمان بعد إجراء انتخابات رئاسة المجلس، والوعد بتحويل المجلس خلية عمل كثيف تعمل مع القوى الحية كلها من أحزاب ومؤسسات رأي عام ونقابات لفتح حوار واسع بغية صوغ اقتراحات في جميع المسائل المنصوص عنها في اتفاق الطائف"، على ما قال بري في مداخلته.

وإذ أشار إلى أن الندوة تجيب عن تساؤل هل أن دور مجلس النواب ينحصر في التشريع والرقابة على أعمال الحكومة، أم أن دورها كممثل للرأي العام هو المشاركة في الحوار الوطني والمصالحة الوطنية؟ أجاب: "إن البرلمان هو ساحة المناقشة الوطنية حيث تطرح مختلف الآراء والاهتمامات والمخاوف وتوجه نحو أي حلول للصالح العام، انطلاقا من إن النواب هم قادة للرأي يمكنهم بدء المناقشة العامة  وتوجيهها في شأن القضايا الملحة، ومن ثم في إمكانهم أداء دور فاعل في عملية التسامح والمصالحة. ومن ثم إن المجالس النيابية هي التي تضع التشريعات التي تعالج آثار الأزمات والحروب وتحمي المصالح الوطنية". ولفت إلى أن المصالحة الوطنية يجب أن تمر بثلاث مراحل تلي أي اتفاق وطني هي "القضاء على الخوف، إعادة بناء الثقة وخلق روح التعاطف".

 

ثم تحدث النائب البلجيكي الحالي، وزير المالية السابق جان جاك فيزرو عن قواعد ثقافة التسوية؟ فقال:

"أنها ترتكز على عناصر دائمة أربعة هي: الاقتناع بان أياً من المجموعات لن تفوز بالقوة، إن ثمة إرادة لاستجابة شجون كل أقلية وتأمين حماية معقولة لموقعها كأقلية، وضع حلول قانونية ودستورية معقدة يحترمها الجميع والتساؤل الدائم حول مستقبل البلاد وجدواه.

ولكن هل يمكن نسخ التسوية البلجيكية في لبنان؟ يجيب أن الوضع هناك مختلف "فبلجيكا ديموقراطية توافق تغذي هذا التوافق، والمجتمع يعارض اعتماد العنف وسيلة لحل النزاعات. كذلك، لا يتدخل أي بلد مجاور ليزيد حدة الانشقاقات فيها أو يدعم حركات إنضمامية أو استقلالية. إن الانشقاق بين المسيحيين والعلمانيين، وان كان مرتبطا بالمجتمع، إلا انه لم يعد ينطبع بأي نزعة تدخلية من الفاتيكان. وعملية اعتماد قوانين تتعلق بالأخلاقيات والأخلاقيات الطبيعية".

 

ثم أعطيت الكلمة إلى رئيس المنظمة الليبرالية الدولية اللورد جان لورد الدرديس الذي تحدث عن سبل حل المشكلات بين ايرلندا الشمالية وبريطانيا على أساس الحوار الوطني. وساق أمثلة عدة عن المشكلات التي واجهت المصالحة، مشيرا إلى أن النظام العلماني في لبنان يمكن أن يكون مدخلا أكيدا لحل النزاعات.داعياً إلى العمل على تجنب العنف.